اتّهم الجيش السوداني، ليل أمس (الأربعاء)، قوات «الدعم السريع» بـ«اختطاف واغتيال» والي غرب دارفور خميس أبكر الذي كان قد حمّل، قبل ساعات من مقتله، هذه القوات المسؤولية عن انتهاكات ارتُكبت في الولاية، خصوصاً في عاصمتها الجنينة.
وقالت القوات المسلّحة السودانية، في بيان، إنّها «تدين بأشدّ عبارات الاستهجان التصرّف الغادر الذي قامت به ميليشيا الدعم السريع المتمرّدة اليوم (الأربعاء)، باختطاف واغتيال والي ولاية غرب دارفور خميس عبد الله أبكر» على الرّغم من أنّ «لا علاقة له بمجريات الصراع» الدائر منذ شهرين بين الطرفين.
وكان أبكر أحد زعماء حركات التمرد الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة عام 2020 سعياً إلى وضع حد لنزاع في الإقليم امتد زهاء عقدين. وحتى الآن لم تعلق قوات «الدعم السريع» على هذا الاتهام.
وأتى مقتل أبكر بعد ساعات من تصريحات أدلى بها لقناة «الحدث» التلفزيونية واتّهم فيها قوات «الدعم السريع» بـ«تدمير» مدينة الجنينة. وقال خلال الاتصال وأزيز الرصاص يُسمع قربه: «الآن أنا أتكلم معكم والهجوم مستمرّ»، متّهماً «الدعم السريع» بإطلاق قذائف «على رؤوس المواطنين» في الجنينة حيث كان موجوداً.
قبل اعتقاله ومقتله.. أصوات رصاص بشكل كثيف تقاطع مداخلة والي غرب #دارفور #خميس_أبكر عبر #الحدث pic.twitter.com/GJNyaJ48x7
— ا لـحـدث (@AlHadath) June 14, 2023
وأضاف: «المواطنون اليوم يُقتلون بطريقة عشوائية جداً وبأعداد كبيرة. اليوم عندنا أعداد كبيرة من الجرحى لا يجدون علاجاً. لا يوجد لدينا مستشفى (...). الآن لا توجد أي مؤسسة صحية تقدّم خدمات للمواطنين».
ووصف أبكر ولايته بأنّها «منكوبة»، مضيفاً: «اليوم الجنينة مستباحة كلّها... كلّها، كلّها دُمّرت».وتابع: «هذا شعب تمّ قتله بدم بارد بأعداد كبيرة جداً، بالآلاف (...) لذا نحن بحاجة إلى تدخّل حاسم من المجتمع الدولي لحماية ما تبقّى من الأرواح في هذه المنطقة».
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس حذّر، أول من أمس، من أنّ أعمال العنف التي يشهدها إقليم دارفور قد ترقى إلى «جرائم ضد الإنسانية». وقال: «مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر أبريل (نيسان) التي اتخذت أبعاداً عرقية».
من جهته، وصف حزب الأمة القومي، أبرز الأحزاب السياسية في السودان، ما يحدث من عنف في الجنينة بأنّه «جريمة إنسانية مكتملة الأركان جعلت منها منطقة منكوبة بلا شك، مما يتطلب إعلان ذلك بصورة رسمية لتضطلع المنظمات الدولية بدورها حيال الوضع فيها».
وتدور منذ 15 أبريل معارك طاحنة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، وتتركّز هذه المعارك في الخرطوم وفي إقليم دارفور الذي عانى على مدى عقدين من نزاعات دامية في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
وأسفر القتال عن مقتل أكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية. ووفق أرقام الأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح نحو مليوني شخص بينهم أكثر من 900 ألف فرّوا من العاصمة بسبب العنف وأكثر من 475 ألفاً لجأوا إلى البلدان المجاورة.