مطالب في مصر بـ«ضوابط» خلال المآتم

واقعة إلقاء نقود على قارئ قرآن أثارت ضجة

إحدى جلسات مجلس النواب المصري (أرشيفية «فيسبوك»)
إحدى جلسات مجلس النواب المصري (أرشيفية «فيسبوك»)
TT

مطالب في مصر بـ«ضوابط» خلال المآتم

إحدى جلسات مجلس النواب المصري (أرشيفية «فيسبوك»)
إحدى جلسات مجلس النواب المصري (أرشيفية «فيسبوك»)

دفعت واقعة إلقاء نقود على قارئ قرآن خلال أحد المآتم في مصر، إلى مطالب برلمانية ودينية واسعة بوضع «ضوابط خلال المآتم» بما يضمن «الحفاظ على صورة قراء القرآن في المآتم والمناسبات الدينية»، وذلك بعدما أثارت الواقعة استهجاناً وضجة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية.

ودعا النائب محمد خالد نور الدين، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إلى ضرورة «تشديد الرقابة، ووضع (ضوابط) لتعامل الجمهور مع القراء خلال المناسبات الاجتماعية مثل المآتم، ومحاولة إيجاد (طرق) للسيطرة على أي تصرفات (خارجة) قد تحدث من بعض الأشخاص و(تفسد) الحدث (أي العزاء)».

في حين قال الشيخ محمد حشاد، نقيب نقابة قراء ومحفظي القرآن الكريم في مصر، لـ«الشرق الأوسط»: «سوف نُعمم (ضوابط) على القُراء بضرورة أن يتوقفوا عن التلاوة، إذا شعروا بأي تصرفات من شأنها (إفساد وقار القراءة)، مع التنبيه على الجالسين (في المآتم) أن يستمعوا للقرآن الكريم بـ(وقار وسكينة)»، لافتاً إلى أنه «إذا وجد قارئ القرآن عدم تجاوب مع حديثه بضرورة أن يستمع الحضور للقرآن، فعليه مغادرة المكان والمناسبة الاجتماعية أياً كانت، حتى لا نُتهم بأن القراء يتجاوبون مع مثل هذه التجاوزات بالسكوت عنها».

الشيخ محمد حشاد نقيب نقابة قراء ومحفظي القرآن الكريم (صفحة النقابة على «فيسبوك»)

وكان أحد الأشخاص في محافظة الدقهلية (شمال مصر) قد فاجأ القارئ محمد القزاز، خلال تلاوته للقرآن الكريم في عزاء، بإلقاء النقود عليه (تعرف بـ«النُقطة» وعادة ما يتم إلقاؤها على الفنانين في الأفراح الشعبية)».

من جهته، أضاف النائب نور الدين لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الصعب السيطرة على بعض هذه التصرفات الفردية، خاصة في المآتم بالقرى والنجوع، فالأفراد يتفاعلون مع القراء سواء بالإنصات، أو التحية، أو كما حدث بإلقاء النقود على المقرئ، لذلك فإن الضوابط القانونية هنا (غير واردة)، لكن يجب أن يكون ثمة تشديد على أصحاب السرادقات من أهالي المتوفين؛ ألا يتم السماح لأحد بإفساد المناسبة بهذا الشكل»، موضحاً أنه «ليس من العدل ترك الأمر للمقرئ بالتصرف وحده، لأن مغادرته المكان في حد ذاته قد تتسبب في (فتنة) واتهامه بـ(إفساد العزاء)».

و«ينتمي إلى عضوية نقابة مُحفظي وقارئي القرآن الكريم في مصر نحو 14 ألف مُحفظ وقارئ»، بحسب حشاد، الذي يقول «تربينا على أن تحية مُقرئ القرآن الكريم في المناسبات المختلفة تكون بعبارات ودعوات طيبة على غرار (الله يفتح عليك)، أما الهرج من تصوير ونشر فيديوهات والاستعراض في العزاءات بالنقود وغيرها فلم نعهده من قبل، وسوف نستمر في مراقبة (الضوابط) التي أكدنا عليها للمقرئين حتى لا تتكرر مثل تلك المشاهد من جديد».

وكانت نقابة قراء ومحفظي القرآن الكريم في مصر قد استنكرت في بيان لها الواقعة. ووصفتها بأنها «مشهد مُهين في حق القرآن وأهله».

في حين خرج القارئ القزاز ليؤكد أنه «أكمل التلاوة بعد إلقاء النقود عليه خوفاً من (إفساد العزاء)». وأضاف في تصريحات متلفزة (مساء الاثنين) أنه «فوجئ بقيام أحد الأشخاص بإلقاء النقود عليه، وأنه عاتبه بعد الانتهاء من العزاء، وطلب من مُصور الفيديو حذفه من مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تعود تلك الأموال إلى أصحاب العزاء للتصرف بها». ووفق حشاد فإن تلك الواقعة «لا تليق بجلسات القرآن الكريم».


مقالات ذات صلة

مصر: مقترح «البكالوريا» للتعليم الثانوي يفجّر «سخرية» وجدلاً «سوشيالياً»

شمال افريقيا وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)

مصر: مقترح «البكالوريا» للتعليم الثانوي يفجّر «سخرية» وجدلاً «سوشيالياً»

أثار مقترح وزارة التربية والتعليم المصرية تغيير نظام الثانوية العامة إلى «البكالوريا»، جدلاً على «السوشيال ميديا».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري: لن ندخر جهداً للتوصل إلى وقف النار في غزة

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي الخميس أن بلاده لن تدخر جهداً لمحاولة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار في غزة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القاهرة قد تطلب نجل القرضاوي من أبوظبي

بينما تسير السلطات اللبنانية في إجراءات إتمام ترحيل الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، إلى الإمارات، فإن مصدراً مصرياً كشف عن نية القاهرة طلبه من أبوظبي.

هشام المياني (القاهرة)
شمال افريقيا عناصر من الحماية المدنية في محافظة البحيرة أثناء البحث عن أحياء (وسائل إعلام محلية)

وفاة شخص وإصابة 3 آخرين في انهيار منزل بشمال مصر

تُوفي شخص وأصيب ثلاثة آخرون، والبحث جارٍ عن مفقودين، اليوم الأربعاء؛ جراء انهيار منزل بالبحيرة في شمال مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».