هل تحتاج مصر لـ«إجراءات قاسية» للحد من الزيادة السكانية؟

وزير الصحة قال إن معدلات الانخفاض «غير مجدية» في ظل محدودية الموارد

وزير الصحة المصري يستعرض تحضيرات المؤتمر العالمي للسكان (الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك»)
وزير الصحة المصري يستعرض تحضيرات المؤتمر العالمي للسكان (الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك»)
TT

هل تحتاج مصر لـ«إجراءات قاسية» للحد من الزيادة السكانية؟

وزير الصحة المصري يستعرض تحضيرات المؤتمر العالمي للسكان (الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك»)
وزير الصحة المصري يستعرض تحضيرات المؤتمر العالمي للسكان (الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك»)

تزامناً مع التحضيرات للمؤتمر العالمي للسكان والصحة، الذي تستضيفه القاهرة في سبتمبر (أيلول) المقبل، جددت تصريحات لوزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار بشأن ضعف معدلات الانخفاض الحالية للزيادة السكانية، النقاشات حول استراتيجية البلاد لمواجهة الظاهرة، التي تؤرق الحكومة، وما إذا كانت هناك حاجة لاتخاذ «إجراءات قاسية»، خاصة مع انطلاق دعوات من وقت لآخر لفرض إجراءات مشددة مشابهة لتجارب دول أخرى.

وقال عبد الغفار، الأحد، إن «الزيادة السكانية تلتهم أولاً بأول عوائد ما تحققه الدولة من نمو اقتصادي وتنمية»، موضحاً في مؤتمر صحافي لمناقشة تحضيرات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية، أن «المعضلة السكانية تمثل حجر الزاوية في الفجوة بين سقف طموحنا ومحدودية مواردنا، مما يؤثر سلبياً على جهود التنمية ونصيب الفرد من الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والإسكان، وكذلك ونصيبه من المياه والأراضي الزراعية».

وتستضيف مصر المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية في الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر المقبل، بمشاركة خبراء من دول العالم كافة لعرض التجارب الدولية المختلفة في القضية السكانية، وتعرض مصر استراتيجيتها «الوطنية المعنية بالقضايا السكانية» للنقاش خلال المؤتمر.

ووفقاً لوزير الصحة والسكان المصري «تحتل مصر في الوقت الراهن المرتبة الرابعة عشرة من حيث عدد السكان على مستوى العالم، وتجاوز عدد سكانها 105 ملايين نسمة»، وقال الوزير: «نجحنا في خفض معدل الزيادة السكانية إلا أن ذلك لم يحقق التوازن الضروري المطلوب بين السكان والموارد»، منوهاً بأنه «من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى حوالي 8.5 مليار في عام 2030 و9.7 مليار في عام 2050».

وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مناسبات عدة من «خطورة النمو السكاني المتزايد على خطط التنمية»، وقال خلال افتتاح أحد المشروعات في مارس (آذار) الماضي إن «مصر شهدت زيادة سكانية تتراوح بين 20 و25 مليون نسمة خلال السنوات العشر الماضية»، وأن هذه الزيادة «تتطلب زيادة الإنتاج، بما يقلل حجم الطلب من ناحية ويقلص في الوقت ذاته من قيمة فاتورة الاستيراد الهائلة والضخمة».

وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار (الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك»)

وتنطلق من وقت لآخر في مصر أصوات تنادي بـ«ضرورة فرض إجراءات قاسية على الإنجاب للحد من الزيادة السكانية»، مثل الحرمان من الدعم الحكومي أو التعليم المجاني. غير أن خبراء السكان يرون أن فرض مثل تلك الإجراءات قد «يتعارض مع حقوق الإنسان». المدير السابق لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتور مجدي خالد قال لـ«الشرق الأوسط»: «فرض إجراءات إلزامية لمواجهة النمو السكاني يتعارض مع حقوق الإنسان، لأن الإنجاب حق للمواطن لا يمكن للدولة أن تسلبه»، موضحاً: «لا يمكن مثلاً معاقبة المواطن على كثرة الإنجاب بالقول إنه سيحرم من مجانية تعليم أو علاج الأطفال، لأن ذلك عقاب للأطفال أنفسهم ويزيد تعقيد المشكلة السكانية ولا يحلها».

وبحسب خالد: «يجب أن تعمل مصر في استراتيجية السكان على خصائص معطيات المجتمع، ومن خلال نشر الوعي والتنمية، فقد لوحظ وفق البيانات الرسمية أن النساء المتعلمات أقل إنجاباً ويلتزمن بطفل أو طفلين، لذلك يجب الاهتمام بتعليم المرأة».

جانب من المؤتمر الصحافي لوزير الصحة المصري لاستعراض تحضيرات المؤتمر العالمي للسكان (الصفحة الرسمية للوزارة على «فيسبوك»)

وشهد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مارس (آذار) الماضي توقيع بروتوكول بين عدد من الوزارات لإقرار برنامج «الحوافز المالية» بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، ويوفر البرنامج وفقاً لإفادة رسمية لوزير المالية الدكتور محمد معيط حينها «حوافز مالية عبارة عن ادخار مبلغ 1000 جنيه سنوياً (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيه في المتوسط) لكل سيدة متزوجة ولديها طفلان بحد أقصى، وتقوم بالحصول على المبلغ المتراكم عقب بلوغها 45 عاماً»، و«يسقط حقها في المطالبة بأية مبالغ مالية في حال إنجابها الطفل الثالث».

من جانبه، قال عضو اللجنة الاستشارية العليا لتنظيم الأسرة بوزارة الصحة والسكان في مصر الدكتور عاطف الشيتاني لـ«الشرق الأوسط» إن «الأفكار المصرية الخاصة بالقضية السكانية شهدت تطوراً لافتاً في السنوات الأخيرة، حيث تم ربط النمو السكاني بالتنمية، بمعنى مواجهة الأمية والفقر وفتح استثمارات جديدة، فكلها من أسباب الزيادة السكانية».


مقالات ذات صلة

الصين تسعى لتبسيط قوانين الزواج لمواجهة أزمة التراجع السكاني

يوميات الشرق صينيان متزوجان حديثاً يلتقطان صوراً في مكتب تسجيل الزواج في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ بالصين 14 فبراير 2023 (رويترز)

الصين تسعى لتبسيط قوانين الزواج لمواجهة أزمة التراجع السكاني

تسعى الصين لإصلاح قوانين الزواج من خلال مسودة قانون جديدة تهدف إلى تبسيط إجراءات تسجيل الزواج، في خطوة تهدف إلى التصدي للانخفاض المستمر في معدلات المواليد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في زيارة سابقة للموصل خلال افتتاح مشروع عمراني يونيو الماضي (رئاسة الوزراء)

العراق يقبل كل طلبات قروض «صندوق الإسكان»

أعلن وزير الإعمار والإسكان والبلديات العامة العراقي بنكين ريكاني، قبول جميع المعاملات التي تقدم بها المواطنون للحصول قروض صندوق الإسكان.

فاضل النشمي (بغداد)
آسيا تعتزم العاصمة اليابانية طوكيو إطلاق تطبيق مواعدة خاص بها (رويترز)

طوكيو تطلق تطبيق مواعدة لزيادة معدل الولادات الآخذ في التراجع

تعتزم طوكيو إطلاق تطبيق مواعدة خاص بها أوائل الصيف المقبل، كجزء من جهود الحكومة لتعزيز معدل المواليد الوطني الآخذ في التراجع، على ما قال مسؤول حكومي اليوم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق أشخاص يستقلون سلماً كهربائياً في محطة شيبويا في طوكيو (أ.ف.ب)

طوكيو تطلق تطبيقاً لزيادة معدل الولادات

بوصفه جزءاً من جهود الحكومة اليابانية لتعزيز معدل المواليد الوطني الآخذ في التراجع، تعتزم العاصمة طوكيو إطلاق تطبيق مواعدة خاص بها أوائل الصيف المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بحلول عام 2053.. «ساتو» اسم لكل اليابانيين

بحلول عام 2053.. «ساتو» اسم لكل اليابانيين

يشير الباحثون إلى أن جميع اليابانيين قد يحملون نفس اللقب العائلي (الاسم الثاني أو الكنية) «ساتو» بحلول عام 2531.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
TT

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي مرحلة جديدة، اليوم (السبت)، وسط محاولة حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، احتواء انتقادات أميركية رسمية بشأن الإدارة الجديدة للمصرف، التي نصبها المجلس الرئاسي، بينما تمسك عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بموقفه الرافض للاعتراف بها.

وعدّت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة أن بيان إدارة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، بشأن تطورات الوضع المتعلق بالمصرف، يعكس «التزام الولايات المتحدة بدعم الاستقرار المالي، وتعزيز الشفافية في مؤسساتنا المالية»، وعدّته خطوة إيجابية نحو توحيد وإصلاح المصرف المركزي.

واجهة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

وقالت «خارجية الوحدة»، اليوم (السبت): «نتفهم القلق حيال حملات التشويه والأكاذيب التي تستهدف مؤسسات الدولة الليبية، ونتفق على أن هذه المخاوف ستنتهي بمجرد زوال تلك الحملات، وتوحيد الصفوف خلف مؤسساتنا الوطنية». وأشارت إلى الحاجة المزدادة للتدقيق في المعاملات المالية خلال المراحل الانتقالية للمؤسسات النقدية، لافتة إلى أنها تعدّ هذه الإجراءات البروتوكولية «ضرورية لضمان الشفافية والمساءلة».

لقاء سابق بين رئيس مجلس النواب والسفير والمبعوث الأميركي الخاص (أرشيفية)

وأكدت الوزارة إعلان الإدارة الجديدة للمصرف «تسلم مهامها بسلاسة، ومباشرة تفعيل المنظومات المختلفة، والتجاوب الذي لاقته الإدارة الجديدة مع المنظومة المصرفية الدولية، بعد 9 سنوات من غياب الحوكمة والعمل الفردي، الأمر الذي كان مطلباً أساسياً لكل المنظمات الدولية المعنية. وهذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسيرة الإصلاح المالي والإداري في ليبيا».

وبعدما أكدت التزامها باحترام سيادة ليبيا، واستمرار ثقتها بالدولار الأميركي والمؤسسات الأميركية، خصوصاً في ظل التحديات الحالية والتجاذبات والصراع على النفوذ في أفريقيا، أعربت «خارجية الوحدة» عن التطلع لتعزيز التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام في ليبيا. وأوضحت أن المجلس الرئاسي، وفي خطوة لإضفاء مزيد من التوافق، أعلن التزامه بالانفتاح على الحوار برعاية بعثة الأمم المتحدة، مع منح فرصة أخيرة للمجلسين لتحقيق توافق بعد 10 سنوات من التخاذل، ما أدى لتعزيز الحكم الفردي وغياب الشفافية، وزيادة المخاطر المرتبطة بتنفيذ سياسات لا تعكس إرادة الدولة الليبية.

الصديق الكبير (رويترز)

وكانت «الخارجية» الأميركية قد أعلنت عبر مكتبها لشؤون الشرق الأدنى، أن البنوك الأميركية والدولية قامت بإعادة تقييم علاقاتها مع المصرف المركزي الليبي، وفي بعض الحالات وقف المعاملات المالية، حتى يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن القيادة الشرعية لـ«المركزي».

وطالبت الجهات الفاعلة الليبية باتخاذ خطوات للحفاظ على مصداقية المصرف، وإيجاد حل لا يضر بسمعته، ومشاركته مع النظام المالي الدولي، معبرة عن شعورها بالقلق من أن مزيداً من الاضطرابات مع البنوك الدولية، يمكن أن يضر بالاقتصاد الليبي ورفاهية الأسر الليبية.

وشددت على دعوة مجلس الأمن للجهات الفاعلة الليبية للعمل بشكل عاجل معاً، ومع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي، يعيد القيادة المختصة وذات المصداقية للبنك المركزي الليبي.

بدوره، حذر رالف تاراف، سفير ألمانيا لدى ليبيا، من أن تؤدي ما وصفه بـ«الإجراءات أحادية الجانب» إلى الانحراف عن طريق الاستقرار والانتخابات الديمقراطية.

وأعرب في بيان مقتضب، اليوم (السبت)، عن دعم بلاده بقوة لدعوة البعثة الأممية لإجراء اجتماع عاجل لإيجاد حل للوضع الراهن.

في المقابل، دعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، إلى ضرورة الالتزام ببنود الإعلان الدستوري، والاتفاق السياسي، الذي ينص على صلاحيات واختصاصات مجلس النواب في التكليف بالمناصب السيادية بالتشاور مع مجلس الدولة، وعدّ القرار الصادر بتكليف محافظ ومجلس إدارة للمصرف معدوماً، لافتقاده للأسباب ومخالفاً للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، ولأنه جاء بعد جهود مضنية لتوحيد المصرف.

ورحب صالح، في بيان وزعه مركزه الإعلامي، مساء الجمعة، ببيان مجلس الأمن الدولي. وأكد «دعوة مختلف الأطراف للتهدئة، والتوقف عن إصدار قرارات والقيام بتصرفات من شأنها زعزعة الاستقرار، وتعميق الانقسام المؤسسي وتقويض الثقة بين الليبيين».

من جهته، نفى مصدر بالمجلس الرئاسي، لوسائل إعلام محلية، صحة بيان منسوب للمجلس، يعيد تكليف الصديق الكبير، المحافظ السابق للمصرف، في منصبه مجدداً، علماً بأن الكبير فر إلى خارج البلاد، مدعياً تلقيه تهديدات من مجموعات مسلحة، لم يحددها.

اجتماع نجل حفتر مع رئيس المجلس الحاكم في النيجر (القوات البرية بالجيش الوطني)

في غضون ذلك، أعلنت الإدارة الجديدة للمصرف استعادة العمل بجميع الأنظمة المستخدمة، بينما شدد محافظه المكلف، عبد الفتاح عبد الغفار، خلال اجتماعه مع مسؤولي المصرف، على ضرورة رفع وتيرة العمل في كل الإدارات بكفاءة عالية، لإنجاز الملفات في أسرع وقت ممكن، وتعهد بأن تعمل إدارة المصرف على حلحلة كل العراقيل التي تواجه العمل المصرفي.

إلى ذلك، قال الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، إنه اجتمع، اليوم (السبت)، باعتباره مبعوثاً لوالده، ورئيس القوات البرية بالجيش، مع عبد الرحمن تشياني، رئيس المـجلس الحاكم في النيجر لتنسيق التعاون الثنائي بين الجانبين، ضمن جولة تشمل عدداً من الدول الأفريقية لتعزيز التعاون وأمن الحدود.

لقاء حماد مع الرئيس التشادي في إنجامينا (حكومة الاستقرار)

وكان أسامة حماد، رئيس حكومة الاستقرار، قد أوضح أن رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، الذي التقاه مساء الجمعة بالعاصمة إنجامينا، أشاد بالمشير خليفة حفتر، ودعمه اللوجيستي لبلاده في تأمين الحدود المشتركة، ومكافحة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة» والجريمة المنظمة بما يحمي السلم والاستقرار في البلدين الجارين.