ملف اختطاف النساء يقلق السوريين ويؤجج خطاب الكراهية

قضية شابة «حورات عمورين» تتفاعل وتتحول إلى قضية رأي عام

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات (سانا)
وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات (سانا)
TT

ملف اختطاف النساء يقلق السوريين ويؤجج خطاب الكراهية

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات (سانا)
وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات (سانا)

ما زالت ردود الفعل تتفاعل على جريمة تعرضت لها شابة سورية في سهل الغاب بريف حماة الغربي، في حادثة أعادت طرح ملف اختطاف النساء، وأجّجت خطاب الكراهية.

واعتبرت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، الاعتداء الذي طال الفتاة المغدورة «جرحاً عميقاً يطعن» في قلب المجتمع السوري و«عقوبة جماعية» هدفها خلق شرخ بين السوريين.

وأكّدت الوزيرة، وفق ما كتبته عبر حسابها في «فيسبوك»، أن وزارة الداخلية تتابع التحقيق في القضية، لافتة إلى أن هذه القضية هي قضية «مجتمع بأكمله».

وجاء تعليقها في وقت أكّدت فيه مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» ازدياد التقارير عن جرائم خطف للنساء في سوريا، ولا سيما العاصمة دمشق ومدينة حلب (شمال)، مشيرة إلى وقوع 5 حالات اختطاف نساء في دمشق، خلال أسبوع واحد من شهر أغسطس (آب) الماضي.

وتعرضت شابة تبلغ 23 عاماً، وتنحدر من قرية حورات عمورين بريف حماة الغربي، لجريمة اعتداء من قبل مجموعة قامت باعتراض طريقها أثناء توجهها إلى عملها في مدينة سلحب بريف حماة، حيث جرى اقتيادها إلى أرض زراعية والاعتداء عليها وتركها مرمية في العراء، إلى أن قام أهالي المنطقة بإنقاذها. وذكرت تقارير إعلامية محلية أن «الجريمة نفّذها شخصان مسلحان»، وسط مزاعم بأنهما ينتميان إلى منطقة تقطنها عشائر بدوية، وهو أمر لم يؤكد رسمياً.

وأثارت الحادثة موجة غضب واسعة بين أهالي منطقة سلحب، باعتبارها واحدة من جرائم متكررة تستهدف نساء من طائفة معينة. الأمر الذي عاد ليؤجج خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن الشابة معيلة لأسرتها الفقيرة.

وبحسب مصادر حقوقية، تقدمت الشابة ببلاغ لدى مخفر شرطة سلحب، قالت فيه إن شابين كانا يستقلان آلية زراعية من صناعة محلية، قاما بملاحقتها على طريق حورات ـ سلحب، حيث تعمل في محل لصناعة الحلويات، وكان ذلك يوم الأربعاء الماضي، وبعد أن تجاوزاها عادا إليها وقاما برشّ مادة على وجهها، ما أدى إلى فقدانها الوعي. وبعد الحادثة، قصدت مخفر سلحب، ومن هناك تم تحويلها إلى مستشفى السقيلبية الوطني، حيث قامت بفحصها لجنة طبية ثلاثية، تضم الطبيب الشرعي ورئيسة القسم النسائي، إلى جانب طبيب مختص، وذلك للتحقق من صحة ادعاءاتها. وأفيد بأن اللجنة أكدت تعرضها لاعتداء.

وقالت المصادر الحقوقية إن حوادث اختطاف النساء تتكرر، مطالبة بكشف الجناة في جريمة شابة حورات عمورين «لأننا قرأنا تعليقات مهينة تبرر الاعتداء عليها بوصفها سبية». وطالبت بعدم التستر على هذا النوع من الجرائم، ومنع استثمارها في التحريض الطائفي، لأن ذلك يسهم في إحجام الضحايا عن التبليغ عن الاعتداءات. كما طالبت المصادر السلطات المعنية بإظهار جدية أكثر في معاقبة الجناة، مشيرة إلى شكاوى من أن قضايا عديدة يتم التستر على القائمين بها.

وقالت المحامية منال الزعيم، وهي قريبة لسيدة فُقدت وسط دمشق في 23 أغسطس الماضي، إن موضوع اختطاف النساء أمر خطير جداً، مشيرة إلى أن أغلب الحالات تستهدف نساء في سن يتراوح بين 25 و35 سنة، وهي فئة عمرية تكون فيها المرأة في الغالب أماً لأطفال ومسؤولة عن رعاية أسرة. ولفتت الزعيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن عمليات الخطف لا تتم في مناطق هشة أمنياً فقط، بل في وسط العاصمة دمشق، وكذلك في مدينة حلب ومناطق أخرى من البلاد، بحسب ما قالت.

وحول حادثة اختطاف قريبتها، وهي أم لطفلين، وزوجها مغترب، قالت إن آخر ظهور لها كان في شارع الزاهرة الجديدة، وهو شارع عام ومكتظ، وكانت عائدة من تسجيل طفلها في المدرسة، واستقلت سيارة تاكسي، لكنها اختفت في وضح النهار. وعبّرت المحامية الزعيم عن الأسف للفتور الذي واجه أقارب المختطفة عندما طلبوا مشاهدة تسجيلات كاميرات المراقبة من أصحاب المحالات التجارية المطلين على الشارع العام، أو من مقاسم الشرطة.

وقالت: «كانوا يستمعون لشكوانا، وكأن أمر اختطاف سيدة بوضح النهار هو أمر اعتيادي، مكتفين بتلقي التبليغ القانوني دون إجراءات أخرى، حيث علمنا أثناء البحث عنها بوجود 5 حالات اختطاف سجلت خلال أقل من أسبوع في المنطقة ذاتها والمناطق المحيطة في الزاهرة والمجتهد والميدان، دون معرفة الأسباب، وهل هي جرائم انتقامية أو بدافع الحصول على فدية أو لأسباب أخرى». وحذّرت الزعيم من خطورة استمرار التعاطي الأمني الفاتر والتراخي في متابعة هذه الجرائم على السلم المجتمعي.

وطالب أهالي قرية «حورات عمورين» عموماً وأعمام الشابة الضحية بريف حماة الغربي «الجهات المعنية بالتحقيق والبحث والكشف عن الفاعلين بأسرع وقت ممكن، من أجل أن ينالوا جزاءهم العادل»، وكي لا تتكرر هذه الجريمة. كما طالبوا، في بيان نشر على صفحة «حورات عموين»، بأن لا يتم توجيه اتهام إلى قرية معينة بالجريمة، لأن الفاعلين ما زالوا مجهولين، في إشارة إلى التحريض الطائفي المتجدد مع كل حادثة.

وفي هذا الإطار، كشفت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، في منشور لها، السبت، أن أهل الشابة حمّلوها رسالة تدعو السوريين إلى وقف التحريض والشحن الطائفي وشيطنة الآخر، والتكاتف «يداً بيد في وجه أي فعل إجرامي يهدد بناتنا وأهلنا». وقالت الوزيرة قبوات إن «المسألة ليست قضية شخصية، بل قضية مجتمع بأكمله. إذا استُبيحت الأعراض بهذه الوحشية، فلن يكون أيٌّ من بناتنا في مأمن».

وأكّدت أنها تتابع القضية، وأنها على تواصل مع وزارة الداخلية «لمتابعة سير التحقيق، ومع وزارة الأوقاف لاتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه هذه الجريمة، وما تمثله من خطر على القيم والدين والمجتمع».

وكانت الوزيرة قبوات استنكرت، في منشور آخر، يوم الجمعة، الجريمة باعتبارها «عقوبة جماعية» تستهدف إضعاف تماسك السوريين، وكسر إرادتهم، وخلق شرخ بينهم. وقالت إنها «تتنافى مع كل القيم والأعراف والأديان، ولا تشبه السوريين في شيء، ولا تعبّر عن أخلاقهم، ولا عن إنسانيتهم». وقالت إن هذه القضية هي قضية الجميع، داعية إلى انتظار نتائج التحقيقات.

المسألة ليست قضية شخصية، بل قضية مجتمع بأكمله. إذا استُبيحت الأعراض بهذه الوحشية، فلن يكون أيٌّ من بناتنا في مأمن.

وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات


مقالات ذات صلة

سوريا تطلق عملتها الجديدة

المشرق العربي الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)

سوريا تطلق عملتها الجديدة

أُطلقت مساء الاثنين، في دمشق، العملة السورية الجديدة، في حفلٍ رسمي بقصر المؤتمرات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «فاطميون» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية)

تقرير: إيران تعمل على حشد فلول «الفرقة الرابعة» لتأجيج الوضع في سوريا

قال موقع «تلفزيون سوريا» إن إيران تعمل منذ مطلع شهر ديسمبر الجاري، على حشد فلول الفرقة الرابعة المرتبطة بإيران لتأجيج الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سوريا تفتح تحقيقاً بشأن مقبرة جماعية تعود لعهد الأسد

سوريا تفتح تحقيقاً بشأن مقبرة جماعية تعود لعهد الأسد

أمرت الحكومة السورية جنوداً من الجيش بفرض حراسة على مقبرة جماعية حُفرت لإخفاء فظائع وقعت في عهد بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)

4 قتلى و108 جرحى باشتباكات مظاهرات اللاذقية

أعلنت مديرية الصحة في محافظة اللاذقية السورية، الاثنين، ارتفاع عدد الوفيات عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات إلى 4 أشخاص و108 مصابين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا) play-circle

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي بزيارة لدمشق، إلا أنها تأجلت «لأسباب تقنية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
TT

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)

أُطلقت مساء الاثنين، في دمشق، العملة السورية الجديدة، في حفلٍ رسمي بقصر المؤتمرات، وكشف الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عن النسخ الأولى لليرة السورية الجديدة، التي تحمل رموزاً من بيئة المحافظات السورية.

وبحضور وزراء الحكومة السورية ودبلوماسيين، قال الشرع إن حدث تبديل العملة يشكّل عنواناً لأفول مرحلة سابقة لا مأسوف عليها، وبداية مرحلة جديدة يطمح لها الشعب السوري وشعوب المنطقة المتأملة بالواقع السوري الحديث.

وأردف أن الملف استغرق نقاشات طويلة، مشيراً إلى وجود ست تجارب لاستبدال العملة ونزع الأصفار على مستوى العالم، نجح نصفها ولم ينجح النصف الآخر، وأن العملية دقيقة جداً في تحول الحالة النقدية، «تحسين الاقتصاد يرتكز على زيادة معدلات الإنتاج وانخفاض معدلات البطالة في سوريا، وأحد أساسيات تحقيق النمو الاقتصادي، تحسين الحالة المصرفية، لأن المصارف كالشرايين بالنسبة للاقتصاد».

فئة الـ100 ليرة كما تبدو في خلفية حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وأوضح أن مرحلة التحول حساسة ودقيقة، «وأهم عامل فيها عدم حدوث حالة فزع بين الناس»، وعدم المسارعة لرمي العملة القديمة واستبدال الجديدة بها، مؤكداً أن كل من يحمل عملة قديمة سيتم العمل على استبدال الجديدة بها، «ولذلك لا داعي للإلحاح على تبديلها لأن ذلك قد يضر بسعر صرف الليرة السورية». مشدداً على أن البلاد تحتاج إلى حالة من الهدوء وقت استبدال العملة، وأن المصرف المركزي أوضح أن ذلك سيتم وفق جدول زمني محدد.

المستشار عبد الله الشماع أوضح أن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية التبديل على أسس علمية ومعايير عالمية، بهدف جعل المصرف ركيزةً للاستقرار وقائداً للتحول الاقتصادي.

ورقة الـ200 ليرة الجديدة في الخلفية خلال حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وبين الشماع أن الرؤية استندت إلى خمس ركائز هي: السياسة النقدية والاستقرار السعري، سوق صرف متوازن وشفاف، قطاع مصرفي سليم، مدفوعات رقمية آمنة، التكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام.


رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن «مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء وأحاله أمس إلى البرلمان، سيدفع أموال المودعين من دون نقصان ويفرض غرامات على من حوّل الأموال إلى الخارج، وعلى من استفاد من الهندسات المالية».

وجاءت مواقف سلام في مؤتمر صحافي عقده للحديث عن القانون الذي أقرته الحكومة ويلقى ردود فعل منتقده عليه من مختلف الجهات، لا سيما المصارف والمودعين، إضافة إلى بعض الكتل النيابية، وهو ما رد عليه سلام قائلاً: «منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل».

وقال سلام: «مشروع القانون سيسلك طريقه إلى مجلس النواب، وسننشر نسخة منه على الموقع الرسميّ ليتسنّى للمواطنين جميعهم الاطلاع عليه لما من شأنه تخفيف الالتباسات ويقينا جميعاً من التسرع وإطلاق الأحكام الجازمة، ومنها ما يكشف عن آراء مسبقة جرى الترويج لها منذ أسابيع».

واعتبر أن «مشروع القانون هذا يسعى إلى إخراج لبنان من الحالة الحاضرة التي تعرّض بلادنا إلى أخطار متزايدة يتوجّب علينا اجتنابها بروح المسؤولية والحكمة والشجاعة».

ورأى «إنّ ردّ الودائع إلى أصحابها بطريقة مرحلية خير من تأجيل بتّ مصيرها، وهو ما يؤول إلى تآكلها وإلى حرمان لبنان من فرصة التعافي والإفادة من الدعم العربي والدولي».

وأضاف: «سيتبيّن لكل من سوف يتعرّف بموضوعية إلى مشروع القانون أنّه سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر... وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات المالية ومن الأرباح والمكافآت المفرطة... وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه».

ليس مثالياً

ويولي مشروع القانون، حسب سلام، «من الإنصاف والعدالة الاجتماعية، أهمية كبرى لاسترداد أصحاب الودائع التي لا يتجاوز مبلغها المائة ألف دولار ودائعهم بقيمتها الاسمية الكاملة خلال أربع سنوات... كحدّ أقصى. ويمثّل هؤلاء 85 بالمائة من المودعين»، مضيفاً: «يحصل باقي المودعين، على غرار هذه الفئة الكبيرة، على مائة ألف دولار خلال المدة نفسها»، أمّا رصيد ودائعهم فسينالونه بواسطة سندات معزّزة بأصول مصرف لبنان. وهي وإن لا تستحق إلا بعد عدد من السنوات، لكن خلال هذه المدة يستردّ حاملو هذه السندات 2 في المائة سنوياً من قيمتها الإجمالية. إضافة إلى ذلك، فبانتظار مواعيد آجالها، ستكون هذه السندات قابلة للتداول، لا سيّما في بورصة بيروت».

وجدد سلام القول ما قاله سابقاً إن «هذا القانون ليس مثالياً... لكنّه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانات المتاحة واستناداً إلى توقّعات مدروسة».

وأضاف: «أكرّر أنّنا لا نبيع اللبنانيات واللبنانيين أوهاماً ولا نخفي الحقائق عنهم، ورهاننا أوّلاً هو على الشفافية والحق في المعرفة المباشرة التي يستحقّها كل المواطنين ليحكموا بأنفسهم على هذا المشروع. وسنكون منفتحين على الحوار معكم جميعاً اليوم وغداً وبعد غد».

ودعا سلام «النواب وممثّلي الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى وقفة وطنية تقدّم المصلحة العامة على أي اعتبار آخر، فنحن منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل، فهذا يساهم في إطالة الأزمة والاستمرار في هدر أموال المودعين وشلل المصارف وتقويض الاقتصاد».


تفاهم مصري - لبناني يمهد لتعاون مستقبلي في الغاز والطاقة

الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
TT

تفاهم مصري - لبناني يمهد لتعاون مستقبلي في الغاز والطاقة

الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)

بينما وقعت مصر مذكرة تفاهم مع لبنان لتلبية احتياجات الأخير من الغاز الطبيعي، يرى خبراء في الطاقة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطوة «تمهد لتعاون في الملف، لكنها لا تعني إمدادا فوريا من الغاز إلى لبنان».

واستقبل الرئيس اللبناني جوزيف عون، الاثنين، وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي، وبحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، أعلن عون، التوقيع مع مصر على مذكرة تفاهم لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي؛ تؤمن القدرة على زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.

خبير البترول المصري عضو «مجلس الطاقة العالمي»، الدكتور ماهر عزيز، أكد أن مذكرات التفاهم من هذا النوع «يعقبها إجراءات واتفاقيات تفصيلية تخص كل مشروع بذاته، ومن المتوقع أن تكون هناك مشروعات ببين البلدين تتعلق في المقام الأول بإمداد لبنان بالخبرات المصرية اللازمة للتوسع في مشروعات الطاقة، والسعي لإمداد لبنان بحاجتها من الغاز في إطار مخططات مصر حالياً للتحول إلى مقر إقليمي لتسويق الطاقة، بأن تستورد الغاز الخام من عدة دول وتسييله وإعادة تصديره والاستفادة من فروق السعر».

وفرة جيدة

وأوضح عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «مصر حظيت في سنوات سابقة بوفرة جيدة في مصادر الغاز الطبيعي؛ ما أدى إلى تصديره لدول الجوار الشرقي في الأردن وإسرائيل لسنوات عديدة، وزادت الإمدادات بعد بداية اكتشاف حقل ظهر، قبل أن ينعكس الوضع وتتحول لمستورد، لكنها حالياً عملت على حل المشكلات التقنية في حقل ظهر بالإضافة لاكتشافات أخرى، فضلاً عما تستورده بغرض الاستهلاك المحلي، وإعادة التسييل ثم التصدير».

وتعتمد مصر على الغاز المسال في تشغيل محطات توليد الكهرباء، وشهد إنتاج مصر من الغاز الطبيعي تراجعاً منذ عام 2022؛ ما دفعها للتحول إلى مستورد، ويبلغ الإنتاج الحالي لمصر من الغاز الطبيعي 4.1 مليار قدم مكعبة يومياً، بحسب وكالة «رويترز».

ووقَّعت مصر أخيراً عبر شركات صفقة ضخمة لاستيراد الغاز من إسرائيل بقيمته تبلغ 35 مليار دولار.

إدارة ذكية

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أحمد أبو علي قال إن «توقيع مذكرة التفاهم بين مصر ولبنان لا تجب قراءته بمنطق (التوريد الفوري) بقدر ما ينبغي فهمه في إطار إدارة ذكية للموارد والطاقة على مستوى إقليمي، حيث إن مصر تمتلك بنية تحتية متقدمة ومتكاملة في قطاع الغاز الطبيعي، تشمل الإسالة، والنقل، وإعادة التصدير، فضلاً عن خبرات فنية متراكمة في الاكتشاف والتشغيل، وهو ما يجعلها قادرة على لعب دور (المُيسّر الإقليمي) للطاقة، حتى في الفترات التي تشهد توازناً دقيقاً بين الإنتاج والاستهلاك المحلي. ومن ثم، فالمقصود ليس بالضرورة ضخ كميات فورية من الغاز، وإنما توظيف القدرات المصرية الفنية واللوجيستية والاستثمارية لدعم لبنان في إعادة تشغيل قطاع الطاقة، ورفع كفاءة إنتاج الكهرباء، سواء عبر التعاون في الحقول، أو إعادة هيكلة سلاسل الإمداد، أو الربط الإقليمي للطاقة».

شراكة طويلة

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «على المستوى الاستراتيجي، فإن مذكرة التفاهم تمثل تمهيداً محسوباً لشراكة طويلة الأجل، تتسق مع رؤية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتداول وتسويق الطاقة في شرق المتوسط؛ فالقاهرة لا تتحرك هنا بدافع سياسي أو تضامني فقط، بل بمنطق اقتصادي واضح يقوم على بناء شبكات تعاون إقليمي، وتثبيت موقعها كمحور رئيسي في معادلة الطاقة، خصوصاً في ظل التحولات الجيوسياسية واضطراب أسواق الإمداد عالمياً».

وفي تعليقه على مذكرة التفاهم، أكد وزير البترول المصري كريم بدوي، أن مصر ستقدم كل الدعم للبنان من خلال الخبرات والإمكانات في مجالات عدة، منها: استكشاف حقول الغاز، واستخراجه، ونقله وتوزيعه، بحسب ما نقلته الرئاسة اللبنانية في بيان.

إطار للبناء

الخبيرة اللبنانية في شؤون البترول والطاقة لوري هايتيان، قالت إن «هذه الخطوة تعد إيجابية في إطار التعاون المستقبلي بملف الطاقة بين البلدين، لكن واقعياً ليس هناك على المدى القريب أو المنظور تبادل أو إمداد غاز من مصر للبنان في الوقت الحالي في ظل أن مصر تستورد الغار لتلبية احتياجاتها المحلية، كما أنه توجد مشكلات تقنية قد تؤخر هذا الأمر».

وشرحت لـ«الشرق الأوسط»: «عند حدوث أزمة الطاقة الطاحنة في لبنان عام 2019 كانت هناك خطة لتعاون واستيراد الغاز من مصر عبر الأنبوب العربي الذي يمر بالأردن وسوريا ثم إلى شمال لبنان، وبدأ الكلام عن هذا المشروع عام 2021، لكن كان يعوق الأمر قبل سقوط نظام بشار الأسد أن سوريا عليها عقوبات تعرقل هذا التعاون، وحالياً أصبح الأمر ممهداً لاستئناف عملية إتمام المشروع، لكن الحكومة اللبنانية تقول إن هناك حاجة ماسة لصيانة الأنبوب في الجزء الموجود منه في لبنان، وكذلك في سوريا ما يعني أن المسألة ستستغرق بعض الوقت».

ونوهت إلى أن «مذكرة التفاهم تجعل هناك إطاراً يمكن البناء والاعتماد عليه لاستئناف هذا المشروع حين إتمام الصيانة اللازمة للأنبوب، وكذلك لأي مشروعات تعاون في الطاقة مستقبلاً، ويؤشر أيضاً إلى أنه حينما تكون هناك طاقة متوفرة في مصر ولبنان بحاجة إليها فستمده القاهرة بها، ومصر تقدر على ذلك؛ لأن كل ما يحتاج إليه لبنان هو كمية غاز لتشغيل محطة كهرباء واحدة في شمال البلاد».