ما الفُرص المتاحة للتوافق المصري- السوداني- الإثيوبي في «سد النهضة»؟

عقب عودة الملف لطاولة التفاوض بعد توقف أكثر من عامين

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)
TT

ما الفُرص المتاحة للتوافق المصري- السوداني- الإثيوبي في «سد النهضة»؟

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)

بعد أكثر من عامين على «تعثر» آخر جولة مفاوضات جرت بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» في العاصمة الكونغولية كينشاسا، أبريل (نيسان) 2021، أعاد بيان مصري - إثيوبي (الخميس) الدول الثلاث إلى طاولة المفاوضات مجدداً، وسط تساؤلات حول الفُرص المتاحة، هذه المرة، لبناء توافق بين أطراف الأزمة حول «السد».

وزراء خارجية السودان ومصر وإثيوبيا خلال محادثات كينشاسا أبريل 2021 (رويترز)

وبين مصر والسودان وإثيوبيا، نزاع ممتد لأكثر من عقد، بسبب «السد» الذي تبينه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن «يؤثر على حصتها من مياه النهر».

ووفق البيان المصري الذي صدر عقب مشاورات جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، في القاهرة (الخميس)، فإن البلدين اتفقا على «الشروع في مفاوضات (عاجلة) للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان على ملء (السد)، وقواعد تشغيله». وذكر البيان المصري أن إثيوبيا أكدت «التزامها أثناء ملء (السد) خلال (العام الهيدرولوجي) 2023 - 2024 عدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين».

من جهته، رحب ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بخطوة التوافق على عودة مفاوضات «السد». وكتب عبر حسابه على «تويتر» (الجمعة)، أن «(الاتحاد الأوروبي) لا يزال مستعداً لدعم مثل هذه الجهود التي تفيد ملايين الأشخاص».

ورغم ما يمثله التحرك الأخير لمصر وإثيوبيا من فرصة لـ«تجاوز (الجمود الحالي) في مفاوضات (سد النهضة)»، إلا أن أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، يرى أن «(العام الهيدرولوجي) الذي أشارت إليه إثيوبيا (لا يشمل الوضع الحالي أو الملء الرابع للسد)». يأتي هذا في وقت أشارت تقارير إلى أن «أديس أبابا بدأت (الجمعة) الملء الرابع للسد في عملية تستمر حتى منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل».

كان رئيس الوزراء الإثيوبي قد أكد أخيراً عزم بلاده إجراء «الملء الرابع» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، خلال موسم الفيضان الحالي... وتطالب مصر ومعها السودان، إثيوبيا، بتوقيع «اتفاق ملزم» يستند إلى القانون الدولي، خصوصاً أن النيل هو المورد المائي الرئيسي لمصر.

في حين يرى خبراء ودبلوماسيون سابقون أن هناك «تفاؤلاً حذراً» من استعادة المفاوضات. وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، صلاح حليمة، لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هناك حديثاً بأن يكون الاتفاق مكتوباً فيما يتعلق بعملية الملء والتشغيل، وهذا كان من المطالب الرئيسية لمصر والسودان، وكان هناك نوع من التوافق الدولي، ومن المنظمات الإقليمية، على هذا المطلب».

ويرجح حليمة لعب بعض الدول والمنظمات «دوراً فاعلاً في التفاهمات التي حملت إثيوبيا على ضرورة الاستجابة لهذا المطلب، حتى لا تكون هناك أي أضرار جسيمة، وحتى تتوقف الممارسات (الأحادية) و(سياسة فرض الأمر الواقع) بما قد يجلب نوعاً من زعزعة الاستقرار، ويهدد دولتي المصب».

ومع تشديده على لفظ «التفاؤل الحذر»، أكد حليمة أن «الأمر يقتضي سرعة عقد هذه المفاوضات، والتوافق على عملية الملء والتشغيل، بما يحقق ويطمئن كلاً من مصر والسودان، خصوصاً فيما يتعلق بعملية الملء والتشغيل في فترات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات الشحيحة».

حول نقاط التفاوض المقبلة لمصر والسودان. قال نادر نور الدين لـ«الشرق الأوسط»، إن أهم هذه النقاط «الإصرار على ضمان إثيوبيا حداً أدنى من المياه، يُصرف سنوياً من (السد)، ولا يقل عن 40 مليار متر مكعب سنوياً، من إجمالي 50 مليار متر مكعب، هي متوسط تدفقات النيل الأزرق التي كانت تصل إلى مصر والسودان قبل إنشاء (السد)، وأن توقع إثيوبيا على ذلك».

وتمثل موارد النيل الأزرق المائية لمصر والسودان 60 في المائة من إجمالي تدفقات نهر النيل، إلى جانب 22 مليار متر مكعب من نهري عطبرة والسوباط، و13 مليار متر مكعب من النيل الأبيض»، حسب نور الدين. وتابع أن «إجمالي ما يصل إلى الحدود المصرية يبلغ 84 مليار متر مكعب، يتم اقتسامها مع السودان بواقع 55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، و10 مليارات للتبخير من بحيرة ناصر».

في هذا السياق، أشار نور الدين إلى «تخفيض إثيوبيا عدد توربينات (السد) منذ ثلاث سنوات، من 16 إلى 13 فقط، بانخفاض قدره 20 في المائة، وبالتالي نقص التدفقات المائية من النيل الأزرق بمقدار النسبة نفسها، ما يسمح لإثيوبيا بالاحتفاظ بـ10 مليارات متر مكعب من المياه».


مقالات ذات صلة

التعاون العسكري المصري - الصومالي يصعّد التوترات مع إثيوبيا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة منتصف أغسطس الحالي (الرئاسة المصرية)

التعاون العسكري المصري - الصومالي يصعّد التوترات مع إثيوبيا

عقب إعلان الصومال وصول معدات ووفود عسكرية مصرية، أبدت جارتها الغربية إثيوبيا التي لديها خلافات سابقة مع القاهرة بسبب أزمة «سد النهضة» قلقها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا - إكس)

تحليل إخباري ما خيارات مصر بعد إعلان إثيوبيا قرب اكتمال «سد النهضة»؟

أثار إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، عن قرب اكتمال مشروع «سد النهضة»، على الرافد الرئيسي لنهر النيل، تساؤلات بشأن الخيارات المطروحة أمام مصر.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع التركي خلال لقاء مع نظيريه الصومالي والإثيوبي في ختام جولة المفاوضات الثانية في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)

ما دوافع تركيا لإنهاء نزاع ساحل «أرض الصومال» بين الصومال وإثيوبيا؟

ذهبت المفاوضات بين الصومال وإثيوبيا التي تتوسط فيها تركيا لحل النزاع على ساحل «أرض الصومال» على البحر الأحمر والتي أصبح يطلق عليها «عملية أنقرة» إلى جولة ثالثة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، حسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بـ«حصتها المائية».

عصام فضل (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.