المفوض السامي للاجئين يتابع احتياجات النازحين السودانيين إلى مصر
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال لقائه مع عدد من النازحين السودانيين (مكتب المفوضية بالقاهرة)
عبر زيارة تستغرق 3 أيام إلى مصر، يتابع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، احتياجات الأشخاص النازحين قسراً جرَّاء الصراع القائم في السودان والذين عبروا إلى مصر باحثين عن الأمان، ولحشد الدعم لمصر حيث وصل أكبر عدد من الوافدين من السودان حتى الآن.
ومن المقرر سفر غراندي إلى منطقة قسطل الحدودية بين مصر والسودان، بحسب بيان للمفوضية السبت، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، لمتابعة توافد النازحين إلى الجانب المصري، كما سيلتقي برئيس جمهورية مصر العربية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، فضلاً عن عدد من اللاجئين الذين وصلوا حديثاً إلى مصر.
من جهته، استقبل وزير الداخلية المصري، محمود توفيق، المُفوض السامي لشؤون اللاجئين بمنظمة الأمم المُتحدة، فيليبو غراندي، السبت، والوفد المُرافق له، لبحث سبل تعزيز أوجه التعاون المُشترك بحسب البيان الذي نشرته وزارة الداخلية المصرية عبر حسابها على «فيسبوك» وأعرب غراندي عن تقديره لجهود الدولة المصرية في استقبال اللاجئين وتقديم كافة أُطر الرعاية اللازمة لهم، مُؤكداً حرص المنظمة الدولية على تعزيز قنوات الاتصال والتعاون مع وزارة الداخلية المصرية.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، أن بلاده استقبلت حوالي 150 ألف سوداني خلال الأزمة، بجانب استضافة ما يقرب من 5 ملايين آخرين يعيشون داخل مصر. وأشار خلال كلمته في اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى التداعيات الإنسانية للأزمة السودانية، التي أثرت بدورها على دول الجوار، مشدداً على أهمية التوصل لوقف شامل لإطلاق النار.
يشار إلى أن مفوضية اللاجئين قد أطلقت أخيراً مناشدات للمجتمع الدولي لتوفير 151.4 مليون دولار لدعم مجتمع اللاجئين في مصر وأوضاع النازحين الجدد من السودان والمجتمع المضيف، لكن تم تمويل 9 في المائة فقط منها حتى الآن، بحسب حنان حمدان ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى مصر ولدى جامعة الدول العربية، التي قالت في تصريحات صحافية إن «المفوضية قدمت دعماً للقادمين من السودان بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر المصري بلغت قيمته أكثر من 50 مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 31 جنيهاً مصرياً) للمساعدات الإنسانية».
وأعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، يوم الخميس الماضي، خلال لقائه المديرة الجديدة لمنظمة الهجرة الدولية، آمي بوب، عن تطلع مصر لتعزيز التعاون مع منظمة الهجرة الدولية للتنسيق من أجل تخفيف الأعباء التي تتحملها مصر من استضافة تسعة ملايين مهاجر ولاجئ على أراضيها، بالإضافة إلى الأعباء المترتبة على استقبال الوافدين السودانيين الفارين من أعمال العنف، الأمر الذي يقتضي مضاعفة الجهود لحشد دعم المجتمع الدولي لمصر في هذا الشأن».
فيما أشادت المديرة الجديدة للمنظمة بالدور المهم والمحوري، الذي تضطلع به مصر في مجال التعامل مع قضايا الهجرة. بحسب بيان للخارجية المصرية.
حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.
دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.
فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.
بين الرفض والقبول
تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.
وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».
وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».
وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».
من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».
وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».
وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».
وسيلة للإلهاء
أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.
تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».
وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».
حماية الآداب العامة
غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».
وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.
وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».
وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».
ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».
واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».