جاء الإدراج الجديد لقيادات «بارزة» في تنظيم «الإخوان» على «قوائم الإرهاب» في مصر، ليثير تساؤلاً بشأن هل تُمهد «قوائم الإرهاب» التي تصدرها القاهرة لترحيل «إخوان الخارج»، وسط حديث لخبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بأن «(قوائم الإرهاب) تأتي في سياق سياسات القاهرة القانونية، لكن ليس بالضرورة أن تتفاعل الدول مع هذه القوائم»، لكن أشاروا إلى «مخاوف بين عناصر (الإخوان) في الخارج من (ترحيلات محتملة) إلى القاهرة الفترة المقبلة».
وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع قادة وأنصار التنظيم حالياً، على رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وقضت محكمة مصرية (الخميس) بإدراج قيادات وعناصر موالية لـ«الإخوان» على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، من أبرزهم عصام تليمة، وعلي بطيخ، ويحيى السيد إبراهيم موسى، ومحمد جمال أحمد حشمت، والإعلامي حمزة زوبع.
وقررت «الدائرة الأولى إرهاب» بمصر، في يونيو (حزيران) 2022 إعدام يحيى السيد إبراهيم موسى و9 آخرين، في اتهامهم «بتشكيل مجموعات مسلحة باسم (كتائب حلوان)، لتنفيذ عمليات عدائية ضد أفراد وضباط الشرطة ومنشآتها، وتخريب أملاك ومنشآت عامة». كما أدرجت الخارجية الأميركية، في يناير (كانون الثاني) 2022 يحيى السيد إبراهيم موسى على «لائحة الإرهابيين الدوليين» بصفته قيادياً لـ«حسم»، المصنفة من قبل واشنطن «حركة إرهابية».
ووفقاً لقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين الذي صدر عام 2015 بمصر، فإن إدراج أي جماعة أو أشخاص على هذه القوائم، يتبعه تلقائياً «التحفظ على الأموال، والمنع من السفر، والإدراج على قوائم الترقب من الوصول والمنع من السفر». ونهاية العام الماضي، دعت «الدائرة الأولى إرهاب» في مصر إلى «إخطار (الإنتربول) الدولي لإدراج كل من معتز مطر، وعبد الله الشريف، ومحمد ناصر، وحمزة زوبع، و14 آخرين، على (النشرة الحمراء) وضبطهم وحبسهم»، لاتهامهم بـ«تمويل الإرهاب». وأسندت النيابة للمتهمين «الانضمام وتولي قيادة (جماعة إرهابية)».
وقال الخبير المصري في الشأن الأصولي، أحمد بان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(قوائم الإرهاب) المصرية تأتي في سياق سياسات القاهرة القانونية، وليس بالضرورة أن تُمهد هذه القوائم لترحيل (الإخوان) سواء من تركيا أو من أي دولة أخرى». وشرح أن «مصر تُصدر قوائم بأسماء المُدرجين على (قوائم الإرهابيين)، وكل دولة تتفاعل مع ذلك بطريقتها الخاصة وبحسب أجندتها وسياستها».
وأكد بان، أن «ارتفاع مستوى التمثيل الدبلوماسي لمستوى السفير بين مصر وتركيا، والحديث عن لقاء (قريب) بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب إردوغان؛ كل هذا يشير إلى إنجاز جميع القضايا (العالقة) بين البلدين». وأضاف أن «تركيا اتخذت عدداً من التدابير خلال الفترة الأخيرة، من أبرزها الحملة التي شنتها السلطات التركية لضبط من لا يحملون الجنسية التركية والإقامة، ورغم مساعي جبهتي (الإخوان) في (لندن وإسطنبول) للتدخل لدى السلطات التركية بخصوص هذا الشأن؛ فإن تلك المساعي لم تلقَ نجاحاً»، لافتاً إلى أن «هناك تقنيناً لأوضاع عناصر (الإخوان) القانونية في تركيا، ومن لم يوفق وضعه القانوني، قد تضطر السلطات التركية لإبعاده لدولة ثالثة».
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، الشهر الحالي، ترفيع علاقاتهما الدبلوماسية لمستوى السفراء، وتمت تسمية السفيرين في البلدين، وذلك بعد 10 سنوات من القطيعة والتوتر السياسي على خلفية دعم أنقرة لـ«الإخوان» بعد عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي من الحكم عقب مظاهرات شعبية في عام 2013. وقامت السلطات التركية أخيراً بحملة توقيف بحق العشرات من عناصر «الإخوان» المقيمين على أراضيها منذ سنوات. كما تردد الحديث عن ترحيل 7 من هؤلاء العناصر إلى دول مجاورة.
في السياق، لا يتوقع أحمد بان أن تقوم «الدولة التركية بترحيل (الإخوان) لمصر، لكنه رجح أن يكون الترحيل لدولة ثالثة، خاصة للعناصر الصادر بحقها أحكام قضائية في مصر، وذلك لرفع الحرج عن أنقرة حال طلب القاهرة ترحيلهم»، لكنه قال: «أعتقد أن ملف (الإخوان) في تركيا تم تسويته بالكامل، خاصة أنه أقل الملفات المصرية - التركية أهمية».
وأشار بان إلى أن «هناك حالة انزعاج لدى مجموعتي (لندن وإسطنبول) من الإجراءات التركية الأخيرة ضد عناصر التنظيم، وأدركت المجموعتان أن (الإخوان) لن يجدوا (ملاذاً آمناً) في الدول مثلما حدث في السابق».
من جهته، يرى الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، أحمد زغلول، أن «هناك مخاوف لدى عناصر (الإخوان) في تركيا، وبعض الدول من احتمالية (تتردد) للترحيل إلى مصر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المخاوف تتزايد يوماً بعد يوم، خاصة بالنسبة للعناصر الإخوانية المُدرجة على (قوائم الإرهاب) أو التي صدر بحقها أحكام (غيابية) بمصر في جرائم (قتل وعنف)»، لافتاً إلى أن «(إخوان الخارج) يعيشون فترة (صعبة) الآن، خاصة مع التقارب بين القاهرة وأنقرة».
وأدرجت السلطات التركية في وقت سابق عناصر إخوانية ومذيعين ومعدي برامج على ما يسمى بـ«أكواد الإرهاب»، وتم إبلاغهم بأنهم مطلوبون لمصر لانتمائهم إلى «تنظيم إرهابي». ووفق مراقبين، تم فرض «(قيود مشددة) على أنشطة هذه العناصر وتحركاتها».