بعد اتفاقات الطاقة... الجزائر تتوجه نحو إيطاليا لإبرام «صفقات السلاح»

احتضنت اجتماعات مهمة بين أطر الدفاع من البلدين

جانب من اجتماع المسؤول العسكري الإيطالي ومسؤولي الدفاع الجزائريين (وزارة الدفاع الجزائرية)
جانب من اجتماع المسؤول العسكري الإيطالي ومسؤولي الدفاع الجزائريين (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

بعد اتفاقات الطاقة... الجزائر تتوجه نحو إيطاليا لإبرام «صفقات السلاح»

جانب من اجتماع المسؤول العسكري الإيطالي ومسؤولي الدفاع الجزائريين (وزارة الدفاع الجزائرية)
جانب من اجتماع المسؤول العسكري الإيطالي ومسؤولي الدفاع الجزائريين (وزارة الدفاع الجزائرية)

تبحث الجزائر في ضوء إنفاقها العسكري المتزايد، تنويع شركائها في مجال الدفاع ومشتريات السلاح خارج الزبون التقليدي (روسيا). وضمن هذا التوجه، يزور الجزائر (منذ الخميس) مدير التسليح بوزارة الدفاع الإيطالية، الجنرال لوتشيانو بورتولانو، الذي أجرى اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين عسكريين محليين، شملت أيضاً التباحث حول الأوضاع بالمنطقة، خصوصاً في ليبيا ومالي.

وأفادت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، بأن أمينها العام، اللواء محمد الصالح بن بيشة، أجرى أمس (الخميس) محادثات مع المسؤول العسكري الإيطالي، بحضور مدير الصناعات العسكرية، ومدير العلاقات الخارجية والتعاون بها، تناولت «مجالات الاهتمام المشترك»، من دون تقديم تفاصيل. وأشار البيان إلى أن بورتولانو يزور البلاد على رأس وفد عسكري ومدني «رفيع».

يشار إلى أنه بين الجزائر وروما مشاورات متواصلة منذ سنوات، تخص محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية، في ضوء الأزمات التي تحيط بالمتوسط والساحل الأفريقي، خصوصاً ليبيا ومالي.

المسؤول العسكري الإيطالي (يسار) في حديث مع مسؤول عسكري جزائري (وزارة الدفاع الجزائرية)

وكان المسؤولان العسكريان ذاتهما قد عقدا في الثاني من مارس (آذار) 2022 بـ«النادي الوطني للجيش» في العاصمة الجزائرية، «الدورة الـ12 للجنة المشتركة الجزائرية - الإيطالية للتعاون في مجال الصناعة الحربية والدفاع». وقالت وزارة الدفاع يومها إن الاجتماع «شكل فرصة لتبادل الآراء، وتعزيز التنسيق والعمل المشترك بين جيشي البلدين». كما يشار إلى أن وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتو استقبل سفير الجزائر في روما، عبد الكريم طواهرية، في 27 أبريل (نيسان) الماضي، وبحث معه «الاستقرار بالبحر الأبيض المتوسط، والتعاون بين القوات المسلحة الإيطالية ونظيرتها الجزائرية»، وفق ما ذكرته وكالة «نوفا» للأنباء الإيطالية، التي أشارت إلى الزيارة التي قادت رئيسة الحكومة جورجينا ميلوني إلى الجزائر مطلع العام، وتأكيدها حاجة بلدها إلى إمدادات إضافية من الغاز الجزائري، كما بحثت مع المسؤولين المحليين مشروعات عديدة، منها بناء السفن.

الرئيس تبون مع رئيسة الحكومة الإيطالية بالجزائر في 23 يناير 2023 (الرئاسة الجزائرية)

ونقلت «نوفا» عن الموقع الإلكتروني المتخصص في قطاع الصناعات الدفاعية «شيبرد ميديا» أن الجزائر طلبت من روما وحدة نقل بحرية برمائية جديدة، وذلك في إطار اتفاقية تعاون قيد التطوير بينهما. وقالت إن «منصة الإنزال» الثانية، أي وحدات الإنزال والدعم اللوجيستي، التي تطلبها الجزائر، «جانب واحد فقط من إطار للتعاون يمكن أن يشمل سفناً عدة أخرى». وحسب الموقع ذاته، فإن البحرية الجزائرية «طلبت فئة ذات منصة هبوط معززة من طراز (San Giusto) من (فينكانتييري)».

وفي سياق مضاعفة حاجيات إيطاليا من الغاز الجزائري، على أثر انقطاع الغاز الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تم التوقيع خلال زيارة ميلوني الأخيرة على اتفاقات عديدة بين البلدين، شملت المؤسسات المصغرة، والصناعات الغذائية والنسيج، والبنية التحتية، والأشغال العامة، وصناعة الدواء، والبحرية، ومجال الفضاء أيضاً. وكان حجم المبادلات التجارية في حدود 8 مليارات دولار في 2021، وانتقلت إلى 16 مليار دولار في العام الماضي، حسب ما ذكره الرئيس عبد المجيد تبون عندما استقبل ميلوني.

وإن كانت روسيا تبقى منذ فترة الزبون الأول والمفضل للجيش الجزائري، من حيث التجهيزات والأسلحة الحربية، والخبرة الفنية في هذا المجال، فإن الجزائر قررت توسيع تعاونها في الميدان الحربي إلى شركاء آخرين، منهم الإيطاليون، ممثلين في شركات «فينكانتييري» و«ليوناردو»، و«إم بي دي إيه إيطاليا»، و«إلكترونيكا»، و«رينميتال ايطاليا». كما تستعد الجزائر لاستقبال 19 طائرة عمودية من صنف «AW - 139» المنتجة من طرف «ليوناردو»، وفق تقارير متخصصة، أفادت بأن العلاقات بين الجزائر وإيطاليا «لم تعد رهينة مجال الطاقة، فهي مرشحة لتأخذ منحى استراتيجياً يحقق للجزائر إحداث توازن بين شركائها، ولإيطاليا إيجاد زبائن جدد».



السودان: مطالِبُ بالتحرك الفوري للحفاظ على حقوقه المائية

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

السودان: مطالِبُ بالتحرك الفوري للحفاظ على حقوقه المائية

«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)
«سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب)

التزمت السلطات الرسمية في السودان الصمت إزاء إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، افتتاح «سد النهضة» رسمياً في سبتمبر «أيلول» المقبل، بعد انتهاء موسم الأمطار. ولم يُدلِ رئيس الوزراء، كامل إدريس، أو وزارة الري، بأي تعليق أو بيان رسمي بخصوص الموضوع، وعلى الرغم من تحفُّظ السودان سابقاً على إجراءات ملء وتشغيل السد، ووقف التفاوض مع الجانب الإثيوبي، فإن الخبير القانوني الدولي في مجال المياه، الدكتور أحمد المفتي، قال لــ«الشرق الأوسط» إن على حكومة السودان التحرك الفوري وبجميع الوسائل المتاحة أمامها، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على حماية حقوقه المائية في نهر النيل.

ودعا آبي أحمد في الثالث من يوليو (تموز) الحالي، حكومتي مصر والسودان للمشاركة في هذا الحدث الذي وصفه بــ«التاريخي»، مؤكداً في حديثه أمام البرلمان، أن «(سد النهضة) لن يتسبب في أي ضرر لمصالح مصر والسودان». وذكرت «وكالة أنباء إثيوبيا» الرسمية أن هذه التصريحات تأتي في إطار الجهود الدبلوماسية المستمرة لتسوية الخلافات حول ملء وتشغيل السد، بينما تؤكد إثيوبيا عزمها على المضي قدماً في المشروع.

ويبعد «سد النهضة» المقام على النيل الأزرق، أهم روافد نهر النيل، بنحو 15 كيلومتراً عن الحدود السودانية مع إثيوبيا، ونحو 100 كيلومتر من «سد الروصيرص» على النيل الأزرق.

آبي أحمد في زيارة لموقع «سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل أغسطس الماضي (صفحته على فيسبوك)

وطالب المفتي الحكومة السودانية الجديدة ورئيسها كامل إدريس بالتحرك الفوري وبجميع الوسائل المتاحة لاتخاذ إجراءات للحفاظ على حقوق السودان المائية في نهر النيل. وأضاف أن إثيوبيا ظلت منذ بدء المفاوضات حول تشييد السد في عام 2011، تحاول أن تطمئن السودان ومصر بأن «سد النهضة» لن يؤثر فيهما سلباً، في الوقت الذي كانت تتخذ فيه إجراءات أحادية الجانب في بناء السد وملئه وتشغيله من دون أي اتفاق ملزم بين البلدان الثلاثة.

ورأى في دعوة الرئيس الإثيوبي، آبي أحمد، للحكومة السودانية لحضور مراسم افتتاح «سد النهضة» سبتمبر المقبل، تقنيناً لمشروعية خطواته أحادية الجانب في تشييد وتشغيل السد، الذي بلا شك سيؤثر قطعاً في حصص السودان ومصر في مياه النيل.

وقال المفتي إن إثيوبيا رفضت في جولات المفاوضات السابقة التوافق على قواعد الملء والتشغيل، وهو الذي التزمت به في إعلان المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة في الخرطوم في مارس (آذار) 2015، كما أنها لن تقبل بمطلب تكوين إدراة مشتركة للسد. وذكر أن هدف إثيوبيا من بناء «سد النهضة» التحكم في المياه، وما يزيد من المخاوف أنها ترفض الاعتراف باتفاقية عام 1959 للمياه، التي تنص على حصول مصر على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنوياً، بينما تمنح السودان 18.5 مليار متر مكعب.

وأشار إلى أنه لا جدوى من أي مفاوضات بعد إعلان الرئيس الإثيوبي أفتتاح السد، وعلى السودان أن يصعد من تحركاته بصورة عاجلة، ويطلب من مجلس الأمن الدولي التدخل بقوة لوقف إثيوبيا من الاستمرار في القرارات الانفرادية التي تؤثر على السلم والأمن الإقليمي. وقال المفتي إن السعة التصممية التي يمكن للسد تخزينها 74 مليار متر مكعب، والآن يخزن مابين 50 إلى 60 مليار، وفقا للمعلومات المتاحة لدينا، لكن على الرغم من ذلك تظل المخاوف قائمة من انهيار السد في أي لحظة.

وأضاف المفتي أن سعة خزان الرصيرص، وهو أول سد داخل الأرضي السودانية على مجرى النيل الأزرق تبلغ 7 مليارات متر مكعب، ومن الممكن أن يتعرض للانهيار حال زادت هذه الكمية. ودعا المفتي السودان ومصر لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، تحفظ حقوقهما المائية المشروعة.

وظل السودان يطالب الجانب الإثيوبي باتفاق قانوني والتعاون في تبادل المعلومات ومعرفة طريقة التشغيل، محذراً في ذلك الوقت من أن فرض سياسة الأمر الواقع، يجعل من «سد النهضة» تهديداً لتشغيل وسلامة «سد الروصيرص» القريب منه. وعرضت إثيوبيا في 2021 على الحكومة السودانية تسمية مسؤولين من وزارة الري لمتابعة فتح البوابات السفلية، لكن الخرطوم أصرت على أن يتم تبادل البيانات وفقاً لاتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف.

وتجاهلت إثيوبيا منذ بدء تشييد السد طلبات متكررة من السودان ومصر التفاصيل المهمة المتعلقة بملء وتشغيل السد وتواريخه والوثائق التي تثبت سلامة جسم «سد النهضة».