كيف جاءت ردود الفعل الدولية على المجزرة الإسرائيلية بمجمع ناصر الطبي في غزة؟

TT

كيف جاءت ردود الفعل الدولية على المجزرة الإسرائيلية بمجمع ناصر الطبي في غزة؟

فلسطينيون يفرون بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة - 25 أغسطس 2025 (إ.ب.أ)
فلسطينيون يفرون بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة - 25 أغسطس 2025 (إ.ب.أ)

أثارت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مستشفى في غزة وخيمة للصحافيين ردود فعل دولية غاضبة، وأدانتها منظمات دولية ومنظمات مدافعة عن حرية الصحافة.

وأبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، استياءه من الغارة الإسرائيلية التي أودت بحياة 20 شخصاً، بينهم خمسة صحافيين، مشيراً إلى أنه لم يكن على علم بها. وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: «لست راضياً عنها. لا أريد أن أراها. وفي الوقت نفسه، علينا أن ننهي هذا الكابوس».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

إدانة أممية

شدّدت الأمم المتحدة على وجوب عدم استهداف الصحافيين والمستشفيات بتاتاً.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني في بيان: «ينبغي أن يكون قتل الصحافيين في غزة صدمة للعالم، لا تدفعه إلى صمت مطبق بل إلى التحرّك للمطالبة بالمحاسبة والعدالة»، مشدّدة على أن «الصحافيين ليسوا هدفاً. والمستشفيات ليست هدفاً» في أي حرب.

رجل يتفاعل وهو يحمل المعدات التي استخدمها المصور الفلسطيني حسام المصري بالموقع الذي قُتل فيه مع صحافيين آخرين وأشخاص آخرين في غارات إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وندّد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة بمقتل فلسطينيين في القصف الإسرائيلي الذي استهدف مستشفى ناصر في غزة.

وقال إنه يجب أن يكون بمقدور العاملين في المجال الطبي والصحافيين أداء واجباتهم الأساسية دون تدخل أو ضرر.

ودعا إلى تحقيق سريع ونزيه في عمليات القتل.

فلسطينيون يتجمعون خارج مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة - 25 أغسطس 2025 بعد غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

إسكات الأصوات

من جهته، قال المفوض السامي لمنظمة «الأونروا» فيليب لازاريني، الاثنين، إن قتل الصحافيين في غزة إسكات لآخر الأصوات المتبقية التي تنقل المجاعة وموت الأطفال في القطاع.

وأضاف المفوّض أنه حان وقت الإرادة السياسية لإنهاء المجاعة وحماية الصحافيين والعاملين في المجال الإنساني والصحي.

«انتهاكات سافرة»

أدانت مصر بأشد العبارات استهداف إسرائيل لمجمع ناصر الطبي في خان يونس، وعدّته حلقة جديدة من سلسلة طويلة من الانتهاكات الإسرائيلية السافرة للقانون الدولي الإنساني.

وبحسب بيان للمتحدث باسم «الخارجية»، أعربت مصر عن «استنكارها الشديد لتعمّد الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحافيين والعاملين في المجال الطبي والإنساني، ورفضها ما يقوم به من جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة». وطالبت مصر مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياتهما، لوضع حد لهذا النهج الخطير، والتدخل بصورة فاعلة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

هجوم «مفزع»

هذا وعبّر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الاثنين، عن شعوره بالفزع بعد قصف إسرائيل مستشفى ناصر في جنوب قطاع غزة. وقال لامي في منشور على موقع «إكس»: «ينتابني شعور بالفزع بسبب الهجوم الإسرائيلي على مستشفى ناصر. يتعين حماية المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية والصحافيين. يتعين وقف إطلاق النار على الفور».

«أوقفوا إطلاق النار الآن!»

هذا ودعا مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الاثنين، إلى وقف الهجمات على مراكز الرعاية الصحية في قطاع غزة. وقال غيبرييسوس في منشور على «إكس»: «بينما يتضور سكان غزة جوعاً، يزداد تقييد وصولهم المحدود أصلاً إلى الرعاية الصحية بسبب الهجمات المتكررة... لا يسعنا إلا أن نؤكد: أوقفوا الهجمات على الرعاية الصحية. أوقفوا إطلاق النار الآن!».

وطالبت جمعية الصحافة الأجنبية، الاثنين، الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء بتقديم «توضيح فوري»، وذلك بعد مقتل خمسة صحافيين في ضربتين إسرائيليتين على مستشفى جنوب قطاع غزة.

وقالت الجمعية التي تتخذ من القدس مقراً، وتمثّل الصحافيين العاملين من إسرائيل والضفة وغزة مع وسائل إعلام أجنبية، في بيان: «نطالب بتوضيح فوري من الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. ونحث إسرائيل، وبشكل نهائي، على وقف ممارستها الشائنة والمتمثلة في استهداف الصحافيين».

وأعلنت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية (الاثنين) أن الضربة الإسرائيلية الأحدث في غزة هجوم على حرية الصحافة، وجريمة حرب جديدة.

«لا يمكن التسامح معه»

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، إن القصف الإسرائيلي لمستشفى في غزة الذي تسبب في مقتل مدنيين وصحافيين «لا يمكن التسامح معه».

وأضاف ماكرون أنه يجب حماية المدنيين والصحافيين في جميع الأوقات. و«يجب أن تتمكن وسائل الإعلام من أداء مهمتها بحرية واستقلالية لتغطية حقيقة الصراع. ويجب عودة المساعدات الإنسانية». ودعا إسرائيل إلى احترام القانون الدولي.

توفير الحماية

وأعربت ألمانيا، الاثنين، عن «صدمتها لمقتل عدة صحافيين وعمال إنقاذ وغيرهم من المدنيين» في القصف الجوي الإسرائيلي على مستشفى ناصر في قطاع غزة.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية عبر منصة «إكس»: «يجب التحقيق في هذا الهجوم»، ودعت إسرائيل إلى «السماح للإعلام الأجنبي المستقل بالوصول الفوري وتوفير الحماية للصحافيين العاملين في غزة».

«سلسلة جرائم شنيعة»

أدانت وزارة الخارجية القطرية القصف الإسرائيلي على المستشفى، قائلة إنه يمثل «حلقة جديدة في سلسلة الجرائم الشنيعة المستمرّة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الشقيق».

وأضافت: «نهج الاحتلال في استهداف الصحافيين والعاملين في المجالين الإغاثي والطبي، يتطلّب تحركاً دولياً عاجلاً وحاسماً لتوفير الحماية اللازمة للمدنيين وضمان عدم إفلات مرتكبي هذه الفظائع من العقاب».

«جريمة حرب وحشية»

من جهته، أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بشدة الغارات الإسرائيلية على المستشفى، ووصفها بأنها «جريمة حرب وحشية».وأضاف بقائي «يجب محاسبة الداعمين السياسيين والعسكريين لنظام الاحتلال، وخاصة الولايات المتحدة، المتواطئين والشركاء في الجرائم البشعة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني».

«انتهاك صارخ»

كما أدانت الخارجية الأردنية «بأشدّ العبارات، قصف إسرائيل مجمع ناصر الطبي جنوبي قطاع غزة... باعتباره خرقاً فاضحاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وانتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949».

«نشعر بالفزع»

نددت كندا بالقصف وأكدت أن إسرائيل مُلزمة بحماية المدنيين في منطقة القتال.

وقالت وزارة الخارجية الكندية، في بيان: «تشعر كندا بالفزع إزاء القصف الذي شنه الجيش الإسرائيلي على مستشفى ناصر في غزة، والذي أسفر عن مقتل خمسة صحافيين وعدد كبير من المدنيين، منهم رجال إنقاذ ومسؤولون صحيون. إن مثل هذه الهجمات غير مقبولة».

«حادث مأساوي»

وفي أول رد فعل له على المذبحة الجديدة، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تأسف بشدة لما وصفه «بالحادث المأساوي» الذي وقع في مستشفى ناصر بجنوب قطاع غزة اليوم الاثنين.

وقال نتنياهو في بيان إنّ «إسرائيل تأسف بشدّة للحادث المأسوي الذي وقع اليوم في مستشفى ناصر» في خان يونس، مؤكداً أنّ «إسرائيل تولي أهمية لعمل الصحافيين وكذلك الطواقم الطبية وجميع المدنيين».

وأضاف أنّ «السلطات العسكرية تجري تحقيقا معمّقاً. حربنا مع إرهابيي (حماس). هدفنا العادل هو هزيمة (حماس) وإعادة رهائننا إلى ديارهم».


مقالات ذات صلة

مصدر: أذربيجان لن ترسل قوات حفظ سلام إلى غزة إلا إذا توقف القتال تماماً

المشرق العربي أطفال فلسطينيون وسط الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (رويترز) play-circle

مصدر: أذربيجان لن ترسل قوات حفظ سلام إلى غزة إلا إذا توقف القتال تماماً

قال مصدر في وزارة الخارجية الأذربيجانية، الجمعة، إن بلاده لا تعتزم إرسال قوات حفظ سلام إلى قطاع غزة ما لم يكن هناك وقف كامل للقتال هناك بين إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (باكو )
ثقافة وفنون خلال عرض فيلم «البحر» في تل أبيب (رويترز)

فيلم إسرائيلي مرشح للأوسكار يثير تعاطفاً مع الفلسطينيين ويزعج الحكومة

يأمل مخرج فيلم إسرائيلي مرشح لجوائز الأوسكار لعام 2026 ويجسد رحلة فتى فلسطيني يسعى لرؤية البحر أن يسهم العمل السينمائي في إيقاظ التعاطف داخل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ فلسطينيون يصلون أمام الأنقاض بعد عودتهم إلى حيّهم المدمر بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

مسؤولون: المخابرات الأميركية رصدت وجود تحذيرات إسرائيلية من ارتكاب جرائم حرب في غزة

معلومات مخابراتية العام الماضي تُفيد بأن مستشارين قانونيين في الجيش الإسرائيلي حذّروا من وجود أدلة قد تدعم اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

قال دونالد ترمب إنه يتوقع وصول القوة الدولية لحفظ الاستقرار إلى غزة «قريباً جداً».

محمد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «الخط الأصفر» في غزة... تحدٍّ جديد أمام الوسطاء

تحركات مكثفة للوسطاء لإيجاد حل لأزمة مقاتلي حركة «حماس» العالقين خلف ما يعرف إسرائيلياً بـ«الخط الأصفر»

محمد محمود (القاهرة)

وزيرة إسرائيلية: نمضي في تنفيذ «ضم فعلي» للضفة الغربية رغم رفض ترمب

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

وزيرة إسرائيلية: نمضي في تنفيذ «ضم فعلي» للضفة الغربية رغم رفض ترمب

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

قالت وزيرة النقل الإسرائيلية ميري ريجيف إن وزارتها تمضي في تنفيذ خطوات «ضم فعلي» للضفة الغربية على أرض الواقع، على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب حالَ دون تنفيذ خطة الحكومة الإسرائيلية اليمينية لضمّ الضفة رسمياً.

وأضافت ريجيف، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية: «أعتقد أنه في نهاية المطاف ستكون هناك سيادة إسرائيلية في الضفة الغربية»، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية «تدرك أيضاً أنه لا توجد طريقة أخرى»، رغم تأكيد ترمب المتكرر معارضته ضم الضفة الغربية.

وتابعت قائلة: «للأسف، ليس هذا هو الوقت المناسب، لكنه سيحدث. وعلى أي حال، نحن في وزارة النقل نمارس السيادة الفعلية في (الضفة الغربية). إذا نظرت هناك، فسترى عدد الطرق والإنارة التي نبنيها هناك (للمستوطنين)».


مصدر: أذربيجان لن ترسل قوات حفظ سلام إلى غزة إلا إذا توقف القتال تماماً

أطفال فلسطينيون وسط الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (رويترز)
أطفال فلسطينيون وسط الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (رويترز)
TT

مصدر: أذربيجان لن ترسل قوات حفظ سلام إلى غزة إلا إذا توقف القتال تماماً

أطفال فلسطينيون وسط الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (رويترز)
أطفال فلسطينيون وسط الأنقاض في جباليا بشمال قطاع غزة (رويترز)

قال مصدر في وزارة الخارجية الأذربيجانية لوكالة «رويترز» للأنباء، اليوم (الجمعة)، إن أذربيجان لا تعتزم إرسال قوات حفظ سلام إلى قطاع غزة ما لم يكن هناك وقف كامل للقتال هناك بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية.

وفي إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء حرب غزة، تجري الولايات المتحدة محادثات مع أذربيجان وإندونيسيا والإمارات ومصر وقطر وتركيا، بشأن مساهمات محتملة من تلك الدول في تأسيس قوة دولية لتحقيق الاستقرار قوامها نحو 20 ألف جندي.

وقال المصدر: «نحن لا نريد تعريض قواتنا للخطر. لا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا توقف العمل العسكري تماماً».

وأشار المصدر إلى أن أي قرار من هذا القبيل يجب أن يوافق عليه البرلمان. وقال رئيس لجنة الأمن في البرلمان لـ«رويترز»، إن اللجنة لم تتلقَّ بعد أي مشروع قانون في هذا الشأن.

ويفوض مشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، قوة تحقيق الاستقرار «باستخدام كل التدابير اللازمة»، أي القوة إذا لزم الأمر، لتنفيذ تفويضها لتحقيق الاستقرار الأمني في غزة.

ولم تفصح «حماس» بعد عما إذا كانت ستوافق على إلقاء سلاحها وإخلاء غزة من الأسلحة، وهو أمر سبق أن رفضته.


الشرع يلتقي ترمب الاثنين بـ«صفحة بيضاء»

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)
TT

الشرع يلتقي ترمب الاثنين بـ«صفحة بيضاء»

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي رئيس البرازيل لويز لولا دا سيلفا في مدينة بيليم بولاية بارا على هامش مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) يوم الخميس (الرئاسة البرازيلية - أ.ف.ب)

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيس السوري أحمد الشرع، الاثنين، في البيت الأبيض، في أول زيارة لرئيس من هذا البلد العربي لواشنطن العاصمة، بعد أيام فحسب من جهود ناجحة قادتها الولايات المتحدة عبر تصويت مجلس الأمن الخميس في نيويورك لشطب اسمه من لوائح الإرهاب الخاصة بالأمم المتحدة.

ووفقاً لما أعلنه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك، يتوقع أن يوقع الشرع خلال هذه الزيارة التاريخية على اتفاق لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة، التي تعتزم أيضاً، وفقاً لتقارير، إنشاء قاعدة عسكرية قرب دمشق.

وقبل انتقاله إلى واشنطن، يزور الرئيس السوري أحمد الشرع البرازيل للمشاركة في مؤتمر المناخ الأممي (كوب 30) الذي ينعقد في مدينة بيليم بولاية بارا البرازيلية.

وصوّت مجلس الأمن الخميس على القرار 2799 بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية، الذي أعدته البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، بغالبية 14 من الأصوات الـ15 للدول الأعضاء في المجلس، فيما امتنعت الصين عن التصويت. ويشطب القرار اسمي الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة الجزاءات المفروضة على «داعش» و«القاعدة»، في خطوة تُعدّ «صفحة بيضاء» جديدة للزعيم السوري. وأكد مجلس الأمن في قراره «التزامه القوي بالاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية، ودعمه المستمر لشعبها»، مشيراً إلى «اعتزامه تعزيز إعادة الإعمار والاستقرار والتنمية الاقتصادية في سوريا على المدى الطويل»، مع التشديد على أن «هذه الجهود ينبغي أن تكون متسقة مع سلامة وفاعلية نظام الجزاءات المفروضة على تنظيمي داعش والقاعدة». كما رحب بالتزامات سوريا لجهة «ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن وسريع ومن دون عوائق بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني، ومكافحة الإرهاب».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وأشار القرار إلى التوقعات بأن تتخذ سوريا «تدابير حازمة» بغية «التصدي للتهديد الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب»، بالتزامن مع «حماية حقوق الإنسان لجميع السوريين وسلامتهم وأمنهم بغض النظر عن العرق أو الدين». ويدعو دمشق إلى «مكافحة المخدرات» والتزام «عدم الانتشار والقضاء على أي بقايا أسلحة كيماوية»، بالإضافة إلى «تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين».

امتناع الصين

وبرر المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة فو تسونغ الامتناع عن التصويت بأن القرار لم يعالج بالشكل المناسب مخاوفها حيال مكافحة الإرهاب والوضع الأمني في سوريا، في إشارة إلى قلق بكين من «حركة تركستان الشرقية الإسلامية» التي تضم مقاتلين من الأويغور. وقال إن القرار «ينص بوضوح» على «اتخاذ سوريا إجراءات حاسمة لمكافحة الأعمال الإرهابية والتعامل مع تهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وبينهم حركة تركستان الشرقية الإسلامية في سوريا».

وذكر المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن موسكو دعمت القرار لأنه «يعكس، قبل أي شيء، مصالح وتطلعات الشعب السوري نفسه». وبعد سنوات من انقسام مجلس الأمن، أشاد المندوب السوري إبراهيم علبي بالقرار، واصفاً إياه بأنه «رسالة دعم للسوريين، نساء ورجالاً، في جهودهم لإعادة بناء وطنهم واستعادة حياتهم».

وبذلك، رفع مجلس الأمن العقوبات عن الشرع، بعدما كان ينبغي عليه الحصول على إعفاء خاص من الأمم المتحدة في كل تحرك خارجي، علماً أنها فرضت عليه عام 2013 بصفته زعيماً لتنظيم «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) بلقب «أبو محمد الجولاني»، إلى أن قاد مع فصائل أخرى العملية العسكرية التي أطاحت الرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

«فصل جديد»

البيت الأبيض في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)

وقام الشرع بأول زيارة له إلى الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث ألقى كلمة. لكن زيارته لواشنطن العاصمة هي «الأولى بالمطلق في التاريخ منذ ولادة الدولة الحديثة» لرئيس سوري إلى البيت الأبيض.

وعدّ المحلل لدى معهد «نيو لاينز» نيك هيراس أن زيارة الشرع هذه «إعلان فصل جديد في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، بعيداً عن مكافحة الإرهاب، ونحو عقد صفقات براغماتية»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وسبق لترمب أن التقى الشرع خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في مايو (أيار) الماضي. وكشف في حينه عن تحول كبير في السياسة الأميركية، قائلاً إنه سيرفع العقوبات الأميركية عن سوريا. ولاحقاً، أشار إلى الشرع، بقوله: «أعتقد أنه يبلي بلاء حسناً للغاية. إنها منطقة صعبة، وهو رجل قوي، لكن الأمور بيننا جيدة للغاية. وقد جرى إحراز تقدم كبير مع سوريا».

ونقلت تقارير عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة «تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في مطار المزة العسكري قرب دمشق، من أجل تنسيق المساعدات الإنسانية ولمراقبة الوضع بين سوريا وإسرائيل». وحالياً توجد معظم القوات الأميركية المنتشرة في سوريا في مناطق تقع تحت سيطرة الإدارة الكردية في شمال شرقي البلاد.

وأكد دبلوماسي سوري أن «انضمام سوريا إلى قوات التحالف (ضد داعش) سيكون على رأس جدول الأعمال». ورأى المحلل السياسي السوري بسام سليمان أن الانضمام إلى التحالف الدولي «ستكون له ارتدادات إيجابية على الصعيد الداخلي، وسيساعد في توحيد الدولة السورية وسيكون خطوة مهمة في إنهاء بعض الملفات العالقة مثل ملف قسد (قوات سوريا الديمقراطية)».

ويتوقع أن يشمل النقاش المفاوضات المباشرة بين دمشق وإسرائيل، علماً أن ترمب حض الشرع في مايو (أيار) على الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل.