هل تعزز عضوية مصر وإيران في «بريكس» جهود التقارب بينهما؟

بعد إشارات متبادلة عن تطوير العلاقات الدبلوماسية

وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال استقباله الوفد الإيراني المشارك بقمة «كوب 27» بشرم الشيخ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال استقباله الوفد الإيراني المشارك بقمة «كوب 27» بشرم الشيخ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (الخارجية المصرية)
TT

هل تعزز عضوية مصر وإيران في «بريكس» جهود التقارب بينهما؟

وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال استقباله الوفد الإيراني المشارك بقمة «كوب 27» بشرم الشيخ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال استقباله الوفد الإيراني المشارك بقمة «كوب 27» بشرم الشيخ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (الخارجية المصرية)

بعد إشارات متبادلة عن تطوير العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، جاءت دعوة البلدين، أخيراً، إلى عضوية «بريكس»، لتثير تساؤلاً حول الأثر «الجيوسياسي» لتوسيع ذلك التجمع الاقتصادي على «مسار التقارب بين الدولتين». وبينما تباينت آراء الخبراء عن نتائج التطور الأخير، فقد أشاروا إلى أن القاهرة وطهران «قطعتا فيه شوطاً بالفعل» في علاقاتهما.

ومصر وإيران من بين 6 دول دعاها قادة «بريكس»، خلال قمتهم السنوية في جنوب أفريقيا، الأسبوع الماضي، للانضمام إلى تجمع الاقتصادات الناشئة، العام المقبل. وتضم قائمة الدول كذلك: السعودية، والإمارات، وإثيوبيا، والأرجنتين.

وشهدت الأسابيع الماضية تفاعلًا مصرياً وإيرانياً مع ملف التقارب. ومنتصف الشهر الحالي، أدانت الخارجية المصرية «حادث» مرقد شاه جراغ في إيران، في أعقاب تصريحات إيرانية متواترة عن تطوير العلاقات بينهما.

ويعد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، «بريكس»، «تحالفاً اقتصادياً سيؤدي بطبيعة الحال إلى تحالف جيوسياسي»، ويشدد على أن مصر وإيران «قطعتا شوطاً في طريق التقارب، قبل أن تذهبا إلى (بريكس)»، مدللاً بما شهده «ملف السياحة» من تسهيلات أخيراً، وكذلك «الخطوات المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة، في ظل مضي العلاقات في إطارها، يعززها سيناريو إيجابي مدعوم بتصريحات مسؤولين معنيين».

وفي أواخر مارس (آذار) الماضي، أعلنت مصر تسهيل حصول السائحين الإيرانيين على «تأشيرة فورية»، بكفالة الشركات السياحية، عند وصولهم المباشر إلى محافظة جنوب سيناء، المقصد السياحي المصري الشهير».

ويرى أستاذ العلوم السياسية أن هناك «تفاؤلاً من الطرفين بتقليل مساحات الخلاف». ويضيف: «في تقديري، لم تعد هناك خلافات تعوق أي مسار للتطوير، هناك مساحات للتلاقي وليس للتجاذب».

وبعد زيارة سلطان عمان، هيثم بن طارق، مصر، وإيران، تباعاً، في مايو (أيار) الماضي، تحدثت تقارير عن «وساطة قادها سلطان عمان في إطار الملف نفسه». ووصف وزير الخارجية الإيراني، أمير حسين عبداللهيان، في تصريحات سابقة، مصر، بـ«الشقيقة والصديقة»، معرباً عن تطلعه إلى علاقات أكثر «تطوراً وانفتاحاً متبادلاً».

ويشير طارق فهمي إلى إمكانية «تنسيق مصر وإيران في غزة، خصوصاً في الموقف من الحركات الفلسطينية مثل (حماس)، و(الجهاد)»، واصفاً هذا الملف بأنه «مهم لمصر». ويضيف أنه «في ظل التطورات الجديدة تستطيع مصر لعب دور في سوريا، بوصفها الأقرب إليها من أي طرف آخر». ويقول: «هناك حاجة مشتركة للبلدين، مصر وإيران، في جملة من القضايا الإقليمية بما يسمح بتطوير العلاقة، ولسنا في حاجة إلى انتظار عضوية (بريكس) للتحرك فيها؛ لأن هناك إشكاليات متعلقة بالنظام الأساسي لهذا التجمع».

ويقول خبير العلاقات الدولية: «هناك إرادة سياسية تتشكل بين القاهرة وطهران عنوانها: (المصالح المشتركة الجديدة في الإقليم)، وبالتالي، هناك فرصة ذهبية للبلدين، وأعتقد أن القاهرة قطعت شوطاً تجاه إيران في الفترة الأخيرة».

وفي لقاء متلفز، الشهر الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، إن بلاده «حريصة أن يكون التفاعل الإيراني مع الإقليم (تفاعلاً إيجابياً) يحترم سيادة الدول وإرادة الشعوب، وعدم التدخل في الشأن الداخلي لهذه الشعوب، ويعزز من استقرار الإقليم».

ولا يرى الدكتور محمد عباس ناجي، خبير الشؤون الإيرانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في العامل الاقتصادي «متغيراً رئيسياً في العلاقات بين مصر وإيران». ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية لمصر تكمن في اختبار ما إذا كانت إيران مستعدة لإحداث تحول في سياستها باتجاه يدعم استقرار المنطقة، ويسهم في تسوية الأزمات الإقليمية على غرار الأزمة في اليمن».

وارتباطاً بدخول إيران تحت مظلة «بريكس»، يشير ناجي، وهو رئيس تحرير مجلة «مختارات إيرانية»، إلى وجود «عقوبات أميركية مفروضة على إيران، بالإضافة إلى عدم انضمام طهران إلى اتفاقية (فاتف)، لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال». ويقول: «هذه المشكلة عقبة في مواجهة التعاون الاقتصادي لإيران مع حلفائها مثل الصين».


مقالات ذات صلة

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً «سوشيالياً»، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)
رياضة عربية اللاعب المصري السابق محمد زيدان تحدث عن رفضه المراهنات (يوتيوب)

النجم المصري السابق محمد زيدان يفجِّر جدلاً بشأن «المراهنات»

فجَّر المصري محمد زيدان -اللاعب السابق بمنتخب مصر لكرة القدم، والذي كان محترفاً في الخارج- جدلاً بشأن المراهنات، بعد قيامه بدعاية لإحدى الشركات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)

أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

شهد البحر الأحمر على مدار السنوات الماضية حوادث غرق كثيرة، طالت مراكب سياحية وعبّارات، وخلَّفت خسائر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».