فجّر وزير العمل أحمد الأسدي في حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد السوداني أزمة مالية داخل أروقة الحكومة العراقية، حين تحدث عن «سحب» تريليونين و530 مليار دينار عراقي (أكثر من مليار ونصف المليار دولار) من أموال صندوق هيئة الرعاية الاجتماعية، الأمر الذي نفته وزارة المالية وكذّبه مصرف الرافدين، بعد أن أشار الأسدي إلى أنهما قاما بسحب تلك الأموال.
وتعيد القصة الجديدة إلى الأذهان سحب أكثر من مليارَي دولار من أموال التأمينات الضريبية عام 2021، أو ما بات يُعرف بـ«سرقة القرن»، من دون أن تتمكن السلطات من استعادة تلك الأموال.
وقال الأسدي خلال مقابلة تلفزيونية إنه تمكن من «زيادة أموال هيئة الرعاية الاجتماعية من 430 مليار دينار إلى تريليونين و530 مليار دينار من خلال استحصال الغرامات وأرباح الشركات الحكومية والنسبة المالية على المرتبات».
تسمع النشرة الاقتصادية بإذاعة مونت كارلو: «الإمارات تستثمر #مليار_دولار في مشاريع الذكاء الاجتماعي الاصطناعي في أفريقيا«بالعراق، يگعد الصبح تسمع تصريح وزير العمل: أكثر من مليار ونص دولار تم سحبهن من دون علم الوزارة!من يحسبون انفسهم رجال دولة، عليهم استحضار هذا الفارق! pic.twitter.com/IAcWkREGq4
— إياد العنبر (@ayadhussein1) November 23, 2025
لكنه عبّر عن أسفه لـ«عدم قدرته على المباشرة باستثمار تلك الأموال؛ لأننا وجدنا قبل نحو شهرين أن تلك الأموال قد سُحبت».
وذكر أن وزارته قدمت شكوى بهذا الاتجاه، وأن «وزارة المالية ومصرف الرافدين رغم نفي كليهما، أعتقد أنهما قاما بشراء سندات في تلك الأموال».
وكشف الأسدي عن الأزمة المالية الخطيرة التي يحذر الاقتصاديون منها والمتعلقة بعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية إلا من خلال بيع السندات والاقتراض، لافتاً إلى أنه «منذ هبوط أسعار النفط عن 70 دولاراً للبرميل، أصبح لدينا مشكلة في دفع مرتبات الموظفين».
ونقل أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل الموسوي عن مصادر، الأحد، قولها إن «أموال صندوق الرعاية الاجتماعية قد تم سحبها لتمويل رواتب الموظفين».
في المقابل، أكدت وزارة المالية، الأحد، أن مبالغ الحماية الاجتماعية لم يتم سحبها، بل تجميد الحساب فقط.
وذكرت في بيان: «تابعنا باهتمام التصريح المتلفز الذي أدلى به وزير العمل والشؤون الاجتماعية، والذي تضمّن معلومات غير دقيقة تتعلق بسحب مبالغ حساب شبكة الحماية الاجتماعية، ونود بيان أن المبلغ لم يتم سحبه، وإنما تم تجميد الحساب فقط».
وشرحت موقفها عبر ثلاث نقاط مطولة، قالت في الأولى إنه «تم فتح الحساب الجاري الخاص بشبكة الحماية الاجتماعية منذ عام 2015، ويمول مركزياً لغرض صرف رواتب الرعاية الاجتماعية فقط استناداً إلى قانون الحماية الاجتماعية (وذكرت تفاصيل القانون). وإن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم تقم بمتابعة رصيد الحساب بالشكل الصحيح من خلال التأييد بالمطابقة للمصرف على الرغم من وجود مبالغ يتم إيداعها خلافاً لطبيعة الحساب، ومنها مبالغ مسترجعة من البطاقات الذكية لمستفيدي الحماية الاجتماعية للسنوات من (2015 إلى 2025)».
وتابعت أنه «من خلال عمليات التدقيق المالي والفني التي أجرتها وزارتنا وديوان الرقابة المالية الاتحادي، تبيّن وجود استخدامات للحساب خارج طبيعته المحددة، وهي ممارسات لم تتم من قبل وزارتنا، ويتضمّن الحساب أيضاً مبالغ تمويلات محوّلة من وزارة المالية، إضافة إلى مبالغ مسترجعة من البطاقات الذكية لمستفيدي الحماية الاجتماعية، وهي أموال لا تزال موجودة داخل الحساب ولم تُسحب».
وأضافت أن «الموضوع قد خضع للتدقيق من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي (دائرة تدقيق النشاط الاجتماعي)، وتم تثبيت الملاحظات الخاصة بالحساب بشكل رسمي، وطلب الديوان تحليلاً مفصلاً للإيرادات الموجودة ضمن الحساب».
وأكدت الوزارة «التزامها التام بالقوانين والتعليمات، واستمرارها بالتعاون مع الهيئات الرقابية لإظهار الحقيقة كاملة، وضمان عدم استغلال المال العام لأي غرض خارج الإطار المخصص له».
«الرافدين» يكذّب الوزير
من جهته، أكد مصرف الرافدين، هو الآخر، عدم تلقيه من وزارة العمل أي طلب أو رغبة في استثمار مبالغ الحماية الاجتماعية أو سحبها.
وقال في بيان صدر عنه الأحد إن «ما تم تداوله من تصريحات لوزير العمل والشؤون الاجتماعية، بشأن رصيد حساب صندوق هيئة الحماية الاجتماعية، غير دقيق؛ إذ إن المبلغ المشار إليه يعود في الحقيقة إلى حساب شبكة الحماية الاجتماعية المموّل مركزياً من وزارة المالية، وليس للحساب المذكور آنفاً».
وتابع أن «الرصيد الفعلي لحساب شبكة الحماية الاجتماعية يبلغ 2.495.921.687 ديناراً، في حين يبلغ رصيد حساب صندوق هيئة الحماية الاجتماعية 390 مليار دينار فقط، وجميع هذه الأرصدة متوفرة لدى المصرف بشكل كامل من دون أي نقص أو سحب».
وأوضح المصرف أن دوره «يقتصر على مسك الحسابات وتنفيذ أوامر الصرف الرسمية الواردة من الوزارة من دون أي تدخل في قراراتها، ولم ترد إليه أي موافقة من وزارة المالية لإجراء تحويلات بين الحسابين».
وأكد أنه «لم يتلقَّ من وزارة العمل أو من إدارة الصندوق أي طلب أو رغبة في استثمار تلك المبالغ أو سحبها، كما لم يرد إليه أي إشعار أو تبليغ بوجود دعوى قضائية ضد المصرف من أي جهة تتعلق بهذا الموضوع».
وأشار إلى «احترامه الكامل للمؤسسات الحكومية، مع احتفاظه بحقه القانوني تجاه أي معلومات غير دقيقة قد تمس سمعته المؤسسية أو تشكّك بسلامة إجراءاته».
