مقتل شرطي واثنين من زوّار كنيس يهودي بهجوم في جربة التونسية

واشنطن استنكرت الاعتداء وأشادت بالتحرك السريع لقوات الأمن

TT

مقتل شرطي واثنين من زوّار كنيس يهودي بهجوم في جربة التونسية

عناصر من الأمن التونسي في العاصمة تونس (رويترز)
عناصر من الأمن التونسي في العاصمة تونس (رويترز)

أعلنت وزارة الداخليّة التونسية، مساء الثلاثاء، مقتل 4؛ من بينهم منفِّذ العملية، وإصابة 10 أشخاص، بينهم 6 من رجال الأمن، في هجوم وقع في جربة، جنوب البلاد.

وقالت «الداخلية التونسية»، في بيان، إن «عون حرس تابع للمركز البحري للحرس الوطني بأغير جربة، أقدم، مساء اليوم، على قتل زميله باستعمال سلاحه الفردي، والاستيلاء على الذخيرة، ثمّ حاول الوصول إلى مُحيط معبد الغريبة، وعمد إلى إطلاق النار بصفة عشوائيّة على الوحدات الأمنيّة المتمركزة بالمكان، والتي تصدّت له ومنعته من الوصول إلى المعبد وأردته قتيلاً».

وأضاف البيان: «العمليّة أسفرت عن إصابة 6 أعوان أمن، بإصابات مُتفاوتة الخطورة، توفّي أحدُهم، كما توفّي اثنان من الزوّار، وإصابة 4 أشخاص آخرين بجُروح متفاوتة، جرى نقلهم إلى المستشفى؛ لتلقّي العلاج».

وذكرت وزارة الخارجية التونسية، في بيان، أن الزائرين القتيلين هما تونسي (30 سنة)، وفرنسي (42 سنة).

من جانبها، أعلنت السفارة الفرنسية في تونس، اليوم الأربعاء، أنها أنشأت «وحدة أزمة»، وخط طوارئ ساخناً، بعد الهجوم.

وعبّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، عن استنكار واشنطن للهجوم في جربة، مشيداً بالتحرك السريع لقوات الأمن التونسية. وقال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر، عبر حسابه على «تويتر»: «تستنكر الولايات المتحدة الهجوم، الذي وقع في تونس، بالتزامن مع الزيارة السنوية التي يقوم بها اليهود من مختلف أنحاء العالم، لكنيس الغريبة اليهودي».

وكانت «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية قد ذكرت أن إطلاقاً للنار استهدف كنيساً يهودياً في جربة، لكن، في وقت لاحق، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إطلاق النار وقع خارج الكنيس، وليس بداخله، مشيرة إلى أنه لم تقع إصابات بين زوار الكنيس.

وأظهر مقطع فيديو، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أشخاصاً يقفون في فناء المعبد اليهودي، فيما تردد صوت إطلاق نار. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه جَرَت إعادة عدد كبير من اليهود الموجودين في الكنيس، إلى الفنادق وتأمينهم.

وبدأت، يوم الاثنين، في جزيرة جربة التونسية، الطقوس الرسمية لموسم الحج اليهودي إلى كنيس الغريبة؛ أقدم المعابد اليهودية في شمال أفريقيا، وسط إقبال كبير من تونس وخارجها، ومشاركة رسمية. ويتوافد اليهود من أنحاء العالم على جربة؛ للحج في المعبد، الذي يعود تاريخه إلى ما قبل أكثر من 2500 عام، ويُعدُّ أيضاً مزاراً سياحياً مهماً، ويضم إحدى أقدم نُسَخ التوراة.

وفُرضت إجراءات أمنية مشدَّدة على الزيارة اليهودية، منذ أن هاجم أحد متشددي «تنظيم القاعدة» المعبد، في عام 2002، بشاحنة ملغومة، مما أسفر عن مقتل 21 سائحاً غربياً.



«هدنة غزة»: مساعٍ إلى «إطار انتقالي» يدفع نحو اتفاق أوسع

فلسطينية تنتحب حزناً على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب مدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينية تنتحب حزناً على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب مدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ إلى «إطار انتقالي» يدفع نحو اتفاق أوسع

فلسطينية تنتحب حزناً على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب مدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)
فلسطينية تنتحب حزناً على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب مدينة غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

يبذل الوسطاء جهوداً مكثفة لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كان أحدثها انضمام مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لمحادثات الدوحة، وسط مساعٍ للذهاب لإطار جديد يدفع نحو اتفاق أوسع مستقبلاً، وهو توجُّه لا تزال «حماس» تقف أمامه، مشدَّدة على أهمية التحرك صوب المرحلة الثانية التي تشمل انسحابات إسرائيلية واسعة.

ويتوقع خبراء ومحللون أن تقود تلك المساعي المطروحة على طاولة «محادثات الدوحة» التي تتواصل الأربعاء إلى اتفاق على إطار انتقالي يمدد المرحلة الأولى لنحو 60 يوماً، مقابل إطلاق سراح رهائن وأسرى فلسطينيين.

وأشار الخبراء، الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «حماس» قد تقبل بهذا الإطار تحت ضغوط وحوافز، خاصةً أن وصول ويتكوف لقطر يعني أن هناك جدية في مسار المحادثات بعد أن أجَّل الحضور أكثر من مرة.

ووصل ويتكوف إلى الدوحة، الثلاثاء، مع استئناف المحادثات بهدف تمديد الهدنة الهشة في غزة، ولقاء رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بحسب ما نشرته «تايمز أوف إسرائيل» الأربعاء.

فلسطينية تغسل أطباقاً وبجانبها طفلة في مخيم البريج وسط قطاع غزة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتحدثت «القناة 12» الإسرائيلية عن ضغوط يمارسها الوسطاء على «حماس» للإفراج عن 10 رهائن مقابل هدنة لمدة 60 يوماً لإثبات جديتها بقبول العرض، وبالتالي إتاحة مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاقات أوسع نطاقاً بشأن وقف إطلاق النار.

من جانبها، ترغب إسرائيل، بحسب ما نقلته «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤول سياسي، أن تتقدم الولايات المتحدة باقتراح لتمديد وقف إطلاق النار لمدة شهرين تقريباً، تفرج «حماس» خلاله عن نحو نصف الرهائن الأحياء مقدماً، وهو ما يتماشى مع الخطة الأصلية.

وترفض «حماس» حتى الآن الاقتراح، الذي عُرف باسم «خطة ويتكوف»، وتصر على التمسك بإطار الهدنة الذي بدأ سريانه في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، والمكون من 3 مراحل انتهت أولاها في الأول من مارس (آذار) دون التوصل إلى اتفاق على المرحلتين اللاحقتين اللتين يمكن أن تضمنا نهاية دائمة للحرب.

غير أن موقع «آي 24 نيوز» الإسرائيلي ذكر، الثلاثاء، أن «نسخة مصغرة لخطة ويتكوف» هي المطروحة بالنقاشات في قطر، مشيراً إلى اهتمام في إسرائيل بالانتقال إلى الاتفاق المقترح، وإلى أن فريق التفاوض في الدوحة «يحاول الترويج لمخطط ويتكوف، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف يوافقون على تمديد المرحلة الأولى مقابل عدة دفعات إضافية».

«هناك جدية»

السفير الفلسطيني الأسبق، بركات الفرا، يعتقد أن انضمام ويتكوف للمحادثات بعد تأجيل زيارته للدوحة أكثر من مرة يعني أن «هناك جدية» وأن هناك تقدماً واحتمالات للذهاب لحلول وسط، مرجحاً أن يكون تمديد الفترة الأولى هو الأقرب حالياً على أن تليه مناقشات لاحقة بشأن اتفاق أكبر.

ويرى رئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور سمير غطاس، أن السيناريو الأقرب هو الذهاب لخطة ويتكوف، سواء الأصلية بنصف عدد الرهائن أو المصغرة بإطلاق سراح 10 رهائن. غير أنه قال إن الأمر يتوقف على «حماس»، مشيراً إلى أن الضغوط والحوافز يمكن أن تدفع الحركة نحو قبول التمديد.

فلسطينيون يتجمعون على الشاطئ بالقرب من ملاجئ تضررت في الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة يوم الثلاثاء (رويترز)

بالمقابل، تتمسك «حماس» ببدء المرحلة الثانية؛ وقال المتحدث باسمها، حازم قاسم، إن جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بدأت الأربعاء، مؤكداً أن الحركة تتعامل «بكل مسؤولية وإيجابية» في هذه المفاوضات، ومعبراً عن أمله في أن تسفر هذه الجولة عن «تقدم ملموس» نحو بدء المرحلة الثانية من المفاوضات.

وبالتزامن، بحث رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأربعاء، بالدوحة «الجهود المبذولة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين بقطاع غزة».

ويرى الفرا أنه قد يحدث تغيير في موقف «حماس» لتقبل مبدئياً بتمديد المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن الحركة في الوقت الحالي ليست بقوتها السابقة، وأن ضغوط الوسطاء وصعوبة الظروف داخل القطاع قد تدفعها للقبول، خاصةً أن العودة للحرب ليست أولوية للجيش الإسرائيلي المنهك حالياً ومع عزوفه عن الدخول في أي معركة كبيرة جديدة.

ويتوقع غطاس أن تحاول «حماس» ربط التمديد بالمرحلة الثانية وإدخال المساعدات، مع إمكانية قبول حلول وسط بين مقترحي ويتكوف، موضحاً أن الحركة لا تتمسك بالمرحلة الثانية حال طرح شيء آخر مقبول، خاصة أنها طرحت في محادثاتها مع واشنطن قبل أيام عقد هدنة طويلة لسنوات.

وفي رأيه، لن يتجه نتنياهو لحرب حالياً، وستستمر حكومته في التلويح فقط بها، خصوصاً أنه يعمل في الفترة الراهنة على تمرير الموازنة حتى لا تسقط الحكومة.