رغم وقف النار... مطابخ غزة الخيرية ما زالت تفتقر للمواد الأساسية

أطفال فلسطينيون ينتظرون حصة طعام في النصيرات (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون ينتظرون حصة طعام في النصيرات (أ.ف.ب)
TT

رغم وقف النار... مطابخ غزة الخيرية ما زالت تفتقر للمواد الأساسية

أطفال فلسطينيون ينتظرون حصة طعام في النصيرات (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون ينتظرون حصة طعام في النصيرات (أ.ف.ب)

على الرغم من تحقيق بعض التقدم على صعيد كميات المواد الغذائية التي يُسمح بإدخالها إلى غزة منذ وقف إطلاق النار، فإن المطابخ الخيرية في القطاع ما زالت تواجه نقصاً في بعض المواد الأساسية، وفقاً لما أكده تقرير نشرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

ولطالما كان الحصول على الغذاء مصدر قلق مستمر منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث فرضت إسرائيل قيوداً مشددة على دخول الإمدادات عبر معابر غزة.

وقد أدى ذلك إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي. وقد أعلنت الأمم المتحدة المجاعة رسمياً في مدينة غزة في أغسطس (آب).

وتحدثت «بي بي سي»، إلى عدد من مسؤولي المنظمات التي تشغل المطابخ الخيرية في غزة، ومن بينها منظمة «أنيرا» (Anera) الأميركية التي تشغل مطبخاً في المواصي جنوب القطاع، وآخر في بلدة الزوايدة وسط القطاع افتتحته بعد بدء وقف إطلاق النار قبل ستة أسابيع.

وقال مسؤولي المنظمة إنه في مطلع العام الحالي، بعد الحصار الإسرائيلي الذي منع دخول جميع المواد الغذائية والسلع الأخرى، كانت المخزونات تتضاءل بشكل ملحوظ وكان الوضع سيئاً للغاية.

لكن الآن، مع السماح بدخول المزيد من المواد الغذائية، تحسن الوضع، حسب قولهم.

ولفت المسؤولون إلى أن «أنيرا» تُقدم يومياً وجبة ساخنة لأكثر من 20 ألف شخص.

ويقول سامي مطر، أحد القادة في المنظمة: «لقد انتقلنا من استخدام 15 وعاءً إلى 120 وعاءً يومياً، مستهدفين أكثر من 30 مخيماً للنازحين داخلياً». ويضيف: «نخدم الآن أكثر من 4 آلاف عائلة مقارنةً بـ900 عائلة فقط قبل ستة أشهر».

مكونات أساسية مفقودة

لكن بينما نجحت «أنيرا» في توفير المزيد من الطعام، الذي تُدخله إلى غزة شريكتها، منظمة «وورلد سنترال كيتشن» الإنسانية الأميركية، لا تزال هناك مكونات أساسية مفقودة لتحسين النظام الغذائي للسكان.

ويقول مطر: «نقتصر في الغالب على طهي ثلاثة أنواع فقط من الوجبات أسبوعياً: الأرز والمعكرونة والعدس. وتُقدم هذه الأطعمة مع خضراوات معلبة وصلصة طماطم. ونحن نعمل جاهدين لإضافة خضراوات مثل الفلفل الحلو والبصل والبطاطس. فهذا يُمكّننا من تحسين المذاق والقيمة الغذائية».

طفل فلسطيني نازح يأكل المعكرونة بعد حصوله على طعام في ملجأ تقيم فيه عائلات بالنصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويضيف: «نحتاج إلى تنويع الطعام، وإدخال خضراوات طازجة وبروتينات أساسية، مثل اللحوم والدجاج. هذه المواد الأساسية غير مسموح بدخولها إلى غزة ضمن المساعدات الإنسانية».

وفي الوقت الحالي، لا يستورد التجار سوى اللحوم والدواجن الطازجة، وهي باهظة الثمن بالنسبة لمنظمات الإغاثة التي لا تستطيع شراءها محلياً.

ومنذ الهدنة، قدمت منظمة «أنيرا» وجبة واحدة فقط تحتوي على اللحم، والذي كان معلباً.

وتقول «أنيرا» إن مطابخها تفتقر أيضاً إلى الأدوات والأغلفة وأسطوانات الغاز، التي كانت ستجعل عملية الطهي أسهل وأكثر نظافة.

وخلال الأسبوع الماضي، أفادت الأمم المتحدة بأن عدد الوجبات اليومية الموزعة في غزة عبر شبكة من المطابخ، التي تديرها منظمات مختلفة، قد وصل إلى 1.4 مليون وجبة، بزيادة عن أقل من مليون وجبة قبل شهر واحد فقط. ويبلغ إجمالي سكان القطاع أكثر من مليوني نسمة.

وتقول عايدة صالحة من مدينة غزة: «نعيش على ما يقدمه المطبخ الخيري. يحضرون لنا الطعام والماء والخبز. قد يكون الخبز مرة واحدة في الأسبوع أو مرة كل أربعة أيام».

وتعيش عايدة، الأم لستة أطفال، مع أقارب آخرين في خيمة تقول إنها انهارت عليهم خلال الأمطار الغزيرة الأخيرة.

وتضيف: «أقسم أن شيئاً لم يتغير منذ وقف إطلاق النار. كنا سعداء فقط بتوقف سفك الدماء المستمر».

وتضغط وكالات الإغاثة على إسرائيل لفتح جميع المعابر الخمسة المؤدية إلى غزة؛ حيث تعمل حالياً 3 معابر فقط.

كما تطالب الوكالات بتخفيف القيود المفروضة على عمليات بعض المنظمات الإنسانية القائمة حتى تتمكن من إدخال إمداداتها الخاصة.

وجبة واحدة فقط يومياً

وفي الوقت الحالي، أفاد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بأن ربع أسر غزة تتناول وجبة واحدة فقط يومياً.

وأضاف أنه على الرغم من أن أسعار المواد الأساسية، مثل الخضراوات وزيت دوار الشمس والدقيق، قد انخفضت في الأسواق المحلية، فإنها لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عامين، قبل الحرب.

طفلة تبكي أثناء محاولة الحصول على طعام في غزة (أ.ب)

وفي استطلاعات الرأي، أفاد ثلثا الأسر بمواجهتهم صعوبات في شراء الطعام - في معظم الحالات بسبب نقص السيولة النقدية.

ويقول عبد الكريم عبد الهادي، وهو أب لسبعة أطفال من جباليا شمال غزة، ويتلقى مساعدات غذائية من «أنيرا»: «دخلنا عامنا الثالث منذ الحرب، ولم يبقَ لدي مال ولا ذهب ولا ممتلكات. أنا منهك تماماً».

ويضيف: «استُشهد ابني. دُمرت جميع طوابق منزلنا الأربعة. فقدنا سيارتين. نحن مدمرون تماماً. نعيش في وضع كارثي كل يوم».

لا تزال هناك مكونات غذائية أساسية مفقودة في غزة (أ.ب)

الطقس يزيد من صعوبة الأمر

ومع بداية الطقس البارد والممطر، تزداد الحياة صعوبة. ويبذل عمال الإغاثة، مثل سامي مطر، قصارى جهدهم لمساعدة سكان المخيمات.

ويقول مطر: «المحادثات التي نجريها مع العائلات في المخيمات مفجعة. المشاعر السائدة هي عدم يقين عميق وإرهاق. إنهم قلقون بشأن كيفية تدفئة أطفالهم وإطعامهم ولا يرون طريقاً واضحاً للعودة إلى منازلهم».

وبعد موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لغزة الأسبوع الماضي، ينتظر الناس ليروا ما سيحدث لاحقاً.

ويقول مطر: «يدرك الكثيرون أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و(حماس) لا يزال هشاً، لكنهم في أمسّ الحاجة إلى استمراره. كل ما يريده الناس هو أن يعيشوا في مكان آمن، وأن يتمكنوا من طهي وجبة ساخنة لأطفالهم بحب وكرامة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

خاص إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين مباني مدمرة وأعمدة دخان تتصاعد في الأفق إثر غارات إسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مصر: لا مجال للحديث عن تقسيم غزة... والانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب ضرورة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.