عكس إطلاق النار على دورية للجيش اللبناني في بعلبك، شرق لبنان، مساء الثلاثاء، حجم التحديات التي يواجهها الجيش في الداخل اللبناني، حيث يلاحق المطلوبين ويفرض الاستقرار بحزم، بالتزامن مع ضغوط خارجية وحملات إسرائيلية ضده، في وقت تمضي فيه المؤسسة العسكرية في تنفيذ مهامها بمعزل عن كل المعوقات والتحديات، وفق ما تؤكد مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط».
وقُتل عسكريان لبنانيان، وأصيب 3 بجروح، مساء الثلاثاء، نتيجة اشتباكات مع مطلوبين خلال تنفيذ مديرية المخابرات سلسلة عمليات دهم بمؤازرة وحدة من الجيش بمنطقة الشراونة - بعلبك. وقالت قيادة الجيش، في بيان، إنه خلال الاشتباكات «أصيب المواطن المطلوب (ح.ع.ج) الذي كان من بين مطلقي النار على الجيش، وما لبث أن فارق الحياة، وهو من أخطر المطلوبين بجرائم مختلفة؛ منها إطلاق النار على دوريات للجيش بتواريخ مختلفة، والتسبب في استشهاد 4 عسكريين وإصابة ضابط، إضافة إلى الخطف والسرقة والسلب بقوة السلاح والاتجار بالمخدرات».
بتاريخ ١٨ / ١١ /٢٠٢٥، استشهد عسكريَّان وأصيب ثلاثة بجروح نتيجة اشتباكات مع مطلوبين أثناء تنفيذ مديرية المخابرات سلسلة عمليات دهم بمؤازرة وحدة من الجيش في منطقة الشراونة - بعلبك.خلال الاشتباكات، أصيب المواطن المطلوب (ح.ع.ج.) الذي كان من بين مطلقي النار على الجيش، وما لبث أن فارق... pic.twitter.com/GfqQATaY1o
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) November 18, 2025
وأشارت إلى أن الوحدات العسكرية «ضبطت خلال عملية الدهم كمية كبيرة من المخدرات والأسلحة والذخائر الحربية، وسُلمت المضبوطات، وتجري المتابعة لتوقيف بقية المتورطين».
ويعدّ «ح.ج» من أبرز المطلوبين للدولة اللبنانية، وأطلق النار على الجيش في سوق مكتظة بالمدنيين داخل مدينة بعلبك، قبل أن يُقتل خلال رد الجيش على مصادر النيران، وفقاً لمعلومات «الشرق الأوسط».
ثمن تطبيق القانون
وشيع الجيش العنصرين في مراسم عسكرية، فيما أجرى رئيس الجمهورية، جوزيف عون، اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وقدم له التعازي. وقال عون: «مرة جديدة يدفع الجيش من دم رجاله ثمن حماية المجتمع اللبناني من آفة المخدرات من جهة؛ وتطبيق القانون من جهة أخرى».
أجرى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد رودولف هيكل، قدّم خلاله التعازي باستشهاد العسكريين خلال ملاحقة تجّار المخدرات في حي الشراونة في بعلبك ليل أمس، متمنياً الشفاء العاجل للعسكريين الجرحى.وقال الرئيس عون:«مرة جديدة، يدفع الجيش من دماء رجاله...
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) November 19, 2025
وتابع: «انضم شهيدا الأمس (الثلاثاء) إلى قافلة طويلة من رفاقهما الذين ضحوا بأغلى ما عندهم وفاء بقسمهم، وتأكيداً على تصميم المؤسسة العسكرية، بالتعاون مع القوى الأمنية الأخرى، على المضي في تطبيق القوانين، وملاحقة المرتكبين، والحد من الجريمة على مختلف أنواعها، بالتزامن مع حماية الحدود، وبسط سلطة الدولة، ولن يثني شيء الجيش عن القيام بدوره الوطني؛ لا الحملات المشبوهة، ولا التحريض، ولا التشكيك، من أي جهة أتى؛ سواء من الداخل أو الخارج».
«لا يخضع للضغوط»
وتزامنت الاشتباكات في بعلبك ضد تجار المخدرات، مع حملات سياسية إسرائيلية انخرطت فيها شخصيات بالكونغرس الأميركي، أدت إلى تأجيل قائد الجيش زيارته إلى واشنطن؛ مما يعكس حجم التحديات أمام الجيش.
وأكد مصدر أمني لبناني أن تضافر التحديات «يمثل دليلاً إضافياً على أن الجيش لن تثنيه الحملات والمعوقات السياسية، حيث ينفذ مهامه ويقوم بما عليه من واجبات بشفافية وحرفية عسكرية في التنفيذ»، في إشارة إلى مهام حماية الأمن في الداخل، ومواجهة المخلين، وتنفيذ الانتشار على الحدود مع سوريا وإسرائيل، وتنفيذ حصرية السلاح، وضبط الاستقرار وحمايته.
ونفذ الجيش العملية في سوق بعلبك بعد رصد التهديد، وقال المصدر الأمني: «رصد الجيش المطلوب، ونفذ عملية الملاحقة»، وشدد على أن الجيش في تنفيذ مهامه «لا يخضع لأي ضغوط، ولا توقفه أي خطوط حُمر، ولا يفكر في مراعاة القوى السياسية، كما لا ينظر إلى الارتدادات السياسية عندما ينفّذ المهام؛ لأن حماية الاستقرار والحفاظ على الأمن وتأمين المواطنين أولوية لا يوقفها شيء». وشدد المصدر على أن الجيش «نفذ العملية، ويواصل تنفيذ العمليات الأخرى على امتداد مساحة البلاد، رغم كل المعوقات التي نعانيها داخلياً وعلى كل المستويات».
ردع المتورطين وإبعادهم
وأشار المصدر إلى أن الحزم الذي تعامل به الجيش مع تجار المخدرات والمتورطين في إطلاق النار والأعمال الجرمية، «أثمر، إلى حد كبير، ردعاً للمتورطين، ومنعهم من أنشطتهم الجرمية»، موضحاً أن قسماً كبيراً من المطلوبين «أخذوا حذرهم وتواروا عن الأنظار، وبعضهم لجأ إلى المغاور هرباً من ملاحقات الجيش»، مشدداً على أن الجيش «ماضٍ في استكمال مهمته وملاحقة المطلوبين ومنعهم من استئناف النشاطات الجرمية».
وقضى الجيش على عدد كبير من كبار المطلوبين خلال الأشهر الماضية؛ مما دفع بمطلوبين آخرين إلى اتخاذ تدابير خوفاً من الهجمة الأمنية الكبيرة. وشدد المصدر على أن الجيش «لن يسمح باستئناف النشاط الجرمي، ولا شيء سيوقفنا عن مواصلة ما بدأناه»، مشيراً إلى «التفاف شعبي وتأييد كبير من المواطنين لإجراءات الجيش».
حملات إسرائيلية
وتأتي هذه الإجراءات المشددة في ظل حملات إسرائيلية ضد الجيش، وهي حملات يصفها المصدر الأمني بـ«الظالمة»، مشدداً على أن الجيش «لا يتأثر بالحملات والافتراءات، وهو يواصل تنفيذ مهامه في كل مكان، وينفذ ما فوضه إياه مجلس الوزراء»، مضيفاً: «إذا كان هناك من خلاف في المسائل السياسية، فهذا الأمر من اختصاص الحكومة، وليس الجيش الذي ينفذ ما عليه تطبيقاً للقرار السياسي»، في إشارة إلى انتشاره في جنوب الليطاني وتفكيك منشآت «حزب الله» وتطهير المنطقة من السلاح.
ويشير المصدر إلى إشادة «القيادة الوسطى» في الجيش الأميركي بالدور الذي يؤديه الجيش، وكذلك إلى إشادة «اللجنة الخماسية لمراقبة وقف إطلاق النار (الميكانيزم)»، والموفدَين الأميركيين توماس برّاك ومورغان أورتاغوس، بدور الجيش أيضاً. ويقول المصدر: «خط الجيش واضح، وهو لا يتقاعس عن تنفيذ أي قرار تتخذه السلطة السياسية».
