المعارضة الإسبانية تطالب الحكومة بإطلاق مساعٍ للحل مع الجزائر

تحميل سانشيز مسؤولية الأزمة بسبب موقفه من نزاع الصحراء

الصورة المركّبة بين الرئيس الجزائري ورئيس الحكومة الإسبانية نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما
الصورة المركّبة بين الرئيس الجزائري ورئيس الحكومة الإسبانية نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما
TT

المعارضة الإسبانية تطالب الحكومة بإطلاق مساعٍ للحل مع الجزائر

الصورة المركّبة بين الرئيس الجزائري ورئيس الحكومة الإسبانية نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما
الصورة المركّبة بين الرئيس الجزائري ورئيس الحكومة الإسبانية نشرتها الرئاسة الجزائرية في 6 مارس 2022 بمناسبة اتصال هاتفي بينهما

بينما دخلت القطيعة التجارية بين الجزائر ومدريد، بسبب خلافهما حول قضية الصحراء، عامها الأول، تجتمع «لجنة الشؤون الخارجية» بمجلس الشيوخ الإسباني نهاية الشهر الحالي، للبحث في لائحة رفعها «الحزب الشعبي» المعارض، ينتقد فيها الحكومة ويحمّلها مسؤولية الخسائر التي لحقت بـ600 مؤسسة بسبب هذه القطيعة ويطالبها بدفع تعويضات.

رئيس الوزراء الإسباني في البرلمان في جلسة سابقة (إ.ب.أ)

ووفق صحف إسبانية، أوردت خبر اجتماع البرلمان بخصوص الأزمة مع الجزائر، تقول اللائحة التي أعدها أعضاء «الحزب الشعبي» بمجلس الشيوخ، بأن المؤسسات التي تتعامل بالتجارة مع الجزائر تكبدت بين يونيو (حزيران) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2022، خسائر بـ733 مليون يورو، وهو مبلغ يمثل قيمة صادراتها إلى الشريك الاقتصادي الأفريقي الشمالي.

ويعكس ذلك، وفق اللائحة، انخفاضاً بـ82 في المائة من الصادرات، قياساً بما كان عليه الوضع قبل الأزمة التي بدأت في مارس (آذار) من العام الماضي، عندما أبلغت مدريد الرباط دعمها «الحكم الذاتي الموسع ضمن السيادة المغربية»، الذي تقترحه لطي أزمة الصحراء.

وخلال الأشهر الستة المشار إليها، بلغت قيمة صادرات المؤسسات الإسبانية إلى الجزائر، حسب اللائحة ذاتها، 165.1 مليون يورو، مقابل 938 مليون يورو في الفترة نفسها من 2021. مبرزة أن الصادرات حققت في مايو (أيار) 2021 ارتفاعاً بـ8.8 بالمائة (64 مليون يورو)، وبعدها شهدت سقوطاً حراً.

سانشيز أمام البرلمان (إ.ب.أ)

ووفق أرقام حكومية جزائرية، صدّرت إسبانيا إلى الجزائر 2.16 مليار دولار عام 2020. وتتمثل المنتجات المصدّرة في قوالب الحديد والأصباغ، وزيت فول الصويا ومادة سيراميك زيادة على كميات من لحوم الماشية. وفي العام ذاته، صدّرت الجزائر إلى إسبانيا 2.59 مليار دولار، شكّل منها الغاز والبترول الخام والمكرر، النسبة الأكبر.

وأكدت لائحة النواب المعارضين، تبعاً لما نشرته الصحافة الإسبانية، أنه «لم يعد مقبولاً استمرار هذه الخسائر»، داعية حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز إلى «إطلاق مساعٍ دبلوماسية» لمحاولة إقناع الحكومة الجزائر بالعدول عن موقف المقاطعة». كما أشارت اللائحة إلى اجتماع جرى بين مجموعة من مديري مؤسسات إسبانية، مع وزير الصناعة بداية العام الحالي؛ لبحث الأزمة. مؤكدة أنه «إذا لم يسفر عنه شيء إيجابي، فذلك يعود إلى غياب اتصالات دبلوماسية مع الحكومة الجزائرية».

وبدا من تصرفات وتصريحات المسؤولين الجزائريين، في الأشهر الأخيرة، أنهم يرفضون، من حيث المبدأ، التواصل مع الحكومة الإسبانية، إن لم تظهِر استعداداً لمراجعة قرارها، بخصوص دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء والذي أثار غضب الجزائر، في حين كان وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس، صرّح بأن هذا القرار «يمثل موقفاً سيادياً إسبانياً».

وفهم من كلامه، لدى الجزائريين، بأن قضية مساندة المقترح المغربي محسومة ولا رجعة فيها. وعلى هذا الأساس، صرّح الرئيس عبد المجيد تبون للصحافة الأجنبية، في أبريل (نيسان) الماضي، بأن مشكلة بلاده هي «مع سانشيز شخصياً، وليس مع الشعب الإسباني». مستدلاً على ذلك، بأن المقاطعة استثنت الطاقة، وخصوصاً إمدادات الغاز، التي تضبطها في الحقيقة، عقود متوسطة وطويلة المدى، يترتب عن احتمال مراجعتها، تبعات مالية.

وقد صدّ الجزائريون محاولات متكررة للاتحاد الأوروبي، لرأب الصدع مع إسبانيا. فقد زارهم ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، الإسباني جوزيب بوريل، في مارس الماضي، بغرض تليين الموقف من عضو الاتحاد، وبحجة أن مقاطعة التجارة معه، يخلّ بتعهدات الجزائر الواردة في اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي (2005)، الذي تطالب الجزائر أصلاً بمراجعته جذرياً، بذريعة أنه «مجحف» باقتصادها. غير أن بوريل عاد بخفي حنين إلى بروكسل.



مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.