الآلية الوزارية لـ«جوار السودان» تبحث مُقترحات لإنهاء الأزمة

تبدأ أول اجتماعاتها اليوم في تشاد تنفيذاً لتوصيات «قمة القاهرة»

صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

الآلية الوزارية لـ«جوار السودان» تبحث مُقترحات لإنهاء الأزمة

صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تنطلق يوم الأحد في العاصمة التشادية، إنجامينا، اجتماعات وزراء خارجية دول جوار السودان، بهدف «اقتراح سبل الخروج من الأزمة السودانية الراهنة»، وفقاً للتكليف الصادر من قمة رؤساء دول وحكومات الدول المجاورة للسودان المنعقدة في منتصف الشهر الماضي.

وكانت قمة «دول جوار السودان» التي شارك فيها قادة 7 دول أفريقية هي، مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، قد أقرت خلال اجتماعها في القاهرة 13 يوليو (تموز) الماضي، آلية اتصال يقودها وزراء خارجية الدول المشاركة «تتولى بحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل واستقرار السودان، ووحدته وسلامة أراضيه والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار».

كما كلفت القمة آلية الاتصال بوضع «خطة عمل تنفيذية تتضمن حلولاً عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة في تكاملها مع الآليات القائمة، بما فيها منظمة «الإيغاد» والاتحاد الأفريقي، وفق البيان الختامي للقمة.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمته أمام قمة دول «جوار السودان» في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

وأعلنت وزارة الخارجية والتشاديين في الخارج والتعاون الدولي، في بيان لها يوم السبت، عقد الاجتماع الأول للجنة وزراء خارجية دول الجوار للسودان يومي 6 و7 أغسطس (آب) الحالي في إنجامينا. وأوضح البيان أن المهمة الرئيسية للاجتماع هي «اقتراح سبل الخروج من الأزمة السودانية الحالية التي وضعت السودان على شفير حرب طاحنة خلفت آلاف القتلى، ونزوح وتشريد ملايين السودانيين»، إضافة إلى «لفت انتباه الشركاء لتقديم استجابات عاجلة للأزمة الإنسانية المتزايدة».

وفي السياق نفسه، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن وزير الخارجية المصري سامح شكري سيشارك في الاجتماع، موضحاً في بيان أن وزراء خارجية دول الجوار «سوف يبحثون في اجتماعهم مختلف جوانب الأزمة السودانية، بكافة أبعادها الأمنية والسياسية والإنسانية، وتأثيراتها على الشعب السوداني وتداعياتها الإقليمية والدولية، بهدف وضع مقترحات عملية تمكن رؤساء الدول والحكومات المجاورة للسودان من التحرك الفعال للتوصل إلى حلول تضع نهاية للأزمة الحالية، وتحافظ على وحدة السودان وسلامته الإقليمية ومقدرات شعبه الشقيق».

ومن جانبه، أكد مبارك الفاضل، رئيس حزب «الأمة» السوداني، أهمية الجهد المبذول من دول جوار السودان، مشيراً إلى أن ثمة «مقترحات عملية» يُمكن لوزراء الخارجية طرحها خلال اجتماعهم الأول في تشاد تُسهم في التوصل إلى حلول عملية لإنهاء الأزمة التي يصفها بـ«المأساوية». وأضاف الفاضل لـ«الشرق الأوسط» ضرورة أن تبدأ الآلية الوزارية لدول جوار السودان باتصالات مكثفة مع القيادات الميدانية والأعيان القبلية ذات التأثير على قوات «الدعم السريع».

ولفت مبارك الفاضل إلى أن أمام الآلية الوزارية لدول جوار السودان «فرصة للنجاح» من خلال توظيف قدرات تلك الدول في التواصل مع القيادات الفاعلة على الأرض، التي يمكنها تغيير المشهد الميداني، إضافة إلى ضرورة ضبط الحدود، خصوصاً على جبهات ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، والتي يقول إنها «تستخدم لتهريب أسلحة لبعض جيوب (الدعم السريع)».

ومن جانبه، أشار الكاتب والباحث السياسي السوداني، مجدي عبد العزيز، إلى أن انعقاد آلية وزراء خارجية دول جوار السودان تنعقد في ظل متغيرات ميدانية وسياسية، يراها «ذات تأثير كبير على إمكانية نجاح تلك الآلية في دعم جهود استعادة الاستقرار في السودان».

وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إنه متفائل بأن «يحمل الشهر الحالي اختراقات كبيرة على صعيد وقف الحرب واستعادة الاستقرار في السودان»، مثمناً التكامل الذي تتسم به جهود إنهاء الأزمة بين منبر جدة وبين دول جوار السودان، مشدداً على أهمية أن يدفع وزراء خارجية دول جوار السودان باتجاه تفعيل دور المنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية، لافتاً إلى أن النازحين والمواطنين السودانيين «لم يتلقوا مساعدات حقيقية إلا من عدة دول وجهات عربية».

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، أسفرت الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» عن مقتل أكثر من 3 آلاف شخص، أغلبهم مدنيون، بالإضافة إلى ما يزيد على 3 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

اتفاق ثلاثي بين البرهان وحميدتي وسلفا كير لتأمين نفط «هجليج»

شمال افريقيا أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز) play-circle

اتفاق ثلاثي بين البرهان وحميدتي وسلفا كير لتأمين نفط «هجليج»

أعلنت حكومة جنوب السودان نشر قوات تابعة لها في حقول «هجليج» بولاية غرب كردفان لحماية وتأمين المنشآت النفطية، بعد انسحاب الجيش السوداني، وسيطرة «الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز) play-circle

خاص خسارة هجليج النفطية... هل تعيد رسم أسس الدولة السودانية؟

مع سقوط هجليج وبابنوسة، وكامل ولاية غرب كردفان بيد «قوات الدعم السريع»، فإن خريطة الحرب في السودان تتجه لرسم جديد للأوضاع الميدانية العسكرية والجيوسياسية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني (أرشيفية - رويترز) play-circle

فرار جنود سودانيين إلى جنوب السودان بعد سيطرة «الدعم السريع» على أكبر حقل نفطي

فرّ جنود سودانيون من مواقعهم في أكبر حقل نفطي في البلاد بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» عليه إلى جنوب السودان؛ حيث سلموا أسلحتهم، وفق ما أعلن الثلاثاء جيش جوبا.

«الشرق الأوسط» (جوبا)
شمال افريقيا نازحون من الفاشر يتجمعون في ضواحي مدينة طويلة بغرب دارفور (أ.ف.ب)

عقوبات أميركية تستهدف شبكة تجنّد كولومبيين لـ«الدعم السريع»

فرضت الولايات المتحدة، أمس، عقوبات على شبكة عابرة للحدود تتكون من أربعة أفراد وأربعة كيانات اتهمتها بتأجيج الحرب في السودان، وتجنيد عسكريين كولومبيين سابقين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)

تحطم طائرة عسكرية سودانية أثناء محاولتها الهبوط ومقتل طاقمها

تحطّمت طائرة نقل عسكرية سودانية، يوم أمس (الثلاثاء)، أثناء محاولتها الهبوط في قاعدة جوية في شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل جميع أفراد طاقمها.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان)

جدل في مصر بشأن تشديد غرامات «جرائم الأخبار الكاذبة»

الحكومة المصرية تتجّه لتشديد عقوبات «جرائم الأخبار الكاذبة» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الحكومة المصرية تتجّه لتشديد عقوبات «جرائم الأخبار الكاذبة» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

جدل في مصر بشأن تشديد غرامات «جرائم الأخبار الكاذبة»

الحكومة المصرية تتجّه لتشديد عقوبات «جرائم الأخبار الكاذبة» (تصوير: عبد الفتاح فرج)
الحكومة المصرية تتجّه لتشديد عقوبات «جرائم الأخبار الكاذبة» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثار اتجاه الحكومة المصرية لتشديد عقوبات «جرائم الأخبار الكاذبة»، جدلاً في مصر، وسط مطالبات بـ«ضرورة إتاحة حرية تداول المعلومات» قبل تشديد الغرامات في القانون.

وطالب رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي بـ«إعداد تعديلات جديدة على قانون العقوبات، لمواجهة الشائعات»، ووجّه خلال اجتماع للحكومة المصرية، الأربعاء، بـ«إعداد تعديلات بالقانون، لتشديد الغرامات ذات الصلة بجرائم الشائعات بما يحقق مستوى كافياً من الردع ويكفل الحد من انتشار تلك الجرائم»، حسب إفادة لمجلس الوزراء المصري، مساء الأربعاء.

وأشار تقرير حكومي في مصر إلى زيادة معدل انتشار «الأخبار المضللة» في 2024 بنسبة 16.2 في المائة مقارنة بـ15.7 في 2023، وزيادتها 3 أضعاف خلال الفترة من 2020 إلى 2024 مقارنةً بالفترة من 2015 إلى 2019.

لكن في المقابل، فإن نقيب الصحافيين، خالد البلشي، أكد في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن «الحكومة اختارت الطريق العكسي لمواجهة الشائعات، وهو البداية بتغليظ الغرامات، رغم أن الدستور المصري رسم لنا مساراً واضحاً لذلك، عبر إقرار قوانين مكملة للنصوص الدستورية الخاصة بحرية تداول المعلومات، ومنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر».

وأضاف في تدوينته، مساء الأربعاء: «يمكننا مناقشة زيادة الغرامات، ومدى الاحتياج لها، بشرط ألا تصبح هذه الزيادة طريقاً للحبس، من خلال المبالغة في تغليظها بدعوى الردع أو تؤدي إلى إغلاق الصحف، فتصبح أداةً لنشر الشائعات بدلاً من وقفها، بعد أن نفقد سلاحنا الأول لمواجهة الشائعات».

ويتوافق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، مع هذا الرأي، مشيراً إلى ضرورة «إتاحة حرية تداول المعلومات أولاً، قبل الحديث عن تغليظ عقوبات مواجهة الأخبار الكاذبة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب الرئيسي في انتشار الشائعات بمصر، مرتبط بعدم توافر المعلومات والبيانات الكافية للمواطنين».

وباعتقاد السيد، فإن «هناك قيوداً على حرية المعلومات في مصر»، وقال إن «المواجهة يجب أن تبدأ أولاً ببث المعلومات الصحيحة دائماً، ثم تغليظ العقوبات في مرحلة تالية، حال تداول معلومات خاطئة»، مضيفاً أن «هناك شكوكاً تصاحب الروايات الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية في بعض الأحيان؛ ما يصاحبه تساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي».

وبيّن مدبولي نوايا حكومته وراء إجراءات تشديد عقوبات «نشر الأخبار الكاذبة»، وقال إن «الحكومة ترحب بحرية الرأي وأن الإشكالية ليست في النقد ذاته، بل في المعلومات غير الدقيقة التي يجري تداولها دون سند، والتي يمكن أن تُلحق أضراراً مباشرة بالاقتصاد القومي».

اجتماع الحكومة المصرية برئاسة مدبولي ناقش الأربعاء إجراءات مواجهة الشائعات (مجلس الوزراء المصري)

واستشهد رئيس الحكومة المصرية بقضية «مياه الشرب»، مشيراً إلى أنها تُعدّ «نوعاً من الاتجار والسعي لتحقيق استفادة مادية من الشركات».

وفي نهاية الشهر الماضي، قام شابان ببث مقطع مصور يقارنان فيه بين أنواع من المياه المعدنية، وقالا إن بعضها ملوث بمياه الصرف الصحي، مؤكدَين اعتمادهما على المواصفات القياسية المصرية، قبل أن تُلقي أجهزة الأمن القبض عليهما، وواجها اتهامات «بنشر معلومات غير صحيحة تتعلق بسلامة الأغذية والمياه» قبل إطلاق سراحهما على ذمة القضية.

عميد كلية الإعلام بجامعة بني سويف، ممدوح عبد الله، يرى أن «الإشكالية في مواجهة الأخبار الكاذبة في مصر تتمثل في غياب المؤسسية في المواجهة»، وقال إن «تقنين المواجهة بتغليظ العقوبات القانونية، غير كافٍ، خصوصاً وأن تداول الشائعات والأخبار الكاذبة، لا يأتي من المؤسسات الإعلامية، ولكن من الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المواجهة يجب أن تشمل حزمة إجراءات، ما بين مدونات سلوك للمواطنين، وتقنين الغرامات حال ثبوت تداول شائعات عن قصد»، إلى جانب، «إتاحة المعلومات والبيانات الكافية عبر وسائل الإعلام الرسمية والمنصات الحكومية، بما يحقق الردع المطلوب»، وقال إن «الحكومة المصرية كثيراً ما تحذّر من مخاطر الشائعات وتأثيرها على الرأي العام الداخلي، وخصوصاً التي تُبَث من خارج البلاد».

وكان اجتماع مجلس الوزراء المصري، قد ناقش الأربعاء، «تعزيز منظومة التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة، وصور الإساءة للمجتمع، والإضرار المتعمد بالاقتصاد المصري»، وحسب بيان رسمي، توافَق الاجتماع الحكومي على «ضرورة وجود وحدات رصد مبكر في جميع الوزارات للرصد المبكر للشائعات والرد عليها وتفنيدها».

وترى الحكومة المصرية أن «الإطار التشريعي الحاكم لمواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة، كافٍ في الوقت الحالي لتحقيق الردع الفعال»، غير أنها ترى أيضاً «عدم كفاية الغرامات الواردة في المادة رقم 380 من قانون العقوبات المصري، لتحقيق الردع في مواجهة هذه الأخبار»، وأكدت على «ضرورة زيادتها».

وتعهد رئيس الوزراء المصري بـ«عدم وضع قوانين استثنائية في ملف مواجهة الشائعات»، وقال إن «التشريعات القائمة كافية، وتحتاج إلى التفعيل فقط من أجل الاستفادة منها»، مشيراً إلى أنه «يجب التحرك السريع مع أي شائعة تظهر ويتضح كذبها».


اتفاق ثلاثي بين البرهان وحميدتي وسلفا كير لتأمين نفط «هجليج»

أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز)
أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز)
TT

اتفاق ثلاثي بين البرهان وحميدتي وسلفا كير لتأمين نفط «هجليج»

أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز)
أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز)

أعلنت سلطات جنوب السودان التوصل إلى اتفاق مع طرفَي النزاع في السودان؛ لضمان أمن حقل «هجليج» النفطي الواقع في منطقة حدودية بين البلدين، بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على المنطقة يوم الاثنين الماضي.

ويقع حقل «هجليج» في أقصى جنوب منطقة كردفان (جنوب)، المتاخمة لجنوب السودان، التي تشهد معارك منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» على كامل إقليم دارفور في غرب البلاد في أكتوبر (تشرين الأول). ويُعّدَ «هجليج» أكبر حقول نفط في السودان، وهو كذلك المنشأة الرئيسية لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية، والمصدر الوحيد تقريباً لكل إيرادات حكومة جوبا.

وقال المتحدث باسم حكومة جنوب السودان، أتيني ويك أتيني، خلال مؤتمر صحافي، الخميس: «تم التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين القوات المسلحة الجنوب سودانية والقوات المسلحة السودانية و(قوات الدعم السريع)، يمنح القوات المسلحة في جنوب السودان المسؤولية الأمنية الأولى لحقل هجليج النفطي... في سياق التوتر المتفاقم».

مخاوف جنوب السودان

وأعرب أتيني عن تخوف جنوب السودان حيال انعدام الأمن المتصاعد على طول الحقل النفطي، مؤكداً أن بلاده «لطالما دعت إلى حل سلمي ودبلوماسي»، دون كشف المزيد من التفاصيل حول مضمون النص.

رئيس جنوب السودان سيلفا كير (أ.ف.ب)

وأوضح أن رئيس جنوب السودان، سلفا كير، توصل إلى التسوية بعد الاتصال بقائدَي طرفَي النزاع في السودان، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وخصمه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لحضهما على وقف المعارك في محيط الحقل، مؤكداً أن «الطرفين يملكان القدرة على تدمير الحقل النفطي، لكنهما لا يملكان القدرة في حال اشتعاله على وقف الوضع».

وفيما يتعلق بالعمل في الحقل، أكد أتيني أن الإنتاج «لا يزال متواصلاً»، ولا تقارير عن وجود «أضرار جسيمة كان يمكن أن توقف الإنتاج». وينتج حقل «هجليج» ما بين 40 و80 ألف برميل يومياً من خام النفط السوداني، لكن الإنتاج تراجع بعد اندلاع الحرب، بنحو 20 إلى 25 ألف برميل يومياً من النفط المنتج داخل الحقل نفسه، بسبب توقف الكثير من الآبار والبنية التحتية المتضررة. والحقل هو أيضاً محطة لمعالجة خام جنوب السودان قبل تصديره، وقد كانت طاقته لمعالجة النفط تصل إلى ما يقارب 130 ألف برميل يومياً من النفط الخام القادم من جنوب السودان.

واستحوذ جنوب السودان، عند انفصاله عام 2011، على 75 في المائة من احتياطات النفط السودانية، وبقي حقل «هجليج» موضع نزاع بين البلدين.

وتعتمد جوبا على البنى التحتية السودانية لتصدير نفطها عبر ميناء بورتسودان، لعدم امتلاكها منفذاً بحرياً.

قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، في مطلع الأسبوع، السيطرة على منطقة هجليج «بعد فرار أفراد الجيش السوداني». وسبق الاتفاق الثلاثي اتصالات تمت بين البرهان وسلفاكير، لاستقبال قوات الجيش السوداني المنسحبة، وتأمين إجلاء العاملين لتجنب أي مواجهات عسكرية قد تتسبب في تدمير المنشآت النفطية في هجليج، بعد أن تم إغلاقها.

وحسب جوبا، فإن الجنود الذين فروا من مواقعهم في الموقع النفطي سلموا أسلحتهم لجنوب السودان. وفي بيان لاحق، اتّهمت «قوات الدعم السريع» الجيش السوداني بشن هجوم بالمسيَّرات على الحقل النفطي، أدى إلى «مقتل وإصابة العشرات من المهندسين والعاملين» إضافة إلى «عشرات الجنود» من جيش جنوب السودان وعناصر «قوات الدعم السريع»، وأسفر عن تدمير عدد من المنشآت الحيوية. وقال أتيني إن 1650 ضابط صف و60 عسكرياً سلَّموا أنفسهم لجيش جنوب السودان هم في أمان، مضيفاً: «تجري الترتيبات حالياً لإعادتهم إلى بلادهم».

ولم يصدر أي تعليق رسمي بعدُ من طرفَي الحرب، الجيش السوداني و«الدعم السريع»، بشأن الاتفاق، لكن الأخيرة كانت قد تعهدت لحكومة جنوب السودان بعدم المساس بالمعدات الفنية في حقول «هجليج».

وعقب سيطرة «قوات الدعم السريع» على المنطقة يوم الاثنين الماضي، سارعت «حكومة تأسيس» الموالية لـ«الدعم السريع»، ومقرها مدينة نيالا في جنوب دارفور، إلى تأكيد التزامها التام بحماية المرافق والمنشآت النفطية وتأمين خطوط نقل نفط الجنوب. وأبدت استعدادها السماح للفرق الهندسية بمباشرة أعمال الصيانة دون عوائق، لاستئناف عمليات الإنتاج بشكل كامل.

خسائر كبيرة

وينص الاتفاق بسحب قوات الطرفين المتنازعين من منطقة الحقل إلى المناطق المحيطة، لكنه في المقابل يمنع الجيش من القيام بأي عمل عسكري ضدها في المناطق المحيطة بإنتاج النفطـ. ويشكّل توقف العمل في هجليج خسائر كبيرة لدولة جنوب السودان التي تعتمد بنسبة تقارب 95 في المائة على إيرادات النفط الذي يُعالج ويصدر عبر المواني السودانية.

كما يعني فقدان السودان 28 ألف برميل يومياً من الخام، بالإضافة إلى رسوم عبور نفط الجنوب التي تقدر بنحو 400 مليون دولار سنوياً.

ومطلع سبتمبر (أيلول) الماضي أصدرت وزارة الطاقة والنفط السودانية توجيهات للشركات العاملة في منطقة هجليج بتفعيل خطة إغلاق الطوارئ وتنسيق إجلاء الموظفين، استباقاً لأي هجوم متوقع من «الدعم السريع».

ورقة النفط

وقال وزير الطاقة والتعدين الأسبق، عادل إبراهيم، لــ«الشرق الأوسط»، إنه «لا أمل ولا مستقبل لقطاع النفط في السودان قبل إسكات صوت البندقية ووقف هذه الحرب اللعينة». وتابع: «انهيار القطاع بدأ منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في البلاد». وقال إن «هجليج كانت تحت تهديد مستمر، قبل أن تدخل البندقية إلى عمق حقول النفط»، وعبَّر عن أمله أن تلتزم أطراف النزاع بالمحافظة على سلامة المنشآت، وتفادي تجمد الخام داخل خطوط الأنابيب.

بدوره قال مسؤول عمل سابقاً في وزارة النفط، لــ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع» لا تملك الآن وسائل للاستفادة من النفط، في ظل وجود اتفاقيات ثنائية ملزمة بين حكومتَي السودان وجنوب السودان، لكن الموقف قد يتغير على الأرض إذا قررت بحكم سيطرتها على المنطقة المطالبة بنصيب من إيرادات النفط، على غرار ما حدث في ليبيا بعد سيطرة قائد الجيش الوطني، خليفة حفتر، على حقول البترول في غرب البلاد.

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الصراع أخذ منحى جديداً بوصوله إلى المناطق الغنية بالنفط، وأن توقف الإنتاج في آبار حقول هجليج وبليلة، يضع حكومة السودان تحت ضغط شديد، بالنظر إلى النقص الكبير في احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية، لتسيير شؤون الحرب والبلاد.

وتحدث عن مخاوف جادة، وهي إقدام «قوات الدعم السريع» على اللعب بورقة النفط في القتال ضد الجيش. وأوضح أن حكومة بورتسودان تحصل على 25 دولاراً رسوم معالجة وتنقية لكل برميل من نفط الجنوب وتصديره عبر ميناء بشائر في شرق السودان، وأن حصيلة هذه الإيرادات توفر مبالغ مالية مقدرة في ظل الحرب الدائرة في البلاد وتوقف عجلة الاقتصاد.

ولم يستبعد الخبير العسكري اللواء متقاعد معتصم عبد القادر، وجود اتفاق ثنائي بين حكومة جنوب السودان و«قوات الدعم السريع» بأن تنسحب الأخيرة من حقول النفط في هجليج، وقال: «هذا لا يعني أن هناك اتفاقاً بين سلفاكير والبرهان وحميدتي». وأضاف أن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، لا يعترف بحميدتي، وسبق أن صنفه بأنه متمرد على الجيش، ويخوض معارك عسكرية ضده.

وأوضح عبد القادر أن التفاهمات التي تمت بين حكومتَي السودان وجنوب السودان، هو تفعيل اتفاق سابق بينهما، أنه في حالة القوة القاهرة والضرورة القصوى، يجري التنسيق لتأمين منشآت النفط بواسطة قوات من البلدين، وهو ما جرى أخيراً في هجليج.

وقال وفقاً لذلك تدخلت قوات جنوب السودان لتأمين المنطقة، بعد الهجوم الأخير الذي تعرض له الجيش السوداني من «قوات الدعم السريع»، التي اضطرت بعدها للانسحاب من محيط الحقول النفطية.


مصر: «ضعف التصويت» في «دوائر ملغاة» بانتخابات «النواب» يُربك الأحزاب و«المستقلين»

مصريون أمام أحد مراكز الاقتراع في انتخابات «النواب» بالإسكندرية الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
مصريون أمام أحد مراكز الاقتراع في انتخابات «النواب» بالإسكندرية الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

مصر: «ضعف التصويت» في «دوائر ملغاة» بانتخابات «النواب» يُربك الأحزاب و«المستقلين»

مصريون أمام أحد مراكز الاقتراع في انتخابات «النواب» بالإسكندرية الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
مصريون أمام أحد مراكز الاقتراع في انتخابات «النواب» بالإسكندرية الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

أدّى ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع في اليوم الثاني (الخميس) لانتخابات الإعادة لمجلس النواب المصري، لـ30 دائرة سبق إلغاءها بقرار من المحكمة الإدارية العليا، إلى حالة من الارتباك بين الأحزاب السياسية و«المستقلين»، بالتزامن مع دعوة «الهيئة الوطنية للانتخابات» الناخبين إلى ضرورة المشاركة في التصويت داخل المقار الانتخابية.

ورغم غياب تقديرات رسمية لمعدلات المشاركة، فإن منظمات حقوقية ترصد العملية الانتخابية «سجّلت ملاحظات واضحة بشأن انخفاض مستوى التصويت». وأكد «المركز الإعلامي لحقوق الإنسان» -من أبرز الجهات المراقبة- أن فرقَه المنتشرة في المحافظات العشر رصدت يومي الأربعاء والخميس تراجعاً ملحوظاً في أعداد الناخبين بعدد من اللجان، مقارنة بالجولات الانتخابية السابقة.

وانعكس هذا المناخ الانتخابي ضمنياً في بيانات بعض الأحزاب، حسب مراقبين، حيث بدا بيان حزب «الجبهة الوطنية» يوم الخميس بمثابة محاولة لحض الناخبين على المشاركة، دون الإشارة صراحةً إلى ضعف الإقبال. فقد دعا الحزب المواطنين في الدوائر التي تشهد الإعادة إلى «النزول بكثافة والمشاركة الفاعلة». وبالمثل، أشار حزب «حماة الوطن» في بيانات متفرقة إلى «توافد المواطنين»، دون توضيح حجم هذا التوافد بشكل دقيق.

أما حزب «المحافظين» فذهب في اليوم الأول من التصويت، الأربعاء، إلى التحذير من أن «ضعف الإقبال قد يفتح الباب أمام محاولات التأثير غير المشروع على الناخبين»، مشيراً إلى أن «ندرة الحضور ربما تزيد من فرص شراء الأصوات والحشد الانتخابي من قِبل بعض المرشحين». وحثّ الحزب الناخبين على الحضور «بكثافة تحفظ إرادتهم، وتصون نزاهة العملية الانتخابية».

كما جددت «الهيئة الوطنية للانتخابات» دعوتها المواطنين للمشاركة في التصويت، مشددة، عبر مدير الجهاز التنفيذي المستشار أحمد بنداري، على ضرورة «قطع الطريق أمام أي محاولة لتوجيه الناخبين للتصويت لمرشح بعينه»، ومؤكدة «أهمية المشاركة الحرة والواعية» في اختيار ممثليهم.

ويُعيد الحديث عن تدني نسب المشاركة في الدوائر الملغاة ما أظهرته نتائج جولات الإعادة في 19 دائرة سبق إلغاءها، التي كشفت عن تراجع كبير في أعداد المقترعين. وكان هذا واضحاً في دائرة إمبابة بمحافظة الجيزة يوم الجمعة الماضي؛ حيث حضر نحو 27 ألف ناخب فقط من أصل نصف مليون مسجل، بنسبة لا تتجاوز 5.1 في المائة.

رئيس «المركز الإعلامي لحقوق الإنسان»، عمرو محسن، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الارتباك الحاصل لدى بعض الأحزاب مع ضعف المشاركة يعود إلى «تنافسها على المقاعد أكثر من تقديم برامج مقنعة»، ما عزّز من شعور المواطن بأن صوته «تحوّل إلى مادة للصراع الحزبي، لا وسيلة لتحقيق المنافع المعيشية».

مواطنون أمام أحد مراكز الاقتراع في محافظة أسيوط بصعيد مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

واختتم التصويت، الخميس، في 30 دائرة انتخابية سبق أن ألغت المحكمة الإدارية العليا نتائجها ضمن محافظات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب. وتنافس في هذه الدوائر، التي بدأ الاقتراع فيها الأربعاء الماضي، 623 مرشحاً على 58 مقعداً، باستثناء 6 مقاعد تم حسمها في 4 دوائر، هي الجيزة والمنتزه والمحمودية وأول أسوان، ولا تزال قضاياها منظورة أمام محكمة النقض.

وعلاوة على ما يُنظر إليه على أنه «انعدام للثقة ترسّخ في العملية الانتخابية، خصوصاً بعد الخروقات التي شابت جولتها الأولى»، عزا نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، ضعف الإقبال في الدوائر الملغاة إلى «أخطاء في حسابات الأحزاب واختياراتها التي تجاهلت في كثير من الدوائر المعايير العائلية والقبلية في الريف والصعيد، فضلاً عن الشعبية اللازمة للمرشحين»، وفق تصريحاته لـ«الشرق الأوسط».

وتأتي هذه التطورات بعد جدل رافق المرحلة الأولى بشأن مخالفات انتخابية دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة «الهيئة الوطنية للانتخابات» بمراجعة مسار العملية، وهو ما أدّى لاحقاً إلى إلغاء نتائج 19 دائرة في 7 محافظات، قبل أن تُبطل المحكمة نتائج 30 دائرة إضافية.

وتُجرى جولة الإعادة للمرحلة الثانية للانتخابات يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وذلك دون إلغاء أي من دوائرها، بعدما قضت المحكمة الإدارية العليا برفض 211 طعناً قُدّمت ضد نتائج جولتها الأولى.

وتنوّعت الطعون المرفوضة بين اعتراضات على «سلامة إجراءات الفرز والتجميع، وتشكيك في دقة الأرقام المعلنة، وادعاءات بوجود أخطاء في محاضر اللجان، فضلاً عن مزاعم بشأن وقوع تجاوزات خلال عملية الاقتراع».