الضفة الغربية: المستوطنون يصعّدون اعتداءاتهم.. والجنود يقتلون شابين

وزير الدفاع الإسرائيلي يقترح إدخال المتطرفين في دورات تثقيف

خلال تشييع سامي إبراهيم سامي مشايخ البالغ 16 عاماً في قرية كفر عقب شمال القدس الجمعة (إ.ب.أ)
خلال تشييع سامي إبراهيم سامي مشايخ البالغ 16 عاماً في قرية كفر عقب شمال القدس الجمعة (إ.ب.أ)
TT

الضفة الغربية: المستوطنون يصعّدون اعتداءاتهم.. والجنود يقتلون شابين

خلال تشييع سامي إبراهيم سامي مشايخ البالغ 16 عاماً في قرية كفر عقب شمال القدس الجمعة (إ.ب.أ)
خلال تشييع سامي إبراهيم سامي مشايخ البالغ 16 عاماً في قرية كفر عقب شمال القدس الجمعة (إ.ب.أ)

بعد ساعات من قرار الحكومة الإسرائيلية «القيام بإجراءات عقابية وتثقيفية»؛ لمعالجة الاعتداءات الإرهابية الاستيطانية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، أقدم أفراد ميليشيات المستوطنين المسلحة، المعروفة باسم «شبيبة التلال»، على تصعيد جديد لاعتداءاتهم، اليوم الجمعة، فأحرقوا عدداً من البيوت، ومزرعةً قرب بيت لحم، وعدداً من المنازل في مناطق القدس ورام الله ونابلس والخليل.

وحذَّرت مصادر أمنية مطلعة من أن هناك خطراً جدياً بأن يتم تكرار «مجزرة الدوابشة» التي وقعت في قرية دوما، في سنة 2015، وقام خلالها إرهابيون يهود بإحراق بيت في قرية دوما قرب نابلس وأفرادها نيام، وتسبَّب ذلك في قتل 3 منهم، الوالدان ريهام وسعد، وطفلهما الرضيع علي (18 شهراً)، بينما أُصيب الطفل أحمد (4 سنوات في حينه)، بجروح خطيرة، من الدرجة الثالثة، ولحقت أضرار بنسبة 80 في المائة من جسمه.

ونقلت الإذاعة الرسمية «كان» عن مصدر سياسي في تل أبيب قوله إن الانطباع السائد هو أن تلك الميليشيات تعمل تحت غطاء داعم من عدد كبير من الوزراء، ومن قادة المستوطنين، وحتى من عدد من قادة الجيش.

 

مقتل فلسطينيين

 

ويتضح أن الجيش نفسه، لم يوقف اعتداءاته على الفلسطينيين، التي تعدّ أشد خطراً من اعتداءات المستوطنين. وفقط في ليل الخميس – الجمعة، قُتل شابان برصاص قواته في أثناء اقتحامها بلدة كفر عقب، شمال شرقي مدينة القدس المحتلة.

فلسطيني يعاين الأضرار التي أحدثها مستوطنون في الفيلا التي يملكها قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية الجمعة (إ.ب.أ)

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بأن االقتيلين هما عمرو خالد أحمد المربوع (18 عاماً)، وسامي إبراهيم سامي مشايخ (16 عاماً). وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت كفر عقب، ونشرت دورياتها الراجلة في شوارعها، كما اعتلى قناصتها أسطح مبانٍ عدة، وأطلقوا النار على الشبان في القرية، بحجة التفتيش عن مشبوهين بقضايا أمنية.

وبذلك ترتفع حصيلة القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين منذ مطلع العام الحالي إلى 244 قتيلاً، بينهم 43 طفلاً و6 نساء، وإلى 1040 فلسطينياً وإصابة نحو 10 آلاف و700، فضلاً عن اعتقال أكثر من 20 ألفاً و500 فلسطيني، بينهم 1600 طفل، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

مجلس وزاري مصغر

وكان المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الإسرائيلية قد التأم، بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مساء الخميس؛ للتداول في خطورة نشاط المستوطنين.

وقال نتنياهو: «أنظر بخطورة بالغة إلى أعمال الشغب العنيفة، ومحاولة حفنة من المتطرّفين، الذين لا يمثّلون المستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلّة)، الاستيلاء على القانون بأيديهم».

ساحة سيارات خردة أحرقها مستوطنون قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية الجمعة (إ.ب.أ)

وتبيَّن خلال البحث أن الميليشيات المسلحة للمستوطنين لا تتألف من بعض الفوضويين المتطرفين فحسب، بل هي مجموعة منظمة من الشباب العقائديين، الذين يعملون تحت قيادة رجال سياسة ورجال دين يحرضونهم على التمرد أيضاً على الدولة وقوانينها، ويكنون العداء لجنود الجيش الإسرائيلي وينعتونهم بـ«اليودو نازي»، أي «اليهود الذين يعملون في خدمة النازية». ويعتدون على نشطاء اليسار اليهود، ويعدّونهم أسوأ من الفلسطينيين. وفي الآونة الأخيرة يعتدون حتى على المستوطنين، الذين يتحفظون من نشاطهم. ولذلك يرون فيها خطورة بالغة.

ولكن خلافات ظهرت في كيفية معالجة هذه الظاهرة. فوزراء اليمين المتطرف، أمثال بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، يرفضون معاقبتهم. ووزراء اليمين يختلفون مع قيادة الجيش والمخابرات في اعتبارهم خطراً أمنياً، ويرون أنهم «مجرد شباب طائشين».

واقترح وزير الدفاع، يسرائيل كاتس الاكتفاء بإدخالهم في دورات تثقيف حول المواطنة الجيدة، بينما طلبت أجهزة الأمن اتخاذ إجراءات ردع وعقاب محدودة، رافضين العودة إلى أوامر الاعتقال الإداري.

وحرص الوزراء على التأكيد أن «هؤلاء الفتية ليسوا إرهابيين، ولا يجوز مقارنتهم مع الإرهابيين الفلسطينيين». ورفضوا اعتبارهم تنظيماً.

أضرار أحدثها مستوطنون داخل فيلا يملكها فلسطيني قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية الجمعة (إ.ب.أ)

ويبدو أن هؤلاء الإرهابيين قرَّروا البرهنة على أن ما يقوله عنهم الوزراء غير صحيح، وأنهم في الواقع تنظيم كبير له قيادة تضع خططاً عسكرية منظمة.

وبعد ساعات قليلة من انتهاء اجتماع المجلس الوزاري، خرجوا إلى هجوم منظم على 14 قرية فلسطينية، تمتد من جنوب الضفة إلى شمالها، وكتبوا شعارات تدل على هويتهم اليهودية الاستيطانية. وأحرقوا ليس فقد مركبات، بل بيوتاً عندما كان أهلها نياماً. وبأعجوبة لم يمت مواطنون.

وذكر شهود عيان فلسطينيون أن النيران اشتعلت بشكل كبير داخل «الفِلل السياحية» والمنازل، مخلّفة خسائر مادية فادحة، من دون أن تتدخل قوات الجيش الإسرائيلي لوقف الاعتداء. وعندما حاول سكان بيت لحم صد هجوم المستوطنين، وأغنامهم التي جلبوها لترعى في الأراضي الفلسطينية، أطلق عليهم جنود الاحتلال قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع؛ ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق. بينما كان المستوطنون يرقصون فرحاً وغبطة.

يذكر أن الإحصاءات الفلسطينية تؤكد أن عدد الاعتداءات التي نفّذها المستوطنون، فقط خلال أكتوبر الماضي، بلغ 766 اعتداء، تركزت في محافظات رام الله والبيرة ونابلس والخليل، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

 


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتأهب لتصعيد من الضفة... وتمدد عملياتها لأسبوعين

شؤون إقليمية آليات تابعة للاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس بالضفة الغربية يوم الثلاثاء (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تتأهب لتصعيد من الضفة... وتمدد عملياتها لأسبوعين

تستعد إسرائيل لتصعيد أكبر في الضفة الغربية يشمل هجمات فلسطينية محتملة على خلفية العملية العسكرية المتواصلة في شمال الضفة التي تم تمديدها لأسبوعين إضافيين

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية أثناء استئناف الدراسة خلال وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بمدينة غزة 2 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

مقتل شخصين في قصف إسرائيلي على حي التفاح شرق مدينة غزة

قالت المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة مساء اليوم الثلاثاء إن شخصين قُتلا وأصيب أكثر من 15 نتيجة قصف مدفعي إسرائيلي على منزل شرق مدينة غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية لحظة تفجير منزل الفلسطيني المعتقل عبد الكريم صنوبر في نابلس بالضفة الغربية بعد أن فجّرته قوات إسرائيلية الثلاثاء (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل توسع اقتحامات الضفة... وفلسطينيون يردون بالدهس والطعن

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فلسطينيين نفذا هجومين ضد جنود إسرائيليين، في ذروة توسيع عمليتها في شمال الضفة، وسط مخاوف من انفجار أوسع.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية صورة من موقع الحادث اليوم (موقع واي نت)

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين مشتبه بهما في الضفة الغربية

قتلت القوات الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، بالرصاص فلسطينيين مشتبه بهما، مطلوبين في هجومين أسفرا عن إصابة ثلاثة إسرائيليين بالضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال مداهمة في جنين بالضفة الغربية المحتلة خلال نوفمبر (رويترز)

قوات إسرائيلية تقحتم مدينة طوباس بالضفة وتفرض منع التجول

أعادت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحام مناطق واسعة من مدينة طوباس وبلدة عقابا شمال الضفة الغربية، فجر اليوم (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.