هزمتها «الإلكترونية» واستغنى عنها القراء... الصحافة الورقية في ليبيا إلى زوال

صورة لمطبعة مغلقة في بنغازي (رويترز)
صورة لمطبعة مغلقة في بنغازي (رويترز)
TT

هزمتها «الإلكترونية» واستغنى عنها القراء... الصحافة الورقية في ليبيا إلى زوال

صورة لمطبعة مغلقة في بنغازي (رويترز)
صورة لمطبعة مغلقة في بنغازي (رويترز)

أصبحت الصحافة الورقية في ليبيا مهددة بالاندثار بعدما كانت تتمتع بمكانة مهمة لدى القراء، إذ تتراجع شيئاً فشيئاً أمام الصحافة الإلكترونية وتمر بأزمة قد تصير معها جزءاً من الذكريات.

وتقف أسباب عديدة وراء ما آلت إليه الصحافة الورقية في ليبيا منها الأوضاع المالية وعزوف القراء لكن يظل السبب الأساسي هو ظهور الصحافة الإلكترونية.

وبسبب ذلك فقد العديد من الصحافيين وظائفهم في الجرائد الورقية التي انخفض عددها بشكل حاد في بنغازي على سبيل المثال بعد انتفاضة 2011 من 30 صحيفة إلى أن وصلت إلى اثنتين أو ثلاثة. ولا تصدر حتى يومياً وتخشى أيضاً المصير نفسه.

ووفقاً لتقرير معهد «رويترز»، عن الصحافة الرقمية في عام 2022 «لا تزال معظم وسائل الإعلام الإخبارية تكافح في بيئة تهيمن فيها الإنترنت، حيث يذهب الجزء الأكبر من اهتمام الجمهور والإنفاق الإعلاني إلى المنصات الرقمية، وحيث تلجأ العديد من الأصوات الجديدة - بدءاً من المبدعين والمؤثرين إلى النشطاء والسياسيين - لتصنع لنفسها مكانة خاصة في منافسة مباشرة مع الصحافيين لجذب الانتباه».

وقالت أسماء صهد (49 عاماً)، وهي مديرة تحرير بمجلة البيت: «الصحافة الإلكترونية طغت بشكل كبير على الصحافة الورقية ليس هذا فقط، كذلك العامل المادي، الذي جعل الصحف لا تُطبع بشكل يومي بسبب تردي المبيعات وعزوف القارئ في الشارع الليبي».

وأضافت: «الإيراد لا يغطي حق الطباعة، شيئاً فشيئاً أصبحت تتلاشى الصحف».

وأوضحت أسماء: «نحن ليس لدينا أكشاك أو محلات لبيع الجرائد. أتمنى عودة الصحف الورقية بشكل كبير لأنها نوع من الثقافة رغم صحافة الموبايل التي غزت كل شيء».

المطابع تعاني

​لم ينج أصحاب المطابع أيضاً من تأثير انتشار الصحافة الإلكترونية.

ويشكو نبيل الهوني (58 عاماً)، الذي يدير مطبعة وصحيفة «الحقيقة» من الوضع، قائلاً: «عمري كله في المطبعة وللأسف لم نمر بأسوأ من هذه المرحلة. كنا ننشر في عام 2011 ألف نسخة رغم أننا نصدر في الأسبوع عدداً واحداً، والآن بسبب الظروف المالية وعزوف القارئ وعدم دعم الدولة وظهور الصحافة الإلكترونية أدى هذا إلى توقف المطبعة».

وأضاف: «تم تسريح 12 موظفاً لعدم قدرتي على دفع مرتبات لهم، نحن نحتاج إلى دعم وإمكانيات، الورق نأتي به من خارج البلاد ومكلف، لدي أمل أن نعود إلى النشر بشكل يومي».

وتحسَّر على الوضع الحالي للصحافة الورقية، وبرأيه: «الصحيفة هي تسجيل لتاريخ الشعب اليومي معقولة أخبارنا أصبحت على الإنترنت... الناس اتجهت إلى الصحافة الإلكترونية في رأيي لأنهم لم يجدوا صحيفة تعمل بشكل حقيقي لم يتحصلوا على المادة التي تجعلهم يدمنون على الصحيفة».

فيما قال أحد المواطنين من بنغازي واسمه عبد السلام محمد (56 عاماً) ويعمل موظفاً في الدولة: «للأسف ليس لدينا جرائد تحاكي واقعنا الحالي، أنا كنت كل صباح أبحث عن أي عدد جديد يُنشر، أما الآن لا فالأخبار في الصحف الورقية ليس لها أي معنى أو قيمة».

وأدى إغلاق الصحف الورقية إلى فقد عدد من الصحافيين لوظائفهم ومنهم من انتقل للعمل في الصحف الإلكترونية مثل هدى الشيخي (40 عاماً).

وقالت: «توقفي عن الصحافة الورقية لعدة أسباب منها تعثر إصدار الصحف الورقية نتيجة لعجز الدولة عن سداد ديون مؤسسة الصحافة لدى المطابع في بنغازي، في المقابل كان هناك انتشار متسارع للصحافة الإلكترونية بحكم سهولة الوصول للمعلومة اللي مرات ما تكون دقيقة وسرعة انتشار الخبر».

وتعمل هدى حالياً في الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الليبية، وهو موقع حكومي.

وأضافت قائلة: «الصحافة الورقية مهمة جداً، المجتمعات الأخرى تجدها ثقافة وتجد هناك طبعة أولى وثانية وثالثة للصحيفة في اليوم نفسه، وكل طبعة تتفرد بجزئية الأخبار وأصبحت عادة لدى مواطنيها تصفحها. لكن محلياً وفي بنغازي تحديداً طباعة الصحف تكون لعدد أسبوعي أو نصف أسبوعي نتيجة تراكم الديون وغياب السياسات المالية لدعم المطبوعات الورقية».

ولفتت هدى إلى أن الصحافة الإلكترونية لا تدرس ضمن اختصاصات كليات الإعلام الليبية رغم أن الإعلام الرقمي فرض نفسه بقوة على الساحة.

وتدعم هدى عودة الصحافة الورقية مع تأسيس مواقع إلكترونية لها.

وأشارت إلى أن الدعم الحكومي قد يساعد في إنقاذ الصحف المطبوعة «منذ عامين انتعشت الصحافة الورقية في بنغازي بسبب الدعم الحكومي لمؤسسة الصحافة، وتم استئناف إصدار الصحف الأسبوعية واليومية، وأيضاً عودة المطبوعات التي توقفت ربما من عشر سنوات أو التي كانت خلالها متقطعة مثل مجلة البيت ومجلة الأمل».

وتوقف الدعم الحكومي لمؤسسة الصحافة نتيجة الأزمة المالية والانقسامات السياسية في ليبيا.

لكن للعاملين في الإعلام المرئي رأياً آخر، إذ قال فرج المصراتي المراسل لإحدى القنوات: «أتابع الأخبار عن طريق وكالات الأنباء المحلية الإلكترونية لأنها تواكب التطورات والأحداث في البلاد بشكل يومي وكل ساعة، أما الصحف الورقية في ليبيا لم تعد مصدراً للصحافي لأنها لم تعد تصدر بشكل يومي ولا توجد حتى أماكن مخصصة لبيع جرائد».

أما معتز العريبي (32 عاماً) الذي يمارس الأعمال الحرة، فأشار إلى أنه لم يمسك أي جريدة، ودائماً يأخذ أخبار البلد عن طريق الهاتف المحمول بواسطة بعض الصفحات الإخبارية والقنوات التي لديها مواقع على الإنترنت.

وقال: «كان أبي يحب الجرائد ولكن من فترة طويلة لم أره يقرأ جريدة».


مقالات ذات صلة

دواء قد يُطيل خصوبة المرأة لمدة 5 سنوات

صحتك الدواء يُطيل خصوبة المرأة ويساعدها على العيش لمدة أطول (رويترز)

دواء قد يُطيل خصوبة المرأة لمدة 5 سنوات

أكدت مجموعة من العلماء فاعلية دواء مثبط للمناعة في إطالة خصوبة المرأة لمدة خمس سنوات، ومساعدتها على العيش لمدة أطول وبصحة أفضل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا غلاف صحيفة «فاينانشيال تايمز» يظهر مع صحف أخرى في كشك لبيع الصحف في نيويورك (رويترز)

«فاينانشيال تايمز» و«ذي إيكونوميست» تعلنان دعمهما حزب العمال البريطاني

أعلنت صحيفة «فاينانشيال تايمز» ومجلّة «ذي إيكونوميست»، الاثنين، دعمهما حزب العمال البريطاني قبل الانتخابات العامة المقررة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مارين لوبان، مرشحة حزب "التجمع الوطني" القومي، تتفاعل في نهاية يوم الانتخابات الفرنسية في باريس، فرنسا، 1 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

ردود فعل متباينة على فوز اليمين القومي بالانتخابات التشريعية الفرنسية

تصدّر فوز اليمين الفرنسي بقيادة حزب «التجمّع الوطني» بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الصفحات الرئيسية للصحف العالمية وبدأت تخرج ردود الساسة الأوروبيين.

شادي عبد الساتر (بيروت)
أوروبا الصحافيات مارتين كروكسال وكارين جيانوني وكاسيا ماديرا وأنيتا ماكفي (بي بي سي)

بتهمة التمييز... أربع صحافيات يقاضين «بي بي سي»

رفعت أربع صحافيات مخضرمات دعوى قضائية ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، متهمة إياها بالتمييز، بعد الاستغناء عن عملهنّ كمقدّمات في الهيئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ إيفان غيرشكوفيتش المعتقل بتهم التجسس، ينظر من داخل قفص المتهمين قبل جلسة استماع للنظر في استئناف تمديد احتجازه السابق للمحاكمة في محكمة مدينة موسكو (أ.ف.ب)

بعد عام على اعتقاله بروسيا... عائلة الصحافي الأميركي غيرشكوفيتش «تواصل النضال»

بعد عام على اعتقال الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش في روسيا بتهم تجسس، تعهدت عائلته مواصلة معركة الإفراج عنه، مؤكدة أن براءته تمنحه القوة لمواجهة المحنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان

جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)
جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)
TT

واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان

جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)
جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

جدَّدت الإدارة الأميركية تعهداتها «بالوقوف مع شعب السودان لاستعادة الديمقراطية والحكم المدني، ومواجهة مَن يخوضون الحرب ويُهينون حُلمه وشجاعته». في هذه الأثناء، أعلنت قوات «الدعم السريع» أنها صدّت هجوماً شنّته القوات الحكومية في محور سنار، وألحقت بالقوة المهاجِمة «خسائر فادحة في الأفراد والعتاد»، بينما بقي الوضع في مدينة الفاشر طيّ الغموض.

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بريلليو، على صفحته في منصة «إكس»، الأحد، إنه وإدارته يقفان «إلى جانب الشعب السوداني في مطلبه الثابت بالديمقراطية الشاملة بقيادة مدنية».

وأبدى بريلليو، بمناسبة «اليوم العالمي للديمقراطية»، احتفاءه «بثورة الشعب السوداني» ضد نظام حكم الإسلاميين، بقيادة الرئيس الأسبق عمر البشير، بقوله: «نحتفي بالشعب السوداني الذي ألهم العالم بانتفاضته لرفض النظام القمعي، ورفض السيطرة على مستقبله».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

وتعهّد بالوقوف ضد «الذين يخوضون هذه الحرب»، وعَدَّ تمسكهم باستمرار الحرب «إهانة للحلم السوداني، واستهانة بشجاعة السودانيين ووقفتهم السلمية»، التي أسقطت النظام القمعي عبر الانتفاضة الشعبية في 11 أبريل (نيسان) 2019.

ومع أن بريلليو لم يذكر صراحةً الذين تعهّد بالوقوف ضدهم من «دعاة استمرار الحرب والاقتتال»، لكن الرجل كان قد سمّاهم بوضوح، في مناسبات صحافية سابقة، بأنهم أنصار النظام السابق، وأعضاء حزبه «المؤتمر الوطني» والإسلاميون.

من جهة أخرى، تناقلت منصات تابعة لقوات «الدعم السريع» مقاطع فيديو تعلن فيها أن قواتها في محور مدينة سنار صدَّت هجوماً شنَّه الجيش السوداني قرب منطقة مايرنو، وألحقت به خسائر فادحة في الأفراد والعتاد، ولم يُعلّق الجيش أو منصاته ومؤيدوه على الخبر.

كما نقلت عدة منصات، تابعة لقوات «الدعم السريع»، ولواء «البراء بن مالك»، نبأ مقتل قيادي بارز في اللواء هو قائد المدفعية بسنار محمد بدوي بشير.

ويتكون «لواء البراء» من متشددين إسلاميين، من أنصار نظام الرئيس عمر البشير، شاركوا في حروبه بجنوب السودان، ويصفه مناوئوه بأنه «ميليشيا» تابعة لحركة «الإخوان المسلمين، أتاح لها الجيش امتلاك مُعدات عسكرية متطورة، بما في ذلك المُسيّرات والمدفعية وغيرها».

وقال الناشط محمد خليفة، على صفحته بمنصة «فيسبوك»، إن قوات من الجيش وكتيبة «البراء بن مالك» و«المستنفرين»، حاولت الانفتاح، جنوب سنار، وغرب مدينة مايرنو، بَيْد أنها وقعت تحت إطلاق نار كثيف ألحق بها خسائر بشرية، وتدمير عربتين قتاليتين، فاضطرت للتراجع»، كما أن قوات «الدعم السريع» هي الأخرى، خسرت عدداً من جنودها في المعركة.

وفي الخرطوم بحري، ذكر شهود عيان أن الطيران الحربي، التابع للجيش، شنَّ هجمات مكثفة على مناطق بشرق النيل؛ حيث تسيطر قوات «الدعم»، دون ذكر تفاصيل حصيلة تلك الغارات. كما شنَّ غارات على مناطق جبل موية استهدفت مواقع لقوات «الدعم».

وبقي الغموض يحيط بالأوضاع في مدينة الفاشر، التي تشهد معارك عنيفة منذ عدة أيام، وسط تضارب كبير في المعلومات، ونقلت منصات مُوالية للطرفين أن الاشتباكات تجددت، صباح الأحد، في المحورين الشرقي والجنوبي.

وكانت قوات «الدعم» قد ذكرت أنها سيطرت على عدد من أحياء مدينة الفاشر، في الأحياء الجنوبية والشرقية، وأن الطيران الحربي «قصف مناطق تابعة للجيش، وقتل عدداً من الجنود وأفراد القوات المشتركة، مستهدفاً تدمير ذخائر يخشى استيلاء (الدعم السريع) عليها حال سقوط المدينة». بَيْد أن تقارير مُوالية للجيش ذكرت أن خمسة من أفراده لقوا مصرعهم، وأُصيب تسعة آخرون، جراء قصفٍ نفّذه طيرانه الحربي عن طريق الخطأ.