صراعات القوى السياسية اللبنانية تثير المخاوف من تأجيل الانتخابات النيابية

اقتراع المغتربين عقبة أساسية أمام الاستحقاق

لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)
لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)
TT

صراعات القوى السياسية اللبنانية تثير المخاوف من تأجيل الانتخابات النيابية

لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)
لبنانية تقترع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان خلال شهر مايو 2024 (إ.ب.أ)

تتزايد المؤشرات على أزمة سياسية جديدة في لبنان، عنوانها قانون الانتخابات، تثير المخاوف من تأجيل الاستحقاق المقرر في مايو (أيار) 2026، وسط خلافات حادة بين القوى والأحزاب «السيادية» من جهة، والثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) و«التيار الوطني الحرّ» من جهة ثانية، ولا سيما البند المتعلّق باقتراع المغتربين.

وفيما بدأت الحكومة تحضيراتها لإجراء الانتخابات على أساس القانون النافذ، تتصاعد الضغوط السياسية لتعديله، خصوصاً من جانب القوى السيادية التي تطالب بإلغاء المادة الخاصة بانتخاب 6 نواب للمغتربين موزعين على القارات كافة، وتمكين هؤلاء من الاقتراع للنواب الـ128 أسوة بالمقيمين، كل في دائرته الانتخابية. ويصرّ «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، على إبقاء الصيغة الحالية التي تحصر أصوات المغتربين بـ6 مقاعد فقط.

توتر في مجلس الوزراء

هذا الانقسام انعكس توتراً داخل مجلس الوزراء خلال جلسته التي انعقدت يوم الأربعاء، حيث شهدت نقاشاً حاداً بين رئيس الحكومة نواف سلام، ووزير العدل عادل نصّار، بعد فشل الوزراء في التوصل إلى صيغة جديدة للقانون العتيد أو إدخال تعديلات على القانون الحالي. ومع احتدام النقاش، قرّر رئيس الحكومة طيّ هذا الملف مؤقتاً والانتقال لمناقشة الموازنة، ما دفع وزير العدل إلى الانسحاب من الجلسة احتجاجاً.

وإزاء التفسيرات التي رافقت وتلت انسحاب وزير العدل، والترويج لفكرة أن الخلافات بدأت تعصف بالفريق السيادي داخل الحكومة، أوضح الوزير نصّار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه كان يأمل في أن «يرسل مجلس الوزراء مشروع قانون معجّلاً مكرّراً إلى مجلس النواب يتضمّن تعديل مادتين أساسيتين في القانون الحالي. الأولى: إلغاء المقاعد الستة للمغتربين، ومنحهم حق التصويت لكامل المرشحين. والثانية: استبدال نظام (ميغاسنتر) بالتصويت عبر (QR Code) لتسهيل العملية الانتخابية». وأكد أن «انسحابه من الجلسة لا يمسّ بعلاقته الممتازة برئيس الحكومة، لكنه جاء اعتراضاً على طيّ النقاش حول قانون الانتخاب، رغم حساسية الملف ورغبتنا بإرسال مشروع قانون إلى البرلمان».

الرئيس عون يتابع سير الانتخابات البلدية في الشمال وعكار خلال مايو الماضي (الرئاسة اللبنانية)

وفي ظل اتهام بعض الأطراف للثنائي الشيعي بالسعي إلى تأجيل الانتخابات من خلال عرقلة تعديل القانون، خصوصاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ردّ النائب علي حسن خليل، عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، بالدعوة إلى «العودة إلى قانون الانتخاب الذي جرى الاتفاق عليه بوثيقة الوفاق الوطني في الطائف، أي قانون خارج القيد الطائفي، مقروناً بإنشاء مجلس الشيوخ»، الأمر الذي يثير قلق المكوّن المسيحي الذي يرى فيه تهديداً لمبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ويمسّ التوازنات الطائفية الحساسة في البلاد.

«حزب الله» يتمسك بموعد الانتخابات

وفي هجوم معاكس على كلّ من يغمز من قناة الحزب، ويتهمه بمحاولة تطيير الانتخابات، نفت كتلة «الوفاء للمقاومة» (الكتلة النيابية لحزب الله) وجود نية لديها لتأجيل الاستحقاق النيابي، مستغربة ما سمّته «حماسة البعض» لهذا الخيار، ورأت أن «الالتزام بالمواعيد الدستورية للاستحقاقات هو أحد مؤشرات الجديّة في مشروع الإصلاح»، مؤكدة أنه «لا مبررات مقنعة للذهاب نحو التمديد»، داعية الحكومة إلى «تطبيق القانون الانتخابي الساري واتخاذ الإجراءات التحضيرية لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر، وعدم هدر الوقت عبر رمي الكرة نحو المجلس النيابي مجدّداً».

توافق سياسي

ويبدو أن الأفق سيبقى مسدوداً أمام ولادة قانون انتخابي جديد، ما لم يتأمن توافق سياسي على إقرار قانون عصري يبدد هواجس كل الأطراف، بعيداً عن الرهانات الفئوية وحسابات كل حزب على زيادة عدد نواب كتلته في المجلس أو الاحتفاظ بما حققه في الانتخابات الأخيرة، ويجنّب البلاد الوقوع في تطيير الاستحقاق، من هنا حذّر مصدر سياسي لبناني بارز من خطر تأجيل الاستحقاق النيابي، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك «سيؤدي إلى كارثة دستورية وسياسية تضاف إلى الأزمات المتراكمة»، ودعا الحكومة إلى «رفض أي محاولات لتأجيل الانتخابات تحت أي ذريعة»، مشدداً على ضرورة احترام حق المغتربين في التصويت، ضمن دوائرهم في لبنان. وأشار المصدر إلى وجود «سيناريو خطير يجري الإعداد له، يقضي بإبقاء صيغة النواب الستة للمغتربين، وحرمانهم من التصويت في حال عدم إدراج أسمائهم على لوائح الشطب، حتى لو رغبوا بالمجيء إلى لبنان لممارسة حقهم الانتخابي».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جوزيف عون يتوسط رئيسَي الحكومة نواف سلام والبرلمان نبيه بري (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

لبنان يعيد التمسك بخيار التفاوض لحل النزاع مع إسرائيل

جدَّد كبار المسؤولين في لبنان تمسُّكهم بخيار التفاوض مع إسرائيل عبر آلية اللجنة الدولية المكلفة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

ثائر عباس (بيروت)
تحليل إخباري بري لدى تسليمه رشاد هدية بعد لقائهما في بيروت الاثنين (د.ب.أ)

تحليل إخباري لبنان: «حزب الله» يرفض المبادرة المصرية ورهانه إشراك إيران في المفاوضات

تجمع الأوساط السياسية على أن الحزب توخى من كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة رفضه بطريقة غير مباشرة للأفكار التي اقترحها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على بلدة طيردبا في جنوب لبنان أمس (إ.ب.أ)

تصعيد إسرائيلي في جنوب لبنان

شهد الجنوب اللبناني، أمس (الخميس)، واحداً من أكثر أيامه سخونة منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات.

بولا أسطيح (بيروت)
العالم العربي قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) (أ.ف.ب)

«اليونيفيل»: الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان «انتهاكات واضحة» للقرار 1701

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، اليوم الخميس، إن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق في جنوب لبنان، اليوم الخميس: «انتهاكات واضحة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الشرع إلى البيت الأبيض بـ«صفحة بيضاء»

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)
TT

الشرع إلى البيت الأبيض بـ«صفحة بيضاء»

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)

تتجه الأنظار إلى لقاء يوصف بأنه تاريخي في البيت الأبيض بعد غدٍ، الاثنين، حيث يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نظيره السوري أحمد الشرع، في أول زيارة من نوعها لرئيس سوري إلى العاصمة الأميركية.

وحظي الشرع، عشية اللقاء، بدعم أممي واضح، إذ صوّت مجلس الأمن، الخميس، على رفع اسمه من قائمة عقوبات الإرهاب الأممية، في خطوة تمنحه «صفحة بيضاء» قبل ولوج البيت الأبيض، وتُكرس جهوده لإعادة سوريا إلى المجتمع الدولي بعد عزلة طويلة خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ويُنتظر أن يوقع الشرع خلال زيارته البيت الأبيض على اتفاق لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقبل انتقاله إلى واشنطن، شارك الشرع في مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) في البرازيل.

وصوّت مجلس الأمن على قرار بموجب الفصل السابع أعدته البعثة الأميركية، بغالبية 14 من الأصوات الـ15 في المجلس، فيما امتنعت الصين عن التصويت.

ويشطب القرار اسمي الشرع ووزير داخليته أنس خطاب، من قائمة الجزاءات المفروضة على «داعش» و«القاعدة». وسارعت بريطانيا إلى رفع عقوباتها عنهما، فيما أكد الاتحاد الأوروبي استعداده للقيام بخطوة مماثلة.


ترمب يرى «قوة غزة» قريبة جداً... وإسرائيل تحارب الأنفاق

فلسطينيون يفرون من قنابل غاز أطلقها الجيش الإسرائيلي نحوهم بعد احتجاجهم أمس على مصادرة المستوطنين لأراضيهم شرق نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يفرون من قنابل غاز أطلقها الجيش الإسرائيلي نحوهم بعد احتجاجهم أمس على مصادرة المستوطنين لأراضيهم شرق نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

ترمب يرى «قوة غزة» قريبة جداً... وإسرائيل تحارب الأنفاق

فلسطينيون يفرون من قنابل غاز أطلقها الجيش الإسرائيلي نحوهم بعد احتجاجهم أمس على مصادرة المستوطنين لأراضيهم شرق نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يفرون من قنابل غاز أطلقها الجيش الإسرائيلي نحوهم بعد احتجاجهم أمس على مصادرة المستوطنين لأراضيهم شرق نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أن القوات الدولية ستنتشر في غزة في وقت قريب جداً، خرج وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ليعلن أنه أصدر أوامر إلى الجيش بتدمير ومحو جميع أنفاق حركة «حماس» في قطاع غزة، «حتى آخر نفق».

وعزز الإجراء الإسرائيلي التقديرات الفلسطينية والإقليمية بأن تل أبيب تفضل التعامل المباشر مع «حماس»، وليس عبر القوة المنتظرة، التي تنص صلاحياتها على نزع سلاح الحركة، وقال كاتس، في تغريدة عبر حسابه في منصة «إكس»: «إذا لم تكن هناك أنفاق، فلن تكون هناك (حماس)».

وتسعى إسرائيل إلى هزيمة «حماس» من خلال تجريدها من سلاحها وتدمير شبكة أنفاقها، وهي مهمة لم تستطع إنجازها خلال عامين من الحرب المدمرة.

وقال المعلق العسكري في صحيفة «معاريف» آفي أشكنازي إن «تصريح كاتس الحازم، جاء في وقت قرر فيه الجيش الإسرائيلي تكثيف وتيرة العمل في القطاع لتحقيق المزيد من الإنجازات، قبل بدء المرحلة الثانية من الاتفاق».


بيروت تتمسك بالتفاوض لحل النزاع مع إسرائيل


الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)
TT

بيروت تتمسك بالتفاوض لحل النزاع مع إسرائيل


الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (أ.ف.ب)

جدد مسؤولون لبنانيون، أمس، تمسكهم بالتفاوض مع إسرائيل عبر آلية اللجنة الدولية المكلفة بالإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المعروفة بـ«الميكانيزم»، في أعقاب إعلان «حزب الله»، الخميس، رفضه «التفاوض السياسي».

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون تمسك لبنان بهذه الآلية، وشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه لا بديل عن «الميكانيزم»، وكذلك رد رئيس الحكومة نواف سلام على الحزب بأن «قرار الحرب والسلم في يد الدولة وحدها».

وجزم بري لـ«الشرق الأوسط» بأن «التطبيع مع إسرائيل غير وارد»، قائلاً: «من يطلب التطبيع فعليه أن يعرف أنه غير ممكن».

وأوضح برى أنه «لا مانع من الاستعانة بمدنيين اختصاصيين في (الميكانيزم) عند الحاجة إلى ذلك، كما حصل عند ترسيم الخط الأزرق الحدودي عام 2000»، مشدداً على {أن كل التهديدات والغارات الإسرائيلية لن تغير في موقفنا هذا}.