صراع محلي وإقليمي يحدد مصير أهم منصب في العراق

الانتخابات ترسم ملامح جديدة للصراع الأميركي - الإيراني

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)
TT

صراع محلي وإقليمي يحدد مصير أهم منصب في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني وقادة في «الإطار التنسيقي» (إعلام حكومي)

مع انطلاق الانتخابات البرلمانية العراقية السادسة اليوم، يتركز الاهتمام على سؤال مركزي: من سيشغل منصب رئيس مجلس الوزراء بعد انتهاء عملية التصويت؟ الجواب، بحسب خبراء ومراقبين، لا يعتمد فقط على عدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب أو ائتلاف، بل يتأثر بمزيج معقد من المحاصصة الطائفية والعرقية، والعلاقات مع قوى إقليمية ودولية.

صحيح أن الحجم السكاني للمكون الشيعي يمنحه أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الكتلة التي حصلت على أكثر الأصوات هي التي ستشكل الحكومة. فالمنصب التنفيذي الأهم في الدولة ظل، منذ أول دورة برلمانية بعد 2003، محتكراً للمكون الشيعي، بغض النظر عن نتائج الانتخابات.

مركز عمليات تابع لمفوضية الانتخابات في البصرة جنوب العراق يجهز صناديق الاقتراع (رويترز)

«وهم» الأرقام والأوزان

كان المالكي قد صرح في وقت سابق، بأنه «من الوهم الاعتقاد بأن الحصول على رئاسة الوزراء مرتبط بعدد المقاعد».

وحاول الخبير السياسي سيف السعدي شرح المعادلة قائلاً: «اختيار رئيس السلطة التنفيذية مرتبط بمعادلتين، داخلية وخارجية. المعادلة الداخلية تتعلق بالجانب الدستوري وآلية الاختيار التي نصت عليها المادة 76 من الدستور العراقي، والتي تحدد دور الكتلة الأكبر في البرلمان».

وأوضح السعدي، أن «المعادلة الخارجية، تتمثل في المنافسة التقليدية بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تستخدم كل قوة نفوذها لتحقيق أهداف استراتيجية، سواء عبر حصر السلاح أو تحسين موقع التفاوض في الملفات الإقليمية».

ويضيف السعدي: «وفق هذه المعادلة، كل التوقعات تشير إلى أن الولايات المتحدة أخذت زمام المبادرة، اعتماداً على المعطيات الجيوسياسية في المنطقة، بينما تسعى إيران لاستغلال نفوذها لتعزيز موقعها التفاوضي، بما في ذلك الملفات الحساسة مثل البرنامج النووي».

موظفون في مفوضية الانتخابات بالعراق ينقلون صناديق إلى داخل مستودع استعداداً للاقتراع (رويترز)

تاريخ المحاصصة وتأثيرها

يعكس التاريخ الحديث للعراق مدى تأثير المحاصصة على العملية الديمقراطية. ففي انتخابات 2010، حصل ائتلاف إياد علاوي على أعلى عدد من المقاعد، لكنه لم يُسمح له بتشكيل الحكومة بسبب تفسيرات المحكمة الاتحادية العليا لقواعد «الكتلة الأكبر».

وتكرر هذا السيناريو عام 2021، حين فاز التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بأعلى المقاعد، لكنه واجه عقبات في تشكيل حكومة وطنية عابرة للطائفية بسبب تدخلات سياسية داخل البرلمان من قبل قوى شيعية منافسة.

وأظهرت هذه التجارب أن منصب رئيس الوزراء أصبح رمزاً للاحتكار السياسي، بينما تحولت رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان إلى مناصب بروتوكولية بقدرات محدودة، رغم النصوص الدستورية التي تمنحها صلاحيات كبيرة. وقد أدى هذا الواقع إلى تراجع الدور الرقابي للبرلمان، وتحويله إلى تابع للسلطة التنفيذية عبر «تمشية» مصالح النواب والوزراء، وفق مراقبين.

وتشير الإحصاءات إلى أن نصف أعضاء البرلمان الحالي لم يلقوا أي كلمة أو مداخلة طوال فترة ولايتهم، ما يعكس ضعف ثقافة التمثيل البرلماني وتراجع فهم دور النائب.

ويعكس هذا تحدياً مستمراً في بناء دولة ديمقراطية حقيقية قادرة على التداول السلمي للسلطة ومساءلة الحكومة، رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على تأسيس النظام الديمقراطي بعد عام 2003.

مع الانتخابات اليوم، يظل مستقبل العراق مرتبطاً بإمكانية كسر معادلات السلطة التنفيذية، وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية، بعيداً عن المحاصصة الطائفية والهيمنة الإقليمية، وهو اختبار حقيقي لنضج الديمقراطية العراقية في مرحلة تتسم بالتحديات الداخلية والإقليمية المتشابكة.


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.