الانسحاب الأميركي من «عين الأسد» يفجر قلقاً عراقياً

مصادر ترجِّح نقل مهمة قاآني في بغداد إلى لاريجاني

مروحية تحلِّق بالقرب من قاعدة حرير في أربيل (أرشيفية - رووداو)
مروحية تحلِّق بالقرب من قاعدة حرير في أربيل (أرشيفية - رووداو)
TT

الانسحاب الأميركي من «عين الأسد» يفجر قلقاً عراقياً

مروحية تحلِّق بالقرب من قاعدة حرير في أربيل (أرشيفية - رووداو)
مروحية تحلِّق بالقرب من قاعدة حرير في أربيل (أرشيفية - رووداو)

يتخوف سياسيون عراقيون من فراغ أميركي قد يؤشر لتجدد المواجهة بين إيران وإسرائيل، بعد أن تحركت قوافل لقوات «التحالف الدولي» من قاعدة عين الأسد، غرب بغداد، إلى قاعدة في إقليم كردستان، قبل نحو شهر من تنفيذ اتفاق على إنهاء المهمة الدولية لمحاربة تنظيم «داعش».

وليلة الاثنين، تحركت أرتال عسكرية من القاعدة الواقعة في محافظة الأنبار، نحو قاعدة حرير في مدينة أربيل، طبقاً للاتفاق الذي نص على بدء انسحاب «التحالف الدولي» خلال سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن يستكمل من قاعدة حرير نهاية 2026، وفق مسؤول حكومي عراقي.

موقف رسمي

اعتبر الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، أن انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق «يمثل أحد أبرز إنجازات الحكومة»؛ مشيراً إلى أنه «يُعد دليلاً واضحاً على قدرة البلاد في التصدي للإرهاب وحفظ الأمن، والاستقرار دون الحاجة إلى دعم خارجي».

وأضاف النعمان أن الانسحاب «ما كان ليتحقق لولا الجهود السياسية الحثيثة، وإصرار رئيس مجلس الوزراء على إغلاق هذا الملف بشكل كامل»، مؤكداً أن «تصاعد قدرات قواتنا الأمنية، إلى جانب السعي الحكومي المستمر لتطوير المنظومة العسكرية والأمنية بأحدث التقنيات التسليحية والفنية، بالإضافة إلى تعزيز كفاءة الأجهزة الاستخبارية، كلها عوامل تمكِّن العراق من مسك الملف الأمني بالكامل، وردع أي تهديد لأمن البلاد».

بدوره، قال حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء محمد السوداني، إن انسحاب القوات الأميركية من محيط بغداد نحو كردستان، لن يؤثر على ملفات الأمن بسبب تصاعد وتيرة التنسيق مع أربيل، إلى جانب وجود اثنين من الألوية العسكرية المشتركة بين المركز والإقليم يعملان على الخطوط والمفاصل الحساسة.

وأكد علاوي أن وجود بعثة التحالف الدولي في بغداد وقاعدة عين الأسد سينتهي في أيلول المقبل، مضيفاً أن هذا التحول يأتي في إطار نقل العلاقات الأمنية مع دول التحالف إلى علاقات دفاعية ثنائية طبيعية.

قاعدة حرير في أربيل بإقليم كردستان (السومرية)

مخاوف عراقية

مع ذلك، تتجدد المخاوف في أوساط سياسية؛ سواء داخل البرلمان وخارجه. واستغرب ياسر وتوت، عضو «لجنة الأمن والدفاع» في البرلمان العراقي، من سحب واشنطن قواتها من «عين الأسد» غربي العراق، والانتقال إلى «حرير» في أربيل بإقليم كردستان.

وقال وتوت لوسائل إعلام محلية، إن «التحرك الأميركي مفاجئ في هذا التوقيت الحساس، نظراً لما تمر به المنطقة من تقلبات سياسية وأمنية حادة»، ويأتي بعد موقف أميركي ممانع بشدة لتشريع قانون (الحشد الشعبي)»، وأيضاً بعد أيام من توقيع الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني مذكرة تفاهم مع العراق، حول أمن الحدود المشتركة.

وأضاف وتوت قائلاً: «ليس من صالح العراق انسحاب التحالف الدولي في هذا التوقيت المهم والحساس، وسوف نناقش هذه المخاوف مع الجهات المختصة الحكومية الأمنية والعسكرية، ولا سيما أن أصل هذا القرار بيد القائد العام للقوات المسلحة العراقية (رئيس الوزراء) وكذلك هناك مخاوف من هذا الانسحاب لدى بعض القيادات العسكرية والأمنية العراقية».

وكانت واشنطن قد كررت رفضها لقانون «الحشد الشعبي». ففي 23 يوليو (تموز)، اعتبر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تشريع قانون «الحشد الشعبي» رخصة قانونية لتكريس نفوذ إيران. يومها كان روبيو يتحدث مع رئيس الحكومة العراقية الذي حاول مسك العصا من المنتصف بحديثه عن «إصلاح المؤسسة الأمنية».

وفي 3 أغسطس (آب)، أبلغ ستيفن فاجن، القائم بالأعمال الأميركي في بغداد، النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، أحد المتحمسين لقانون «الحشد»، بأن تشريعه «يقوي الجماعات الإرهابية»، ويوم 5 أغسطس، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، إن القانون في حال تشريعه «عمل عدائي ضد واشنطن، سيعرض العراق لعقوبات صارمة».

تدريبات بالذخيرة لجنود أميركيين داخل قاعدة جوية في العراق (سينتكوم)

مهمة قاآني

يتفق سياسي عراقي -طلب التحفظ على اسمه- مع هذه المخاوف. ورأى أنها تتزامن مع تحول تكتيكي في السياسة الإيرانية؛ إذ بات لاريجاني -كما يبدو- يشغل فراغ إسماعيل قاآني في الملف العراقي.

وقال السياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن قوى سياسية شيعية أدركت أن قاآني لم يلعب الأدوار ذاتها التي كان يقوم بها الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي اغتالته واشنطن في غارة جوية عام 2020.

ووجد السياسي العراقي أن «انتقال الملف العراقي إلى لاريجاني يعني أن إيران باتت تتحسب لمواجهة جديدة مع الأميركيين، ويمكن أن يكون العراق من ساحاتها المحتملة، ما جعل طهران توقِّع مذكرة التفاهم الحدودية مع العراق؛ لأنها تخشى هجوماً أميركياً من داخل العراق، مع مساهمة إسرائيلية من الخارج».


مقالات ذات صلة

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)
المشرق العربي قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

أثارت كلمة لبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل ساكو، خلال قداس عيد الميلاد في بغداد، جدلاً سياسياً واسعاً، بعد استخدامه مفردة «التطبيع».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

قال قيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» بالعراق إن القوى الشيعية قطعت مراحل مهمة في التوافق على اختيار رئيس الوزراء المقبل، مع اقتراب انعقاد جلسة البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
TT

إسرائيل تغلق حاجزاً عسكرياً شمال رام الله

مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)
مركبات عسكرية تعمل خلال غارة إسرائيلية على بلدة قباطية قرب جنين (رويترز)

أغلقت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم (السبت)، حاجز عطارة العسكري، شمال رام الله بالضفة الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «الاحتلال أغلق الحاجز منذ ساعات الصباح الأولى، ما تسبب في عرقلة حركة المواطنين، خاصة القادمين والمغادرين من قرى وبلدات شمال غربي وغرب رام الله، ومن المحافظات الشمالية».

وفق تقرير صادر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسم الأراضي الفلسطينية بلغت ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة.


سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

سوري يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر في حماة

علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)
علم سوريا خلال احتفالات مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد وسط حماة (أرشيفية - أ.ف.ب)

لقي خمسة أشخاص من عائلة واحدة سورية حتفهم مساء الجمعة داخل منزلهم في ظروف غامضة بحي البياض في مدينة حماة.

وبحسب وزارة الداخلية، أظهرت نتائج التحقيقات الأولية أن الزوج أقدم على قتل زوجته وبناته الثلاث قبل أن يقتل نفسه.

والتحقيقات مستمرة لمعرفة الدوافع والملابسات الكاملة للجريمة، وفق ما أوردته قناة «الإخبارية» السورية اليوم السبت.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلاح المستخدم في جريمة القتل هو بندقية حربية نوع كلاشينكوف.


تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
TT

تفجير حمص: «داعش» يتبنَّى... ودمشق تتوعَّد

عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)
عناصر أمن يعاينون الأضرار التي خلفتها عبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة في مسجد بحمص أمس (أ.ب)

في حادث جديد يُسلّط الضوءَ على التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة السورية، قُتل ما لا يقلُّ عن 8 أشخاص، وجُرح آخرون في انفجار وقع داخل مسجد بمدينة حمص (وسط البلاد) وتبنّته جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش».

وأوضح مسؤول بوزارة الصحة السورية، في تصريح نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، أنَّ حصيلة تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص بلغت 8 قتلى و18 مصاباً. وقالَ مدير مديرية الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، نجيب النعسان، إنَّ الحصيلة «غير نهائية».

وفيما أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة التابعة لـ«داعش» مسؤوليتَها عن التفجير، قائلة إنَّها استهدفت مسجداً علوياً، تعهد وزير الداخلية السوري أنس خطاب بأن تصلَ يدُ العدالة إلى الجهة التي تقف وراء التفجير «أياً كانت». ووصف استهدافَ دور العبادة بأنَّه «عمل دنيء وجبان».

ويعدّ هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الحالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران)، أسفر عن مقتل 25 شخصاً، وتبنّته أيضاً مجموعة «سرايا أنصار السنة».

ولقيَ تفجير حمص أمس إدانات عربية واسعة، فيما شدّدت وزارة الخارجية السعودية على رفض المملكة القاطع «للإرهاب والتطرف» واستهداف المساجد ودُور العبادة وترويع الآمنين، مؤكدة التضامن مع سوريا ودعمها جهودَ حكومتها لإرساء الأمن والاستقرار.