الآلية الوزارية لـ«جوار السودان» تبحث مُقترحات لإنهاء الأزمة

تبدأ أول اجتماعاتها اليوم في تشاد تنفيذاً لتوصيات «قمة القاهرة»

صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

الآلية الوزارية لـ«جوار السودان» تبحث مُقترحات لإنهاء الأزمة

صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
صورة جماعية للمشاركين في قمة «جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تنطلق يوم الأحد في العاصمة التشادية، إنجامينا، اجتماعات وزراء خارجية دول جوار السودان، بهدف «اقتراح سبل الخروج من الأزمة السودانية الراهنة»، وفقاً للتكليف الصادر من قمة رؤساء دول وحكومات الدول المجاورة للسودان المنعقدة في منتصف الشهر الماضي.

وكانت قمة «دول جوار السودان» التي شارك فيها قادة 7 دول أفريقية هي، مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، قد أقرت خلال اجتماعها في القاهرة 13 يوليو (تموز) الماضي، آلية اتصال يقودها وزراء خارجية الدول المشاركة «تتولى بحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل واستقرار السودان، ووحدته وسلامة أراضيه والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار».

كما كلفت القمة آلية الاتصال بوضع «خطة عمل تنفيذية تتضمن حلولاً عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة في تكاملها مع الآليات القائمة، بما فيها منظمة «الإيغاد» والاتحاد الأفريقي، وفق البيان الختامي للقمة.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمته أمام قمة دول «جوار السودان» في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

وأعلنت وزارة الخارجية والتشاديين في الخارج والتعاون الدولي، في بيان لها يوم السبت، عقد الاجتماع الأول للجنة وزراء خارجية دول الجوار للسودان يومي 6 و7 أغسطس (آب) الحالي في إنجامينا. وأوضح البيان أن المهمة الرئيسية للاجتماع هي «اقتراح سبل الخروج من الأزمة السودانية الحالية التي وضعت السودان على شفير حرب طاحنة خلفت آلاف القتلى، ونزوح وتشريد ملايين السودانيين»، إضافة إلى «لفت انتباه الشركاء لتقديم استجابات عاجلة للأزمة الإنسانية المتزايدة».

وفي السياق نفسه، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن وزير الخارجية المصري سامح شكري سيشارك في الاجتماع، موضحاً في بيان أن وزراء خارجية دول الجوار «سوف يبحثون في اجتماعهم مختلف جوانب الأزمة السودانية، بكافة أبعادها الأمنية والسياسية والإنسانية، وتأثيراتها على الشعب السوداني وتداعياتها الإقليمية والدولية، بهدف وضع مقترحات عملية تمكن رؤساء الدول والحكومات المجاورة للسودان من التحرك الفعال للتوصل إلى حلول تضع نهاية للأزمة الحالية، وتحافظ على وحدة السودان وسلامته الإقليمية ومقدرات شعبه الشقيق».

ومن جانبه، أكد مبارك الفاضل، رئيس حزب «الأمة» السوداني، أهمية الجهد المبذول من دول جوار السودان، مشيراً إلى أن ثمة «مقترحات عملية» يُمكن لوزراء الخارجية طرحها خلال اجتماعهم الأول في تشاد تُسهم في التوصل إلى حلول عملية لإنهاء الأزمة التي يصفها بـ«المأساوية». وأضاف الفاضل لـ«الشرق الأوسط» ضرورة أن تبدأ الآلية الوزارية لدول جوار السودان باتصالات مكثفة مع القيادات الميدانية والأعيان القبلية ذات التأثير على قوات «الدعم السريع».

ولفت مبارك الفاضل إلى أن أمام الآلية الوزارية لدول جوار السودان «فرصة للنجاح» من خلال توظيف قدرات تلك الدول في التواصل مع القيادات الفاعلة على الأرض، التي يمكنها تغيير المشهد الميداني، إضافة إلى ضرورة ضبط الحدود، خصوصاً على جبهات ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، والتي يقول إنها «تستخدم لتهريب أسلحة لبعض جيوب (الدعم السريع)».

ومن جانبه، أشار الكاتب والباحث السياسي السوداني، مجدي عبد العزيز، إلى أن انعقاد آلية وزراء خارجية دول جوار السودان تنعقد في ظل متغيرات ميدانية وسياسية، يراها «ذات تأثير كبير على إمكانية نجاح تلك الآلية في دعم جهود استعادة الاستقرار في السودان».

وقال عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» إنه متفائل بأن «يحمل الشهر الحالي اختراقات كبيرة على صعيد وقف الحرب واستعادة الاستقرار في السودان»، مثمناً التكامل الذي تتسم به جهود إنهاء الأزمة بين منبر جدة وبين دول جوار السودان، مشدداً على أهمية أن يدفع وزراء خارجية دول جوار السودان باتجاه تفعيل دور المنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية، لافتاً إلى أن النازحين والمواطنين السودانيين «لم يتلقوا مساعدات حقيقية إلا من عدة دول وجهات عربية».

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، أسفرت الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» عن مقتل أكثر من 3 آلاف شخص، أغلبهم مدنيون، بالإضافة إلى ما يزيد على 3 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

تشديد مصري - سوداني على «عدم التهاون» في قضية الأمن المائي

شمال افريقيا محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)

تشديد مصري - سوداني على «عدم التهاون» في قضية الأمن المائي

شددت مصر والسودان على أن «تحقيق الأمن المائي يمثل مسألة وجودية للبلدين لا يمكن التهاون فيها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)

رغم الحديث عن تراجع الإصابات... الكوليرا تحصد الأرواح في الجزيرة السودانية

مصادر طبية ذكرت أن مرض الكوليرا حصد أرواح المئات في الجزيرة بمتوسط 3 وفيات في اليوم بسبب تداعيات تأخر المصابين في الوصول للمستشفيات.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن أكثر من 73 شخصاً لاقوا حتفهم في مدينة الهلالية ومناطق مجاورة بولاية الجزيرة بسبب تفاقم الوضع الصحي.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا صورة حديثة لسد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

مصر تُقر بتكبدها تكلفة كبيرة لتلافي «تأثير ضار» للسد الإثيوبي

حمّلت مصر إثيوبيا مسؤولية فشل التوصل إلى اتفاق في مفاوضات سد النهضة. وقال رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، إن مصر لن تفرط في حقوقها بمياه النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا أطفال سودانيون يتناولون الطعام بمسجد في أم درمان (أ.ف.ب)

المبعوث الأميركي للسودان: المنظمات الإنسانية قلقة إزاء منع تسليم المساعدات الطارئة

قال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، الثلاثاء، إن العاملين في المجال الإنساني يشعرون بقلق عميق إزاء استمرار مفوضية العون الإنساني في منع تسليم المساعدات.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

ليبيا: «صراع قوة» بين الدبيبة وميليشيات «متمردة» يلهب أجواء طرابلس

عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
TT

ليبيا: «صراع قوة» بين الدبيبة وميليشيات «متمردة» يلهب أجواء طرابلس

عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)
عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

انفتح المشهد الأمني الليبي على حلقة جديدة من التوتر و«صراع القوة» بين حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وبعض الميليشيات بالعاصمة؛ مما قد ينذر بتصعيد بينهما إن لم تنجح السلطات في «ترويض» هذه «التشكيلات المتمردة» على اتفاق سابق، يقضي بخروجها من طرابلس.

وكشفت تصريحات وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة»، عماد الطرابلسي، عن جانب من الأزمة، المتمثلة في رفض بعض الميليشيات - لم يسمّها - اتفاقاً سابقاً بتنفيذ إخلاء مقارّها في طرابلس، وإعادتها إلى مقارّها وثكناتها. وكشف بلهجة حادة، عكست جانباً مما يجري في الكواليس، خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، عن أن بعض القوات في طرابلس «تواصل الخروج للشوارع بالأرتال المسلحة، قصد فرض واقع جديد بالقوة للسيطرة على طرابلس»، وقال: «لدي القوة لشنّ معركة وفتح النار وسط طرابلس؛ وتخرب على الكل في حال قرر أحد ذلك».

أوحيدة اتهم الميليشيات الموجودة في العاصمة بالتحالف مع أطراف أجنبية (إ.ب.أ)

وأمام هذه الخلافات التي ظهرت إلى العلن بين «الوحدة» وأذرعها الأمنية، توقّع عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة «افتعال أي طرف من الأطراف المسيطرة على طرابلس إعادة أجواء التوتر الأمني؛ إذا شعر بخطر يهدد وجوده». ورأى في حديث إلى «الشرق الأوسط»، الخميس، أن الميليشيات الموجودة في العاصمة «تتحالف مع أطراف أجنبية؛ والجميع يستمد قوته منها»، لافتاً إلى أنه «في غياب هيبة القانون والسلطة الشرعية الموحدة، فإن الكل يرى الحقيقة من زاويته، ويفعل ما يناسبه ليحقق مصلحته».

وسبق لحكومة «الوحدة» عقد مفاوضات مع ميليشيات مسلحة بطرابلس للخروج من العاصمة بالكامل، استجاب بعضها للاتفاق، لكن البعض الآخر يرفض الامتثال، بحسب الطرابلسي.

ولم يحدد الطرابلسي من هي الميليشيات التي رفضت تنفيذ الاتفاق، لكن متابعين أشاروا إلى أنه يقصد عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنيوة»، الذي يقود «جهاز دعم الاستقرار»، الذي تأسس بموجب قرار حكومي في يناير (كانون الثاني) 2021، ويعدّ أحد أكثر قادة الميليشيات نفوذاً في طرابلس.

وسبق أن تحدث الطرابلسي عن سبع ميليشيات، وصفها بـ«الأجهزة الأمنية»، وقال إنه جرى الاتفاق على إخراجها من طرابلس. وعادة ما تطلق السلطات الرسمية مصطلح «الأجهزة الأمنية» على «التشكيلات المسلحة». وهذه الأجهزة هي «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

وخلال الشهرين الماضيين، أفرز المشهد الأمني في ليبيا الكثير من التفاصيل، من بينها «عقد صفقات» مع تشكيلات مسلحة، على خلفية أزمة المصرف المركزي، تضمن لها إعادة تموضعها بالعاصمة.

وأمام هذه التطورات، يتخوف كثيرون من عودة التوتر الأمني إلى طرابلس، وهو ما عكسه الليبي، جعفر الحشاني، عبر حسابه على «فيسبوك»، معتبراً أن تصريحات الطرابلسي «خطيرة»، وقال إنها «توضح لنا مدى هشاشة الوضع الأمني في العاصمة؛ وهذا يدل على عدم وجودة آلية موحدة، أمنية وعسكرية في الغرب الليبي».

وشهدت طرابلس عشرات الاشتباكات الدامية خلال العقد الماضي، أسفرت عن وقوع كثير من القتلى والجرحى، لكن السلطات التنفيذية في طرابلس عادة ما تسارع لاحتواء التوتر، وتبرم صلحاً بين التشكيلين المسلحين.

الكوني يبحث مع عدد من حكماء بلديات الجبل وأعيانها آليات تحقيق الاستقرار (الرئاسي)

في غضون ذلك، التقى النائب بالمجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، حكماء مناطق الجبل وأعيانها بمختلف مكوناتهم للوقوف على المشاكل التي يواجهونها. وقال المجلس الرئاسي في بيان، الخميس، إن مثل هذه اللقاءات «تساهم في حلحلة المشاكل قبل تفاقمها؛ للمحافظة على النسيج الاجتماعي للمنطقة».

واستعرض الحكماء والأعيان أمام الكوني، الطبيعة الاجتماعية لمنطقة الجبل الغربي بمختلف مكوناتها، والجهود التي تبذل لضمان استقرارها، وشدّدوا على ضرورة أن يكون للمجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، دوره في للمحافظة على التهدئة في المنطقة، من خلال متابعة آليات عمل المناطق العسكرية للمحافظة على السلم الاجتماعي فيها. و«العمل على حل التشكيلات المسلحة كافة، التي تعمل خارج إطار الدولة في مناطق الجبل؛ حفاظاً على النسيج الاجتماعي».

ومن جهته، أكد الكوني أن المجلس الرئاسي سوف يتابع الأوضاع في المنطقة «بعيداً عن الجهوية»، مشيراً إلى أنه «سيعمل بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لدرء الفتنة قصد تحقيق الاستقرار، وضمان التعايش السلمي بين شركاء الوطن بمختلف مكوناتهم».

وشهدت بعض مناطق ومدن الأمازيغ، وخصوصاً يفرن بالجبل الغربي، توتراً أمنياً على خلفية رفضهم التواجد العسكري من خارج مناطقهم، وطالبوا «الرئاسي» بالتدخل.

في شأن مختلف، حذَّر «الاتحاد الوطني» للأحزاب الليبية، من «استغلال إجراء استفتاءات لأغراض سياسية ضيقة، أو لتصفية حسابات شخصية»، وقال إن الاستفتاء «يجب أن يكون وسيلة لتوحيد الصفوف، وليس لتعميق الانقسامات، وأن يكون هدفه الأساسي تحقيق المصلحة الوطنية العليا».

ويأتي هذا التصريح على خلفية تحدث السلطات في طرابلس عن اتجاهها لدعوة الشعب إلى «استفتاء» بشأن القضايا العالقة، ومن بينها الدستور، دون تحديد ما الذي يتم الاستفتاء عليه.

ونوّه الاتحاد إلى أن «الاستفتاء الشعبي يمثل أداة ديمقراطية مهمة لتمكين الشعب الليبي من المشاركة الفاعلة في صناعة مستقبله»، مؤكداً على «حق الشعب في إجراء استفتاءات حول القضايا المصيرية، مثل شكل الدولة ونظاميها السياسي والإداري، وهوية اقتصادها، وكذلك ميثاق وطني جامع يضمن التعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب الليبي.

«الاتحاد الوطني» للأحزاب الليبية أيَّد حل مجلس النواب (رويترز)

وذهب الاتحاد الداعم لسلطات طرابلس، إلى «وجاهة وصواب» حل مجلسي النواب و«الدولة»؛ بسبب ما أسماه بـ«الأداء الباهت والضعيف، وعدم إدراكهما خطورة المرحلة، وإضاعتهما الفرص المتتالية للخروج من الأزمة، إلا أن ذلك لن يكون الحل الأمثل».

وانتهى «الاتحاد» لدعوة مجلس النواب إلى إصدار قانون «استفتاء شامل»، يضمن مشاركة جميع الليبيين في تحديد خياراتهم الوطنية، حول القضايا محل الخلاف بين أطراف الصراع، والدفع بالبلاد باتجاه عقد الانتخابات.