برلماني جزائري: أطراف أزمة النيجر سيقبلون مبادرتنا لعدم نجاعة الحل العسكري

قال إن انقلاب الغابون سيزيد من تعقيد أزمة النيجر

ضباط من الشرطة النيجيرية يقفون على أهبة الاستعداد أثناء الاحتجاجات (أ.ف.ب)
ضباط من الشرطة النيجيرية يقفون على أهبة الاستعداد أثناء الاحتجاجات (أ.ف.ب)
TT

برلماني جزائري: أطراف أزمة النيجر سيقبلون مبادرتنا لعدم نجاعة الحل العسكري

ضباط من الشرطة النيجيرية يقفون على أهبة الاستعداد أثناء الاحتجاجات (أ.ف.ب)
ضباط من الشرطة النيجيرية يقفون على أهبة الاستعداد أثناء الاحتجاجات (أ.ف.ب)

رأى سليمان زرقاني النائب في البرلمان الجزائري أن جميع أطراف أزمة النيجر سيقبلون في النهاية بالمبادرة الجزائرية القائمة على التوصل إلى حل سياسي لأن فرص نجاح الخيار العسكري ضئيلة، مشيرا إلى أن انقلاب الغابون سيزيد من تعقيد الأزمة في النيجر.

وقال زرقاني لـ«وكالة أنباء العالم العربي» اليوم (الأربعاء)، إن المبادرة «لم تأت من العدم، بل هي محصلة لسلسلة من اللقاءات والاجتماعات التي أجرتها الدبلوماسية الجزائرية مؤخرا، مع كل الدول المعنية بالأزمة في النيجر».

وأعلنت الجزائر أمس عن طرح مبادرة لحل أزمة النيجر من خلال ترتيبات على مدى ستة أشهر تحت إشراف سلطة مدنية توافقية بما يفضي إلى استعادة النظام الدستوري في البلاد، وجددت مطالبتها بإخلاء سبيل الرئيس محمد بازوم وتمكينه من ممارسة مهامه.

وقال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إن المبادرة التي تقدم بها الرئيس عبد المجيد تبون لحل الأزمة تأتي «في إطار رؤية تحقق التفاف الجميع حول الخيار السلمي». وأضاف أنها «ستقدم ضمانات كافية للحل السياسي لقبوله من الفاعلين في الأزمة كافة».

وأوضح زرقاني أن «المبادرة تركز وتتمسك بالحل السياسي كطريق وحيدة لحل الأزمة، وترفض بأي شكل من الأشكال أي تدخل عسكري مهما كانت الأسباب والمسببات».

وقال: «المبادرة هي الأولى من نوعها التي تطرح منذ بداية أزمة النيجر، وهي مبادرة واضحة المعالم، تتضمن ستة محاور تركز على حلحلة الأزمة وصولا إلى ما بعد نهايتها والقيام بالتنمية الحقيقية للنيجر».

وأشار زرقاني إلى أن نجاح المبادرة «لن يكون سهلا، لكن طرح الجزائر لها بالشكل العلني بعد اللقاءات التي تم عقدها، ربما يأتي بعد أن لمست قبولا من أطراف الأزمة لها».

عقبات أمام المبادرة

وأعرب زرقاني عن اعتقاده أن المبادرة الجزائرية مثل أي مبادرة سياسية تطرح في ظل أزمة أمنية، «ستصطدم بعقبات وعراقيل».

وعدّ أنه «من الممكن أن بعض الأطراف قد لا يقبلون بها، ولن يوافقوا على كل شروطها، خاصة فرنسا، التي لن ترضيها المبادرة، إضافة إلى أن الإيكواس لن ترضى جميع دولها بها، وهم يفضلون إيجاد الحل بأنفسهم، لكنهم في النهاية سيقبلون بها»، في إشارة إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

لكنه لفت إلى أن «بنود المبادرة مرنة وقابلة للتعديل بما يرضي جميع الأطراف، لكن يجب أن تبقى الخطوط العريضة لها ثابتة، لكي لا تفقد المبادرة فعاليتها».

واستولت قوات من الحرس الرئاسي في النيجر على السلطة في يوليو (تموز) الماضي واحتجزت رئيس البلاد. وأعلن الجيش دعمه للعسكريين الذين يحتجزون الرئيس.

تداعيات انقلاب الغابون

إلى ذلك، عدّ زرقاني أن الانقلاب الذي وقع في الغابون سيكون له آثار كبيرة على أزمة النيجر، لأنه «سيزيد من ثقل ملف النيجر، وربما سنقع في تداخل فيما بعد في حل الملفين، لكن أعتقد أن التعقيدات الموجودة في النيجر هي أكبر بكثير».

وتحدث عن أن الدول الإفريقية التي «شهدت الانقلابات كان كل حكامها مرتبطين بفرنسا وكانت تهيمن عليها وعلى مقدراتها، لذلك فإن الضباط الذين قاموا بالحركات الانقلابية في الدول الإفريقية الأربع لديهم الأفكار والتوجهات والرؤية التجديدية نفسها، وهو عمل مشترك للخروج من تحت عباءة الهيمنة الفرنسية».

وأعرب عن اعتقاده أن فرنسا بعد انقلاب الغابون ستلقي بكل ثقلها في القارة الإفريقية، لأن أغلب الدول الحليفة لها باتت تشهد انقلابات عسكرية متتالية.

وتابع: «لا أعلم بالضبط ما تعقيدات المشهد على الساحة الدولية ومن يقف وراءه، لكن فرنسا بدأت تفقد أفريقيا».

ومنذ انقلاب النيجر، حذرت الجزائر مرارا من التدخل عسكريا في البلاد، مؤكدة تمسكها بضرورة عودة النظام الدستوري في النيجر.


مقالات ذات صلة

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )
شمال افريقيا السفير الجزائري لدى استدعائه بوزارة خارجية النيجر (الخارجية النيجرية)

استياء جزائري من «محاولات أجنبية لتعكير العلاقات» مع النيجر

ندّد حزب جزائري، مشارك في الحكومة، بـ«حملة مغرضة تغذيها أطراف أجنبية تحاول تعكير العلاقات بين الجزائر والنيجر».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».