منظمات حقوقية تونسية تطالب باستعادة «أبناء الدواعش» وإنقاذهم من براثن الإرهاب

أكثر من 170 طفلاً عالقاً في مخيمات شمال شرقي سوريا

أطفال «داعش» في مخيم «الهول» (الشرق الأوسط)
أطفال «داعش» في مخيم «الهول» (الشرق الأوسط)
TT

منظمات حقوقية تونسية تطالب باستعادة «أبناء الدواعش» وإنقاذهم من براثن الإرهاب

أطفال «داعش» في مخيم «الهول» (الشرق الأوسط)
أطفال «داعش» في مخيم «الهول» (الشرق الأوسط)

مع الإعلان عن استعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية بعد غياب دام 12 عاماً، وتبني القرار في اجتماع مغلق لوزراء الخارجية العرب، نشطت عدة منظمات وجمعيات حقوقية تونسية، من بينها «جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج»، و«المرصد التونسي لحقوق الإنسان»، لفتح ملف الأطفال التونسيين «أبناء الدواعش» العالقين رفقة أمهاتهم في المخيمات، والسجون السورية، واستعادة هؤلاء قبل فوات الأوان، ومحاولة إعادة إدماجهم في الوسط الاجتماعي التونسي.

أطفال من عائلات مسلحين كانوا في تنظيم «داعش» بمخيم الهول (الشرق الأوسط)

واعتمدت هذه المنظمات والجمعيات على نجاح السلطات التونسية خلال الفترة الماضية في التفاوض مع الجانب الليبي، وتمكنها من استعادة 5 أطفال من ضحايا «داعش» الإرهابي من ليبيا. وصرح المسؤولون عن هذه المنظمات بأن ما حدث في ليبيا يمكن النسج على منواله في سوريا، خصوصاً بعد استعادتها موقعها في الجامعة العربية، والإعلان عن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا خلال الفترة القليلة الماضية.

وفي هذا الشأن، كشف محمد إقبال بن رجب، رئيس «جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج» لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود أكثر من 170 طفلاً في مخيمات شمال شرقي سوريا، وذلك وفق ما ورد إلى الجمعية من ملفات.

وأضاف أن الدولة التونسية: «لم تتدخل لاسترجاع أي طفل عالق في مخيمات شمال شرقي سوريا، على الرغم من كثرتهم، والمخاطر الكثيرة التي تحيط بهم، ورفضت إسناد تفويض للجمعية لكي تقوم بدور الوسيط لاستعادتهم، على الرغم من تقدمها مرتين بمراسلة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد».

وأكد بن رجب أن أوضاع الأطفال التونسيين في السجون ومراكز الاحتجاز الليبية «أفضل حالاً من أوضاع الأطفال في المخيمات السورية أو السجون العراقية التي يديرها الأكراد»، على حد قوله.

وتابع موضحاً: «في سوريا والعراق، ثمة عائلات تونسية تعمل بجهود خاصة للوصول إلى أبنائها في المخيمات السورية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»؛ مشيراً إلى أن «استعادتهم مكلفة جداً ومعقدة للغاية».

وتسعى أطراف سياسية معارضة لمنظومة الحكم السابقة، بزعامة «حركة النهضة»، للكشف عن الأعداد الحقيقية للتونسيين الذين تمت عملية تسفير آلاف منهم إلى سوريا؛ خصوصاً خلال سنتي 2012 و2013، وتعول على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري للكشف عن خفايا هذا الملف الذي تُتهم «النهضة» بالمسؤولية السياسية عنه؛ خصوصاً وهي في سدة الحكم خلال السنتين المذكورتين.

وتنتظر عدة جهات سياسية وأمنية وقضائية شهادات العائدين من بؤر التوتر؛ خصوصاً في سوريا، للوقوف على ملابسات الملف، وتحديد مسؤولية كل طرف تجاه ما حدث.

وفي السياق ذاته، أعلن مصطفى عبد الكبير، رئيس «المرصد التونسي لحقوق الإنسان» عن تسلم 4 نساء زوجات مقاتلين في تنظيم «داعش» و5 أطفال من أبنائهم كانوا في السجون الليبية، وأشار إلى أنّ سن الأطفال تتراوح ما بين 5 أعوام و13 عاماً.

وكشف عن «مساعٍ من أجل تأمين عودة 10 تونسيات أخريات يقبعن بدورهن في سجون ليبية، بعد إصدار القضاء الليبي أحكاماً بشأنهنّ»، مؤكداً: «إنهن يقضينَ عقوبات تصل إلى السجن 16 عاماً، من بينهنّ نساء مع أطفال».

وفي تعاملها مع مثل هذه الملفات، اقترحت المنظمات والجمعيات الحقوقية التونسية، متابعة المسار القضائي للمتهمات، وتنفيذ الأحكام بالسجن في حقّهن بتونس، مقابل تسليم الأطفال إلى أسرهم، أو وضعهم تحت رعاية مؤسسات الدولة التونسية.

واستبقت تونس عملية تسلّم رعاياها من بؤر التوتر في الخارج، بالإعلان عن وثيقة مرجعية تحدد مسارات التعهد بالأطفال العائدين من مناطق النزاع، بعد أن تمكنت من استعادة 51 طفلاً من مناطق النزاع منذ سنة 2018.

وكشفت الوزارة التونسية للأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، عن دليل إجرائي يحدّد كيفية التعامل مع عودة «أبناء الدواعش» من جديد إلى تونس، وذلك وفقاً لخصوصية كلّ حالة، وإعادة دمجها من جديد عبر مسارات على سنوات طويلة، يحدّدها القانون التونسي بالعودة إلى النيابة العامة، وبذلك يبقى ملف الطفل تحت يد الدولة لسنوات، للاطمئنان على دمجه السوي في المجتمع وزوال أسباب التهديد.

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

على صعيد آخر، قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية، بالسجن لمدة 7 سنوات في حق أحد حراس معسكرات تنظيم «داعش» الإرهابي الذي سفَّرته إحدى شبكات التسفير إلى بؤر التوتر نهاية سنة 2014.

ووجهت المحكمة للمتهم تهمة «الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وتعريض التونسيين لمخاطر إرهابية، والانضمام الطوعي إلى تنظيم إرهابي، وتلقي تدريبات على حمل السلاح وصناعة المتفجرات». كما قضت المحكمة في حقه بـ3 سنوات مراقبة إدارية، إثر انتهاء العقوبة بالسجن.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».