استأنفت لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار اجتماعاتها في الناقورة، جنوب لبنان، عند الحدود مع إسرائيل، الأحد، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الأميرال براد كوبر، وذلك بعد توقفها عن الاجتماع لأسابيع؛ في خطوة تشير لإعادة تفعيل عمل اللجنة، والسعي لتطبيق الاتفاق، وخاصة في أجزائه المرتبطة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية، ومن ثم استكمال انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان.
وتتولى لجنة برئاسة جنرال أميركي، وعضوية فرنسا ولبنان وإسرائيل، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة «اليونيفيل»، الإشراف على تطبيق القرار 1701، ووقف إطلاق النار، وفق ما نص عليه اتفاق نوفمبر (تشرين الثاني).
وبعد انتهاء الاجتماع، الأحد، في الناقورة، مقر قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، جال الأميرال كوبر وأورتاغوس فوق المنطقة الحدودية بين القطاعين الأوسط والغربي على متن طوافة عسكرية للجيش اللبناني، للاطلاع على الواقع الميداني في المنطقة، ثم عادا إلى بيروت.
وكانت مورغان أورتاغوس قد وصلت صباح الأحد إلى مطار رفيق الحريري الدولي بيروت، وتوجهت مباشرة إلى الناقورة.
استقبل قائد الجيش العماد رودولف هيكل في مكتبه في اليرزة قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي Admiral Charles B. Cooper على رأس وفد مرافق، بحضور رئيس لجنة الإشراف الخماسية (Mechanism) Major Gen. Michael Leeney ، وتناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وسبل دعم الجيش في ظل... pic.twitter.com/ePgUXSN6g3
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) September 6, 2025
وأشارت معلومات إلى أن كوبر، الذي التقى السبت رئيس الجمهورية جوزيف عون وقائد الجيش في بيروت، بات ليلته في قبرص، حيث عقد اجتماعات ثم عاد إلى بيروت الأحد للمشاركة في اجتماع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.
في المقابل، لم تسجل لقاءات لأورتاغوس مع المسؤولين اللبنانيين. ولم تجد مصادر وزارية لبنانية في هذا الأمر أي إشارة سلبية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مشاركة أورتاغوس في اجتماع الناقورة فقط تندرج ضمن مهامها المرتبطة بالملف اللبناني – الإسرائيلي وبعدما سبق أن أعلن المبعوث الأميركي توم برّاك أنها ستتابعه، وحضورها هذا الاجتماع دليل على ذلك».
لا نتائج
وبينما لم يعلن عن نتائج اجتماع الناقورة، لفتت المصادر إلى أنه وبعد فترة من البطء في عمل اللجنة واجتماعاتها القليلة، تلقى لبنان وعوداً بتفعيل عملها بشكل أفضل، وأنه سيتم تغيير رئيسها الحالي الجنرال مايكل ليني، الذي شارفت ولايته على الانتهاء، بعد أسبوعين بجنرال أميركي لم يتبلغ لبنان باسمه حتى الآن.
وأشارت المصادر إلى أن الوفد الأميركي أثنى على ما يقوم به لبنان، إن من جهة قرارات الحكومة، أو لجهة عمل الجيش اللبناني.

وكان رئيس الجمهورية جوزيف عون دعا الولايات المتحدة الأميركية إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي تحتلها في الجنوب، ليتمكن الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية.
وطلب من كوبر خلال استقباله السبت في حضور السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، تفعيل عمل لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية (MECHANISM) لتأمين تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في شهر نوفمبر الماضي لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والانسحاب من التلال والأراضي التي تحتلها، وإعادة الأسرى، بحيث يتم تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، خصوصاً أن هذه الخطوات تساعد في تنفيذ القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية لجهة حصرية السلاح في أيدي القوات المسلحة اللبنانية، لا سيما أن مجلس الوزراء رحب بالأمس بالخطة العسكرية التي وضعتها قيادة الجيش لهذه الغاية.
الرئيس عون خلال لقائه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الأميرال براد كوبر، دعا الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية، وإلى تفعيل عمل لجنة Mechanism لتنفيذ بنود اتفاق وقف الأعمال العدائية.- الرئيس عون شدّد على أهمية استمرار الدعم الأميركي... pic.twitter.com/zNEXm5QpPe
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) September 6, 2025
ولفت الرئيس عون خلال الاجتماع الذي حضره أيضاً رئيس اللجنة الجنرال مايكل ليني، إلى أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، من شأنه أن يعرقل استكمال انتشار الجيش اللبناني حتى الحدود، بعدما أنجز الجيش التمركز في أكثر من 85 في المائة من المنطقة الواقعة جنوب الليطاني، ويواصل عمله في منع المظاهر المسلحة ومصادرة الأسلحة والذخائر في ظروف جغرافية وعملانية صعبة، ما أدى حتى الآن إلى استشهاد 12 ضابطاً وعسكرياً خلال نقل الذخائر أو تفكيك الألغام وغيرها... كذلك، بدأ الجيش في تسلّم السلاح الفلسطيني من عدد من المخيمات الفلسطينية، بموجب الاتفاق الذي تم خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان.
وأكد الرئيس عون للأميرال كوبر على أهمية استمرار الولايات المتحدة الأميركية في دعم الجيش اللبناني وتوفير التجهيزات والآليات اللازمة له لتمكينه من القيام بالمهام الموكلة إليه على طول الأراضي اللبنانية، سواء في حفظ الأمن أو منع التهريب والأعمال الإرهابية وضبط الحدود اللبنانية – السورية، وغيرها من المهام التي يقوم بها العسكريون الذين يعملون في ظروف اقتصادية صعبة.
وكان الأميرال كوبر نوّه بالعمل المميز الذي يقوم به الجيش اللبناني، مؤكداً استمرار بلاده في تقديم المساعدات اللازمة في مختلف المجالات، وفق بيان الرئاسة.
دعم فرنسا
وجددت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان نويل بارو دعم قرارات الحكومة اللبنانية.
وقال وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، الأحد، عبر منصة «إكس»، إنه شكر بارو، في اتصال هاتفي على الجهود التي بذلتها بلاده في ملف التجديد لـ«اليونيفيل» بأفضل صيغة ممكنة، مشيراً إلى أن «بارو رحّب بدوره بتبنّي الحكومة اللبنانية الخطة التي اقترحها الجيش لاستعادة احتكار الدولة للسلاح على كامل الأراضي اللبنانية، وأكد استعداد فرنسا للوقوف إلى جانب السلطات اللبنانية لتنفيذ التزاماتها ودعم الجيش اللبناني». وأعلن رجي أن نظيره الفرنسي، أبلغه عن نية الرئيس إيمانويل ماكرون في تنظيم مؤتمرين لدعم القوات المسلحة اللبنانية ولإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي، عندما تتوافر الظروف الملائمة لذلك.
خطة الجيش
من جهته، شدّد وزير المهجّرين والدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الدكتور كمال شحادة (المحسوب على حزب القوات اللبنانية)، على أنّ «قرار الحكومة وخطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة يشكّلان خطوة تاريخية».
وقال في حديث تلفزيوني: «هذا القرار يتطلّب دعماً سياسياً داخلياً وخارجياً، إلى جانب تعزيز قدرات الجيش اللبناني للإسراع في التنفيذ»، مشدداً على أنّ «جميع اللبنانيين متفقون على مبدأ حصرية السلاح، رغم اعتراض (حزب الله) و(حركة أمل)، على مسألة الجدول الزمني».
كذلك، أكد وزير الزراعة نزار هاني، المحسوب على الحزب «التقدمي الاشتراكي»، أن «خطة الجيش اللبناني كاملة ومتكاملة ويجب تأطيرها بدعم سياسي واستقرار اقتصادي وأمني، ما يؤول إلى تنفيذها على مراحل متدرجة ومقبولة زمنياً».
وقال هاني إن «لبنان لم يتبلغ بعد بأي رد رسمي إسرائيلي فيما خص مضمون الورقة الأميركية، بحيث تعمد تل أبيب إلى الربط ما بين المضي قدماً في عملية الانسحاب والانتهاء العملي والميداني من سلاح (حزب الله)».
«الثنائي الشيعي»
في المقابل، قال وزير العمل محمد حيدر، المحسوب على «حزب الله»، إن ما يقوم به «وزراء الثنائي» (بخروجهم من الحكومة عند طرح موضوع حصرية السلاح)، «ليس تعطيلاً لمؤسسات الدولة ولا ضرباً لعمل الحكومة، بل هو تعبير سياسي واضح، ورسالة اعتراض نابعة من حرصنا على المصلحة الوطنية».
وقال حيدر خلال لقائه تكتل نواب بعلبك - الهرمل، لوضعهم في أجواء جلسة الحكومة يوم الجمعة وقرار الانسحاب من الجلسة: «يأتي ذلك انسجاماً مع موقفنا المبدئي والثابت في الجلستين السابقتين».
واعتبر أن «البيان الذي صدر عن الحكومة فيه نقاط يُبنى عليها للمستقبل، والناس شعرت بأن هذا البيان يجمع ما بين الرؤساء والفرقاء السياسيين في الحكومة، بما من شأنه عودة الاستقرار إلى البلد».





