الخطر يحدق بمرضى الكلى في السودان

نداءات استغاثة خوفاً من مصير مظلم

TT

الخطر يحدق بمرضى الكلى في السودان

مرضى الكلى يدفعون ضريبة الحرب في السودان
مرضى الكلى يدفعون ضريبة الحرب في السودان

ينتظر مرضى الكلى في صفوف طويلة بمستشفى النو شمال مدينة أمدرمان السودانية من أجل الظفر بجلسة غسيل كلوي ربما تكون قد تأخرت عن موعدها أياماً.

من بين المنتظرين بكري محمد سعيد الذي ظل يتردد على المستشفى لأيام من أجل الخضوع لجلسة غسيل كلوي واحدة تخفف عن كليته التي تئن بعد أن تأخر موعد الغسيل 12 يوماً، لكن دون جدوى.

يقول بكري (38 عاماً) لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن تأخر حصوله على الجلسة أدى إلى حدوث مضاعفات حتى أنه بات الآن يتحرك بصعوبة، مشيراً إلى أن المرضى يقفون في صفوف طويلة منذ الصباح، ويرجع الكثير منهم بخفي حنين لأن الماكينات العاملة بالمستشفى تتيح 26 جلسة غسيل فقط يومياً.

وأضاف بكري أن التوجه إلى مراكز في مستشفيات أخرى أمر في غاية الصعوبة لتعذر الانتقال بين مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم وبحري وأمدرمان) ومحلياتها، وعدم توافر وسائل المواصلات.

ومن جانبه، قال المتطوع في مستشفى النو سامح مزمل إن مركز غسيل الكلى بالمستشفى يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والمعدات.

وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن المستشفى منذ بدء القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) يعمل بالجهد التطوعي في ظل غياب السلطات الصحية.

كما لفت أيضاً إلى أن المستشفى لا يتلقى أي دعم من المنظمات الإنسانية رغم وقوعه في منطقة آمنة يمكن الوصول إليها.

ويرى سامح أن المشكلة الكبرى تتمثل في المرضى من الأطفال الذين يهدد نقص الغسلات حياتهم، موضحاً أن المركز القومي لأمراض الكلى لم يوفر احتياجات المرضى منذ اندلاع الصراع.

وقال سامح إن مستشفى النو يتعرض لضغط كبير جداً، إذ إن وحدة غسيل الكلى فيه الوحيدة التي تعمل بمدينة أمدرمان إلى جانب مركز الهجرة بوسط المدينة.

وأشار إلى أن مركز غسيل الكلى بالمستشفى يضم 13 ماكينة خرج بعضها من الخدمة بسبب الضغط؛ لأنها تعمل بطاقتها القصوى لثلاث مناوبات يومياً.

نداء استغاثة

وجراء تلك المعاناة، أطلق المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى نداء استغاثة عاجلاً لجميع السودانيين بالداخل والخارج والمنظمات الدولية لإنقاذ مرضى الكلى في السودان عقب عجزه عن توفير الاحتياجات الطبية.

وقال مدير المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى نزار زلفو في بيان صحافي أصدره الجمعة إن الموقف الحالي ينذر بخطر كبير، إذ لا توجد إمدادات حالياً يمكن توزيعها على مراكز غسيل الكلى، ما أدى إلى توقف الخدمة في عدد منها، وستلحق بها بقية المراكز خلال أيام.

ودعا زلفو جميع السودانيين والمنظمات والدول الصديقة إلى أن يهبّوا لنجدة مرضى الفشل الكلوي في السودان البالغ عددهم ثمانية آلاف مريض يحدق بهم الموت في حال عدم توافر الإمدادات في القريب العاجل، على حد قوله.

حقائق

2.5 مليون دولار

لإنقاذ حياة 8 آلاف مريض يحتاجون إلى غسيل الكلى

وناشد وزارة المالية توفير 2.5 مليون دولار لشراء المستلزمات الطبية الخاصة بمراكز غسيل الكلى نظراً لعجزهم عن توفيرها.

مرضى الكلى يدفعون ضريبة الحرب في السودان

وقال زلفو لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إنه تلقى وعوداً بالاستجابة بعد إطلاق نداء الاستغاثة، لكنه أشار إلى أن ما تلقاه لن يكفي احتياجات المرضى.

وأوضح أن المراكز الخاصة بغسيل الكلى تبلغ 102 مركز موزعة على أقاليم السودان تقدم خدماتها إلى 8000 مريض يتلقون جلستين في الأسبوع، خرج 30 بالمائة منها عن الخدمة، وتوقع أن تلحق بها البقية خلال الأسبوع الحالي إذا لم تحل المشكلة.

وتابع: «نحتاج إلى 70 ألف غسلة شهرياً، تكلفة جلسة الغسيل الواحدة نحو 10 يورو مع الأدوية المصاحبة للجلسة».

شلل المنظومة الصحية

قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان السبت إن النتيجة الحتمية للحرب وتداعياتها المستمرة أدت إلى شلل المنظومة الصحية في البلاد، وبصورة أفظع في ولاية الخرطوم وولايات دارفور. وأضافت: «هذا ما ظللنا نحذر منه منذ اندلاع هذا الصراع المسلح».

وأشار البيان إلى أن مرضى فشل الكلى ومتلقي الغسيل يعانون من عدم «توافر الغسلات والمستهلكات الضرورية للغسيل الكلوي، في الوقت الذي لا تجد فيه المساعدات الطبية والإنسانية طريقها إلى مستحقيها».

 

النتيجة الحتمية للحرب وتداعياتها المستمرة أدت إلى شلل المنظومة الصحية في البلاد وبصورة أفظع في ولاية الخرطوم وولايات دارفور

نقابة أطباء السودان

وذكر البيان أن المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى أوضح أن شحنة مستلزمات طبية تبرع بها الاتحاد العالمي لأطباء الكلى تأخرت إجراءات استلامها بصورة غير مقبولة، مشيراً إلى أن الصندوق القومي للإمدادات الطبية لم يفسر سبب هذا التأخير الشديد في ظل تأزم وضع مراكز الغسيل الكلوي.

وطالب البيان الجهات الحكومية ذات الصلة وعلى رأسها وزارة المالية ووزارة الصحة والصندوق القومي للإمدادات الطبية بالقيام بدورها في تمويل وتخليص واستلام توصيل وتوزيع المستلزمات الطبية لمراكز الغسيل الكلوي وغيرها من المرافق الصحية.

كما ناشد البيان كل الداعمين من كيانات طبية ومنظمات إنسانية وأفراد المساعدة في توفير المعينات الطبية والإنسانية للشعب السوداني.

هجمات على المرافق

كانت منظمة الصحة العالمية قد ذكرت في نهاية يوليو (تموز) أن الأزمة الصحية في السودان وصلت إلى مستويات خطيرة للغاية، حيث لا يزال أكثر من ثلثي المستشفيات خارج الخدمة وسط تقارير متزايدة عن شن هجمات على المرافق الصحية.

وذكرت أنه في الفترة بين 15 أبريل (نيسان) و24 يوليو، تحققت منظمة الصحة العالمية من 51 هجوماً على المرافق الصحية، ما تسبب في وفاة 10 أشخاص وإصابة 24 آخرين، فضلاً على تعذر الحصول على خدمات الرعاية الصحية التي تمس الحاجة إليها.

 

وقال الدكتور نعمة سعيد عابد، ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان، إن حجم الأزمة الصحية هائل.

وأضاف: «نحن نعمل بجد لتكثيف استجابتنا، وتقديم الإمدادات الطبية الحرجة وغيرها من الإمدادات الصحية الطارئة، وعلى الرغم من أن الهجمات على المرافق الصحية وانعدام الأمن يتسببان في تفاقم التحديات، فإننا مصممون على الوصول إلى المحتاجين، ونحث على زيادة دعم المانحين كي نتمكن من تقديم الخدمات بشكل مناسب».


مقالات ذات صلة

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

شمال افريقيا 
مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

أدانت أحزابٌ وقوى سياسية سودانية، أبرزها «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، القصف الجوي والمدفعي الذي سُجّل خلال الأيام الأربعة الماضية، وأدى إلى مقتل.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا تحصى دون تحرك فوري لوقفها

قالت حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية بإقليم شرق المتوسط، اليوم (الثلاثاء)، إن حرب السودان قد تزهق أرواحاً لا حصر لها دون اتخاذ إجراءات فورية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا توزيع الطعام من أحد المطابخ العامة في الخرطوم (رويترز)

طرفا الصراع في السودان يهاجمان متطوعين يكافحون المجاعة

«في أحياء كان لدينا فيها مطبخ واحد، نحتاج الآن إلى ثلاثة مطابخ أخرى... ومع استمرار الحرب، سنرى المزيد من الناس يصلون إلى الحضيض».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)
TT

هيئة الانتخابات التونسية تهدد بمتابعة من يتهمها بـ«التزوير»

الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية بلاغاً، مساء أمس، أكدت فيه -حسب وسائل إعلام محلية- أنّ «كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج، تصريحاً أو تلميحاً، ستتم معاينته بصفة قانونية، وإحالته للنيابة العامة، من أجل بث ونشر الأخبار الزائفة، ونسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي، دون الإدلاء بما يثبت صحة ذلك، طبق القوانين الجاري بها العمل».

وقال البيان إنه تم الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية 2024 بصفة رسمية، وتعليقها بمقرات الهيئة «بعد التثبت في جميع محاضر الفرز ومحاضر التجميع»، مؤكداً أن جميع محاضر الفرز تم تعليقها أمام مكاتب الاقتراع، ونشرها على الموقع الإلكتروني للهيئة، تطبيقاً لمقتضيات الفصلين 140 و144 من القانون الانتخابي.

الرئيس قيس سعيد يحتفل مع مؤيديه بعد الإعلان عن فوزه بولاية ثانية (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، قالت مديرة ملاحظة الانتخابات في جمعية «شباب بلا حدود»، آمال بن خود، إن الجمعية بعد أن قامت بنشر 334 ملاحظاً موزعين على 12 ولاية، تبين أن أغلب التجاوزات كانت أمام مراكز الاقتراع، وأوضحت أنه من بين الخروقات المسجلة هناك 86 حالة خرق للصمت الانتخابي. وأضافت آمال بن خود أن الجمعية لاحظت غياب الشباب عن عملية الاقتراع، وأن 52.7 في المائة من المراكز لا تتوفر فيها ممرات خاصة لذوي الإعاقة، كما رصد ملاحظو الجمعية خرقاً للصمت الانتخابي من طرف شخص كان يرتدي صورة مترشح للرئاسية داخل مركز الاقتراع بولاية أريانة، ورصد 4 حالات تأثير على الناخبين بالدعوة لانتخاب مرشح معين بكل من ولايات قابس ونابل وسوسة وبن عروس؛ داعية إلى وضع خطة استراتيجية على المدى الطويل لفائدة الشباب، وبرامج مشتركة من عدة أطراف ووزارات ومنظمات بهدف الرفع من حالات التوعية والحملات التحسيسية الموجهة للناخبين، وخصوصاً منهم الشباب.

من جهتها، أوضحت مديرة البرامج بالمركز التونسي المتوسطي، أحلام منوبية القروي، أن 30 في المائة من مراكز الاقتراع كانت غير مناسبة للناخبين ذوي الإعاقة؛ مشيرة إلى رصد نقص كبير في المواد الضرورية للانتخابات في تطاوين والقصرين، وتسجيل نسبة إقبال «كانت مقبولة ومحترمة» للنساء، مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة.

في المقابل، قال المدير التنفيذي لمرصد «شاهد»، الناصر الهرابي، إن العملية الانتخابية تمت إجمالاً بسلاسة، باستثناء بعض الخروقات والتجاوزات المتمثلة في نقص عدد بطاقات الاقتراع، والمزج بين مكتب وآخر دون إعلام الناخبين، وتواصل الدعاية السياسية في بعض مراكز الاقتراع؛ مشيراً إلى أن بعض المكاتب والمراكز كانت تفتقر لوجود ممثلي المترشحين والمجتمع المدني.