الساحل «الطيب» و«الشرير»... منتجعات سياحية مصرية تعكس الفروق الطبقية

الساحل «الطيب» و«الشرير»... منتجعات سياحية مصرية تعكس الفروق الطبقية
TT

الساحل «الطيب» و«الشرير»... منتجعات سياحية مصرية تعكس الفروق الطبقية

الساحل «الطيب» و«الشرير»... منتجعات سياحية مصرية تعكس الفروق الطبقية

«طيب» و«شرير»... وضع مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي في مصر هذين التصنيفين للمنتجعات السياحية في الساحل الشمالي للبلاد على البحر المتوسط وفقاً لمعايير؛ منها أسعار السلع والخدمات والمستويات الاقتصادية والاجتماعية لرواد هذه المنتجعات، وهما تصنيفان ينذران بالخطر، وفقاً لخبراء.

وانتشرت في الآونة الأخيرة مقاطع فيديو لشخصيات عامة ومشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقدون الارتفاع الكبير في الأسعار، والابتعاد عن عادات وتقاليد المجتمع، في هذه المنتجعات السياحية التي اعتاد الكثير من المصريين قضاء إجازاتهم الصيفية فيها، وفقا لما اوردته وكالة أنباء العالم العربي.

وكتب المخرج السينمائي خالد يوسف في حسابه على «فيسبوك»: «بجد ومش تحيز لبلدنا ده واحد من أجمل شواطئ العالم... بس يا خسارة الحلو ميكملش، لأنه واحد من أغلى شواطئ العالم في تكلفة الإقامة والمعيشة لدرجة أني أكاد أجزم أنه لا يستطيع الاستمتاع به إلا 5 في المائة من أهل مصر».

وتنتشر المنتجعات السياحية على ساحل البحر المتوسط من غرب الإسكندرية، ثاني كبرى المدن المصرية، إلى حدود محافظة مطروح في شمال غرب البلاد. وتتميز هذه المنطقة الساحلية، التي يبلغ طولها 265 كيلومتراً، بمياهها النقية وتزدهر خلال أشهر الصيف من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول).

ويتراوح إيجار المنازل الصيفية بين ألفي جنيه و10 آلاف جنيه لليلة الواحدة في منتجعات ما يطلق عليه المصريون «الساحل الطيب»، وهي المنطقة الممتدة من حدود الإسكندرية وحتى منتصف المسافة تقريباً إلى مطروح على ساحل البحر المتوسط، بينما يتراوح إيجار الوحدات بين 8 آلاف و50 ألف جنيه لليلة الواحدة في منتجعات «الساحل الشرير».

وعزا أمير عبد التواب، صاحب إحدى الشركات العقارية، التفاوت في الأسعار إلى الإقبال الكبير على منتجعات الساحل الشمالي الجديدة، التي تبدأ من بعد قرية الدبلوماسيين السياحية وحتى مطروح.

وقال عبد التواب لوكالة أنباء العالم العربي (AWP): «هناك إقبال كبير من المصريين والعرب على هذه القرى، وهناك بعض الشركات التي تتعمد رفع الأسعار حتى تجذب أبناء الطبقات الغنية فقط».

وأضاف: «المنطقة القديمة من الساحل الشمالي عادة ما يرتادها أبناء الطبقات المتوسطة الذين يتمسكون بعادات وتقاليد المجتمع».

ولا يرى محمد الجمال، الذي يقضي إجازته الصيفية في الساحل الشمالي، أن المشكلة ليست في ارتفاع الأسعار في المنتجعات الموجودة في الجزء المعروف باسم «الساحل الشرير»، ولكن في كونها غير مناسبة للعائلات.

وقال الجمال لوكالة أنباء العالم العربي: «نستمع نحن العائلة هنا بعيداً عن الانفتاح الكبير، بعض القرى تفرض نوعاً معيناً من لباس البحر الذي لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا».

حفلة الفنان تامر حسني في الساحل الشمالي (أرشيفية - فيسبوك)

* مؤشر خطير

رغم تناول الأمر بطريقة ساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ترى سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن هذه التصنيفات الطبقية تعد مؤشراً خطيراً على عدم رضا بعض المصريين عن وضعهم الاقتصادي.

وأبلغت وكالة أنباء العالم العربي: «هذه الحالة ناتجة عن غياب الدور التربوي للأسرة ووسائل الإعلام، والاعتماد بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها أحد مصادر الحصول على المعلومات التي تشكل قيمنا الخاصة».

وأضافت: «منذ عشرات السنين هناك مناطق تقتصر على الأغنياء وأخرى للطبقتين المتوسطة والفقيرة، لكن الجديد هو الجدل والمكايدة التي يروج لها بعض مرتادي ما يطلق عليه الساحل الشرير».

تعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة وشحاً في العملات الأجنبية، وفقدت عملتها المحلية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار منذ مارس (آذار) 2022، وارتفع التضخم بصورة حادة بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصادها، ليسجل 35.7 في المائة على أساس سنوي في يونيو.

وفي خضم هذه الأزمة الاقتصادية، توجد طبقة من الأثرياء استفادت بصورة كبيرة، وفقاً لرشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية.

وقال عبده لوكالة أنباء العالم العربي: «في حالة الانفلات التي تعاني منها الأسواق، وعدم توافر السلع والخدمات وتحديد سعرها وفقاً للعرض والطلب دون تدخل من الدولة، زادت معاناة الطبقة المتوسطة، وارتفعت مكاسب طبقة الأغنياء من التجار ورجال الأعمال».

وأشار رئيس المنتدى الاقتصادي إلى أن «هناك مخاوف من انتقال ظاهرة الارتفاع الكبير في الأسعار إلى باقي قرى الساحل الشمالي في ظل عدم وجود رقابة من الدولة... ليُحرم غالبية المصريين من قضاء وقت مع أسرهم على شواطئ البحر المتوسط».


مقالات ذات صلة

مصر تُعزّز حضورها الأفريقي بالتوسع في مشروعات المياه

شمال افريقيا وزير الري المصري يستعرض موقف مشروعات التعاون بين مصر ودول حوض النيل (وزارة الري المصرية)

مصر تُعزّز حضورها الأفريقي بالتوسع في مشروعات المياه

تعزز مصر حضورها الأفريقي بالتوسع في مشروعات المياه بدول القارة

عصام فضل (القاهرة )
شمال افريقيا مخاوف من تراجع جديد للجنيه أمام الدولار (تصوير: عبد الفتاح فرج)

سؤال 2025 الأبرز في مصر: أين سيذهب الدولار؟

«أين سيذهب الدولار؟» سؤال بات متكرراً في أوساط مصرية عدة، وسط مخاوف من تراجع جديد للجنيه أمام العملة الأميركية؛ ما ينذر بمزيد من الغلاء وارتفاع الأسعار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا في مثل هذا التوقيت من كل عام يتجدد جدل تهنئة المسيحيين بالأعياد (المركز الإعلامي للأزهر)

شيخ الأزهر يزور تواضروس وسط جدل متكرر حول «تهنئة المسيحيين» بالأعياد

زار شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بابا الإسكندرية، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، البابا تواضروس الثاني، في مقر الكاتدرائية المرقسية الكبرى بحي العباسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السفارة السورية بالقاهرة أعلنت عن تيسيرات لأعضاء الجالية الراغبين في مغادرة مصر (مؤسسة سوريا الغد)

مصر: اشتراطات جديدة بشأن دخول سوريين

في حين وضعت مصر اشتراطات جديدة بشأن «دخول سوريين إلى البلاد»، أعلنت السفارة السورية في القاهرة، الخميس، عن «تيسيرات» لأعضاء الجالية الراغبين في مغادرة مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس» أثار قلقاً في مصر (الشرق الأوسط)

مصر: ما إجراءات الوقاية من «متلازمة فيكساس» المناعية؟

أعلن فريق مصري من كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة عن تشخيص أول حالة مرضية مصابة بـ«متلازمة فيكساس».

محمد السيد علي (القاهرة )

إطلاق «حوافز» جديدة لعودة «سوريي مصر» إلى بلادهم

أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)
أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)
TT

إطلاق «حوافز» جديدة لعودة «سوريي مصر» إلى بلادهم

أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)
أحد مراكز التعليم السورية في مصر (مؤسسة سوريا الغد)

أعلنت سفارة دمشق في القاهرة، السبت، عن «حوافز» جديدة لعودة «سوريي مصر» إلى بلادهم، من بينها التصديق على وثائق العودة مجاناً، وتمديد صلاحية جوازات السفر، في وقت قدّمت فيه الحكومة المصرية «طائرة مساعدات» إلى سوريا.

ووفق أعضاء من الجالية السورية في مصر، فإن «الحوافز الجديدة ستساعد على عودة مزيد من السوريين إلى بلادهم».

وقررت السفارة السورية في القاهرة، السبت، «التصديق على وثائق العودة للسوريين المقيمين بمصر مجاناً»، إلى جانب «استمرار تمديد صلاحية جوازات السفر منتهية الصلاحية مجاناً لستة أشهر، ولمرة واحدة»، وقالت، في إفادة لها، إن ذلك يأتي مع «منح تذاكر المرور للعودة إلى البلاد مجاناً».

وكانت سفارة دمشق قد أعلنت، الخميس، عن «منح تذاكر مرور مجانية للعودة إلى سوريا».

وتُشكل التسهيلات الجديدة المُعلنة من السفارة السورية حوافز جيدة لكثير من السوريين في مصر للعودة إلى بلادهم، وفق تقدير الرئيس السابق لـ«رابطة الجالية السورية» في مصر، راسم الأتاسي، مشيراً إلى أن «عدداً كبيراً من أعضاء الجالية السورية لديهم رغبة في العودة إلى البلاد، لكن لا يمتلكون الإمكانات المالية التي تسمح بتأمين رحلة السفر».

جانب من إحدى فعاليات الجالية السورية بمصر (مؤسسة سوريا الغد)

وارتفع عدد السوريين المقيمين في مصر، خلال العقد الماضي، إلى نحو مليون ونصف المليون سوري، وفق تقدير المنظمة الدولية للهجرة، بينهم نحو 153 ألف لاجئ مسجلين في «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين».

الأتاسي تحدّث عن مجموعة من العقبات والتحديات، التي تعوق عودة كثير من السوريين المقيمين بمصر، منها «عدم القدرة على دفع قيمة رسوم تجديد جوازات السفر المنتهية الصلاحية، ومخالفات الإقامة بمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الأسر «تهدّمت منازلها، ومن الصعب عودتها حاليّاً، رغم أن المناخ الحالي بسوريا يسمح بعودة المهاجرين».

ووفق الرئيس السابق لـ«رابطة الجالية السورية» في مصر، فإنه يتوجّب على السوريين الراغبين في العودة إلى ديارهم إنهاء مجموعة من الإجراءات قبل السفر، بدايةً من تحديث جوازات السفر المنتهية، إلى جانب «غلق ملف اللجوء»، للمسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين، أو «تسوية الأوضاع القانونية للوافدين المخالفين لاشتراطات الإقامة، أو الذين انتهت فترة إقامتهم دون تجديد».

من جهته، يرى مسؤول «الائتلاف الوطني السوري» في القاهرة، عادل الحلواني، أن حوافز السفارة السورية «سوف تدعم غير القادرين من الجالية الذين يريدون العودة للبلاد مرة أخرى»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفترة الماضية شهدت روابط ومؤسسات السوريين في مصر شكاوى من شبان سوريين لعدم قدرتهم على تأمين تكلفة رحلات العودة للبلاد»، مشيراً إلى أن منح الإدارة الجديدة في سوريا وثائق السفر بالمجان «سيساعد كثيرين منهم على العودة».

ووفق الحلواني، فإن عدداً كبيراً من الشبان الذين جاءوا إلى مصر، هرباً من التجنيد الإجباري وقت نظام بشار الأسد، لديهم «رغبة كبيرة للعودة حالياً، مع شرائح الأسر التي لا تمتلك تمويلاً كافياً للإقامة»، مشيراً إلى جهود تبذلها الجمعيات الخيرية التابعة للسوريين بمصر لدعم الراغبين في العودة للبلاد.

طائرة مساعدات إنسانية من مصر إلى سوريا (الخارجية المصرية)

وبموازاة ذلك، قدّمت الحكومة المصرية طائرة مساعدات إنسانية إلى سوريا، السبت، محملة بنحو 15 طناً من المساعدات الإغاثية والأدوية والأغذية. وقالت وزارة الخارجية المصرية، في إفادة لها، إن المساعدات «مقدمة من الهلال الأحمر المصري لنظيره السوري»، مضيفة أن «خطوة المساعدات تستكمل جهود القاهرة الداعمة للشعب السوري على مدار السنوات الماضية، ومنها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين السوريين».

وباعتقاد الرئيس السابق لـ«رابطة الجالية السورية» في مصر، فإن خطوة المساعدات المصرية «تُعزز من العلاقات الشعبية بين البلدين»، إلى جانب أنها «تُشكل بادرة جيدة للوصول إلى تفاهمات بين القاهرة والإدارة الجديدة في سوريا»، مشيراً إلى أن هذه التحركات «تدعم العلاقات المصرية - السورية، ومردودها إيجابي على مستوى التعاون».

والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي مع نظيره السوري، أسعد الشيباني، وقوف بلاده «بشكل كامل مع الشعب السوري، ودعم تطلعاته المشروعة»، وأشار إلى «أهمية دعم الاستقرار في سوريا، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ووحدة وسلامة أراضيها»، وفق «الخارجية المصرية».