تونس تشن حملة واسعة ضد مهربي البشر في صفاقس

بسبب تواتر حوادث الغرق المأساوية

مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع صفاقس التونسية (أ.ف.ب)
مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع صفاقس التونسية (أ.ف.ب)
TT

تونس تشن حملة واسعة ضد مهربي البشر في صفاقس

مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع صفاقس التونسية (أ.ف.ب)
مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع صفاقس التونسية (أ.ف.ب)

بعد ساعات من إعلان سلطات ليبيا وتونس الاتفاق على إيواء المهاجرين العالقين عند الحدود، بدأت الأجهزة الأمنية التونسية شنّ حملة تمشيط وتعقب واسعة لأنشطة الهجرة غير الشرعية ومهربي البشر في مدينة صفاقس التونسية، عقب حادثي غرق مأساويين تسببا في وفاة العشرات من المهاجرين.

وبدأت الحملة الأمنية منذ أمس (الخميس)، وفقاً لما ذكرته مصادر في صفاقس لوكالة الأنباء الألمانية، بمشاركة فرق متخصصة، ووحدات من الحرس البحري ومروحيات عسكرية.

وشملت الحملة على وجه الخصوص منطقتي العامرة وجبنيانة. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها وكالة الأنباء الألمانية، أوقفت الأجهزة الأمنية خلال الحملة عدداً من كبار المهربين في الجهة.

مهاجرون من جنوب أفريقيا خلال محاولتهم الوصول إلى سواحل إيطاليا انطلاقاً من شواطئ تونس (أ.ف.ب)

وتسببت موجات الهجرة الكثيفة إلى الجزر الإيطالية القريبة، على متن قوارب حديدية بمحركات خفيفة، يوفرها مهربون مقابل آلاف الدولارات، في تواتر حوادث الغرق قبالة سواحل صفاقس وفي المياه الإقليمية.

وكان مصدر قضائي قد أفاد، في وقت سابق، بانتشال 23 جثة لمهاجرين غرقى بين يومي 4 و6 من الشهر الحالي قرب صفاقس وجزيرة قرقنة. كما أعلنت منظمة الهجرة الدولية عن غرق 41 مهاجراً ونجاة أربعة، إثر انقلاب قارب في مضيق صقلية بفعل عاصفة في الليلة الفاصلة بين 3 و4 من أغسطس (آب) الحالي. ورجح خفر السواحل الإيطالي أن يكون القارب قد انطلق من سواحل صفاقس.

وقالت وزارة الداخلية التونسية إن نحو 80 ألف مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء موجودون في تونس، من بينهم 17 ألفاً في صفاقس. ويسعى أغلب الوافدين إلى عبور البحر المتوسط في رحلات محفوفة بالمخاطر، بحثاً عن حياة أفضل داخل الاتحاد الأوروبي.

من جهته، أحصى مشروع «المهاجرين المفقودين»، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، أكثر من 1800 ضحية ومفقود في البحر المتوسط، بينما ذكرت السلطات التونسية أنها انتشلت أكثر من 900 جثة هذا العام حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي.

وفي فبراير (شباط) الماضي، ألقى الرئيس التونسي قيس سعيّد خطاباً انتقد فيه بشدة وضعية الآلاف من المهاجرين غير القانونيين في بلاده، معتبراً هذا الوجود «مخططاً» يهدّد «التركيبة الديموغرافية» في البلاد. وإثر ذلك، تنامى خطاب الكراهية ضد المهاجرين، وحصلت مواجهات وتوتر بين السكان ومجموعات من المهاجرين، لا سيما في مدينة صفاقس.

ويتوافد المهاجرون وغالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء على تونس للانطلاق منها في محاولات لعبور المتوسط نحو السواحل الأوروبية في قوارب متهالكة، وغالباً ما تنتهي هذه الرحلات بمأساة.

ويؤرق ملف الهجرة تونس وإيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي. وقد وقّعت تونس والاتحاد الأوروبي، منتصف يوليو الفائت، مذكرة تفاهم لإرساء «شراكة استراتيجية وشاملة»، تركز على مجالات التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة، ومكافحة الهجرة غير النظامية، وتهدف أيضاً إلى مساعدة البلد الأفريقي في مواجهة الصعوبات الاقتصادية الكبيرة.

غير أن الكثير من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية تنتقد تعامل السلطات المحلية مع ملف الهجرة فيما يتعلق بملاحقتهم وطردهم إلى خارج حدود البلاد. وقد ذكر الناطق باسم منظمة الهجرة الدولية، فلافيو دي جياكومو، في تصريحات سابقة لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «إرسال مهاجرين في البحر جريمة. المتاجرون بالبشر معدومو الضمير فعلاً».


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.