«قمة الجوار» تطلق آلية لمنع تفكك السودان

شكلت "مجموعة وزارية" لإيجاد "حل شامل" و"وقف فوري" للقتال

0 seconds of 2 minutes, 29 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
02:29
02:29
 
TT
20

«قمة الجوار» تطلق آلية لمنع تفكك السودان

القادة المشاركون في «قمة جوار السودان» في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
القادة المشاركون في «قمة جوار السودان» في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

توافقت «قمة دول جوار السودان»، التي عُقدت في القاهرة بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «تشكيل آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، يكون اجتماعها الأول في تشاد»، مهمتها «وضع خطة عمل تنفيذية لوقف القتال، والتوصل إلى حل شامل للأزمة، عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة في تكاملية مع الآليات القائمة بما فيها الإيقاد والاتحاد الأفريقي».

وأكدت القمة التي عقدت الخميس بمشاركة رؤساء دول وحكومات دول جوار السودان (مصر، تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان، ليبيا، إريتريا، أفريقيا الوسطى)، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، «الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة».

قلق من استمرار الحرب

وأعرب المشاركون في القمة التي عقدت في قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة) في بيانهم الختامي، الذي تلاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن «القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان». وناشدوا الأطراف المتحاربة «وقف التصعيد والالتزام بـ(الوقف الفوري والمستدام) لإطلاق النار لإنهاء الحرب وتجنب إزهاق أرواح المدنيين».

وأشار البيان الختامي إلى «أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها ومنع تفككها أو انتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل»، وكذلك التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بـ«شكل جاد وشامل» يأخذ في الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي يمثل ضغطاً إضافياً على موارد هذه الدول يتجاوز قدراتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسؤولياتهم في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد في يونيو (حزيران) الماضي.

 

صورة جامعة لـ«قمة جوار السودان» في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
صورة جامعة لـ«قمة جوار السودان» في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

وأعرب المشاركون عن قلقهم «البالغ» إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية. وناشدوا أطراف المجتمع الدولي كافة «بذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين».

واتفق المشاركون على «تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية». وكذا التأكيد على «أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر وإطلاق (حوار جامع) للأطراف السودانية يهدف إلى بدء عملية سياسية شاملة».

وهدفت قمة «دول جوار السودان» إلى تحقيق تسوية «سلمية وفاعلة» للأزمة في السودان من خلال التنسيق بين دول الجوار والمسارات الإقليمية والدولية الأخرى.

وأكد السيسي خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن «مصر ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف؛ لوقف نزف الدم السوداني»، مطالباً الأطراف السودانية المتحاربة بـ«وقف التصعيد والبدء في مفاوضات لوقف إطلاق النار».

وقال السيسي: «دول جوار السودان تعد الأشد تأثراً بالأزمة والأكثر فهماً ودراية بتعقيداتها؛ مما يتعين على دولنا توحيد رؤيتها ومواقفها تجاه الأزمة واتخاذ قرارات متناسقة وموحدة تُسهم في حلها بالتشاور مع أطروحات المؤسسات الإقليمية الفاعلة وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية؛ حفاظاً على مصالح ومقدرات شعوب دول الجوار».

تصور مصري

وطرح السيسي تصور مصر لخروج السودان من مأزقه الراهن على الوفود المشاركة في المؤتمر، والتي ترتكز على «مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات (جادة) تهدف للتوصل لـ(وقف فوري ومستدام) لإطلاق النار»، ومطالبة كافة الأطراف السودانية بـ«تسهيل كافة المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان»، وإطلاق «حوار جامع» للأطراف السودانية بمشاركة القوى السياسية والمدنية وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء «عملية سياسية شاملة»، فضلاً عن تشكيل آلية اتصال منبثقة من المؤتمر لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى «حل شامل» للأزمة.

 

الرئيس السيسي متوسطا سامح شكري وعباس كامل خلال «قمة جوار السودان» في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي متوسطا سامح شكري وعباس كامل خلال «قمة جوار السودان» في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

وفي كلمته، أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقيه، أن «الأزمة السودانية تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن مجموعة من العوامل السلبية داخلياً وخارجياً أدت إلى أمور سيئة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن بالسودان»، مضيفاً أنه «تم وضع آلية من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة مع شركاء آخرين للوصول إلى اتفاقية سياسية في الوقت الذي ظهر فيه الصراع في السودان بين القوات التي تناحرت»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأفريقي طالب بوقف إطلاق النار بشكل سريع والعودة إلى طاولة المفاوضات من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة». وشدد فقيه على أنه «يجب أن نتوجه بكل جدية إلى الجذور الأساسية للأزمة السودانية من أجل الوصول إلى حلول لها».

أيضا طالب رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفا كير ميارديت بـ«وقف إطلاق النار بصورة فورية»، مشيراً إلى أن السودان يشهد أوضاعاً حرجة في الصحة، كما أن انتشار الدمار يؤثر على جميع المناحي في السودان». وطالب بـ«توسيع نطاق مبادرة إيقاد لضم ممثلين عن الشعب السوداني ودول الجوار السوداني الذين يعانون من آثار الأزمة الإنسانية التي ولدها الصراع».

دور الجامعة

في السياق، أكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع انهيارها ومساعدتها قدر الإمكان على الاستمرار في أداء مهامها بشكل طبيعي وتجاوز الصعوبات التي تواجهها». وأكد في كلمته أمام القمة «معارضة الجامعة العربية لأي تدخل خارجي في الشأن الداخلي السوداني، والتضامن الكامل مع السودان في صون سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، ودعم مسار جدة الساعي إلى تحقيق شروط وقف إطلاق نار شامل ومستدام وفوري يسمح باستئناف العملية الانتقالية».

وأشار أبو الغيط إلى «أهمية دعم مسار سياسي - سوداني شامل لكل الأطياف السودانية، يحقق تطلعات الشعب السوداني في السلام والأمن والتنمية، ويؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية قادرة على تحقيق التوافقات المطلوبة».

رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أكد أن «دول جوار السودان سوف تعاني إذا استمرت أطراف النزاع في السودان التصلب لمواقفها وعدم التجاوب مع الجهود التي تبذل لحل هذه الأزمة والصراع العنيف»، مؤكداً ضرورة «وجود حوار يساهم في استقرار السودان، والتحضير لعملية انتقالية للوصول إلى السلام في السودان».

وخلال كلمته بالقمة، أشار رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، إلى ضرورة «اتخاذ موقف موحد تجاه استمرار الصراع المسلح بين أبناء الشعب السوداني»، مشدداً على «دعم وتأييد مخرجات القمة العربية التي عقدت في المملكة العربية السعودية، في مايو (أيار) الماضي، في أن يتوحد الفرقاء السودانيون كخطوة هامة لإنهاء الصراع المسلح وعودة الاستقرار وضمان عدم المساس بوحدة السودان».

في حين حذر رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستان - آرشانج تواديرا من «خطورة الصراع الدائر في السودان لما له من تداعيات على المنطقة ومساهمته بشكل كبير في انتشار الأسلحة وخاصة الخفيفة منها جراء ضعف السيطرة على الحدود»، مؤكداً «ضرورة تفادي أي تدخلات خارجية في الموقف السوداني».

وقال رئيس تشاد الانتقالي، محمد ديبي، إن «المواجهات التي تدور في السودان مصدر قلق بالغ لكافة دول الجوار ومن بينها تشاد»، مناشداً جميع الأطراف الدولية «ضرورة التدخل لحل الأزمة في السودان».

أما رئيس دولة إريتريا، آسياس أفورقي، فقال إن «هناك حاجة ملحة لمنع التدخلات الداخلية والخارجية في السودان تحت أي مسمى، وكذلك التدخلات العسكرية التي تهدف لتأجيج الحرب».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط يطالب بوقف فوري لـ«المذبحة الإسرائيلية» في غزة

شمال افريقيا الأمين العام لـ«الجامعة العربية» أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب - غيتي)

أبو الغيط يطالب بوقف فوري لـ«المذبحة الإسرائيلية» في غزة

أدان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بـ«أشد العبارات»، «الغارات الوحشية» التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، والتي أسقطت مئات الشهداء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي من موقع قصف إسرائيلي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في 18 مارس 2025 بعد غارات إسرائيلية ليلية (أ.ف.ب)

السلطة الفلسطينية تطلب عقد اجتماع غير عادي للجامعة العربية بعد استئناف الحرب على غزة

قال المندوب الفلسطيني الدائم لدى جامعة الدول العربية، الثلاثاء، إن السلطة الفلسطينية تقدمت للأمانة العامة بطلب عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس تحضر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل ببلجيكا 17 مارس 2025 (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يرحّب بخطة إعادة إعمار غزة شرط عدم مشاركة «حماس» في مستقبل القطاع

قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي الاثنين إن الاتحاد يرحّب بالخطة العربية لإعادة إعمار غزة بشرط ألا يكون لـ«حركة حماس» مستقبل في القطاع.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي تغلق طريقاً خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة جنين بالضفة الغربية (إ.ب.أ) play-circle

الجامعة العربية: الفلسطينيون فقدوا كل سبل العيش الطبيعي بسبب الحرب الإسرائيلية

قالت جامعة الدول العربية، اليوم (الأحد)، إن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة فقدوا كل سبل العيش الطبيعي؛ بسبب الحرب الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد على هامش أعمال القمة العربية غير العادية التي استضافتها مصر الثلاثاء الماضي (الرئاسة المصرية)

ملفات الأمن والتعاون الاقتصادي على أجندة القمة العربية في بغداد

تعكف جامعة الدول العربية ودولة العراق على إعداد أجندة اجتماع الدورة العادية الـ34 لمجلس الجامعة على مستوى القمة، المقرر عقدها في بغداد 17 مايو (أيار) المقبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«أزمات الداخل» قد تدفع «حماس» ونتنياهو لاستئناف مفاوضات «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«أزمات الداخل» قد تدفع «حماس» ونتنياهو لاستئناف مفاوضات «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استئناف الحرب على قطاع غزة بعد نحو شهرين من «الهدنة»، وسّع من دائرة أزمات حركة «حماس»، لا سيما بمزيد من فقد القيادات، وعودة المنع الإسرائيلي للمساعدات الإغاثية، بخلاف مظاهرات وخلافات داخلية تواجه حكومة بنيامين نتنياهو.

وفي مقابل تلك الأزمات، هناك مساعٍ للوسطاء لبحث العودة للهدنة، عقب إعادة طرح مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، للنقاش مجدداً، وفق تأكيدات من «حماس» بعدما قدمت ملاحظات بشأنه، وهو ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيقود إلى استئناف المفاوضات والذهاب إليه كحل وسط، مع إجراء تعديلات عليه تقبل بها الحركة الفلسطينية، وكذلك نتنياهو الذي يكتفي بعمليات فقط وليس العودة لمربع الحرب الشاملة.

وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في 18 مارس (آذار) الجاري، بعد هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين لا يزال هناك 59 رهينة في غزة يُعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس الجاري من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 رهينة ونحو 1800 أسير فلسطيني.

وتقف «حماس» أمام أزمات عديدة، أبرزها ما أعلنته الجمعة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، في بيان، أن «مخزونات الأغذية والمعدات الطبية في قطاع غزة توشك على النفاد، بخلاف مقتل ما لا يقل عن خمسة من كبار مسؤولي الحركة إلى جانب أفراد من عائلاتهم».

كما أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية، الجمعة، بأن مجموعة من آليات الجيش الإسرائيلي توغَّلت في عدة مناطق جنوب وشمال القطاع.

أيضاً نتنياهو على جانب آخر يواجه أزمات لم تكن أصوات الحرب المستأنفة أعلى منها، وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، الجمعة، أمراً قضائياً مؤقتاً يمنعه من إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، رونين بار، وفق ما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، بعد تقديم المعارضة استئنافاً ضد قرار الحكومة الإسرائيلية الذي اتُّخذ تحت دعوى «استمرار انعدام الثقة».

طفل فلسطيني نازح يحمل بطانية في حين يُقيم الناس مخيماً في مكب نفايات بمنطقة اليرموك (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني نازح يحمل بطانية في حين يُقيم الناس مخيماً في مكب نفايات بمنطقة اليرموك (أ.ف.ب)

وقبل أزمة بار، طالب 25 جنرالاً من قادة الأجهزة الأمنية الأساسية السابقين، الأربعاء، ببدء إجراءات قانونية لعزل نتنياهو «المنفلت في الدوس على القانون والمساس بالأمن القومي»، وفق بيان لهم، في حين اتهم نجله يائير نتنياهو، بار، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، بمحاولة «تنفيذ انقلاب» على والده.

ورد نتنياهو بالدعوة لجلستين؛ الأولى الخميس، لإقالة رئيس جهاز «الشاباك»، وقد جُمدت مؤقتاً الجمعة. والثانية الأحد، لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، التي تعارض بدورها إقالة بار، وسط مظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء شارك فيها 40 ألف شخص، من بينهم رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، الذي انتقد بشدة وقف اتفاق الهدنة.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن «حماس» تواجه أزمات بالفعل، سواء استهداف القيادات أو الوضع الإنساني المتردي، وكذلك إسرائيل تخوض خلافات وأزمات داخلية شديدة، لكنها لم توسع قاعدة الاشتباك، وتكتفي فقط بعمليات؛ ما يعني إمكانية التوصل لنقطة العودة، وتحقيق الوسطاء اختراقاً يوازن بين الشطط الإسرائيلي وفرص التهدئة.

ويتوقع المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الأزمات ستلاحق «حماس»، والتفاوض سيستمر تحت النار، مشيراً إلى أن نتنياهو قد يستطيع الخروج من أزماته كعادته منذ بداية الحرب، ويحافظ على ائتلافه الحكومي بشكل كامل، وهذا يتوقف على طبيعة الأحداث القادمة.

وفي المقابل، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، أن تلك الأزمات ليس لها تأثير مباشر على عودة المفاوضات، خاصة أن المظاهرات لن تؤثر على نتنياهو، وكذلك لن توقف الضغوط العسكرية على «حماس».

وعقب إعلان «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها أطلقت رشقة صواريخ من غزة باتجاه تل أبيب، نفت الحركة في بيان، الجمعة، ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية بأن الحركة قطعت كل الاتصالات المتعلقة بمفاوضات هدنة غزة.

وشددت على أنها لا تزال في قلب المفاوضات، و«تتابع بكل مسؤولية وجدية» مع الوسطاء، و«لا تزال تتداول في مقترح ويتكوف والأفكار المختلفة المطروحة، بما يحقق إنجاز صفقة تبادل تؤمّن الإفراج عن الأسرى، وإنهاء الحرب، وتحقيق الانسحاب».

إخلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات الإسرائيلية بقطاع غزة في وقت سابق (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمَي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات الإسرائيلية بقطاع غزة في وقت سابق (إ.ب.أ)

وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس الجاري اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي عيدان ألكسندر فقط، واعتبر المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، وذلك قبيل يومين من استئناف إسرائيل الحرب.

وسط ذلك تحدث مسؤول فلسطيني عن أن مصر قدمت أيضاً مقترحاً، بحسب ما ذكرته «رويترز» التي نقلت عن مصدرين أمنيين مصريين أن القاهرة اقترحت «وضع جدول زمني لإطلاق سراح باقي الرهائن، إلى جانب تحديد موعد نهائي لانسحاب إسرائيلي كامل من غزة بضمانات أميركية»، وسط موافقة مبدئية من واشنطن على المقترح، وتوقع أن ترد «حماس» وإسرائيل، الجمعة.

ويرى أنور أن «حماس» تبدو منهكة، وخسائرها تتزايد، لكن لديها ورقة الرهائن الرابحة، متوقعاً انخراطها في المفاوضات، وإمكانية قبولها بصيغة معدلة من مقترح ويتكوف، والوصول لحل وسط يمنع العودة لمربع 8 أكتوبر (تشرين الأول) والمواجهة الشاملة.

وفي اعتقاد مطاوع، فإن مقترح ويتكوف طرحته واشنطن على الطاولة ليؤخذ كاملاً أو يُترك، وبالتالي «يجب أن تعلن (حماس) موافقتها عليه لكي نتحدث عن مفاوضات قابلة للوصول لاتفاق، وليس كما حدث من الحركة واستغله نتنياهو لعودة الحرب»، مشيراً إلى أن الوسطاء لن يستطيعوا تجسير الهوة بأي مقترح ما دام هناك تشدد من أحد الطرفين.

وفي تقديرات عكاشة، فإن «حماس» ستعمل على إيجاد أي تعديل في مقترح ويتكوف بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن، حتى لا تظهر في موقف عبثي، وخاصة أنها سبق أن التفت حول هذا المقترح واستغل نتنياهو ذلك، مرجحاً أن تدور محادثات الوسطاء حول هذا المخرج باعتباره حلاً وسطاً.