قررت محكمة بشرق الجزائر إعادة تكييف تهم وجهتها ضد أشخاص في قضية «تهريب المعارضة أميرة بوراوي»، بإنزالها إلى جنحة بعدما كانت جناية.
وغادرت بوراوي البلاد عبر الحدود التونسية في فبراير (شباط) الماضي، بينما كانت مقيدة بإجراءات منع من السفر، واتهمت الجزائر المخابرات الفرنسية، يومها، بـ«اختراق ترابها لإجلاء بوراوي سراً»، إلى تونس، ومنها إلى فرنسا.
وأكدت «اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الحراك»، اليوم الجمعة، بحسابها بالإعلام الاجتماعي، أن قاضي التحقيق بالقطب الجزائي بمحكمة قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة) أصدر، أمس الخميس، قراراً بتحويل القضية إلى قسم الجنح بالمحكمة ذاتها، بعدما كان كيفها على أنها «جناية». وأوضحت نقلاً عن محامي أحد المتهمين أن النيابة استأنفت القرار، وستجتمع غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بقسنطينة في السابع من الشهر الحالي للنظر فيه، وذلك إما بالإبقاء على الطابع الجنائي للملف، وإما بتأييد قرار قاضي التحقيق.
ويشمل الملف، الذي يعرف بـ«التواطؤ في تهريب المعارضة بوراوي»، الصحافي مصطفى بن جامع، رئيس تحرير صحيفة تصدر بعنابة (600 كلم شرق)، وابن خالة المعارضة ياسين بن الطيب، وسائق التاكسي الذي قادها من مدينة عنابة إلى العاصمة التونسية، وشرطي بالمعبر الحدودي. والأربعة يوجدون في الحبس الاحتياطي منذ ستة أشهر. كما تم اتهام خديجة بوراوي، والدة بوراوي، التي وضعت في حالة إفراج، بعدما قضت بضعة أيام في الحجز تحت النظر في شهر فبراير الماضي.
وتتضمن لائحة التهم ضد الأشخاص الخمسة، قبل التخلي عنها، «المشاركة في جناية تهريب شخص عبر الهجرة غير الشرعية، في إطار منظمة إجرامية».
وكانت المعارضة بوراوي، قد طالبت عدة مرات بالإفراج عن المسجونين الأربعة، ووقف المتابعة ضدهم كل المتهمين، مكذبة وجود علاقة لهم بمخطط هروبها من البلاد. غير أن تحريات الشرطة في القضية أفادت بأن بعضهم كان على دراية بالمخطط، وأن ما يثبت ذلك رسائل هاتفية متبادلة بينهم وبين بوراوي (50 سنة). أما عن والدتها فقد أظهر التحقيق أنها لم تكن تعلم بأن ابنتها استعملت جواز سفرها للخروج به من الحدود البرية. وجرت العادة أن سائقي التاكسي يقدمون جوازات سفر زبائنهم إلى شرطة الحدود لوضع ختم الخروج والدخول، دونما حاجة لنزولهم من السيارة.
وبينما كانت بوراوي على وشك ركوب طائرة من تونس إلى باريس في السابع من فبراير الماضي، أوقفتها شرطة الحدود التونسية بمطار العاصمة، على أساس وجود أمر بمنعها من السفر صادر من الجزائر. وتم اقتيادها إلى مركز للشرطة بمدينة تونس، ثم عرضت على محكمة فأمرت بوضعها تحت النظر، مع ترقب تحديد تاريخ محاكمتها، علماً بأن المعارضة تملك جواز سفر فرنسياً بحكم جنسيتها الثانية الفرنسية.
وفي اليوم نفسه، قررت الشرطة التونسية اقتيادها إلى المطار لتسفيرها إلى الجزائر، غير أن القنصلية الفرنسية بتونس تدخلت، وتمكنت من إجلائها إلى فرنسا، بذريعة «الحماية القنصلية» التي تمنحها باريس في مثل هذه الحالات، لرعاياها. وفي الثامن من فبراير الماضي استدعت الجزائر سفيرها بباريس لـ«التشاور»، وقال بيان للرئاسة إن القرار «جاء على خلفية مشاركة دبلوماسيين وقنصليين ورجال أمن فرنسيين في تهريب المواطنة الجزائرية أميرة بوراوي بطريقة غير قانونية، في حين يفترض أن تكون موجودة في الجزائر بناء على أوامر القضاء».
ولم ترد باريس على هذه الاتهامات، فيما صرح الرئيس إيمانويل ماكرون، نهاية الشهر نفسه، بأن «أشياء كثيرة قيلت بعد عودة مواطنة فرنكو - جزائرية إلى فرنسا عبر تونس، وما هو أكيد أن هناك من لديهم مصلحة في أن ما نقوم به في الجزائر منذ عدة سنوات يكون مآله الفشل». لكن في 24 مارس (آذار)، أعلن الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال مكالمة هاتفية طي «أزمة تهريب بوراوي»، على أساس أن ما حدث لا يعدو أن يكون «لبساً ترتب عنه تصدّع في العلاقات الثنائية». كما أعلنت الجزائر عن عودة سفيرها إلى منصبه.