هل تدفع جولات بن زايد مفاوضات «سد النهضة» إلى الأمام؟

مصادر مصرية وإثيوبية تحدثت عن «دور مُؤثر» للإمارات

محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

هل تدفع جولات بن زايد مفاوضات «سد النهضة» إلى الأمام؟

محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

أنعشت الجولات المتتابعة للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ما بين مصر وإثيوبيا، الحديث عن دور إماراتي قد يسهم في دفع مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، المجمدة منذ أكثر من عامين. فيما توافقت مصادر مصرية وإثيوبية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، على «أهمية الإمارات، ودورها المؤثر» نحو إيجاد حل للنزاع الدائر منذ نحو 12 عاماً، اعتماداً على التقارب السياسي لأبوظبي مع جميع أطراف القضية (القاهرة وأديس أبابا والخرطوم).

وزار محمد بن زايد، أديس أبابا، الجمعة، والتقى رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، بعد أسبوعين فقط من لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين بالساحل الشمالي. وتأتي هذه الزيارات في أعقاب إعلان السيسي وآبي أحمد، منتصف يوليو (تموز) الماضي، عزم البلدين «الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق على ملء، وتشغيل سد النهضة خلال أربعة أشهر».

استقبال حافل لرئيس الإمارات في أديس أبابا (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

ووفق بيان إماراتي أعقب قمة أديس أبابا، فإن بن زايد رحب بالاتفاق المصري - الإثيوبي على استئناف مفاوضات «سد النهضة»، واصفاً الإعلان بـ«الخطوة الإيجابية»، كما أعرب عن تمنياته بأن تصل المفاوضات إلى «حل مرضي لجميع الأطراف، بما يعزز التعاون فيما بينها، ويدعم الاستقرار في المنطقة».

وتطالب مصر والسودان بتوقيع اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، الذي تقيمه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويهدد بتقليص إمدادات المياه إلى البلدين، فضلاً عن أضرار بيئية واقتصادية أخرى. فيما تدفع إثيوبيا بـ«حقها في التنمية، وتوليد الكهرباء التي يحتاجها شعبها»، عبر المشروع العملاق.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال آبي أحمد في القاهرة يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

ودخلت الإمارات بقوة على خط النزاع قبل نحو عام، عندما كُشف عن «مفاوضات غير مباشرة» قادتها الإمارات على أمل حلحلة القضية المتعثرة، والوصول إلى نقطة متقدمة تسمح بتوقيع اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث، لكن من دون الإعلان عن «نتيجة إيجابية». وفي هذا الصدد يقول ياسين أحمد، رئيس «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية» في العاصمة السويدية استوكهولم، لـ«الشرق الأوسط»، إن أي دور للإمارات «سيلقى ترحيباً من الجانب الإثيوبي، اعتماداً على المصالح المشتركة بين البلدين، والتفاهم الحاصل حالياً، الذي هو في أعلى مستوياته».

وتمتلك الإمارات استثمارات واسعة في إثيوبيا. ووفق ياسين أحمد، فإن «استقرار منطقة القرن الأفريقي، وحل نزاع سد النهضة، يخدمان بطبيعة الحال المصالح الإماراتية في المنطقة، وبالتالي قد تسعى إلى إيجاد تفاهم»، لكنه أكد في المقابل أن الوصول إلى اتفاق نهائي «يتطلب تنازلات من كل أطراف القضية»، ولا يمكن «الاتكال فقط على الدور الإماراتي»، الذي وصفه بـ«المسهل».

السيسي خلال لقائه الشيخ محمد بن زايد في مدينة العلمين مطلع أغسطس الحالي (الرئاسة المصرية)

وتحظى إثيوبيا بـ«أهمية خاصة لدى الإمارات»، حسب الرئيس الإماراتي في إطار «توجهها الاستراتيجي لتعزيز العلاقات مع أفريقيا في المجالات التنموية»، وبسبب «دور إثيوبيا المهم في معادلة الأمن الإقليمي في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي»، حسب «وام».

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن زيارة محمد بن زايد «تعطي دفعاً قوياً لمسار تطور العلاقات بين البلدين»، وأعرب عن «اعتزازه بمستوى العلاقات المتميزة، التي تجمع البلدين وشعبيهما»، طبقاً لما ذكره البيان. وعقب اجتماع ثنائي، ترأس بن زايد وآبي أحمد مراسم توقيع 17 اتفاقية في مختلف المجالات، بما في ذلك الصناعة والزراعة والاستثمار والتمويل.

وتعكف لجان فنية مصرية وإثيوبية وسودانية على تحديد موعد استئناف مفاوضات «سد النهضة». وحسب تصريحات سابقة لمسؤولين مصريين وإثيوبيين، فإن «هناك مشاورات لتحديد موعد وأطر واضحة للمفاوضات، بما يمكن من إنجاز اتفاق نهائي خلال 4 أشهر».

وبينما رفضت مصادر رسمية مصرية الكشف عن «دور الإمارات» في إطلاق المفاوضات، أو «عزمها تسهيل عملية التفاوض لاحقاً، والضغط على إثيوبيا لتوقيع اتفاق»، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتتبع للأحدث سوف يجد دائماً مساراً إماراتياً أياً كان نوعه وطبيعته، هو مفيد بطبيعة الحال لمصر ومرحب به»، فمصر «تشجع أي تحرك عربي لحل القضية». وربط فهمي الزيارة المتزامنة لبن زايد إلى كل من مصر وإثيوبيا، بالإعلان عن عزمهما استئناف المفاوضات.

وأضاف الخبير السياسي المصري موضحاً أن أبو ظبي «لديها امتيازات نوعية، أبرزها علاقاتها الوطيدة والثقة التي تحظى بها لدى أطراف النزاع، فضلاً عن خبراتها المتراكمة في القضية، اعتماداً على قياداتها مفاوضات غير مباشرة خلال الأشهر الماضية، يمكن البناء عليها»، لافتاً إلى أن الإمارات يمكنها أن «تستخدم نفوذها لدى أديس أبابا واستثماراتها هناك في الضغط عليها لقبول أي مقترح».

سد النهضة (رويترز)

كانت آخر جلسة للمفاوضات ثلاثية معلنة بين مصر وإثيوبيا والسودان قد عُقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا، في أبريل (نيسان) 2021، برعاية الاتحاد الأفريقي، وأعلنت عقبها الدول الثلاث فشلها في التوصل إلى اتفاق.

وتبني إثيوبيا «سد النهضة»، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتملت 90 في المائة من عمليات البناء. وكشفت صور فضائية بدء إثيوبيا الملء الرابع لخزان السد في 14 يوليو (تموز) الماضي، فيما يتوقع أن تستمر العملية حتى منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، وسط تعهد إثيوبي بعدم الإضرار بـدولتي المصب (مصر والسودان).


مقالات ذات صلة

«سد النهضة»: مصر تشدِّد على حتمية ضمان «حقوق» دولتَي المصب

شمال افريقيا مؤتمر صحافي بالقاهرة بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره المجري بيتر سيارتو (الخارجية المصرية)

«سد النهضة»: مصر تشدِّد على حتمية ضمان «حقوق» دولتَي المصب

شدَّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، على أهمية التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة «سد النهضة» على نهر النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - ألمانية تناولت «سد النهضة» ومستجدات المنطقة

أكد الرئيس المصري أنه اتفق مع نظيره الألماني على أهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
تحليل إخباري منظر عام لمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا 15 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ما خيارات مصر للرد على مساعي إثيوبيا لإنشاء مفوضية «حوض النيل»؟

خطوة تصعيدية جديدة لإثيوبيا ترفع منسوب التوتر مع القاهرة عبر طلب للاتحاد الأفريقي بإنشاء مفوضية لدول حوض النيل تأسيساً على اتفاقية عرفت باسم «عنتيبي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)

تحليل إخباري القاهرة وأديس أبابا... توترات متصاعدة و«رسائل تهديد مبطّنة»

توترات تتصاعد بين أديس أبابا والقاهرة، زاد من وتيرتها الحضور المصري العسكري في جارتها الصومال قبل أسابيع، وسط رفض من إثيوبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا.

عصام فضل (القاهرة)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)
الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)
TT

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)
الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته، ودراسة إمكانية تطبيق منظومة «الدعم النقدي» بدءاً من العام المالي المقبل.

وتطبق الحكومة المصرية منظومة لتوزيع سلع ضرورية، من بينها الخبز والزيت والسكر، بأسعار منخفضة منذ عقود طويلة، من خلال «بطاقات تموينية». لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لتلك المنظومة على الموازنة العامة، فضلاً عن التشكك في حقيقة وصول الدعم إلى مستحقيه.

ويستفيد نحو 63 مليون مواطن من منظومة الدعم التمويني بمصر، حسب بيانات مجلس الوزراء.

ووفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإنه قد يبدأ التحول من دعم السلع الأوّلية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025، شرط حدوث «توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في جلسات الحوار الوطني».

وقرر مجلس الحوار الوطني، عقد اجتماع يوم 30 سبتمبر (أيلول) الحالي، لاستعراض وإقرار الإجراءات المطلوبة لضمان مناقشة القضية من كل جوانبها، على نطاق واسع، مشيراً إلى مشاركة جميع المعنيين من خبراء ومتخصصين وجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية.

وتعهد المجلس بمناقشة القضية بـ«تجرد وحياد كاملين»، دون الميل إلى تطبيق أحد النظامين «العيني أو النقدي»، وأن يكون دوره «توفير بيئة حوارية تتسع لمشاركة كل الآراء والمقترحات»، على أن يجري الوصول إلى توصيات تعبر عن جميع مدارس الفكر والعمل في مصر، يتم رفعها لرئيس الجمهورية.

ووفق البيان، سوف يستعرض مجلس الأمناء في اجتماعه المقبل أشكال الجلسات العامة والتخصصية التي ستتم المناقشة عبرها، بمشاركة ذوي الخبرة والتخصص وجميع القوى والتيارات والوزارات والمؤسسات ذات الصلة.

وأعلنت الأمانة الفنية للحوار الوطني بدء استقبال المقترحات والتصورات المكتوبة من جميع الكيانات والجهات التي ترغب في المشاركة عن طريق وسائل التواصل المعلنة (البريد الالكتروني/ واتس آب)، خلال الأسبوعين المقبلين، وحتى يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ليقوم مجلس الأمناء بإدراجها ضمن جدول الجلسات التي سيحددها ويعلن عنها؛ لتنطلق الجلسات في أقرب وقت خلال الفترة القادمة.

وفي أغسطس (أب) الماضي، قال وزير التموين المصري، إن الحكومة المصرية «تنتظر ردود الفعل من الحوار الوطني بشأن التحول لمنظومة الدعم النقدي»، وأضاف أن «هناك أفكاراً مطروحة على الحكومة والمشاركين في الحوار، منها التحول لدعم نقدي كامل أو نقدي مشروط، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأنها حالياً».