إسرائيل تُكثف استهداف مراكز الإيواء بغزة وتتوسع في استخدام قواتها الخاصة

روبيو يستهل زيارته «الداعمة» بالصلاة عند «حائط البراق»

النيران تعلو مبنى استهدفته القوات الإسرائيلية بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ب)
النيران تعلو مبنى استهدفته القوات الإسرائيلية بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ب)
TT

إسرائيل تُكثف استهداف مراكز الإيواء بغزة وتتوسع في استخدام قواتها الخاصة

النيران تعلو مبنى استهدفته القوات الإسرائيلية بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ب)
النيران تعلو مبنى استهدفته القوات الإسرائيلية بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ب)

وسَّعت القوات الإسرائيلية من استهداف مراكز الإيواء في مدينة غزة، الأحد، بهدف إجبار أهالي المدينة على النزوح لجنوب القطاع، في إطار مخطط يهدف لاحتلال المدينة؛ تزامناً مع وصول وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى إسرائيل في زيارة تحمل في طياتها «رسالة دعم».

وقال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية دمرت ما لا يقل عن 30 مبنى سكنياً في مدينة غزة، وأجبرت الآلاف على النزوح من ديارهم. وعلى مدى الأيام الأربعة الأخيرة، قصفت القوات أكثر من 6 مراكز إيواء، منها 4 مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وجميعها تقع في مناطق غرب مدينة غزة، التي تعدُّ الأكثر اكتظاظاً بالسكان والنازحين.

وقصفت القوات الإسرائيلية، ظُهر الأحد، مباني داخل الجامعة الإسلامية بغرب المدينة، التي تضم آلاف النازحين، غالبيتهم من سكان مناطق شمال قطاع غزة.

فلسطينيون يركضون فزعاً بعد انفجار في أحد مباني الجامعة الإسلامية بمدينة غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

وفعلياً، أجبر القصف غالبية سكان مراكز الإيواء على إخلائها بعد تدميرها تدميراً شبه كامل، وقرر عدد كبير منهم النزوح جنوباً، فيما اضطرت بعض العوائل التي لم تجد مكاناً لها إلى إزالة آثار بعض الدمار الجزئي في مركز الإيواء، ونصب خيام مؤقتة صغيرة للعيش فيها، بعد أن احترقت خيامهم الكبيرة أو تضررت خيامهم الكبيرة نتيجة القصف.

تحالف «صلب وقوي»

تأتي زيارة روبيو وسط ضغوط دولية على إسرائيل على خلفية تصعيد عملياتها العسكرية، وقبل أيام من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تعتزم دول غربية عدة الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة تندد بها إسرائيل وواشنطن.

وعقب لقائهما، توجه روبيو ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى «حائط البراق» (المبكى) في القدس الشرقية، حيث اعتمر وزير الخارجية الأميركي القلنسوة اليهودية.

وزير الخارجية الأميركي يتوسط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسفير واشنطن مايك هاكابي خلال زيارة حائط البراق (المبكى) بالبلدة القديمة في القدس يوم الأحد (رويترز)

ووصف نتنياهو الوزير الأميركي بأنه «صديق استثنائي لإسرائيل»، مشدداً على أن زيارته تؤكد «قوة التحالف الإسرائيلي - الأميركي». وأضاف أن هذا التحالف «صلب وقوي مثل حجارة (حائط المبكى) التي لمسناها للتو». ويعقد روبيو لقاءاته السياسية الرئيسية، الاثنين، ومن بينها اجتماع مع نتنياهو.

وذكر روبيو أن واشنطن تريد مناقشة كيفية تحرير 48 رهينة، يُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة، لا تزال تحتجزهم «حماس» في غزة وإعادة إعمار القطاع الساحلي. وقال قبل أن يتوجه إلى إسرائيل التي سيبقى بها حتى يوم الثلاثاء: «ما حدث قد حدث... سوف نلتقي بهم (القيادة الإسرائيلية). سنتحدث عما يخبئه المستقبل».

نزوح تحت نيران القصف

كان استهداف الأبراج والبنايات السكنية في مناطق غرب مدينة غزة والخيام المنصوبة في محيطها هو أبرز ما قصفته القوات الإسرائيلية في الأيام الماضية بهدف الضغط على الأهالي للخروج جنوباً.

بالفعل تصاعدت موجات النزوح، وبلغت ذروتها منذ يوم الجمعة، وتضاعفت أعداد النازحين حتى تجاوزت 280 ألف نسمة.

وشهد شارع الرشيد الساحلي من جنوب مدينة غزة وصولاً إلى أطراف وسط القطاع ازدحاماً شديداً بفعل أعداد النازحين، حيث تحتاج كل مركبة من أربع إلى 6 ساعات على الأقل من أجل قطع مسافة 1.5 كيلومتر.

وتواصلت الغارات الجوية في مناطق متفرقة من قطاع غزة، ما أدى منذ ساعات الفجر وحتى ما بعد ظهيرة الأحد إلى مقتل 52 فلسطينياً، منهم 33 بمدينة غزة وحدها.

نازحون ينتقلون بأمتعتهم في منطقة مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة بعد أوامر إخلاء حديدة يوم الأحد (أ.ف.ب)

وقصفت طائرة مسيَّرة خيمة لنازحين غادروا مدينة غزة ووصلوا دير البلح وسط القطاع للمكوث فيها، ما أدى لمقتل أربعة من سكانها.

وذكرت وزارة الصحة بغزة أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال 24 ساعة، من ظهيرة السبت إلى الأحد، 68 قتيلاً و346 مصاباً، ما أدى إلى ارتفاع إجمالي عدد الضحايا إلى 64871 قتيلاً و164610 إصابات منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

فيما قُتل 10 غزيين وأصيب 8 من منتظري المساعدات، ليرتفع إجمالي ضحايا المساعدات ممن وصلوا المستشفيات إلى 2494 قتيلاً وأكثر من 18135 مصاباً منذ سماح إسرائيل باستئناف دخول مواد الإغاثة في نهاية مايو (أيار) الماضي.

وسجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الـ24 ساعة الأخيرة، حالتي وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد إلى 422، من بينهم 145 طفلاً.

على الصعيد الميداني

ميدانياً، كثفت القوات الإسرائيلية العربات العسكرية المفخخة في شمال وجنوب مدينة غزة لتفجير أكبر قدر ممكن من المنازل والمباني السكنية. كما زاد تحليق الطائرات المسيرة «الكوادكابتر» التي تلقي الصناديق المتفجرة والقنابل الحارقة وغيرها.

وفي الأيام الماضية توسعت إسرائيل في استخدام هذه المسيّرات لحماية قوات خاصة تتحرك على الأرض بهدف أسر نشطاء من الفصائل المسلحة، وتم اختطاف ثلاثة على الأقل منهم في غرب مدينة غزة في غضون بضعة أيام، وآخر في دير البلح وسط القطاع.

ووفقاً لمصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن بعض المختطفين كانوا يقومون بمهام تتعلق بتأمين حياة محتجزين إسرائيليين. وأشارت إلى أن هذا دفع الأجنحة العسكرية لفصائل فلسطينية لاتخاذ إجراءات أمنية تتعلق بالآسرين وبالرهائن.

وقال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية تتحرك وسط عناصر مسلحة تتبع لما يعرف بـ«القوات الشعبية» التي يقودها ياسر أبو شباب، في شرق رفح بالأخص، وتوسع نشاطها ليشمل مناطق أخرى من القطاع.

وفجر الأحد، أطلق مسلحون مجهولو الهوية النار من مركبات رباعية الدفع تجاه منازل وممتلكات فلسطينيين في منطقة حي النصر، غرب مدينة غزة، كما وصل مسلحون بمركبة وأطلقوا النار تجاه عيادة «مجمع الشفاء الطبي» المدمر، وسط تحليق للطائرات المسيرة التي ألقت قنابل نارية ومتفجرة على محيط المكان وعلى مركبة أمام العيادة ما تسبب باحتراقها بالكامل.

وقال الشهود إنه يبدو أن الهدف هو التكثيف من إرهاب السكان لدفعهم للنزوح.

نسف الأبراج

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الأحد، هدم برجين في مدينة غزة، مبرراً ذلك بأن مسلحي «حماس» قاموا بتركيب معدات لجمع المعلومات الاستخبارية في هذين المبنيين، وأقاموا نقاط مراقبة لرصد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة. وقال إنه إضافة إلى ذلك، كان المسلحون يستعدون لشن هجوم ضد القوات في محيط أحد المبنيين اللذين تعرضا للهجوم.

الدخان يتصاعد من «برج الكوثر» بمدينة غزة بعد قصف إسرائيلي يوم الأحد (إ.ب.أ)

وكشف أدرعي عن مقتل ما لا يقل عن 11 من عناصر حركة «حماس» داخل أنفاق تابعة للحركة في عملية نُفذت مؤخراً في بيت حانون بأقصى شمال قطاع غزة، في عملية مشتركة دقيقة للجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك).

كان الجيش الإسرائيلي قد دمر في وقت سابق، الأحد، «برج الكوثر السكني» في الجهة الغربية من مدينة غزة بعد قصف جوي مباشر، وفق ما أفاد به شهود عيان ومصادر محلية.

وقال سكان من المنطقة إن الطائرات الحربية استهدفت المبنى بعد تحذيرات عاجلة أُرسلت للسكان لإخلاء المنطقة؛ ما أدى إلى انهياره بالكامل وتصاعد أعمدة من الدخان الكثيف في المكان.

وحسب الشهود، كان البرج يضم عشرات الشقق السكنية، بينما كانت عائلات عديدة تقيم داخله أو في الملاجئ القريبة، وأكد سكانٌ أن عملية الإخلاء تمت في غضون دقائق وسط حالة من الفوضى والذعر.

واتهم المكتب الإعلامي الحكومي، الذي تديره حركة «حماس» في غزة، إسرائيل، بـ«انتهاج سياسة الهدم الواسع بحق الأبراج السكنية»، مؤكداً أن عمليات القصف الأخيرة تسببت في نزوح آلاف العائلات نحو الجنوب خلال الأيام الماضية.


مقالات ذات صلة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

المشرق العربي صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير المقبل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب يستقبل نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيلتقي ترمب في الولايات المتحدة الاثنين

يتوجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، غداً الأحد، ويلتقي الرئيس دونالد ترمب في فلوريدا خلال اليوم التالي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دونالد ترمب يستقبل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

تقارير إسرائيلية تكشف عن موافقة 3 دول على المشاركة في «قوة غزة»

كشفت إحاطات قدمت في اجتماع المجلس الوزاري السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر «الكابنيت»، خلال آخر اجتماع عقد مساء الخميس الماضي، قبيل مغادرة رئيس الوزراء…

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

خاص نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

يلتقي الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الـ5 منذ بدء ولايته الثانية، علماً بأن ترمب هو خامس الرؤساء الأميركيين ممن يلتقون نتنياهو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

مستشفى العودة في غزة يعلّق معظم خدماته بسبب نقص الوقود

أعلن مستشفى العودة في النصيرات وسط قطاع غزة تعليق معظم خدماته «مؤقتاً» بسبب نقص الوقود، مع الإبقاء على الخدمات الأساسية فقط، مثل قسم الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (غزة)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
TT

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)
لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى مجلس النواب، وتعزّزت مسبقاً بطلب المصرف المركزي بإدخال «تحسينات وتحصينات» تضمن «العدالة والمصداقية وقابلية التطبيق العملي».

ووفق رصد أولي أجرته «الشرق الأوسط»، يتلقى الكثير من الخبراء ومديري البنوك والصحافيين الاقتصاديين، سيلاً من الاتصالات من مودعين حائرين في استنباط مصير مدخراتهم طبقاً لمندرجات المشروع، وأوجه الاختلاف مع الآليات السارية بموجب تعاميم مصرف لبنان، ومدى جدية الضمانات للسندات المؤجلة، وسط تأكيد الالتزام بمنع التصرف باحتياط الذهب بأي وسيلة، طبقاً للقانون رقم 42 الصادر في عام 1986.

وبرز خصوصاً ضمن الأسئلة، جانب من معاناة أصحاب الودائع غير الكبيرة؛ إذ ينص المشروع على تمكينهم من استرداد مائة ألف دولار بالتقسيط لمدة أربع سنوات، ثم يضطرون للانتظار بعدها استحقاق السند الموعود عقب 10 سنوات. وبين هؤلاء، نماذج لأفراد مسنّين كانوا ادخروا في المصارف تعويضات نهاية الخدمة في القطاعين العام والخاص على السواء، وتتعدى حساباتهم مبلغ المائة ألف دولار، تصل إلى مئتين أو ثلاثة، وكانت تشكل مصدر دخل معيشي من خلال العوائد الشهرية بالحدود الدنيا.

غموض المشروع

وتكتسب هذه التساؤلات أحقية قانونية وإجرائية في ضوء الغموض الذي يكتنف بعض المحاور الأساسية في المشروع، وفق مسؤول مالي معني، ولا سيما ما يخص دور الدولة وحجم مساهمتها في معالجة ميزانية «البنك المركزي»، والذي يشكل الركيزة الأساسية لتحديد مصير توظيفات البنوك التي تتعدى 80 مليار دولار لديه، توطئة لطمأنة المودعين بفاعلية الاقتراحات الواردة في المشروع.

رئيس الحكومة نواف سلام يعلن عن إقرار مشروع قانون «الفجوة المالية» في القصر الحكومة الجمعة (أ.ف.ب)

ولا تنأى الشكوك عن عمليات تزويد المودعين بسندات ذات استحقاقات مؤجلة إلى 10 و15 و20 سنة، لكامل المبالغ التي تتعدّى مائة ألف دولار، باعتبار أن مخزون احتياط العملات الصعبة لدى «المركزي»، لا يكفي حالياً لسداد حصة البنك المركزي من الحد المضمون بمبلغ 100 ألف دولار لكل مودع، ولا توجد موارد تضمن استدامة تغذيته لإيفاء كامل المدخرات نقداً خلال 4 سنوات وسندات آجلة، ما لم يحدّد القانون موارد مستدامة وموازية لمستحقات ودائع تبلغ دفترياً نحو 84 مليار دولار، وحتى بعد تنقيتها وعزل غير المشروع منها، بحيث يؤمل إنقاصها بنحو 20 إلى 30 مليار دولار.

حجم الخسائر

ويشكل غياب «الداتا» الموثقة لحجم الخسائر وإجمالي المستحقات القابلة للسداد سنوياً، كحصص شهرية ونسبة 2 في المائة سنوياً من الودائع المتوسطة والكبيرة لاحقاً، بمنزلة الفجوات الرديفة للفجوة الأساسية البالغة نحو 73 مليار دولار، والقابلة بدورها لإعادة هيكلة رقمية بموجب تنظيف الميزانيات في القطاع المالي (مصرف لبنان والمصارف)، ما يفرض تلقائياً، حسب المسؤول المالي، التريث في تحديد كامل آليات السداد لضرورة مطابقتها مع المعطيات الإحصائية، ثم مع قياسات التدفقات النقدية التي يقتضي تنسيقها مع مؤسسات مالية دولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي.

وفي نطاق الضمانة للسندات المؤجلة المزمع إصدارها من قبل البنك المركزي، لاحظ المسؤول المالي «أن التأكيد الحكومي على التزام المانع التشريعي لمنع التصرف باحتياط الذهب، البالغ نحو 9.2 مليون أونصة، والذي تعدت قيمته السوقية حالياً مستوى 40 مليار دولار، يضع المسألة بكاملها في مرمى انعدام الثقة بالسلطات أو تآكلها المزمن على أقل تقدير».

وتشير التجارب على مدار سنوات الأزمة إلى عجوزات السلطات المتكررة في التزام وعودها الإصلاحية وإجراء عمليات التدقيق المحاسبي والجنائي في مكامن الهدر والفساد، بل هي بادرت، عبر حكومة الرئيس حسان دياب في 2020، إلى إشهار تعليق كامل مستحقات الديون السيادية الدولية (اليوروبوندز)، لتنفق بعدها ما يزيد على 11 مليار دولار على دعم غير منضبط للسلع الأساسية وغير الأساسية ومصروفات متفلتة أفضت إلى تبديد أكثر من 20 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي.

أسئلة سياسية عن التمويل

ولا تقتصر الأسئلة عن التمويل على القطاع المصرفي، بل تتوسع إلى المستوى السياسي؛ إذ قال وزير العدل عادل نصار في حديث إذاعي، إن «السؤال الجوهري المطروح هو مصدر التمويل لتنفيذ هذا القانون، حيث اُقرّ القانون بسرعة لأسباب سياسية، ولم نستطع معرفة القدرة على تمويل هذه الخطة، والهاجس لديّ كان التأكد من أن وضع المودع سيكون أفضل بما هو عليه اليوم».

وشدّد نصار، الذي شارك في التصويت ضد المشروع، على أن «التدقيق الجنائي ضروري؛ لأنه لا يمكننا تحميل المودعين المسؤولية دون إعلامهم بما حصل وتوزيع المسؤوليات بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف».


اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية، العاملة في جنوب لبنان، (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين، في حين نفّذ الجيش اللبناني تفتيشاً لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني، بناءً على طلب لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار «الميكانيزم»، وتبيّن أنها خالية من الأسلحة.

وقالت وسائل إعلام محلية إن توتراً شهدته بلدة الأحمدية في البقاع الغربي (جنوب شرقي لبنان)، أثناء قيام دورية تابعة لـ«اليونيفيل» بجولة ميدانية مؤلّلة داخل أحياء البلدة، من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني أو مع أهالي المنطقة.

جنود نيباليون تابعون لقوات «اليونيفيل» المرابطة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في صورة تعود إلى 8 ديسمبر الحالي في مقرهم بقرية ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وحين دخلت الدورية اعترض السكان الدورية وطلبوا من عناصرها التوقف عن متابعة جولتهم حتى حضور الجيش اللبناني. وخلال الاحتكاك، أقدم عناصر من «اليونيفيل» على رمي قنابل دخانية باتجاه السكان. وعلى الفور حضرت وحدات من الجيش اللبناني إلى المكان؛ حيث عملت على تطويق الإشكال وتهدئة الوضع.

إطلاق نار إسرائيلي

وكان هذا التوتر الحادثة الثانية التي تتعرض لها قوات «اليونيفيل» في الجنوب خلال 24 ساعة، بعدما أُصيب أحد عناصرها بجروح طفيفة جراء إطلاق نار إسرائيلي. وقالت البعثة الدولية، في بيان، إن «نيران رشاشات ثقيلة أُطلقت صباح الجمعة من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق، بالقرب من دورية تابعة لقوات (اليونيفيل) كانت تتفقد عائقاً على الطريق في قرية بسطرة». وجاء إطلاق النار عقب انفجار قنبلة يدوية في مكان قريب.

وأوضح البيان أنه «بينما لم تلحق أي أضرار بممتلكات (اليونيفيل)، تسبب صوت إطلاق النار والانفجار في إصابة أحد جنود حفظ السلام بإصابة طفيفة بارتجاج في الأذن».

وفي حادثة منفصلة يوم الجمعة في بلدة كفرشوبا، أبلغت دورية حفظ سلام أخرى، كانت تقوم بمهمة عملياتية روتينية، عن إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي على مقربة من موقعها.

وأكد البيان أن «(اليونيفيل) كانت قد أبلغت الجيش الإسرائيلي مسبقاً بالأنشطة في تلك المناطق، وفقاً للإجراءات المعتادة للدوريات في المناطق الحساسة قرب الخط الأزرق».

وجاء ذلك بالتزامن مع عملية تمشيط قامت بها القوات الإسرائيلية انطلاقاً من موقع «روبية السماقة» باتجاه الأطراف الجنوبية لبلدة كفرشوبا.

ووفق بيان «اليونيفيل»، «تُعدّ الهجمات على جنود حفظ السلام أو بالقرب منهم انتهاكات خطيرة لقرار مجلس الأمن الدولي (1701)». وجددت البعثة دعوة الجيش الإسرائيلي «بالكف عن السلوك العدواني والهجمات على جنود حفظ السلام العاملين من أجل السلام والاستقرار على طول الخط الأزرق أو بالقرب منهم».

تفتيش المنازل

وغالباً ما تقوم «اليونيفيل» بمهام مشتركة مع الجيش اللبناني في منطقة عملياتها، خصوصاً حين تكون في مواقع مأهولة بالسكان. ورافقت دوريات من «اليونيفيل»، الجيش اللبناني السبت، في مهام تفتيش لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان، بناءً على طلب لجنة «الميكانيزم».

وطلبت «الميكانيزم»، من الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل»، الكشف عن أحد المنازل في بلدة بيت ياحون قضاء بنت جبيل، بعد موافقة صاحبه.

عناصر من الجيش اللبناني بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 28 نوفمبر 2025 (رويترز)

وأوضح صاحب المنزل، علي كمال بزي، أنّه «تلقى اتصالاً من مخابرات الجيش بعد منتصف ليل الجمعة-السبت يسأله عن عودته من فنزويلا، فأكد أنّه موجود في لبنان، ويقطن في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، فطلب منه إرسال مفتاح المنزل لتفتيشه بناءً على طلب (الميكانيزم)، مشيراً إلى أنّ المنزل خالٍ وغير مسكون، وهو ما تم بالفعل».

وتزامن ذلك مع مهمتين إضافيتين؛ حيث كشف الجيش أيضاً عن منزلين آخرين، «أحدهما في بلدة كونين، والثاني في قرية بيت ليف»، حسبما أفادت وكالة «الأنباء المركزية»، التي أشارت إلى أن «جميع المنازل تبين أنها خالية من أي عتاد عسكري».

وفي بيانٍ أصدرته بلدية بيت ياحون، أكدت أنّ الجيش تواصل معها بشأن الموضوع، وأنها «لبّت النداء للكشف عن هذا المنزل»، مشددةً على «التأكيد أمام الرأي العام أنّ هذا البيت خالٍ من الأسلحة».

وفي الإطار نفسه، انتشر مقطع مصوّر لرئيس بلدية بيت ياحون مصطفى مكي، أوضح فيه أنّ طلب التفتيش ورد إلى الجيش اللبناني عبر لجنة «الميكانيزم»، وأن الإجراء أُنجز وفق الأصول الرسمية، وبحضور الجهات المحلية المختصة، لافتاً إلى أن البلدية تتابع هذه الخطوات «حرصاً على الشفافية، ومنع أي التباس لدى الأهالي».


مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

تتجَّه حركة «حماس»، خلال الأيام المقبلة، إلى انتخاب رئيس عام لمكتبها السياسي؛ بهدف سد المركز الشاغر منذ مقتل رئيس المكتب السابق يحيى السنوار بشكل مفاجئ، خلال اشتباكات خاضها إلى جانب مقاتليه في مدينة رفح بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بعدما كان قد اختير خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل نهاية يوليو (تموز) من العام نفسه، في العاصمة الإيرانية طهران.

وكشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مرجحةً أن يتم انتخاب نائب له إما خلال الفترة نفسها أو لاحقاً بعد إجراء بعض الترتيبات الداخلية، بما يمكن أيضاً اختياره، وليس انتخابه، كما ستكون الحال بالنسبة لرئيس «حماس».

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (أرشيفية - إعلام تابع لحماس)

وقالت المصادر إن هناك أكثر من مرشح لقيادة حركة «حماس»، من بينهم خالد مشعل، وكذلك خليل الحية، وشخصيات أخرى، مبينةً أن عملية الانتخاب ستتم ضمن قوانين الحركة الداخلية والمتبعة منذ سنوات، وأن هناك أجواء أخوية تسود استعداداً لهذه الانتخابات.

وأشارت المصادر إلى أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي العام هدفه تحقيق مزيد من الاستقرار والطمأنينة داخل الحركة، وحتى لنقل رسالة واضحة للعالم الخارجي بأن الحركة ما زالت متماسكة، ولديها الكادر القيادي الذي يستطيع أن يكون مسؤولاً عن كل شيء، ولديه القدرة على اتخاذ قرارات ضمن إجماع كامل داخل المكتب السياسي، كما هي الحال قبل الاغتيالات التي جرت خلال الحرب.

وبيَّنت المصادر، أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي، لن ينهي دور المجلس القيادي الحالي الذي تمَّ تشكيله لقيادة الحركة بعد الاغتيالات التي طالت هنية والسنوار، مبينةً أنه سيتم اعتباره مجلساً استشارياً يتابع كل قضايا «حماس» داخلياً وخارجياً، ويتم التشاور فيما بينه بشأن مصير تلك القضايا، وذلك حتى انتهاء ولايته في عام 2026.

وأشارت المصادر إلى أنه «لن تقام انتخابات كاملة للمكتب السياسي حالياً، ويتوقع أن هذه الانتخابات ستحصل بعد عام».

فلسطينيون يتظاهرون في الخليل بالضفة الغربية يوليو 2024 تندّيداً باغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

ولن تشمل الانتخابات، أي أطر أخرى، وستكون فقط لرئيس المكتب السياسي العام حالياً. كما توضِّح المصادر.

وبشأن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، بعد اغتيال السنوار، وعدم تعيين خليفة له، قالت المصادر، إن خليل الحية حالياً هو رئيس المكتب في القطاع، وفي حال أصبح رئيساً للمكتب السياسي العام، فسيتم تكليف شخص آخر وفق آليات معينة ليكون بديلاً له، وقد يكون من داخل القطاع نفسه، لافتةً إلى أن حالياً يوجد أعضاء مكتب سياسي بغزة تم تكليفهم لإدارة ملفات عدة.

وقالت المصادر، إن أعضاء المكتب السياسي الذين اغتالتهم إسرائيل داخل قطاع غزة، تم بشكل مؤقت تكليف آخرين للقيام بمهامهم التي كانت موكلة إليهم، ومن بين ذلك أسرى محررون كانوا مقربين جداً من السنوار.

وعانت «حماس» من سلسلة اغتيالات طالت قياداتها خلال الحرب التي استمرَّت عامين، ومن بينهم قيادات داخل وخارج قطاع غزة، ومن أبرزهم في الخارج، هنية، ونائبه السابق صالح العاروري الذي اغتيل في لبنان، خلال شهر يناير 2024.

ويشهد قطاع غزة، سلسلةً من الترتيبات الإدارية التنظيمية على المستويين القياديَّين الأول والثاني، وحتى على مستويات سياسية وأمنية واجتماعية وعسكرية مختلفة؛ بهدف سد الشواغر التي خلفتها عمليات الاغتيال الإسرائيلية.