نازحون يعودون إلى منازلهم في الخرطوم هرباً من غلاء الإيجارات

فضَّلوا مواجهة مخاطر الحرب على الجوع والمسكنة

سودانيون فروا من القتال بدارفور في منطقة حدودية بين السودان وتشاد في 13 مايو 2023 (أ.ف.ب)
سودانيون فروا من القتال بدارفور في منطقة حدودية بين السودان وتشاد في 13 مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

نازحون يعودون إلى منازلهم في الخرطوم هرباً من غلاء الإيجارات

سودانيون فروا من القتال بدارفور في منطقة حدودية بين السودان وتشاد في 13 مايو 2023 (أ.ف.ب)
سودانيون فروا من القتال بدارفور في منطقة حدودية بين السودان وتشاد في 13 مايو 2023 (أ.ف.ب)

أدت الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، إلى نزوح نحو 3 ملايين شخص داخلياً، ولجوء نحو مليون إلى دول الجوار، وجميعهم فروا من القتال والرصاص والقصف الجوي والمدفعي الذي أزهق حياة آلاف في الخرطوم ودارفور وشمال كردفان.

وواجه الفارون من القتال ظروفاً صعبة تتمثل في الإسكان والحصول على مستلزمات الحياة، لا سيما أن معظم ذوي الدخول المحدودة لم يتسلموا رواتبهم طوال الأربعة أشهر الماضية، ومن ثم بدأ البعض العودة إلى منازلهم وأحيائهم في الخرطوم، مفضلين العيش وسط المعارك ومواجهة خطر الموت على أوضاع النزوح التي عانوها.

وعلى الرغم من المخاطر المتوقعة التي تنتظرهم في بيوتهم، فإن رحلة العودة إلى الخرطوم نفسها محفوفة بكثير من المخاطر، فهم معرضون لمواجهة «القوة المميتة» التي توعد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان باستخدامها، وهم على ارتكازات (سيطرات) طرفي القتال، أو حتى خلال تحرك الحافلات التي تنقلهم إلى حيث منازلهم.

واللافت أن أعداداً مقدرة قررت العودة إلى «الموت» الذي بدأوا الفرار منه منذ منتصف أبريل الماضي، وهم يقولون: «القذائف لا منجي منها إلا الله، أما الموت جوعاً أو الذل فبمقدورهم تجنبهم لو احتموا ببيوتهم التي غادروها آسفين».

وتتمثل مخاطر طريق العودة في كثرة حوادث السير، ومواجهة مجموعات النهب والسلب المنفلتة، أو عمليات النهب والتهديد التي ربما تمارَس من قبل العسكريين في السيطرات، وأخذ كل شيء من العائد، ربما ماله القليل أو هاتفه الجوال، أو حُلي السيدات، أو حتى سيارته إن كان يملك واحدة.

جنود من الجيش السوداني في إحدى مناطق الارتكاز بالخرطوم الشهر الماضي (أ.ف.ب)

ارتفاع أسعار الإيجارات

ويقول النازح (ح. ع) والدموع تنهمر بغزاره من عينيه فتبلل لحيته التي خطَّها الشيب، إنه وجد نفسه عاجزاً عن دفع إيجار «الشقة» التي أقام فيها بولاية نهر النيل (شمال) ويبلغ إيجارها نحو 250 ألف جنيه سوداني (500 دولار أميركي) شهرياً، بينما تقول ابنته في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «نحن 3 بنات نعيش مع والدنا، فأمنا متوفاة، وحين اندلعت الحرب غادرنا منزلنا بضاحية شمبات بالخرطوم بحري، بسبب المعارك العنيفة بين الجيش و(الدعم السريع) والتي كانت تدور حولنا»، وتتابع: «عشنا حياة النزوح لثلاثة أشهر؛ لكن صاحب العقار طلب زيادة مبلغ الإيجار من 250 ألفاً إلى 350 ألفاً، فترجاه والدنا ليخفض المبلغ قليلاً لكنه رفض، وعلى الفور قررنا حزم حقائبنا والعودة لمنزلنا في شمبات»، واستطردت: «لحسن الحظ وجدنا أقاربنا وجيراننا سبقونا بالعودة إلى منازلهم، بعد أن كانوا قد نزحوا إلى ولايتي القضارف وسنار».

وقال طارق عبد الإله، وهو رب أسرة نزح إلى ولاية الجزيرة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه قرر العودة إلى الخرطوم خوفاً على أبنائه من الموت غرقاً. وأضاف: «إن اثنين كادا يموتان غرقاً في النهر. فهما يذهبان مع أندادهما من سكان القرية للسباحة في النهر من دون تدريب، ما يعرضهما للغرق». ويتابع: «كما يواجه الأطفال مخاطر أخرى في الغابات المجاورة التي يصاحبون أندادهم إليها، وهم لا يعرفون ما يختبئ داخلها، لذلك قررنا العودة».

ويعود السبب الرئيسي في عودة الأسر من مناطق النزوح، إلى «النساء»، فاللواتي عشن حياة المدن ولم يسبق لهن العيش في الأرياف صعبت عليهن الحياة هناك، فالمرأة الريفية تستيقظ فجراً لتملأ أواني الماء، وتعد الطبيخ، وتغسل الملابس، وتستقبل الضيوف، وهذا غير معتاد بالنسبة لهن، فيضغطن على أزواجهن للعودة، بغض النظر عن المخاطر.

لكن هناك نازحات أبهرتهن حياة الريف وتأقلمن عليها، وتعلمن بعض حيل الحياة غير المتاحة في المدن، ونشطت تجمعات ثقافية تحض النساء على احتمال صعوبة الحياة في الريف؛ بل وتوظيفها لاكتساب خبرات جديدة، ليصبحن «إضافة» للمنطقة بدلاً عن أن يكن «ناقدات ناقمات»، فالريف السوداني فقير تنقصه الخدمات كافة.

 

الأرض المحروقة

 

فر بعض المواطنين من لهيب حرب الخرطوم إلى ولايات دارفور، عند أقاربهم ومعارفهم؛ لكن الحرب لحقتهم إلى هناك، فاشتعل القتال في غرب دارفور وجنوبها وشرقها وشمالها ووسطها؛ بل اضطر كثيرون ممن احتمى بهم نازحو الخرطوم لعبور الحدود واللجوء إلى دولة تشاد المجاورة، هرباً من المعارك التي دارت وتدور هناك، فعاد أهل الخرطوم منهم أدراجهم.

 

مأساة في الحدود

 

بعض المواطنين -خصوصاً الشباب- فروا من العاصمة إلى المعابر الحدودية مع مصر ودول الجوار الأخرى، وفي الحدود السودانية المصرية اضطر كثيرون للبقاء هناك أسابيع في ظروف بالغة السوء، بانتظار الحصول على «سمة دخول» دون جدوى، فاضطروا للعودة مرة أخرى للحرب في الخرطوم، على الرغم من عدم توقف العمليات العسكرية في كل أحياء مدن الخرطوم الثلاث، فواجه بعض العائدين صعوبات في العودة إلى منازلهم، خصوصاً في حيَّي: المطار، والخرطوم 2، وغيرهما.

وقالت هادية أحمد -وهي أم لخمسة أبناء- لـ«الشرق الأوسط»، إنها استيقظت من نومها مبكرة، وقررت العودة للخرطوم بعد شهرين من نزوحها إلى ولاية الجزيرة، وعرضت الأمر على زوجها محمد عوض، وهو يتناول فنجان قهوته الصباحية: «أرغب في العودة للخرطوم، سئمت من الحياة هنا، هل تعتقد أن اليوم مناسب؟»، وقبل أن يرد عليها عاجلته بقولها: «أنا لا أمزح»؛ لكن زوجها رفض بشدة؛ لكنها لم تتركه على حاله، وبعد نقاش طويل وعدها بالعودة خلال شهر إذا توقفت الحرب أو لم تتوقف، وانتهى الشهر ولم تتوقف الحرب، فغادروا ولاية الجزيرة التي آوت نحو مليون نازح من الخرطوم، إلى بيتهم في الخرطوم، غير مبالين بما يمكن أن يواجههم هناك.

 

للضرورة أحكام

 

وتفسيراً للظاهرة، واختيار مواجهة خطر الموت على البقاء نازحاً، يقول المحلل الاجتماعي محمد عباس لـ«الشرق الأوسط»، إن عودة النازحين إلى ولاية الخرطوم لها أسباب متعلقة بالارتباط العاطفي بالمكان، والحياة القديمة، خصوصاً في أمدرمان، ويضيف: «العودة إلى مناطق الخرطوم وبحري ضعيفة مقارنة بأمدرمان؛ لكن عودة النازحين مضطرين لأسباب اقتصادية أو لحمل أغراض مهمة، للخرطوم والخرطوم بحري، يعرضهم لمخاطر عديدة، لا سيما أن الاشتباكات مستمرة داخلها، مع هدوء نسبي في بعض مناطق أمدرمان».

 

رهاب الشباب

 

يتم إنزال الشباب «في سن الجندية» من المركبات المتجهة للخرطوم، ومنعهم من العودة إليها في سيطرات القوتين المتقاتلتين، تحسباً لإمكانية انضمامهم لهذا الطرف أو ذاك، ويتعرضون لعمليات ابتزاز وإغراء للانضمام لهذا الطرف أو الآخر، ويقول الصحافي أحمد خليل لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال عودته للخرطوم لاسترداد وثائق تخص أسرته في بيته بشرق النيل، لاحظ إجراء احترازياً تتخذه قوات الجيش، تمنع بموجبه الشباب من العودة للخرطوم دون إبداء أسباب؛ لكن المتداول منعهم من الالتحاق بقوات «الدعم السريع».

وقال خليل إن قوات «الدعم السريع» هي أيضاً تمنع الشباب من العودة للخرطوم دون أسباب؛ لكن الراجح أيضاً هو الحيلولة دون التحاقهم بالجيش، ويتابع: «يتم إغراء الشباب بشروط خدمة وامتيازات كبيرة»، وبسبب البطالة وتوقف الإنتاج لا يستبعد خليل أن ينضم كثيرون لأحد طرفي القتال، لا سيما أن «الدعم السريع» يقدم امتيازات كبيرة لمنسوبيه.


مقالات ذات صلة

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

شمال افريقيا الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

المبعوث الأميركي يحذر من تمديد الحرب في السودان إقليمياً

حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب في السودان لتهدد دول الإقليم، وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)
أفريقيا وزير الصحة السوداني يبحث تنفيذ الاشتراطات الصحية لدخول مصر (الصحة السودانية)

تجاوب سوداني مع اشتراطات مصرية جديدة لدخول البلاد

أعلنت وزارة الصحة السودانية «ترتيبات الخدمات الخاصة بتوفير الاشتراطات الصحية لتصاريح السفر، من بينها توفير لقاحات شلل الأطفال لجميع الأعمار».

أحمد إمبابي (القاهرة )

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».