اجتماع «مفصلي» للجنة مراقبة وقف النار بين لبنان وإسرائيل

بيروت تسعى إلى «مباركة» المجتمعين خطتها حول سحب السلاح جنوب الليطاني

آلية عسكرية تابعة لقوات «اليونيفيل» عليها شعار الأمم المتحدة وأمامها سيارة تتبع الجيش اللبناني خلال دورية مشتركة (اليونيفيل)
آلية عسكرية تابعة لقوات «اليونيفيل» عليها شعار الأمم المتحدة وأمامها سيارة تتبع الجيش اللبناني خلال دورية مشتركة (اليونيفيل)
TT

اجتماع «مفصلي» للجنة مراقبة وقف النار بين لبنان وإسرائيل

آلية عسكرية تابعة لقوات «اليونيفيل» عليها شعار الأمم المتحدة وأمامها سيارة تتبع الجيش اللبناني خلال دورية مشتركة (اليونيفيل)
آلية عسكرية تابعة لقوات «اليونيفيل» عليها شعار الأمم المتحدة وأمامها سيارة تتبع الجيش اللبناني خلال دورية مشتركة (اليونيفيل)

تُضفي مشاركة مساعدة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في اجتماع اللجنة الخماسية المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، الأحد، بُعداً سياسياً على اجتماعات اللجنة التي تضم لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة. وتأتي هذه الخطوة في إطار تعزيز دور اللجنة التي واجهت صعوبات في انتظام عملها، في ظل إصرار إسرائيل على التحرك بشكل أحادي لـ«إزالة التهديدات» التي تراها قائمة، وكان آخرها شنّ غارات واسعة يوم الخميس الماضي استهدفت منازل جنوب نهر الليطاني وشماله.

وتحمل زيارة الموفدة الأميركية، كما الغارات الإسرائيلية، دلالات سياسية لافتة لجهة أن أورتاغوس لن تلتقي أياً من القيادات اللبنانية للمرة الثانية من بعد القرار الحكومي الأخير حول خطة سحب سلاح «حزب الله» التي قدمها الجيش اللبناني وأخذت بها الحكومة علماً، والتي تربط أي تقدم في هذا المجال بانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها جنوب البلاد، ووقف هجماتها المتواصلة منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي حين فسرت مصادر لبنانية معنية بالملف هذه الخطوة بأنها تعبير عن عدم رضا أميركي على أداء الطبقة السياسية، تقول المصادر نفسها إن الغارات الإسرائيلية أتت بدورها إجابةً مسبقةً على الخطة اللبنانية التي سيحملها وفد الجيش اللبناني إلى اجتماع لجنة المراقبة.

ويقول مسؤول لبناني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل تتصرف وفق «أجندتها الخاصة»، وهي لا تسير بالضرورة تزامناً مع الأجندة الأميركية التي يبدو واضحاً أنها «تُحاول الحفاظ على استقرار لبنان»، مشيراً إلى أن تعقيدات السياسة الداخلية الإسرائيلية «تنعكس على لبنان، لأنه من غير الجائز، وفق مفهوم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، اتخاذ خطوات تريح لبنان مثل الانسحاب من بعض النقاط، فيما هو يتحضر للانتخابات المقبلة».

وقالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن الجانب اللبناني سيُحاول الحصول من هذا الاجتماع على مباركة عملية لخطة الجيش سحب السلاح من جنوب الليطاني، التي تتضمن، أساساً، ضرورة تجاوب إسرائيل بوقف الاعتداءات والانسحاب، ولو على مراحل لنجاح المرحلة الأولى، استعداداً للمرحلة الثانية التي تشمل مناطق شمال نهر الليطاني، كما تشمل إجراءات أخرى يتخذها الجيش اللبناني.

وأشارت المصادر إلى ترقب لما ستقوله الموفدة الأميركية في مستهل الاجتماع، الذي سيرسم مسار هذا الاجتماع، كون بلادها ترأس لجنة المراقبة، عادةً أن هذا الاجتماع «سيكون مفصلياً».

ويرى لبنان أن إسرائيل، باعتداءاتها، تتجاوز دور اللجنة، إذ يفترض أن تكتفي بتقديم بيانات حول الخروق من وجهة نظرها، ليقوم الجيش اللبناني بالتحقق منها وإزالة أي منشآت عسكرية قد يعثر عليها، لا أن تبادر إلى إطلاق الإنذارات وشنّ القصف.

ويعقد الاجتماع بعد قصف إسرائيلي لخمسة منازل في الجنوب تلت إنذارات بالإخلاء، كما بعد 4 أيام على قصف في مدينة النبطية. وأثارت تلك الانتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار، رفضاً سياسياً لبنانياً واسعاً، وتصدرها الرئيس اللبناني جوزيف عون بقوله إن إسرائيل «لا تحترم عمل الآلية، ولا أيّاً من الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية، وغاراتها الجوية انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن (1701)»، مؤكداً أن «صمت الدول الراعية تقاعس خطير يشجع على هذه الاعتداءات»، مضيفاً: «يجب أن تخدم الآلية جميع الأطراف، لا أن تكون وسيلة لتغطية اعتداءات إسرائيل».

وقال رئيس البرلمان نبيه بري إن «الاعتداءات الإسرائيلية لا تقتصر في طبيعتها على كونها خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، بل تمثل عدواناً على لبنان وسيادته، وكذلك على جيشه وعلى قوات (اليونيفيل) والمهام الموكلة إليهما».

أفراد من الجيش اللبناني يتابعون عمال الإغاثة العاملين في موقع استهداف إسرائيلي في الجنوب الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

يأتي ذلك في ظل دفع لبناني لتحقيق الاستقرار في منطقة الجنوب، وهو أمر لم يتحقق حتى الآن. وتجمع القوى السياسية على هذا الواقع، إذ رأى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل أن «هناك وضعاً غير سليم على الحدود»، فيما أكد وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني في حديث إذاعي أن «الجانب اللبناني ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار، لكن الاعتداءات الإسرائيلية تحول دون استقطاب المساعدات، وهو ما تعمل الحكومة باستمرار على معالجته».

ويعطي هذا الواقع مبرراً لـ«حزب الله» بالاحتفاظ بسلاحه، إذ شدد النائب عنه حسين الحاج حسن، على ضرورة «الثبات والتمسك بخيار المقاومة، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، واستمرار الاحتلال لبعض النقاط اللبنانية، ورفض العدو الإفراج عن الأسرى، إضافة إلى الدعم الأميركي الممنهج لهذا العدوان».

ورأى خلال لقاء سياسي أقامته العلاقات العامة لـ«حزب الله» في بلدة زبود، شرق لبنان أن «التمسك بخيار المقاومة، ودعمه وحمايته من الهجمات السياسية والإعلامية، وتطويره في إطار رؤية استراتيجية وطنية شاملة، لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية لمواجهة الأخطار المحدقة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

قال وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، إن «صندوق النقد الدولي» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة وفرض ضرائب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

ترحيب لبناني ودولي بتعيين كرم رئيساً للجنة الـ«ميكانيزم»

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن ترؤس السفير سيمون كرم الوفد اللبناني في لجنة الـ«ميكانيزم» «يشكّل خطوة مهمة في دفع عملها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.