الجزائر: وكالة الأنباء الحكومية تشن حملة على «فرانس 24»

وصفتها بـ«قناة الفوضى» بسبب تعاطيها مع أزمة حرائق الغابات

«فرانس 24» صوّرت مواطنين وهم يواجهون النيران من دون معدات (أ.ب)
«فرانس 24» صوّرت مواطنين وهم يواجهون النيران من دون معدات (أ.ب)
TT

الجزائر: وكالة الأنباء الحكومية تشن حملة على «فرانس 24»

«فرانس 24» صوّرت مواطنين وهم يواجهون النيران من دون معدات (أ.ب)
«فرانس 24» صوّرت مواطنين وهم يواجهون النيران من دون معدات (أ.ب)

حملت وكالة الأنباء الجزائرية، في مقال نشرته ليل أمس (الخميس)، بشدة على قناة «فرانس 24» الفرنسية، بحجة أنها «تنشر الأكاذيب»، ووصفتها بـ«قناة الفوضى» بسبب تعاطيها «غير الموضوعي»، حسبها، مع الحرائق التي ضربت شرق الجزائر الأسبوع الماضي، والتي خلفت 40 قتيلاً وخسائر مالية كبيرة ودماراً في الغطاء النباتي.

وأقحمت الوكالة الحكومية الجزائرية السلطات الفرنسية في هجومها، بما ترك انطباعاً قوياً بأنها تتحدث باسم أعلى السلطات في البلاد، حيث عادت إلى الانتقادات التي طالت منصات الإعلام الاجتماعي ونشطاءها في فرنسا، بشأن قضية مقتل الشاب نائل أواخر الشهر الماضي، وما تبعها من مظاهرات ومواجهات عنيفة بين شباب غاضب وقوات الأمن.

مقال وكالة الأنباء الجزائرية ضد «فرانس 24» (الشرق الأوسط)

ووفق الوكالة الجزائرية، فإن باريس، من خلال قناة «فرانس 24» التابعة لوزارة خارجيتها، ضخمت الأحداث المرتبطة بالحرائق بمحافظة بجاية، شرق البلاد، بينما عابت على وسائط التواصل الاجتماعي «تهويلاً» في قضية نائل، وما انجر عنها من عنف.

وقالت الوكالة: «في الوقت الذي تحترق فيه معظم مناطق حوض المتوسط، التي تفترسها ألسنة النيران بشكل غير مسبوق، مخلفة خسائر بشرية في كل من اليونان وإيطاليا وكورسيكا وإسبانيا والجزائر، لم تجد قناة (فرانس 24) المبتذلة والمشينة إلا الجزائر هدفاً لها كعادتها، دون أدنى احترام لأرواح الضحايا، وكأن الحرائق لم تطل سوى الجزائر دون غيرها، مع أن كثيراً من دول حوض المتوسط تحترق بسبب درجات حرارة قياسية».

وأضافت الوكالة موضحة أن القناة الإخبارية الفرنسية «تتلقى الأوامر بخصوص الجزائر من أحد المقربين من قصر الإليزيه، المعروف بصلته الأكيدة مع منظمة الماك الإرهابية»، وهو اسم مختصر لتنظيم «حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل» الجزائرية، الذي سبق أن اتهمته الحكومة بإضرام النار في غابات منطقة القبائل عام 2021.

ولم تذكر الوكالة الجزائرية من هو الشخص «المقرب من الإليزيه» الذي أشارت إليه، كما لم توضح ماذا بثّت «فرانس 24» بالتحديد، وكان سبباً في سخطها. غير أن صحافيين جزائريين تداولوا اليوم عبر حساباتهم بالإعلام الاجتماعي تقريراً نشرته القناة على موقعها الثلاثاء الماضي، تناول الوضع العام بالمحافظات، التي طالتها الحرائق، وخصوصاً بجاية التي وقعت بها أكثر الخسائر.

وتضمن التقرير فيديوهات تظهر، كما ورد في التعليق، مواطنين وهم يواجهون النيران من دون معدات، وفي بعض الأحيان بواسطة أغصان الأشجار، كما كانت الحال في قرية آيت صالح في بجاية.

مواطن يتفقد منزله بعد أن أتت عليه النيران (إ.ب.أ)

كما أوضح «انتشار فيديوهات وصور على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر ألسنة النيران، وهي تلتهم المنازل والغابات وسكان القرى، وهم يركضون بحثاً عن أماكن آمنة تتوفر فيها المياه. كما انتشرت تعليقات غاضبة تنتقد ما سماه أصحابها جمود السلطات الجزائرية».

ونقل التقرير «تساؤل أحد الرواد، يدعى سفيان بن يونس، بلهجة غاضبة؛ أين هي طائرات إطفاء الحرائق التي وعدنا بها تبون؟»، وأضاف مجيباً على سؤاله: «لقد استوردوا الهواء ونسوا الطائرات. أسرعوا... فالجزائر تحترق!».


مقالات ذات صلة

السيطرة على حرائق غابات مدمّرة قرب لوس انجليس

الولايات المتحدة​ رجل إطفاء يوجه خرطوم مياه نحو النار في منزل دمّره حريق «ماونتن فاير» قرب لوس أنجليس (أ.ف.ب)

السيطرة على حرائق غابات مدمّرة قرب لوس انجليس

بدأ رجال الإطفاء السيطرة على حريق غابات استعر قرب مدينة لوس انجليس الأميركية وأدى إلى تدمير ما لا يقل عن 132 مبنى.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
المشرق العربي زراعة 3 آلاف غرسة في غرب حمص أواخر العام الماضي قام بها طلبة متطوعون (مواقع)

موجة حرائق تلتهم مساحات واسعة من قلب سوريا الأخضر

صور الحرائق في سوريا هذه الأيام لا علاقة لها بقصف حربي من أي نوع تشهده البلاد وجوارها، بعيدة عن الاهتمام الإعلامي وقريبة من ساحات الحرب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ رجال الإطفاء يخمدون حريقاً  ألحق أضراراً بالعديد من المباني في أوكلاند بكاليفورنيا (رويترز)

كاليفورنيا: المئات يخلون منازلهم بسبب حريق غابات

أعلن مسؤول في إدارة الإطفاء الأميركية إنه تم إصدار أوامر للمئات من سكان شمال ولاية كاليفورنيا بإخلاء منازلهم في أحد أحياء مدينة أوكلاند بسبب حريق ينتشر سريعاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أميركا اللاتينية دخان الحريق يتصاعد في تلال تينغوا (أ.ف.ب)

جهود مضنية لمكافحة آلاف الحرائق في البرازيل

تواصل البرازيل مكافحة عشرات آلاف الحرائق التي يغذيها أسوأ جفاف تشهده البلاد حيث أصبحت مدن كبرى مثل ريو دي جانيرو وساو باولو، مهددة.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو)

مصر تُعمّق علاقاتها الأفريقية باتصالات ومشاورات متنوعة

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي يستقبل وزير الخارجية والتعاون الإقليمي لجمهورية بوركينا فاسو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي يستقبل وزير الخارجية والتعاون الإقليمي لجمهورية بوركينا فاسو (الخارجية المصرية)
TT

مصر تُعمّق علاقاتها الأفريقية باتصالات ومشاورات متنوعة

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي يستقبل وزير الخارجية والتعاون الإقليمي لجمهورية بوركينا فاسو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي يستقبل وزير الخارجية والتعاون الإقليمي لجمهورية بوركينا فاسو (الخارجية المصرية)

تتواصل اتصالات ومشاورات مصرية - أفريقية بين مختلف جوانب القارة السمراء شملت جيبوتي شرقاً، وبوركينا فاسو غرباً وجنوب أفريقيا، والكونغو والكاميرون وسطاً، تناولت التعاون وإقامة مشروعات ثنائية ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن.

خبراء في الشؤون الأفريقية تحدثوا مع «الشرق الأوسط» يرون أن تلك المشاورات والاتصالات تأتي في إطار دور مصري «يتعاظم ويتنامى، لا سيما عبر دبلوماسية التنمية» بالقارة السمراء في مسارات ثلاثة «تنموية اقتصادية وسياسية وعسكرية أمنية»، وأكدوا أن هذا التوجه المصري بات استراتيجياً و«سيعمَّق» علاقات مصر بالقارة بشكل غير مسبوق وسيحمل فائدة متبادلة بين الجانبين في مختلف المجالات.

وشهد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، وسفير جيبوتي، أحمد بري، توقيع مذكرة تفاهم، الجمعة، بشأن التعاون بين الجانبين في مجال تطوير المواني وإنشاء الطرق وإقامة منطقة لوجيستية وإنشاء محطات للطاقة الجديدة والمتجددة بجيبوتي، وفق بيان صحافي لوزارة النقل المصرية.

وذلك التوقيع ينضم إلى مشاورات مصرية - أفريقية، أجريت على مدار الـ24 ساعة الأخيرة، وفق إفادات لـ«الخارجية والهجرة المصرية»، الجمعة.

وأجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً مع نظيره بالكونغو، جان كلود جاكوسو، مشيراً إلى «حرص مصر على تطوير أطر التنسيق القائمة في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية بين البلدين»، معرباً عن استعداد مصر لنقل الخبرات المصرية لدعم الكونغو في تفعيل خطة التنمية الوطنية 2022 - 2026 والتي تشمل قطاعات عدة، في مقدمتها الزراعة، والسياحة، وتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة.

جانب من توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وجيبوتي بشأن التعاون في مجال تطوير المواني وإنشاء الطرق (النقل المصرية)

كما استقبل الوزير عبد العاطي، نظيره ببوركينا فاسو، كاراموكو تراوري، الخميس، في القاهرة؛ لبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب، مشيراً إلى «استعداد مصر لتصدير المنتجات المصرية التي تلبي احتياجات السوق البوركينية»، لافتاً إلى نشاط الشركات المصرية المتصاعد في أفريقيا، خصوصاً بمجالات البناء والتشييد، والأدوية، ومحطات توليد الكهرباء.

وتناول عبد العاطي مع تراوري «تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل ومنطقة بحيرة تشاد من قِبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المتواجدة في غرب أفريقيا»، مشيراً إلى «دعم مصر الثابت لجهود بوركينا فاسو في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار، من خلال دعم القدرات المؤسسية الوطنية، وتدريب الكوادر الأمنية والشرطية البوركينية في إطار الدورات التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية». كما تلقى وزير الخارجية والهجرة المصري، اتصالاً هاتفياً من وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، رونالد لامولا، لتعزيز العلاقات الثنائية وتعميق أطر التعاون على المستويين السياسي والاقتصادي.

في سياق ذلك، التقى وزير الإسكان المصري، شريف الشربيني، الجمعة، وزيرة الإسكان والتنمية الحضرية بالكاميرون، سيليستين كيتشا، لعرض التجربة العمرانية المصرية، وبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، وفق بيان لوزارة الإسكان المصرية.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير صلاح حليمة، يرى أن الدور المصري في ضوء تلك المشاورات الحديثة وما سبقها من خطوات «يتنامى ويتوسع ويتعمق في أفريقيا عبر مسارات ثلاثة أمنية عسكرية وسياسية وتنموية واقتصادية»، لافتاً إلى أن هذا يكشف توجهاً مصرياً ثابتاً واستراتيجياً في تعظيم التعاون الثنائي مع الدول الأفريقية.

وتقوم تلك العلاقات على بحث تسويات الأزمات بالقارة بالمسار السياسي وكيفية إقامة مشاريع التنمية على مستوى المسار التنموي، فضلاً عن مواجهة الإرهاب وتعزيز الأمن بالمسار الأمني العسكري، كما رأينا في تحركات مصر مع دول عدّة أحدثها مع الصومال بتوقيع اتفاق دفاعي أغسطس (آب) الماضي، وفق صلاح حليمة، وهو نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية».

وبرأي الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن «سياسة مصر الخارجية خلال حقبة السنوات القليلة الماضية تقوم على استراتيجية واضحة ومحددة، وهي التحصين عبر التنمية لتعزيز الأمن القومي»، لافتاً إلى أن «القاهرة تجد نفسها أمام تحديات أمنية كبيرة وخطيرة، تجعلها تفكر في جميع الاتجاهات لفتح نوافذ إسعافية ضرورية قد تحتاج إليها في حال واجهت المنطقة الأفريقية أي تعقيدات أمنية كبيرة، أو في حال تفاقمت أزمة كثير من الملفات العالقة بين دول منطقة حوض النيل تحديداً فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي». ويعتقد أن «التركيز المصري في آلية الحضور الأفريقي، يأتي من خلال تكثيف التفاهمات وإبرام اتفاقيات التعاون بين القاهرة وعدد من العواصم الأفريقية».

نائب وزير الخارجية المصري يستقبل وزيرة الدولة للشؤون الحضرية في الكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

وتشكّلت ملامح الدور المصري في أفريقيا منذ الستينات، مع دعم جهود التحرر ببعض دول القارة السمراء التي كانت تحت الاستعمار، ثم ابتعدت مصر قليلاً في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، وشهدت خفوتاً في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، عقب محاولة اغتياله في أديس أبابا في 1995، وتتحوّل غياباً لافتاً بانشغال مصري داخلي مع اضطرابات واندلاع أحداث 2011 و2013، انتهى بتجميد عضوية مصر بالاتحاد الأفريقي.

ومع تولّى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في صيف 2014، رئاسة البلاد، بدأت مصر مسار استعادة العلاقات بالقارة السمراء، وأعادت عضويتها بالاتحاد الأفريقي. وخلال العقد الأخير، تنوعت أدوار التعاون المصرية في أفريقيا بين تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية، وأعمال الطرق والكباري، والمشروعات السكنية، والصحية، وحفر عدد من الآبار الجوفية، وإقامة السدود ومحطات توليد الكهرباء في دول أفريقية عدّة، منها تنزانيا، وعقد بروتوكولات عسكرية مع السودان، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، ونيجيريا، وحديثاً مع الصومال، واتفاق على إرسال قوات مصرية للمشاركة في قوات حفظ السلام بمقديشو يناير (كانون الثاني) 2025.

حليمة يرى أن كل التحركات المصرية، تدعم مرحلة مهمة واستراتيجية ثابتة تهدف لتعظيم وتنامي المسارات الثلاثة كافة، في مختلف الجوانب، بما يصل في النهاية لتعميق الحضور المصري والشراكات بأفريقيا.

ويتوقع الحاج أن «ترتفع حظوظ مصر بشكل مميز ومختلف نوعاً وكماً في طبيعة وجودها الأفريقي عبر ما يعرف بـ(دبلوماسية التنمية)».

وبرأي الحاج، فإنه «على الرغم من أن التنمية مع الدول الأفريقية، تواجه تحديات تتمثل في طبيعة الحروب الأهلية والصراعات السياسية ذات الطابع المسلح في عدد من دول المنطقة، فضلاً عن تفشي الفقر والأمراض والكوارث الطبيعية، فإن سر النجاح في إحداث اختراقات إيجابية في مضمار التعاون التنموي، يكمن في مدى جدية الدولة المصرية في عملية بعث قدراتها وإمكاناتها التاريخية القديمة وتحويلها منصة انطلاق جديدة بمفاهيم أكثر حداثة لتغيير وجهة تاريخ القارة السمراء نحو مستقبل آمن وأكثر تعاوناً وتشاركية».