جنود «مارينز» أميركيون في سفن تجارية لوقف مضايقات إيران عبر مضيق هرمز

بعد تزايد عمليات المصادرة من القوات الإيرانية للبواخر المدنية الخاصة

مروحية من طراز «بايف هوك إتش إتش 60 - ج» تحلّق فوق زوارق دورية تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في مضيق هرمز في ديسمبر الماضي (أ.ب)
مروحية من طراز «بايف هوك إتش إتش 60 - ج» تحلّق فوق زوارق دورية تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في مضيق هرمز في ديسمبر الماضي (أ.ب)
TT

جنود «مارينز» أميركيون في سفن تجارية لوقف مضايقات إيران عبر مضيق هرمز

مروحية من طراز «بايف هوك إتش إتش 60 - ج» تحلّق فوق زوارق دورية تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في مضيق هرمز في ديسمبر الماضي (أ.ب)
مروحية من طراز «بايف هوك إتش إتش 60 - ج» تحلّق فوق زوارق دورية تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في مضيق هرمز في ديسمبر الماضي (أ.ب)

أكد مسؤولون أميركيون، أن الجيش الأميركي يعد خططاً لوضع عناصر من مشاة البحرية (المارينز) على متن سفن تجارية تبحر عبر مضيق هرمز، بعد أن تزايدت أخيراً عمليات المصادرة والمضايقات من القوات الإيرانية للسفن المدنية الخاصة، التي تبحر في الممر المائي الحيوي، وذلك في تصعيد ملحوظ يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران.

ولم تتخذ الولايات المتحدة مثل هذه الخطوة حتى خلال «حرب الناقلات»، التي بلغت ذروتها مع المعركة البحرية الأميركية - الإيرانية، التي استمرت يوماً واحداً عام 1988، والتي كانت الأكبر للبحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية.

وأفاد مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، بأن الخطط لم تحصل بعد على موافقة نهائية، لكنها حظيت بتأييد من مسؤولين كبار في إدارة الرئيس جو بايدن، لكنه أوضح أنها يمكن أن تبدأ في أقرب وقت هذا الشهر.

ونقل عدد من مشاة البحرية (المارينز) من كمب ليجون في نورث كارولاينا إلى البحرين، حيث تلقوا تدريبات ذات صلة مع الوحدة الاستكشافية «الرقم 26»، التي تنتشر عادة على متن سفن حربية، وانتشروا مع أفراد إضافيين يرتقب وصولهم قريباً على سفن حربية أميركية. وفي هذا السياق، قال المسؤول الأميركي ذاته: «لدينا مجموعة على الأرض»، مضيفاً أن القرار السياسي «اتخذ إلى حد كبير».

ويوجد أفراد مشاة البحرية على متن حاملة الطائرات «يو إس إس باتان» و«يو إس إس كارتر هول» و«يو إس إس ميسا فيردي»، وقد غادرت «باتان» و«كارتر هول» ميناء نورفولك بولاية فيرجينيا في العاشر من يوليو (تموز) الماضي في مهمة وصفها «البنتاغون» بأنها «رد على محاولات إيران الأخيرة لتهديد التدفق الحر للتجارة في مضيق هرمز والمياه المحيطة به». وقد عبرت «باتان» مضيق جبل طارق إلى البحر الأبيض المتوسط الأسبوع الماضي.

في سياق ذلك، اعترف مسؤول أميركي آخر بأن الاقتراح قيد المناقشة في وزارة الدفاع (البنتاغون). لكنه أوضح أن الموافقة لم تأتِ بعد.

ورداً على سؤال عن الخطة، قال الناطق باسم «البنتاغون» الجنرال باتريك رايدر، أمس (الخميس) إنه ليس لديه أي شيء ليعلنه.

وكان مستشار الاتصالات الاستراتيجية لدى البيت الأبيض، جون كيربي، أحال السائلين عن الموضوع إلى وزارة الدفاع، مشيراً إلى أن مضيق هرمز «ممر بحري حيوي». ولاحظ أن تهديدات إيران يمكن أن تؤدي إلى إغلاق المضيق الذي يربط الخليج بالمحيط، والذي ينقل ما لا يقل عن 20 في المائة من النفط الخام في العالم.

وتأتي الخطوة الأميركية كجهد ضمن مجموعة من الإجراءات، التي تتبعها إدارة الرئيس جو بايدن عقب تزايد محاولات إيران للاستيلاء على سفن وناقلات تجارية. وقال مسؤولون أميركيون إن البحارة الأميركيين لن يوفروا الأمن إلا بناءً على طلب السفن المعنية. واستشهدوا في هذا السياق بحادث وقع في الخامس من يوليو الماضي كنقطة انعطاف في المناقشات حول هذه القضية. وقد أوضح مسؤولون في البحرية آنذاك، أن القوات الإيرانية حاولت الاستيلاء على سفينتين مدنيتين، وأطلقت النار على إحداهما، وهي السفينة «ريتشموند فوياجير». مشيرين إلى أن القوات الإيرانية فرّت بعد وصول المدمرة البحرية الأميركية «يو إس إس ماكفول».

وفي حادثة أخرى وقعت أخيراً، ردت سفن حربية من الولايات المتحدة وبريطانيا على نداء استغاثة من سفينة تجارية كانت تعبر مضيق هرمز، بعدما تعرّضت لمضايقات من ثلاثة زوارق إيرانية سريعة. وعلى الأثر، ردت المدمرة «ماكفول»، وكذلك السفينة البحرية الملكية «إتش إم إس لانكاستر»، التي أرسلت طائرة هليكوبتر لطرد الطرادات الإيرانية.

كما أفادت البحرية الأميركية بأن «الحرس الثوري» الإيراني سبق أن احتجز ناقلة النفط «نيوفي»، بعدما غادرت دبي في الإمارات العربية المتحدة. كما صادرت إيران أيضاً الناقلة «أدفانتيدج سويت».

وتشمل الخطوات الأخيرة الأخرى لردع إيران نشر مقاتلات من طراز «إف - 35» المتطورة، إلى جانب طائرات أخرى، وطائرات هجومية من طراز «إيه - 10» في منطقة الخليج. كما أرسل «البنتاغون» مدمرة إضافية لتعزيز وجود السفن الحربية الأميركية الموجودة أصلاً في المنطقة.

غير أن المسؤولين الإيرانيين انتقدوا عمليات الانتشار، عادّين أنها «مزعزعة للاستقرار» و«استفزازية». وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان إن المنطقة لا تحتاج إلى «أجانب» لتوفير الأمن.

وتأتي الأعمال العدائية المتجددة من إيران فيما تعمل على تخصيب اليورانيوم بدرجة أقرب من أي وقت مضى إلى مستويات الأسلحة، وذلك بعد انهيار الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.



«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.