تبون يضبط بوصلة الجزائر على الشرق

يزور الصين بعد شهر من عقد اتفاقات مع روسيا

الرئيس تبون يصافح مستقبليه في بكين (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس تبون يصافح مستقبليه في بكين (الرئاسة الجزائرية)
TT

تبون يضبط بوصلة الجزائر على الشرق

الرئيس تبون يصافح مستقبليه في بكين (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس تبون يصافح مستقبليه في بكين (الرئاسة الجزائرية)

​بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، زيارة إلى الصين، تستمر 5 أيام، بهدف تطوير العلاقات الاقتصادية ومسعى انضمام بلاده إلى مجموعة «بريكس»، وهو الذي كان قد وجَّه، في الفترة الأخيرة، بوصلة الجزائر نحو الشرق، بغرض تنويع شراكاتها السياسية، بعد أن زار منتصف الشهر الماضي روسيا في ظرف سياسي دقيق، تطبعه تداعيات الحرب في أوكرانيا، وإمداد أوروبا بالغاز.

ووصل الرئيس الجزائري إلى بكين قادماً من الدوحة؛ حيث بحث يومي السبت والأحد مع أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في «تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصاد والتجارة والصناعة والطاقة والتكنولوجيا. كما تطرقا إلى المستجدات الإقليمية والدولية»، حسبما جاء في «وكالة الأنباء الجزائرية» الرسمية.

من استقبال تبون في بكين (الرئاسة الجزائرية)

ويرافق تبون إلى الصين، وفد يضم وزراء ورجال أعمال. ووفق أرقام «الديوان الوطني للإحصائيات»، استوردت الجزائر من الصين، بين 2003 و2022، ما قيمته 105 مليارات دولار (من سلع وخدمات). وأكدت الجمارك الجزائرية أن الصين باتت في السنوات الماضية من أهم الشركاء التجاريين. فهي تحتل المركز الأول من حيث تموين السوق الجزائرية بالسلع والخدمات، بقيمة فاقت 9 مليارات دولار سنوياً، وبنسبة تجاوزت 16.5 في المائة من إجمالي واردات الجزائر.

ويتم حالياً العمل على تعزيز الشراكة الجزائرية– الصينية في مجالات الطاقات الجديدة والمتجددة، وبالأخص الطاقة الشمسية الكهروضوئية والهيدروجين، وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الجوفية، إلى جانب مجال تصنيع المعدات، واستغلال الموارد المنجمية المستخدمة في صناعات الطاقة المتجددة.

ويملك البلدان -حسب خبراء اقتصاديين- مؤهلات كبيرة للارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستويات أعلى. فالجزائر تسعى للانضمام إلى مجموعة «البريكس» التي تضم إلى جانب الصين: البرازيل، وروسيا، والهند، وجنوب أفريقيا، وذلك قبل نهاية العام الجاري، حسب تأكيدات الرئيس تبون الذي صرَّح في كثير من المناسبات، بأن الصين وروسيا وجنوب أفريقيا رحبوا بانضمام الجزائر إلى المجموعة.

وكان وزير الشؤون الخارجية الصيني، وانغ يي، قد أعلن ترحيب بلاده بانخراط الجزائر في «بريكس»، وقال إنها «بلد ناشئ كبير، وممثل للاقتصادات الناشئة»، وأن الصين «على استعداد للعمل مع الجزائر، من أجل لعب دور بناء في تحقيق السلم والتنمية عبر العالم».

من استعراض حرس الشرف للرئيس الجزائري (الرئاسة الجزائرية)

ويشار إلى أن العلاقات السياسية الثنائية، القوية منذ فترة الحرب الباردة، تكللت بتوافق استراتيجي بين الدولتين مع انضمام الجزائر إلى «مبادرة الحزام والطريق»، ورفع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة عام 2014.

ووقعت الجزائر والصين، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 «الخطة الخماسية الثانية للتعاون الاستراتيجي الشامل»، في خطوة دلَّت على تكريس اختيار الجزائر لحلفائها، في ظل حالة الاستقطاب العالمي التي أفرزتها الحرب في أوكرانيا، وبخاصة «ورقة الطاقة» التي تملكها وتمنحها هامشاً لـ«اللعب مع الكبار»، حسب الخطاب الرسمي السائد في البلاد حالياً.

وتغطي خطة التعاون الفترة 2022– 2026، وتهدف إلى مواصلة تكثيف التواصل والتعاون بين الجزائر والصين، في كل المجالات، بما فيها الاقتصاد والتجارة والطاقة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا والفضاء والصحة والتواصل الإنساني والثقافي، إضافة إلى تعزيز المواءمة بين استراتيجيات التنمية للبلدين. وأكد الطرفان، عند إطلاقها، أنهما يعتزمان «انتهاز فرصة تنفيذها، لتعميق التعاون العملي بينهما في كافة المجالات، بما يضمن استمرار إثراء مقومات علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وبما يعود بالخير والمنفعة على البلدين والشعبين الصديقين».

وأطلق البلدان «خطة التعاون الخماسية الأولى» في 7 يونيو (حزيران) 2017، وكانت أول تجربة من هذا النوع للصين مع بلد عربي.


مقالات ذات صلة

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (موقع الخارجية الصينية)

الصين تدعو إلى «الهدوء» بعد توسيع بوتين إمكانية استخدام الأسلحة النووية

دعت الصين، الأربعاء، إلى «الهدوء» و«ضبط النفس»، غداة إصدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يوسع إمكانية استخدام الأسلحة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».