مخاوف من توقف شامل للاتصالات في السودان لشح الوقود والكهرباء

شركة رئيسية أوقفت خدماتها وأخريات تقدم خدمات سيئة

أثرت الحرب في المؤسسات الخدمية ومن بينها شركات الاتصالات (رويترز)
أثرت الحرب في المؤسسات الخدمية ومن بينها شركات الاتصالات (رويترز)
TT

مخاوف من توقف شامل للاتصالات في السودان لشح الوقود والكهرباء

أثرت الحرب في المؤسسات الخدمية ومن بينها شركات الاتصالات (رويترز)
أثرت الحرب في المؤسسات الخدمية ومن بينها شركات الاتصالات (رويترز)

تفاقمت معاناة السودانيين بشكل مطرد؛ فإلى جانب تردي الأوضاع الأمنية بسبب الحرب، أضاف تعثر الاتصالات معاناة إضافية للمواطنين الذين هم في أمسّ الحاجة لخدمات الاتصالات للتواصل مع بعضهم البعض، ولمعرفة الأوضاع الأمنية والصحية لأفراد العائلات في البلاد وخارجها.

وأعلنت شركة اتصالات سودانية رئيسية عن توقف خدماتها جراء انقطاع التيار الكهربائي، وتعذر نقل الوقود لمولدات الاحتياط بسبب الحرب، فيما خرجت شركة ثانية من الخدمة دون إعلان، وتراجعت كثيراً خدمات الشركة الأكبر «زين»، الأمر الذي زاد حياة الناس صعوبة وتعقيداً، ما ينذر بانقطاع الاتصالات عن البلاد بشكل كامل في حال استمرار القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

واعتذرت شركة «إم تي إن سودان»، وهي الشركة الثالثة في ترتيب مزودي خدمة الاتصالات والإنترنت في البلاد، لمشتركيها في نشرة صحافية عن انقطاع «جميع خدمات المشتركين»، بسبب خروج جميع مقسماتها في الخرطوم عن العمل جراء انقطاع الإمداد الكهربائي، وتعذر نقل الوقود إلى المولدات الاحتياطية في المقسمات المختلفة، وأعلنت عن جهود حثيثة تقوم بها مع الجهات المعنية، وناشدتهم إيجاد حلول للمشكلة.

وتسيطر على سوق الاتصالات في السودان ثلاث شركات رئيسية، وهي وفق ترتيب أعداد المشتركين: «زين السودان»، وهي شركة كويتية سودانية، وتعد من أولى شركات الهائف الجوال التي عملت في البلاد، وشركة «سوداني»، وهي شركة حكومية تعد المقدم الثاني لخدمات الاتصالات في البلاد، فيما تأتي شركة «إم تي إن» الجنوب إفريقية في المركز الثالث من حيث عدد المشتركين والانتشار الجغرافي.

وفيما أعلنت «إم تي إن» توقف بعض الخدمات، فإن خدمات «سوداني» تكاد تكون شبه متوقفة منذ مساء أمس.

وقال شهود تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» من الخرطوم وولاية الجزيرة، إن خدمة «سوداني» متوقفة تماماً، بما في ذلك خدمات الاتصال الصوتي والإنترنت.

وأضاف أحدهم: "اضطررت للانتقال لخدمات (زين)، لكنها رديئة أيضاً».

ويخشى سودانيون من توقف شركات الاتصالات بشكل كامل، ما يصعِّب التواصل بين الأسر التي تشردت بين نازحة ولاجئة بسبب الحرب، لا سيما أن انقطاع الاتصالات يرتبط بانقطاع التيار الكهربائي، كما يخشون من أن يعيشوا في ظلام دامس لا تضيئه سوى القذائف ومضادات الطائرات، ومن عدم قدرة على التواصل أو الحصول على المعلومات التي تمكنهم من اتخاذ الخيارات اللازمة في ظل الحرب.

وتعمل شبكة «زين السودان» بصورة رديئة جداً، بحيث يتطلب الاتصال الصوتي إجراء أكثر من 10 محاولات لإجراء المكالمة، وقد تنقطع في أثناء الاتصال، فيما تقدم خدمة إنترنت غير ثابتة ومتقطعة، لا تكاد توفر للمشتركين قدرة على «تصفح» المواقع، ناهيك عن تحميل أو تنزيل محتوى كبير.

ويعاني السودان من نقص كبير في خدمة الكهرباء بسبب الحرب، إذ خرجت الكثير من محطات التوليد عن الخدمة، فيما توقفت أخرى بسبب أعطال ناجمة عن القصف، أو تعذر وصول المهندسين لإصلاحها، ويضاف إلى ذلك النقص العام في شبكة الكهرباء السودانية.

ودرجت شركات الاتصالات على تزويد الأبراج والمقسمات عن طريق المولدات الحرارية الاحتياطية في حال انقطاع التيار الكهربائي، لكن في ظل تعثر الحصول على الوقود، وتوقف محطات الخدمة، فإن هذه المولدات صمتت ولم تعد قادرة على تزويدها بالطاقة اللازمة للتشغيل.


مقالات ذات صلة

«الأمم المتحدة»: 3 ملايين طفل سوداني يواجهون خطر سوء تغذية حاد

شمال افريقيا صورة ملتقطة في يناير 2024، تظهر نساءً وأطفالاً في مخيم زمزم للنازحين، بالقرب من الفاشر في شمال دارفور، السودان (رويترز)

«الأمم المتحدة»: 3 ملايين طفل سوداني يواجهون خطر سوء تغذية حاد

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليوم (الجمعة)، إن نحو 3.2 ملايين طفل دون الخامسة يواجهون خطر الإصابة بسوء التغذية الحاد في السودان الذي يشهد حرباً عنيفة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

لم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

رحبت الحكومة السودانية بقرار الإدارة الأميركي فرض عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وطالبت المجتمع الدولي بموقف موحد.

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)

قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

«الخارجية الأميركية»: «قوات الدعم السريع»، والميليشيات المتحالفة معها، شنَّت هجمات ضد المدنيين، وقتلت الرجال والفتيان بشكل منهجي، وحتى الرُّضع، على أساس عرقي.

هبة القدسي (واشنطن)

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
TT

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)

كثفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية تحركاتها لإسدال الستار على الملفات المتراكمة المتعلقة بالأمن، وفي مقدمها «تفكيك مئات الألغام» الموروثة عن العقود والأعوام الماضية، والقضايا المرفوعة منذ مدة طويلة ضد عشرات المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية - أمنية، بينها «الضلوع في الإرهاب»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«الفساد الإداري والمالي».

واجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً مع رئيس الحكومة كمال المدوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزيري الدفاع والداخلية خالد السهيلي وخالد النوري، وطالب بتبسيط إجراءات التقاضي، وإقفال الملفات الأمنية والعدلية في «أقرب الآجال».

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

كما أعلنت صفحات رئاسة الجمهورية والحكومة عن إصدار أوامر للحكومة «للتحرك بسرعة ونجاعة»، وتجنب «طول الإجراءات والتسويف»، وضمان «نجاعة المسؤولين». وشملت القرارات إدارات الأمن الداخلي والخارجي، وملفات محاربة الإرهاب والمخدرات، والتهريب والجريمة المنظمة.

تأجيل يليه تأجيل

حسب بلاغ نشرته صفحة رئاسة الجمهورية، فقد أمر الرئيس التونسي خلال جلسة عمل مع وزيرة العدل بـ«احترام الزمن القضائي في حسم القضايا المعروضة أمام المحاكم... حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يتساوى أمامه جميع المتقاضين»، منتقداً «التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المعروضة منذ أكثر من عشرة أعوام»، بما يوحي بقدر من «تمييع دور العدالة والقضاء».

عبير موسي المعتقلة بتهمة التآمر على أمن البلاد (موقع الحزب)

يُذكر أن دوائر الاتهام وقضاة التحقيق أنهوا مؤخراً الإجراءات التمهيدية لإقفال ملفات التحقيق في قضايا عشرات المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب»، و«الفساد»، بينهم رجال أعمال وسياسيون وبرلمانيون ووزراء، وأمنيون وعسكريون سابقون، وعدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب «الدستوري»، وراشد الغنوشي وعلي العريض، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي، ومنذر الونيسي عن حزب «النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب «الجمهوري»، وغازي الشواشي عن حزب «التيار الديمقراطي» اليساري، ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورياض الشعيبي عن جبهة «الخلاص» المعارضة، إضافة لرجلي الأعمال المثيرين للجدل والسياسيين المستقلين كمال اللطيف وخيام التركي. علماً بأن متهمين آخرين أحيلوا أمام محاكم أخرى، بعد أن وجهت إليهم اتهامات مختلفة، تصل عقوبتها للإعدام.

عسكريون ضحايا الإرهاب

في أعقاب جلسات عمل جديدة مع وزراء الدفاع والعدل والداخلية، أمر الرئيس التونسي بتسوية وضعيات عائلات ضحايا الإرهاب والعنف من الأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتفعيل مؤسسة «فدا»، التي أحدثتها الدولة قبل نحو عامين لهذا الغرض.

راشد الغنوشي المعتقل بتهمة الإرهاب (د.ب.أ)

كما أمر الرئيس سعيد بتسوية ملفات مئات الجرحى، وعائلات شهداء انتفاضة 2010 -2011، خاصة من عرفوا بـ«شهداء الثورة وجرحاها»، وهم بضعة مئات ممن أصيبوا بالرصاص أثناء المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وكانت الحكومات والبرلمانات والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، قد دخلت منذ عام 2011 في جدال سياسي قانوني حول العدد الحقيقي لمن يمكن وصفهم بـ«شهداء الثورة وجرحاها». كما ظلت عائلات عشرات الأمنيين الذين قتلوا، أو أصيبوا بجراح خطيرة خلال المواجهات مع المسلحين والعصابات الإرهابية منذ 2011 دون سند مالي واجتماعي، إلى أن أحدثت رئاسة الجمهورية قبل عامين مؤسسة «فدا»، وقررت التكفل بكل الحالات الإنسانية مالياً واجتماعياً.

تفكيك الألغام الموروثة

أعلن وزير الدفاع الوطني قبل أيام أمام البرلمان أن القوات المسلحة تابعت طوال عام 2014 تحركاتها لتفكيك الألغام القديمة والجديدة، من بينها «ألغام يدوية الصنع» موروثة عن مرحلة الصراع بين السلطات والمجموعات المسلحة الإرهابية في جبال المحافظات الغربية للبلاد، والتي تسببت مراراً في مقتل أمنيين وعسكريين وتفجير عرباتهم.

ورغم تنويه السلطات الأمنية بنجاحها خلال العشرية الماضية في القضاء على أكثر من 90 في المائة من نشطاء المجموعات المسلحة، التي تنتمي إلى «تنظيم داعش»، و«القاعدة» وغير ذلك، فقد ظلت ألغام تنفجر وتتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين الرعاة والسكان والأمنيين خلال عبورهم تلك الجبال.

ولذلك نظمت حملة واسعة خلال الأشهر الماضية أسفرت عن تفجير حوالي 500 لغم، أغلبها يدوية الصنع.

عدد من المتهمين بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

وأعلنت مصادر أمنية أنه في سياق الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة، تم في محافظة سوسة اعتقال تكفيرييْن، كانا في حالة فرار، بعد أن وجهت إليهما تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، دون الكشف عن اسم هذا التنظيم.

وأسفرت الحملات الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا مماثلة تحال على دوائر مكافحة الإرهاب والفساد، وتبييض الأموال، وتهريب السلع والمهاجرين غير النظاميين. لكن طالبت عدة شخصيات حقوقية مستقلة، وقيادات سياسية، ومنظمات نقابية وحقوقية مواقف بالإفراج عن غالبية الموقوفين، وإحالتهم إن لزم الأمر على القضاء في حالة سراح.