تنخرط وزارة الإعلام السورية بعدة مشاريع لإعادة تنظيم العمل الإعلامي السوري الرسمي والخاص، بدءاً من وضع قانون جديد للإعلام، مروراً بإعادة إصدار الصحف الورقية، وليس انتهاء برعاية وضع «مدونة سلوكيات مهنية» لتكون بمثابة ما يشبه «دستور صحافة»، حسب وزير الإعلام حمزة مصطفى، الذي حذر من دور محتمل للإعلام قد يعيق عملية الانتقال السياسي.
جاء ذلك خلال الورشة النهائية لست عشرة ورشة عقدت في المحافظات السورية، شارك فيها نحو 600 صحافي وإعلامي للتوصل إلى صياغة «مدونة سلوكيات مهنية ومرجعية أخلاقية» لضبط الخطاب الإعلامي.

وأعلنت مؤسسة «الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع»، التابعة لوزارة الإعلام السورية، الأحد، إطلاق النسخة الورقية الأولى من صحيفة «الثورة» الرسمية بعد عام من الإطاحة بنظام بشار الأسد، وبعد سنوات من غياب الصحف والمطبوعات الورقية عن الأسواق السورية.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر في وزارة الإعلام، أن لجنة قانونية في الوزارة تعمل على وضع قانون إعلام جديد، وذلك بينما تجاوز عدد طلبات ترخيص وسائل إعلامية مستقلة التي تلقتها الوزارة 300 طلب. بينها صحيفة سياسية يومية خاصة.

ودعت المديرية العامة للشؤون الصحافية في وزارة الإعلام، يوم الأحد، صحافيين وإعلاميين مستقلين، للمشاركة في ورشة العمل النهائية لوضع «مدونة سلوكيات مهنية» تهدف إلى وضع مرجعية أخلاقية للعمل الإعلامي عموماً في سوريا الجديدة، وذلك في محاولة لكبح خطاب الكراهية وانتشار التضليل الإعلامي.

وشارك في وضع المدونة أكثر من 600 إعلامي وصحافي من عموم المناطق السورية، ضمن ست عشرة ورشة عمل عقدت في العاصمة والمحافظات، اختتمت بورشة نهائية أقيمت في دمشق بحضور وزير الإعلام حمزة مصطفى، لإقرار النسخة النهائية من المدونة المؤلفة من نحو 70 صفحة. مع ملحق خاص بصناع المحتوى.
وقال وزير الإعلام حمزة مصطفى في افتتاح الورشة، إن التحدي الأكبر في مرحلة الانتقال السياسي، لا سيما بعد تمردات اجتماعية كبرى، هو أن كل نواظم العمل في النظام القديم لم تعد قابلة للاستمرار، وفي المراحل الانتقالية كما هي الحال في الدول الراسخة، «هناك تمييز في المساحات ما بين حرية التعبير المطلوبة والمسؤولية والمهنية والموضوعية اللازمة لإنضاج المرحلة الانتقالية».
وأضاف أنه مثلما «ساهم الإعلام في هدم أنظمة ديكتاتورية، يمكن أيضاً في بعض الأحيان أن يؤدي دوراً سلبياً في إعاقة عملية الانتقال»، لافتاً إلى أن وزارة الإعلام تطمح إلى صيغة مدونة سلوكيات مهنية تكون أشبه بـ«دستور للصحافة»، ولهذا اهتمت الوزارة بعملية وضع المدونة بحيث يشارك أكبر عدد من الصحافيين المستقلين في وضعها.
وزير الإعلام يلتقي الإعلاميين في حماة ويؤكّد أهمية دعم الكوادر الإعلاميةعقد وزير الإعلام الدكتور حمزة مصطفى اجتماعاً في محافظة حماة مع عدد من الصحافيين، بحضور مدير الإعلام في المحافظة قصي الشبيب.وناقش الوزير خلال اللقاء أبرز التحديات التي تواجه العاملين في القطاع الإعلامي... pic.twitter.com/DWlY2RNGwc
— محافظة حماة (@hamaaGov1) November 8, 2025
هذا وقد ورثت السلطة الإعلامية الجديدة سلة من المشاكل المستعصية في الإعلام الرسمي التابع للنظام البائد، وفي مقدمتها ترهل الكوادر الإعلامية والتقنية، وتهالك البنى التحتية، وسلوكيات مهنية مقيدة.
وسعت الإدارات الإعلامية الجديدة إلى تصميم هوية بصرية جديدة، وتغيير طرق الكتابة، وإيجاد قواعد جديدة للعمل الإعلامي الرسمي، والعمل على إعادة الإصدار الورقي في مغامرة لم تتضح جدواها الاقتصادية بعدُ، من حيث تكاليف الطباعة والنشر والتوزيع، في ظل فجوة عميقة ناجمة عن تهالك البنى التحتية، في الوقت الذي يشهد فيه عالم الصحافة والإعلام الرقمي قفزات متسارعة عالمياً.
شارك وزير الإعلام السوري حمزة مصطفى في المنتدى الإعلامي العربي الحادي والعشرين في بيروت، الذي عقد تحت شعار «الإعلام والتنمية: شركاء الحاضر وحلفاء المستقبل»، تحت رعاية رئيس لبنان جوزيف عون وبالتعاون مع وزارة الإعلام اللبنانية. pic.twitter.com/ahySuR6xtW
— Sham-news اخبار الشام (@Sham__news) October 30, 2025
وتسلمت السلطة السورية في المرحلة الانتقالية عدداً من المؤسسات الإعلامية الرسمية الضخمة، تشمل نحو سبع صحف سياسية يومية، وهي: «الثورة» و«تشرين» التي تغير اسمها إلى «الحرية»، وتصدران في العاصمة دمشق، إلى جانب صحف المحافظات: «الجماهير» في حلب، و«العروبة» في حمص، و«الفداء» في حماة، و«الفرات» في دير الزور، و«الوحدة» في اللاذقية، بالإضافة إلى «الموقف الرياضي»، وصحيفة «البعث»، وقد توقفت بعد سقوط النظام، مع عدد من صحف المنظمات الرديفة لحزب البعث والنقابات، كما تسلّمت السلطة الجديدة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وتضم إذاعتين وأربع قنوات تلفزيون، وقد أعيد تشغيل قناة منها هي «الإخبارية» السورية.

وعلق النظام السابق إصدار الصحف الورقية اليومية الرسمية والخاصة في سوريا منذ عام 2020، لدى تفشي فيروس «كورونا»، وتم الاكتفاء بالمواقع إلكترونية، منها: «موقع مؤسسة الوحدة»، وموقع «سيرياتايمز»، و«الثورة أونلاين»، و«تشرين أونلاين»، و«الوحدة أونلاين». وجاء ذلك ضمن الإجراءات الاحترازية، لكنها كانت فرصة لضغط النفقات وتخفيف الأعباء عن الميزانية العامة لأنها لم تعد إلى الصدور بعد انتهاء الإجراءات الاحترازية لتفشي وباء كورونا. وترافق ذلك بحل مؤسسة توزيع المطبوعات ووقف استيراد المطبوعات.
