انطلاق حوار عسكري بين الجزائر وموسكو

قائد أركان الجيش الجزائري يصل إلى روسيا غداً

رئيس مجلس الأمن الروسي مع رئيس أركان الجيش الجزائري بالجزائر في 27 فبراير 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)
رئيس مجلس الأمن الروسي مع رئيس أركان الجيش الجزائري بالجزائر في 27 فبراير 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

انطلاق حوار عسكري بين الجزائر وموسكو

رئيس مجلس الأمن الروسي مع رئيس أركان الجيش الجزائري بالجزائر في 27 فبراير 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)
رئيس مجلس الأمن الروسي مع رئيس أركان الجيش الجزائري بالجزائر في 27 فبراير 2023 (وزارة الدفاع الجزائرية)

يبحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، بدءاً من الاثنين بموسكو، في «تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي والقوات المسلحة الروسية»، وفق ما ذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية. وتأتي الزيارة في سياق، تقارب كبير في المواقف حيال القضايا الدولية، بين البلدين، اتضح بشكل لافت عقب الاتفاقات التي أبرماها خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى روسيا، منتصف يونيو (حزيران) الماضي.

الرئيسان الروسي والجزائري في الكرملين يوم 17 يونيو 2023 (الرئاسة الجزائرية)

وذكر بيان وزارة الدفاع الجزائرية أن شنقريحة يزور روسيا بناءً على دعوة من وزير الدفاع الفريق أول سيرغي شويغو، من دون ذكر تفاصيل أخرى. وكان الرئيسان عبد المجيد تبون وفلاديمير بوتين، أكدا خلال لقاء جمعهما بموسكو في 17 يونيو الماضي، عزمهما على تعزيز العمل في مجال الصناعة والتكنولوجيا العسكرية، بما فيها توسيع الشراكات في نقل التكنولوجيا. وطلب تبون من الروس خبرتهم الفنية لإزالة الألغام المضادة للأفراد، بغرض التخلص من المتفجرات الموروثة عن فترة الاستعمار الفرنسي، وهي مزروعة بالحدود الشرقية مع تونس.

وتم ذلك في سياق التوقيع على اتفاقات تخص «الشراكة الاستراتيجية» بينهما، منها اتفاق للتعاون في استكشاف واستخدام الفضاء. كما أعلن الرئيسان عزمهما على زيادة التعاون في مجال استكشاف وإنتاج الهيدروكربونات، ومعالجة النفط والغاز والبتروكيماويات.

وتأتي زيارة شنقريحة إلى موسكو، ضمن توجه جديد في العلاقات الثنائية، يخص إطلاق تعاون شامل بين حليفين تقليديين، يقيمان علاقات قوية منذ أيام الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة. وبين الجزائر وروسيا علاقات متينة في مجالات الدفاع والصناعة الحربية، علماً بأن الجيش الجزائري مجهز أساساً بالعتاد الحربي الروسي، ومعظم صفقات السلاح التي أبرمتها الجزائر، منذ استقلالها عام 1962، كانت مع روسيا. كما أن هناك برنامجاً للمناورات العسكرية بين الجيشين، يتم تنفيذه بانتظام كل عام.

نائب وزير الدفاع الروسي (وسط الصورة) خلال زيارته للجزائر في 30 أغسطس 2021 (وزارة الدفاع الجزائرية)

وشاركت القوات الخاصة الجزائرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 في تدريبات عسكرية، بأوسيتيا الشمالية بمنطقة تارسكوي بروسيا؛ حيث جرَّب 200 عسكري روسي وجزائري معدات وتقنيات حديثة لمحاربة الإرهاب، بالمناطق الرعوية والجبلية. كما تم تجريب بنجاح، سلاح هجوم جديد، خلال تلك التدريبات، زيادة على التمرس على فنيات قتالية حديثة، وفي 27 فبراير (شباط) الماضي، زار سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، الجزائر، وعقد لقاءات مع شنقريحة وقادة القوات البرية والبحرية والجوية، وقائد سلاح الدرك وأبرز المديرين بقطاع الدفاع الجزائري.

وبحسب تقارير دولية، تعدّ الجزائر ثالث مستورد للسلاح الروسي في العالم، في حين تعد موسكو أول مزوّد للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة الحربية بنسبة تفوق 50 في المائة. وقد أثار التعاون في المجال العسكري بينهما، قلقاً لدى دول غربية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، في سياق الحرب الجارية في أوكرانيا. ففي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وجه 27 عضواً من الكونغرس رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، طالبوا من خلالها بإنزال عقوبات على الجزائر بسبب صفقات الأسلحة مع روسيا.

وتضمنت الرسالة «مخاوف من تنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا»، بذريعة أن الجزائر وقعت عام 2021، صفقات أسلحة مع روسيا قيمتها أكثر من 7 مليارات دولار، وأن من بينها بيعها طائرات مقاتلة متطورة من طراز «سوخوي Su-57»، التي لم تبعها روسيا لأي دولة أخرى، حسب أصحاب الرسالة.

قائد الجيش الجزائري في المؤتمر التاسع للأمن الدولي بموسكو يونيو 2021 (الدفاع الجزائري)

وذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، في تقرير العام الماضي، أن الجيش الجزائري، يمتلك قوة بشرية تقدر بـ465 ألف جندي، بينها 135 ألفاً قوات احتياطية، و200 ألف قوات شبه عسكرية، إضافة إلى 130 ألف جندي، يمثلون قوات عاملة. ولفتت إلى أن الجزائر «باتت أول مستورد للسلاح الروسي في العالم».

ووصفت «سبوتنيك» الجزائر بـ«حليف استراتيجي وشريك صديق لروسيا تربط بينهما علاقات تاريخية وطيدة منذ عقود، وهي تحاول اليوم تغيير وإصلاح الكثير من السياسات القديمة، التي كانت ذات توجه أوروبي واحد، وذلك بإعادة فتح مجالات عديدة للتقارب الدولي مع شركاء عدة، سواء من دول عربية في الخليج أو دول شرق آسيوية وحتى غربية».



مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».