الجزائر: توقيف 3 أشخاص بشبهة إشعال النار عمداً في غابات سكيكدة

محافظات الشرق شيعت موتاها إثر الحرائق المهولة التي ضربتهم

بعض سكان بلدة طبرقة يحاولون إخماد النيران بعد أن اقتربت من منازلهم (أ.ف.ب)
بعض سكان بلدة طبرقة يحاولون إخماد النيران بعد أن اقتربت من منازلهم (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: توقيف 3 أشخاص بشبهة إشعال النار عمداً في غابات سكيكدة

بعض سكان بلدة طبرقة يحاولون إخماد النيران بعد أن اقتربت من منازلهم (أ.ف.ب)
بعض سكان بلدة طبرقة يحاولون إخماد النيران بعد أن اقتربت من منازلهم (أ.ف.ب)

أعلن النائب العام بمحكمة الاستئناف بمحافظة سكيكدة الجزائرية (550 كلم شرق)، في بيان عن توقيف 3 أشخاص، اليوم الثلاثاء، يشتبه بأنهم أشعلوا النيران بغابة محافظة سكيكدة، موضحاً أنه جرى تقديم أحدهم إلى النيابة بمحكمة القل (مدينة مجاورة)، بينما أحيل الاثنان الآخران إلى «قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» بمحكمة العاصمة، وفق البيان، الذي لم يذكر تفاصيل أخرى.

وبعد اندلاع الحرائق بغابات الولاية، فُتح تحقيق ابتدائي لمعرفة الأسباب، وأُوقف الفاعلون بعد أن أسفرت التحريات عن توقيف 3 مشتبه فيهم، وقُدّم مشتبه فيه أمام نيابة محكمة القل، بينما قُدم المشتبه فيهما الآخران أمام نيابة محكمة الحروش، ليتم التخلي عن الملفين لفائدة قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمحكمة سيدي امحـمد بالجزائر العاصمة.

ووفق تقرير نشره الدفاع المدني في الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم بالتوقيت المحلي، جرى إحصاء 15 حريقاً في 8 محافظات، هي بجاية وسكيكدة وجيجل والبويرة وتبسة وسطيف والطارف، بشرق البلاد، وفي المدية بالوسط الغربي.

أسرة جزائرية داخل منزلها في بجاية بعد أن التهمته النيران (رويترز)

وأكدت وزارة الداخلية في حصيلة أولية أن عدد القتلى 25، لكن تبين لاحقاً أن عددهم 34. وقد فقد الكثير من سكان البلدات المتضررة، الاتصال بذويهم وجيرانهم لانقطاع شبكة الهاتف.

وشيعت بلدات ولاية بجاية (شرق)، اليوم الثلاثاء موتاها، الذين قضوا في الحرائق المستعرة التي ضربت المنطقة ليل الأحد، واستمرت إلى الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين. بينما بلغ عدد ضحايا النيران التي أتت على محافظات عدة 34 زيادة على مئات الجرحى.

ووقف سكان المناطق المنكوبة على حجم الخسائر، التي لحقت بالبيوت والمزارع، في جو جنائزي كئيب، وسط تضامن واسع من كل مناطق البلاد، حتى التي تضررت من النيران، لكن لم تشهد خسائر في الأرواح.

سيارات التهمتها النيران في بجاية (رويترز)

ويروي أحد الناجين من هول الكارثة أنه فقد 16 من عائلته وأبناء عمومته، من بينهم والدته المسنة. مؤكداً في صور فيديو تداولها ناشطون في منصات الإعلام الاجتماعي، أن النيران باغتتهم وهم في بيوتهم بقريتهم بأعالي بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، مبدياً حسرة كبيرة على المصير الذي آلت إليه المنطقة، التي تحولت إلى أرض قاحلة بعدما كان يكسوها الغطاء النباتي والغلال منتشرة بها.

وبدوره، قال جاره وهو يبكي حرقة على الوضع المأساوي: «كان لدي حقل به 100 شجرة مثمرة، هي مصدر رزقي أنا وأولادي... أمضيت سنوات وأنا أعتني به، وأنفقت عليه أموالاً طائلة. لكن الآن كل شيء انتهى». مشيراً إلى أنه حاول مواجهة النيران بخراطيم المياه، «لكن ضراوتها وسرعة انتشارها، كانتا أكبر من أن تحتويها وسائل بسيطة».

وعلى عكس الكثير من أبناء قريته ممن فقدوا أفراداً من عائلاتهم، يمكن لصاحب الحقل أن يعد نفسه «محظوظاً»، لأنه تمكن من الهرب مع زوجته وأبنائه من ألسنة اللهب، عندما وصلت إلى بيته، فألحقت به أضراراً كبيرة.

عائلة تتأمل بقايا منزلها المحترق في بلدة واد داس في بجاية (إ.ب.أ)

وأبدى كثير ممن تكبدوا خسائر جراء النيران غضباً من ضعف الإمكانات الخاصة بمواجهة الحرائق، محلياً. كما أكد بعضهم في شهادات للصحافة بأن فرق الإنقاذ وصلت «بعد فوات الأوان»، أو لم تأت أصلاً في بلدات أخرى. كما تساءل آخرون عن «مصير» وعود الحكومة بشراء طائرات إخماد النيران، قبل عامين، عندما أكلت الحرائق محافظات بالشرق، مخلَفة 42 قتيلاً ودماراً هائلاً في الأملاك.

ونشر شباب جمعيات ثقافية ببجاية صوراً مروعة عن مواقع سياحية وهي تحترق، أهمها «شلالات كفريدة» في مدينة درقينة، وفي المنطقة الغابية المطلة على بني كسيلة، وهي أحد أجمل سواحل بجاية. كما جرى تداول صور زيامة منصورية الساحرة بمناظرها الطبيعية، بمحافظة جيجل المجاورة، التي بات لونها رمادياً، واختفت زرقة السماء التي تميزها طوال أشهر السنة، خصوصاً فصل الصيف، حيث يأتي سكان المحافظات للاستمتاع بجمالها وجوها المعتدل.

وأصيب كثير ممن نجوا من اللهب المستعر، ليل الأحد، باختناق من شدة الحر والدخان الكثيف المنبعث من الغابات. ونُقل العديد منهم إلى مستشفيات ومصحات المحافظة، البعض منهم غادرها مساء أمس بعد تلقي الإسعافات، بينما تطلبت حالة آخرين إبقاءهم تحت المراقبة الطبية.

وناشد الدفاع المدني المصطافين ممن جاءوا من محافظات أخرى لقاء إجازة الصيف، تحاشي مغادرة بجاية وجيجل أمس، والتزام البيوت التي استأجروها مخافة تشكيل زحمة كبيرة في الطرقات، تتسبب في تعطيل حركة فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف التي ظلت تنقل الجرحى إلى المستشفيات.

وقد أحصت بجاية وحدها 22 قتيلاً، من بينهم 10 جنود وصلت النيران إلى ثكنتهم ببني كسيلة. كما أصيب 25 عسكرياً آخرون بجروح، وفسرت وزارة الدفاع ما حدث، بـ«قوة الرياح التي تسببت في تغيير اتجاه النيران بشكل عشوائي نحو مكان وجود مفرزة الجيش». ونُقل العسكريون الضحايا إلى المناطق التي ينحدرون منها، لدفنهم. وقد كانوا في غالبيتهم ببجاية، يقضون فترة الخدمة العسكرية التي تدوم عاماً.

وشوهدت طائرات متخصصة في إطفاء الحرائق، أمس وهي تحط على شواطىء بجاية لملىء خزاناتها بمياه البحر، ثم التحليق إلى المناطق المنكوبة في الأعالي.


مقالات ذات صلة

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أميركا اللاتينية عنصر إطفاء يحاول إخماد الحريق في حقول قصب السكر قرب مدينة دومون البرازيلية (رويترز)

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أعلنت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا، أمس (الأحد)، أن البرازيل «في حالة حرب مع الحرائق والجريمة»، في وقت أُعلِنت فيه حالة الطوارئ في 45 مدينة.

«الشرق الأوسط» (ريبيراو بريتو (البرازيل))
أميركا اللاتينية انخفاض الرطوبة وارتفاع الحرارة متخطية 35 درجة مئوية يفاقم الظروف المواتية للحرائق (رويترز)

استدعت إصدار أعلى درجات التحذير... حرائق غابات تستعر في البرازيل

امتدت حرائق غابات أمس (الجمعة) في أنحاء ولاية ساو باولو، أكثر ولايات البرازيل اكتظاظاً بالسكان، ما استدعى إصدار أعلى درجات التحذير في 30 مدينة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
شؤون إقليمية حرائق الغابات لا تزال مستمرة في إزمير وسط جهود للسيطرة عليها (إكس)

تركيا تعلن السيطرة على حرائق الغابات بشكل كبير

نجحت السلطات التركية في السيطرة على حرائق الغابات المستمرة منذ أسبوع بصورة كاملة في بعض المناطق، في حين تتواصل الجهود للسيطرة على بقيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية تُظهر خلايا نحل محترقة بعد حريق الغابات في قرية سنجقلي (أ.ف.ب)

الحرائق تحول قرية سنجقلي الخلابة في إزمير التركية إلى جحيم (صور)

كانت قرية سنجقلي توفر منظراً خلاباً من مرتفعات إزمير على ساحل تركيا الغربي، حتى حوّلت ألسنة اللهب أقساماً واسعة منها إلى أثر بعد عين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية منظر عام لمنطقتي بايراكلي وكارشياكا بعد الحريق مع استمرار جهود الإطفاء والتبريد في اليوم الثاني من حريق إزمير الكبير (د.ب.أ)

حريق غابات لا يزال يهدد مناطق سكنية في إزمير التركية

يستمر حريق غابات في تشكيل تهديد لمناطق سكنية في إزمير ثالثة مدن تركيا من حيث عدد السكان.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية». كما أدانت مصر سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية. وشددت على ضرورة احتواء التصعيد العسكري.

واستنكرت مصر في بيان لوزارة الخارجية والهجرة، الأحد، السعي الإسرائيلي المستمر لتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية، والإمعان في استخدام القوة العسكرية المفرطة وعمليات القتل غير القانونية وتجريف الطرق وتدمير البنية التحتية المدنية والمنازل، بالإضافة إلى عمليات الاعتقال وما يصاحبها من تعذيب.

وشددت القاهرة على أن تلك الانتهاكات لا ينبغي أن تمر دون حساب، وأنه على إسرائيل التقيد بالتزاماتها القانونية كقوة احتلال، وحماية أمن السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بدلاً من سعيها المستمر للتصعيد وتأجيج الصراع في الأراضي المحتلة.

كما جددت مصر تحذيرها من مخاطر «سياسة الأرض المحروقة»، التي تستهدف تقويض كل مقومات الدولة الفلسطينية المستقبلية والقضاء على ما يتبقى من أمل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وطالبت الأطراف المؤثرة في المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، بموقف حازم يوقف تلك الممارسات غير الشرعية، ويوفر الحماية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

وفي إفادة أخرى، شددت مصر على «ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للسكان الفلسطينيين بوصفها قوة احتلال، بدلاً من ترويعهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية كافة، من خلال عمليات القتل والاغتيال والاعتقال والتعذيب».

جاء التشديد المصري خلال لقاء وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، الأحد، في القاهرة، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، سيغريد كاغ.

ورحّب الوزير عبد العاطي بالتعاون بين الآلية الأممية و«الهلال الأحمر المصري» فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية المقدمة إلى قطاع غزة عن طريق مصر، مشدداً على أهمية تسهيل عملية إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بالانتهاء من الإجراءات ذات الصلة في أسرع وقت ممكن بعيداً عن العراقيل التي تفرضها إسرائيل، مؤكداً «ضرورة مواصلة إطلاع مجلس الأمن بشفافية وبوضوح على التطورات الخاصة بعمل الآلية ومدى تعاون الدول معها في تنفيذ الولاية التي أوكلها إليها مجلس الأمن، سواء فيما يتعلق بتسهيل دخول المساعدات الإنسانية أو بإنشاء الآلية الأممية».

بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

وحسب المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، أحمد أبو زيد، الأحد، فقد رحّب وزير الخارجية والهجرة المصري بالمسؤولة الأممية في القاهرة، مؤكداً «مواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لها لتمكينها من تنفيذ مهام ولايتها التي نص عليها قرار مجلس الأمن المنشئ لها رقم 2720، والتأكيد على الرغبة المصرية في استمرارها في تنفيذ مهام ولايتها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني».

وأعرب عبد العاطي عن انزعاج مصر الشديد من محاولات تكرار ما يحدث بغزة في الضفة الغربية.

من جانبها، حرصت المسؤولة الأممية على استعراض أبرز الجهود التي بذلتها خلال الفترة الماضية في سبيل تسهيل إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بما في ذلك المشاركة في حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي بدأت، الأحد. وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها الآلية الأممية في ظل استمرار العمليات العسكرية وتدهور الوضع الأمني في القطاع، مشددة على حرصها على التعاون مع مصر خلال الفترة المقبلة لحشد المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية من مجتمع المانحين الدوليين، واتخاذ الترتيبات اللازمة لدخولها القطاع فور سماح الظروف بذلك.