انفجارات قوية تهز الخرطوم ومحيط القصر والقيادة العامة للجيش

قوى التغيير تحذر البرهان من تشكيل حكومة مؤقتة تفتح باب التقسيم

الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
TT

انفجارات قوية تهز الخرطوم ومحيط القصر والقيادة العامة للجيش

الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)

عادت الانفجارات المدوية جراء القصف الجوي والمدفعي تهز أرجاء مناطق عدة في العاصمة السودانية الخرطوم، وتركزت الغارات الجوية على المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع» في الأحياء الجنوبية للمدينة، وفي غضون ذلك، أكدت «الحركة الشعبية - فصيل ياسر عرمان»، أن خروج قائد الجيش عبد الفتاح البرهان من القيادة العامة، تم بعملية نفذتها القوات المسلحة.

ووفقاً لشهود عيان، تصاعدت ألسنة نيران ضخمة في مركز الخرطوم، وحول محيط القصر الرئاسي، الذي دمرت الضربات الجوية المكثفة أجزاء كبيرة منه في وقت سابق.

وسمع دوي انفجارات عنيفة في المدينة الرياضية وجنوب الحزام والسوق المركزية، استهدفت قوات «الدعم السريع»، التي بدورها شنت هجوماً بالمدفعية على مواقع الجيش في مقر القيادة العامة ومقر سلاح المدرعات، وفقاً لمصادر.

البرهان مع مواطنين من سكان الحارة 100 بأمدرمان (من موقع الجيش السوداني على فيسبوك)

ويأتي التصعيد الميداني بعد مغادرة رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الخميس، مقر قيادته الرئيسي وسط الخرطوم، الذي تطوقه قوات «الدعم السريع» من عدة جهات. وقال سكان إن مسيرات الجيش قصفت مواقع لـ«الدعم السريع» في عدد من الأحياء شمال مدينة بحري.

وأعلن الجيش السوداني، الجمعة، صد هجوم جديد لقوات «الدعم السريع» على مقر سلاح المدرعات: «تكبدت خلالها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد العسكري».

تحذير من «التغيير»

في غضون ذلك، حذرت قيادات في «قوى الحرية والتغيير» من إقدام البرهان، على تشكيل حكومة تصريف أعمال، وفقاً لما يجري تداوله على نطاق واسع في دوائر مقربة منه.

عناصر من قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وقال عضو المكتب التنفيذي لـ«قوى التغيير»، ياسر عرمان، على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، إن «الفلول» ينتظرون البرهان في بورتسودان لتكوين حكومة تصريف أعمال لإطالة أمد الحرب، والاستمرار في نهب المال العام. وتساءل: «هل يلبي رغباتهم على حساب الشعب؟»

كذلك، أكد فصيل «الحركة الشعبية - التيار الثوري»، الذي يتزعمه ياسر عرمان، في بيان ممهور باسم نائب رئيس الحركة، بثينة دينار، أن خروج قائد الجيش الفريق أول البرهان «تم بعملية قامت بها القوات المسلحة».

وقال البيان: «إن أمام قائد الجيش فرصة ليحرر إرادة القوات المسلحة من سيطرة فلول النظام المعزول، وهو أمر صعب ومعقد، لكن متى ما اتجه إليه فسيجد الدعم من الشعب السوداني». وأضاف: «إن ما يتردد عن عزم البرهان على تشكيل حكومة في بورتسودان تحت قيادة الفلول سيعمق الانقسامات الوطنية».

واقترحت الحركة على قائد الجيش، إجراء «مشاورات واسعة مع كل القوى الوطنية والديمقراطية، والعمل على توحيد منبر للتفاوض مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل قضية الحرب وتحويل الكارثة إلى منفعة بمشاركة فعلية من قوى التغيير».

الخشية من التقسيم

وذكر البيان: «إن توسيع دائرة الحرب لن يحسم القضية، وهناك فرصة أمام قائد الجيش لطرح أجندة جديدة قائمة على التغيير ومتلائمة مع أجندة الشعب». وأضاف أن تشكيل حكومة في بورتسودان «قد يؤدي إلى قيام سلطة أخرى موازية كما حدث في بعض البلدان، والأفضل تسخير كل الطاقات الوطنية نحو الحل السلمي المفضي للانتقال المدني الديمقراطي».

بدروه، حذر القيادي إبراهيم الميرغني، من أن الدعوة إلى «تشكيل حكومة في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة في هذا التوقيت الحرج، قد تدفع قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً لتقسيم السودان».

ويتوقع وصول قائد الجيش البرهان، الموجود حالياً في ولاية نهر النيل، إلى مدينة بورتسودان، شرق البلاد، خلال الساعات المقبلة، قبل أن يغادرها في جولة خارجية إلى دول الجوار.

إدانة أميركية

والى ذلك، أدانت الولايات المتحدة الأميركية بشدة، في بيان نشر السبت على موقع سفارتها في الخرطوم، العنف الجنسي الذي نسبته مصادر موثوقة، وكذلك الضحايا، إلى قوات «الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها.

وعبرت السفارة الأميركية عن «قلق شديد إزاء التقارير عن الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، وأشكال العنف الجنسي الأخرى ضد النساء والفتيات، في غرب دارفور ومناطق أخرى»، مشيرة إلى أن «هذه الأعمال الوحشية، تساهم في ظهور نمط من العنف العرقي المستهدف».

وأضاف البيان: «إن أميركا تضم صوتها لدعوة الممثل الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس، لاتخاذ التدابير الفعالة، وعدم التسامح إطلاقاً مع العنف الجنسي».

ودعا البيان الأميركي طرفي النزاع: «إلى وقف القتال فوراً في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، والسماح للمدنيين بمرور آمن لمغادرة المدنية»، مشدداً على «محاسبة مرتكبي الأعمال الوحشية التي جرت هناك». وذكر أن «المساءلة عن العنف الجنسي في الصراع تعد أولوية أساسية للحكومة الأميركية، ويتضح ذلك في المذكرة الرئاسية التي وقعها الرئيس جو بادين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، التي وجه فيها باستخدام الأدوات القانونية والسياسية والدبلوماسية والمالية لردع العنف الجنسي».

وشدد السفير الأميركي لدى السودان، جون غودفري، الجمعة، على ضرورة «نقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية»، وقال «إن الأطراف المتحاربة غير صالحة للحكم».


مقالات ذات صلة

«مجلس حقوق الإنسان» يمدد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان

شمال افريقيا مقر الأمم المتحدة في جنيف (متداولة)

«مجلس حقوق الإنسان» يمدد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان

صوّت «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، لصالح تمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان، في ظل الحرب المتواصلة فيه.

شمال افريقيا أرشيفية لحميدتي (رويترز)

مصر تنفي اتهامات حميدتي بشن غارات على قواته

نفت مصر اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لها بشن ضربات جوية على قوات مجموعته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جنود سودانيون من وحدة «قوات الدعم السريع» (أ.ب)

الجيش السوداني يعلن «تطهير ولاية النيل الأزرق من التمرد»

أعلنت القوات المسلحة السودانية استعادة السيطرة على منطقة جريوة بولاية النيل الأزرق، التي كانت خاضعة لـ«قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا 
مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

أدانت أحزابٌ وقوى سياسية سودانية، أبرزها «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، القصف الجوي والمدفعي الذي سُجّل خلال الأيام الأربعة الماضية، وأدى إلى مقتل.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا تحصى دون تحرك فوري لوقفها

قالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية بإقليم شرق المتوسط، اليوم (الثلاثاء)، إن حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا حصر لها دون اتخاذ إجراءات فورية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«محاولة لتبرير تراجعاته»... رفض مصري لاتهامات حميدتي

آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)
آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)
TT

«محاولة لتبرير تراجعاته»... رفض مصري لاتهامات حميدتي

آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)
آثار الدمار في العاصمة السودانية من جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

في تطور لافت، رفضت مصر اتهامات قائد قوات «الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بمشاركتها في غارات جوية ضد قواته، مؤكدة في إفادة رسمية، ليل الأربعاء - الخميس «استمرار جهودها لوقف الحرب وحماية المدنيين».

ووفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» فإن اتهامات «حميدتي» هي محاولة «لتبرير خسائره وتراجعه خلال الفترة الأخيرة». وأكد هؤلاء الخبراء أن «محددات الموقف المصري ثابتة وواضحة، بضرورة الحفاظ على وحدة السودان، وعدم التدخل في شؤونه».

ورداً على اتهامات «حميدتي» باشتراك طيران مصري في المعارك الدائرة بالسودان حالياً، نفت وزارة الخارجية في القاهرة، تلك الاتهامات، ووصفتها بـ«المزاعم»، داعية «المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا الدعم السريع».

وأكدت «الخارجية المصرية» أن «الاتهامات تأتي في وقت تبذل مصر جهوداً مكثفة لوقف الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتعزيز الاستجابة الدولية لخطط الإغاثة الإنسانية الهادفة لدعم المتضررين من النزاع». وشددت على أن «القاهرة سوف تواصل تقديم كل أشكال الدعم الممكنة للسودانيين، لمواجهة التحديات الناتجة عن هذه الحرب الغاشمة».

وقال قائد قوات «الدعم السريع»، في مقطع فيديو مسجل، الأربعاء، إن مصر «دربت الجيش السوداني، وأمدته بطائرات مُسيّرة»، كما اتهمها «بشن ضربات جوية ضد قواته».

وأبلغ مصدر مصري مطلع «الشرق الأوسط» استياء بلاده «من هذه الاتهامات الجزافية»، التي ردها إلى ما وصفه بـ«التراجع الميداني لقوات الدعم السريع في مواجهة الجيش السوداني».

ونفى الجيش السوداني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، حصوله على طائرات من نوع «K - 8»من مصر. وأكد حينها «امتلاكه لهذه الطائرات منذ أكثر من 20 عاماً».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن اتهامات قائد «الدعم السريع، دليل على خسائره الميدانية حالياً»، مشيراً إلى أنه «تحدث من مركز ضعف في تصريحاته الأخيرة، لتبرير أخطائه على حساب الآخرين».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه ممثلي القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

وأوضح حليمة أن «مصر تدعم الحفاظ على الجيش السوداني منذ بداية الحرب الداخلية، بعدّه المؤسسة الوطنية المسؤولة عن حفظ الاستقرار وحماية السيادة السودانية»، مضيفاً أن «القاهرة تستهدف الحفاظ على وحدة السودان، في مواجهة محور دولي وإقليمي مُساند للدعم السريع».

واستضافت العاصمة المصرية في يوليو (تموز) 2023 «قمة دول جوار السودان» لبحث إنهاء الحرب، كما نظمت في يوليو الماضي «مؤتمراً للفصائل السياسية والمدنية المتنازعة» لبحث التوافق على مسار حل سياسي.

وأشار حليمة، إلى وجود تنسيق مصري مع أطراف عربية ودولية من بينها الولايات المتحدة الأميركية، لبحث سبل وقف الحرب بالسودان. وقال إن من الخيارات المطروحة «مسار حل قوات الدعم السريع».

وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته لبورتسودان (الخارجية المصرية)

وخلال رئاسة مصر لـ«مجلس السلم والأمن الأفريقي» لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، قام المجلس بأول زيارة له للسودان، الأسبوع الماضي، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، الخميس، فإن زيارة أعضاء المجلس «سمحت بتشكل رؤية متكاملة حول الأزمة السودانية، وسبل دعم السودان للخروج من محنته»، إلى جانب «إجراءات استئناف عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي (المعلقة منذ أكتوبر 2021)».

من جانبها، قللت مديرة «البرنامج الأفريقي» في مركز «الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، أماني الطويل، من تأثير اتهامات حميدتي. وقالت إنها «ليست بجديدة وتتكرر في حالات التراجع العسكري له». وأشارت إلى أن «الهدف منها تقديم مبررات لقواته بأسباب التراجع وتفوق الجيش السوداني».

وبحسب الطويل، فإن مصر «لديها محددات ثابتة وواضحة في الشأن السوداني»، تتضمن «عدم التدخل في الشأن الداخلي، والحفاظ على وحدة واستقرار السودان، والمساعدة في الحل السياسي، وأن تكون من ضمن الفاعلين الدوليين في القضية».

وحول مستقبل الأزمة السودانية في ضوء المستجدات الأخيرة. أوضحت الطويل، أن التطورات تعكس وجود سيناريوهين: «الأول يتعلق بالحسم العسكري من قبل قوات الجيش وهذا السيناريو الأقرب؛ خصوصاً مع العقوبات الأميركية المفروضة على شقيق قائد الدعم السريع أخيراً».

أما السيناريو الآخر وفق الطويل فهو «تحول في الميزان العسكري، يدفع الجيش للجلوس على مائدة التفاوض». وقالت إن هذا يمكن أن يحدث «حال عدم الحسم العسكري السريع للحرب الداخلية».

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، فرض عقوبات على السوداني، القوني حمدان دقلو، وهو الشقيق الأصغر لقائد «قوات الدعم السريع». ونسبت له «تورّطه في شراء أسلحة لمواصلة الحرب المدمرة في السودان».