عودة أجواء الحرب والنزوح إلى جنوب لبنان

غارات بعد تحذيرات وحركة نزوح كثيفة

الدخان يتصاعد من بلدة دبين إثر استهدافها بغارة إسرائيلية (الوكالة الوطنية للإعلام)
الدخان يتصاعد من بلدة دبين إثر استهدافها بغارة إسرائيلية (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عودة أجواء الحرب والنزوح إلى جنوب لبنان

الدخان يتصاعد من بلدة دبين إثر استهدافها بغارة إسرائيلية (الوكالة الوطنية للإعلام)
الدخان يتصاعد من بلدة دبين إثر استهدافها بغارة إسرائيلية (الوكالة الوطنية للإعلام)

عاش أهالي جنوب لبنان مجدداً أجواء الحرب والنزوح على وقع تجدد الغارات الإسرائيلية العنيفة والموسعة، بعد إنذارات أطلقها الجيش الإسرائيلي إلى خمس بلدات، داعياً سكان عدد من المباني إلى إخلائها، وهو ما أدى إلى نزوح كبير، واستدعى مواقف مستنكرة من المسؤولين في لبنان، ودعوات للمجتمع الدولي للضغط على إسرائيل.

سلام: لممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل

وبينما يأتي هذا التصعيد قبيل عودة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت للمشاركة في اجتماعات لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، الأحد، في الناقورة، جدّد رئيس الحكومة نواف سلام موقف لبنان «المتمسك بمسار وقف الأعمال العدائية»، مشيراً إلى أن «الحكومة اللبنانية تؤكد أنها منخرطة في اجتماعات الميكانيزم، لكن السؤال المشروع اليوم: أين هو التزام إسرائيل بهذه الآليات؟ وكيف يعقل أن تستمر في ممارسة الترهيب والاعتداءات، فيما يفترض بهذه الاجتماعات أن تضمن التطبيق الكامل للقرار 1701 ولوقف العمليات العدائية؟».

وأضاف: «وعليه، يدعو لبنان المجتمع الدولي، لا سيما الدول الراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية، إلى ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها فوراً، والعودة إلى الآلية واتفاق وقف العمليات العدائية والتزاماته، بما في ذلك الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها، ووقف الاعتداءات، والإفراج عن الأسرى».

وأدان الرئيس اللبناني جوزيف عون الغارات الإسرائيلية، وطالب الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار بوضع حد فوري للانتهاكات السافرة لسيادة لبنان.

وقال عون في بيان: «إسرائيل لا تحترم عمل الآلية ولا أياً من الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية، وغاراتها الجوية انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن 1701»؛ في إشارة إلى آلية مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف عون أن «صمت الدول الراعية تقاعس خطير يشجع على هذه الاعتداءات. ويجب أن تخدم الآلية جميع الأطراف، لا أن تكون وسيلة لتغطية اعتداءات إسرائيل».

الجيش اللبناني: 4500 خرق إسرائيلي

وبعد وقت قصير من التصعيد الإسرائيلي، أعلن الجيش اللبناني، في بيان، تسجيل 4500 خرق منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مشدداً على أن هذه الخروق تعيق انتشاره في الجنوب.

وقال الجيش في بيانه: «يستمر العدو الإسرائيلي في اعتداءاته على المواطنين وآخرها استهداف عدد من القرى الجنوبية اليوم، بالإضافة إلى المدنيين في عدة مناطق آهلة، ما يسفر عن وقوع شهداء وجرحى».

وأضاف الجيش: «يتزامن ذلك مع خروقاته المتمادية للسيادة اللبنانية برّاً وبحراً وجوّاً، وارتكاباته المستمرة ضد سكان القرى الحدودية، بما في ذلك إطلاق القنابل الحارقة وتفجير المنازل»، مشيراً إلى «أن هذه الاعتداءات والخروقات تعيق انتشار الجيش في الجنوب، واستمرارها سيعرقل تنفيذ خطته ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني»، موضحاً أن «قيادة الجيش تتابع هذه الخروقات بالتنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – (اليونيفيل)».

إنذارات لبلدات و«بنى تحتية لـ(حزب الله)»

وفي تصعيد غير مسبوق منذ أشهر، أطلق الجيش الإسرائيلي عند الساعة الخامسة بعد ظهر الأربعاء، تحذيره إلى سكان بلدات ميس الجبل وكفرتبنيت ودبين، قبل أن ينفذ الطيران الإسرائيلي غاراته على البلدات المستهدفة بعد أقل من ساعة من التحذير. ليعود ويطلق تحذيرات جديدة لبلدتي الشهابية وبرج قلاوية في الجنوب.

وتوجه أدرعي عبر منصة «إكس» بـ«إنذار عاجل إلى سكان جنوب لبنان»، قائلاً: «سيهاجم جيش الدفاع على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لـ(حزب الله) في أنحاء جنوب لبنان، وذلك في مواجهة محاولاته المحظورة لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة»، وتوجّه إلى السكان بالقول: «أنتم توجدون في مبانٍ يستخدمها (حزب الله) الإرهابي، من أجل سلامتكم أنتم مضطرون لإخلاء تلك المباني والمباني المجاورة لها فوراً، والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

وهذه التحذيرات أثارت حالة من الذعر والخوف في نفوس السكان الذين غادروا منازلهم، وسُجلت حركة نزوح كثيفة في المنطقة.

وشهد طريق كفرتبنيت - النبطية الفوقا زحمة سير باتجاه مدينة النبطية والبلدات المجاورة، بسبب نزوح سكان الحي المهدد في كفرتبنيت بالغارات الإسرائيلية، إضافة إلى نسبة من بقية الأحياء في البلدة، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أنه «تم قطع الطريق المؤدي إلى كفرتبنيت عند مفترق زوطر، حفاظاً على سلامة الأهالي لحين انتهاء الغارات الإسرائيلية».

ويأتي هذا التصعيد غير المسبوق في موازاة استمرار الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب والبقاع عبر تنفيذ غارات جوية على عدد من المناطق، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر من العام الماضي مع «حزب الله».

البلدات المستهدفة: بين شمال الليطاني وجنوبه

تقع ميس الجبل في قضاء مرجعيون جنوب الليطاني وعلى تماس مباشر مع الحدود، ما يجعلها من أبرز بلدات الخط الأمامي. خلال الحرب الأخيرة، كانت من أكثر القرى تضرراً نتيجة توغلات إسرائيلية وتفجيرات ممنهجة لمنازل ومنشآت، حيث تحوّلت إلى بلدة شبه مدمرة، ولم يتمكن أبناؤها من العودة إليها على غرار عدد كبير من القرى الحدودية.

أما كفرتبنيت، رغم وقوعها شمال الليطاني ضمن قضاء النبطية وعلى بُعد أربعة كيلومترات فقط من مركز المدينة، فلم تسلم من الضربات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة... البلدة الريفية شهدت نزوحاً واسعاً خلال ذروة القصف. لكن ومع الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار عاد جزء كبير من أبنائها إليها، وهو ما جعل عدد النازحين منها مرتفعاً، الخميس، عند إطلاق الجيش الإسرائيلي تحذيراته.

إلى الجنوب من الليطاني وعلى مقربة من الخيام وكفركلا، تقع دبّين التي شهدت هي الأخرى قصفاً جوياً ومدفعياً متكرراً خلال الحرب وبعد الهدنة أواخر 2024. ورغم أن كثافة الاستهداف أقل من ميس الجبل، فإن طابعها المباشر جعل من دبّين أيضاً هدفاً متكرراً. في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 استهدف وسط البلدة مباشرة، ومع التحذير الإسرائيلي الأخير، باتت غالبية وسط دبّين تقريباً ضمن دائرة الإخلاء الإجباري، وسُجّلت أيضاً حركة نزوح منها.

أما بلدتا الشهابية وبرج قلاوية فهما تقعان في قلب قضاء صور جنوب لبنان، وتشكلان جزءاً من المنطقة الممتدة بين مجرى نهر الليطاني والحدود الجنوبية. موقعهما الجغرافي جعلهما عرضة للاستهدافات الإسرائيلية المتكررة بحجة وجود بنى تحتية أو نشاطات مرتبطة بـ«حزب الله».

وهما تقعان شمال نهر الليطاني؛ أي في منطقة لا يشملها مباشرة الحظر المفروض بموجب القرار الدولي 1701، لكنها بقيت ضمن دائرة المواجهة العسكرية.


مقالات ذات صلة

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

المشرق العربي أرشيفية لسيارات تصطفّ لدخول لبنان بعد الإطاحة ببشار الأسد بالقرب من الحدود اللبنانية السورية (رويترز)

اعتقال 12 شخصاً بينهم ضباط مرتبط بنظام الأسد على الحدود السورية اللبنانية

ألقت وحدات حرس الحدود السورية، في وقى متأخر من يوم أمس (الجمعة)، القبض على 12 شخصاً بينهم عناصر وضباط لديهم ارتباط بالنظام السابق على الحدود السورية اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «يونيفيل» يقدمون الرعاية الصحية لمواطنة في جنوب لبنان (يونيفيل)

العيادات النقالة... خيار سكان جنوب لبنان للحصول على رعاية طبية

يلجأ غالبية سكان قرى الحافة الأمامية والخلفية، لخيار العيادات الطبية النقالة للحصول على الرعاية الطبية، خياراً «أكثر أماناً وأقل تكلفة»

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «الاحتلال أغلق الحاجز منذ ساعات الصباح الأولى، ما تسبب في عرقلة حركة المواطنين، خاصة القادمين والمغادرين من قرى وبلدات شمال غربي وغرب رام الله، ومن المحافظات الشمالية».

وفق تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسم الأراضي الفلسطينية بلغت ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة.


سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

وبحسب وزارة الداخلية، أظهرت نتائج التحقيقات الأولية أن الزوج أقدم على قتل زوجته وبناته الثلاث قبل أن يقتل نفسه.

والتحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والملابسات الكاملة للجريمة، وفق ما أوردته قناة «الإخبارية» السورية اليوم السبت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلاح المستخدم في جريمة القتل هو بندقية حربية نوع كلاشينكوف.


تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.