اتفاق لبناني جامع على تجنيب البلاد تداعيات أوضاع المنطقة

عون: بلدنا دفع غالياً ثمن الحروب وغير راغب في دفع المزيد

الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع رئيس الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع رئيس الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
TT

اتفاق لبناني جامع على تجنيب البلاد تداعيات أوضاع المنطقة

الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع رئيس الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مجتمعاً مع رئيس الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

اتفق الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام على العمل لتجنيب لبنان تداعيات الأوضاع الراهنة بعد التصعيد الإيراني - الأميركي، وقصف المنشآت النووية الإيرانية، صباح الأحد.

وقال عون، في بيان، إن «التصعيد الأخير للمواجهات الإسرائيلية - الإيرانية والتطورات المتسارعة التي ترافقها، لا سيما قصف المنشآت النووية الإيرانية، من شأنه أن يرفع منسوب الخوف من اتساع رقعة التوتر على نحو يهدد الأمن والاستقرار في أكثر من منطقة ودولة، الأمر الذي يدفع إلى المطالبة بضبط النفس، وإطلاق مفاوضات بناءة وجدية لإعادة الاستقرار إلى دول المنطقة، وتفادي مزيد من القتل والدمار، لا سيما أن هذا التصعيد يمكن أن يستمر طويلاً».

وناشد عون قادة الدول القادرة «التدخل لوضع حد لما يجري قبل فوات الأوان»، مؤكداً أن «لبنان، قيادة وأحزاباً وشعباً، مدرك اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أنه دفع غالياً ثمن الحروب التي نشبت على أرضه وفي المنطقة، وهو غير راغب في دفع المزيد، ولا مصلحة وطنية في ذلك، لا سيما أن تكلفة هذه الحروب كانت وستكون أكبر من قدرته على الاحتمال».

وكان عون تابع منذ فجر الأحد التطورات العسكرية التي نتجت عن قصف المنشآت النووية الإيرانية، وظل على اتصال مع سلام ووزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى وقائد الجيش العماد رودولف هيكل وقادة الأجهزة الأمنية، مؤكداً «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على الاستقرار في البلاد»، بحسب بيان الرئاسة.

سلام: لتجنيب توريط لبنان

من جهته، أعلن سلام أنه أجرى اتصالاً مع الرئيس عون، تم خلاله البحث في التطورات الخطيرة التي تمر بها المنطقة، وانعكاساتها المحتملة على لبنان، مشيراً إلى أنه «جرى الاتفاق على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين الجانبين، والعمل المشترك لتجنيب لبنان تداعيات هذه الأوضاع، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، والحفاظ على وحدة الصف والتضامن الوطني».

وقال سلام عبر حسابه على منصة «إكس»: «بمواجهة التصعيد الخطير في العمليات العسكرية، ومخاطر تداعياتها على المنطقة بأسرها، تزداد أهمية تمسكنا الصارم بالمصلحة الوطنية العليا التي تقضي بتجنيب توريط لبنان أو زجّه بأي شكل من الأشكال في المواجهة الإقليمية الدائرة»، مؤكداً: «وعينا لمصلحتنا الوطنية العليا هو سلاحنا الأمضى في هذه الظروف الدقيقة».

وفي السياق نفسه، أجرى سلام سلسلة اتصالات شملت كلاً من منسى، ووزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، والعماد هيكل، وذلك في إطار تنسيق الجهود واتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة للحفاظ على الاستقرار الداخلي، وصون الأمن الوطني في هذه المرحلة الدقيقة.

وزير المالية: نعوّل على وحدتنا

من جهته، شدد وزير المالية ياسين جابر على أن الموقف ثابت وموحد بتجنيب لبنان أي ارتدادات.

وقال جابر، المحسوب على رئيس البرلمان نبيه بري، خلال رعايته احتفالاً تربوياً في الجنوب: «المنطقة تمر بظروف مصيرية وخطرة، لكننا ما زلنا نعوّل على وحدتنا ووعي قياداتنا، وهذا ما نلمسه بما يتمتع به مسؤولونا في الدولة، من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ومن الحكومة مجتمعة، من حكمة ودراية وسبل تعاطٍ، فالموقف ثابت وموحد بتجنيب لبنان أي ارتدادات تنعكس سلباً على أوضاعنا الداخلية، وهذا ما يمنحنا ثقة تدفع بنا إلى استكمال التقاط أنفاسنا الاقتصادية والمالية»، مؤكداً أن «ما يعطينا الدافع هو أن الموقف الرسمي محصن ومتوثب لإعلاء مصلحة لبنان العليا، مسخراً كل ما يلزم من خطوات داخلية وعلاقات خارجية في سبيل إعادة نهوض لبنان، وضمان إعادة إعماره».

استمرار الانتهاكات الإسرائيلية

في غضون ذلك، استهدفت غارة إسرائيلية مرتفعات تومات نيحا المشرفة على منطقتَي البقاع الغربي وإقليم التفاح، حيث أفيد بأنها استهدفت مبنى الإرسال الذي تستخدمه محطات تلفزيونية وشبكات اتصالات خلوية عدة كنقطة بث وتغطية، من بينها قناة «المنار»؛ ما أدى إلى تدميره بالكامل.

كذلك، سقط صاروخ اعتراضي إسرائيلي وسط الطريق الفرعي بين وادي السلوقي ومستشفى ميس الجبل، قرب قلعة دوبيه جنوب لبنان، بينما تسللت قوة إسرائيلية متمركزة في جبل الباط إلى أطراف بلدة عيترون الشرقية في جنوب لبنان، وقامت بتفجير منزل غير مأهول.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي بـ«حزب الله» جنوب لبنان

العالم العربي صورة أرشيفية لمبانٍ مدمّرة في مدينة صور بعد غارات إسرائيلية (الوكالة الوطنية)

الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي بـ«حزب الله» جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل قائد مدفعية «حزب الله» في القطاع الساحلي بجنوب لبنان في غارة جوية في وقت سابق من الخميس.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي عون مع وفد الاتحاد الأوروبي

عون يدعو الاتحاد الأوروبي لدعم الجيش: الوضع الأمني سيتراجع بغيابه

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون الاتحاد الأوروبي بدعم لبنان من خلال الاستعادة الكاملة لأراضيه وبسط سيادة الدولة عليها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من قوات «يونيفيل» في مرتفعات كفرشوبا اللبنانية (د.ب.أ)

اعتداء جديد على الـ«يونيفيل» في لبنان وتوجيهات صارمة بتوقيف المعتدين

مرة جديدة تتعرض قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان للاعتداء من قبل مدنيين بحجة عدم مرافقة عناصر للجيش اللبناني للدورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مقر المصرف المركزي في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

تعيينات نقدية قريبة تواكب إقرار القوانين المالية في لبنان

يسجل تقدم في نقاشات قانون تنظيم الجهاز المصرفي بالتوازي مع اكتمال التوافق السياسي على ملء الشغور في حاكمية المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القصر الجمهوري قرب بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)

«منظمة التحرير» تطلب من لبنان تمديد المهل لجمع السلاح الفلسطيني

يتقدم ترتيب «البيت الفتحاوي» في لبنان على جمع السلاح الفلسطيني، رغم أن الرئيس الفلسطيني كان تعهّد بجمعه على مرحلتين.

محمد شقير (بيروت)

روبيو متفائل بهدنة... وإسرائيل تقتل أكثر من 80 فلسطينياً في يوم

فلسطينية تهدّئ من روع طفل مع نقل ضحايا هجوم إسرائيلي إلى مستشفى في دير البلح يوم الخميس (رويترز)
فلسطينية تهدّئ من روع طفل مع نقل ضحايا هجوم إسرائيلي إلى مستشفى في دير البلح يوم الخميس (رويترز)
TT

روبيو متفائل بهدنة... وإسرائيل تقتل أكثر من 80 فلسطينياً في يوم

فلسطينية تهدّئ من روع طفل مع نقل ضحايا هجوم إسرائيلي إلى مستشفى في دير البلح يوم الخميس (رويترز)
فلسطينية تهدّئ من روع طفل مع نقل ضحايا هجوم إسرائيلي إلى مستشفى في دير البلح يوم الخميس (رويترز)

أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الخميس، عن تفاؤله وأمله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وفي الانتقال إلى مرحلة المحادثات المباشرة، في الوقت الذي استمر فيه سقوط عشرات الضحايا بالقطاع.

وقال روبيو، للصحافيين، على هامش اجتماع لدول جنوب شرقي آسيا في كوالالمبور: «نحن متفائلون. أودُّ أن أقول إننا نأمل، في نهاية المطاف، أن ينتقلوا إلى محادثات مباشرة»، لكنه حذّر قائلاً: «شهدنا سابقاً فشل المفاوضات في هذه المرحلة».

وأضاف: «أعتقد أننا نقترب من تحقيق هدفنا، وربما نكون أقرب مما كنا عليه منذ فترة طويلة، ونحن متفائلون، لكننا ندرك أيضاً أن التحديات لا تزال قائمة». وأشار تحديداً إلى رفض «حماس» نزع سلاحها، الأمر الذي قال إن مِن شأنه «أن يُنهي النزاع على الفور»، في حين أبدت إسرائيل، على حد قوله، «مرونة معينة».

فلسطينيون يبكون أقاربهم الذين سقطوا في هجوم جوي إسرائيلي بمدينة غزة يوم الخميس (د.ب.أ)

على الصعيد الميداني، أعلنت وزارة الصحة في غزة، الخميس، سقوط 82 قتيلاً و247 مصاباً جراء الهجمات الإسرائيلية، في الأربع والعشرين ساعة الماضية.

المحتجزون في غزة

وفيما يتعلق بالمحتجَزين بقطاع غزة، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ عائلات الرهائن بتعذر الوصول إلى اتفاق لإطلاق سراح الجميع دفعة واحدة.

ونقلت الصحيفة عنه قوله، خلال لقاء مع عائلات المحتجَزين، الأربعاء، إن إطلاق سراح 10 محتجَزين، خلال الستين يوماً الأولى من الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه مع حركة «حماس»، سيكون جزءاً من عملية الإفراج عن جميع المحتجَزين.

وعن مسألة إنهاء الحرب، قال إنها ستناقَش بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً وإطلاق سراح المحتجَزين.

«تعهّد كتابي»

من جهة أخرى، كشفت مصادر سياسية إسرائيلية أن نتنياهو طلب الحصول على تعهُّد مكتوب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يسمح له باستئناف الحرب على قطاع غزة بعد مُضيّ فترة وقف إطلاق النار المؤقت لستين يوماً، «إذا تبيّن أن (حماس) غير جادّة في المفاوضات التالية لإنهاء الحرب».

فتاة تحاول المرور عبر حطام مبنى تهدّم في ضربة إسرائيلية بمخيم البريج بوسط قطاع غزة يوم الخميس (أ.ف.ب)

وأضافت المصادر، التي نقلت وسائل إعلام إسرائيلية حديثها، الخميس، أن نتنياهو فاجأ ترمب بهذا الطلب، لكن الرئيس الأميركي أبدى موافقة مبدئية، ورفض التعهد الخطيّ، وقال إنه يريد إنهاء الحرب وإن طاقمه، برئاسة ستيف ويتكوف، سيبذل قصارى جهده لهذا الغرض.

ونقلت المصادر عن ترمب قوله: «إذا لم يُظهروا جدية فسأدير ظهري»، وهو ما يعني ضِمناً استئناف الحرب.

وقالت إن ويتكوف يستعد للتوجّه إلى قطر سعياً لوقف النار، إلا أن موعد الزيارة لم يتحدد بعد.

العراقيل

وذكرت صحيفة «هآرتس» أن ما يعرقل إعلان ترمب وقف النار، كما كان مأمولاً قبل زيارة نتنياهو إلى واشنطن، هو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتمكن بعدُ من التوصل إلى تفاهمات مع المعارضين في حكومته لوقف إطلاق النار.

ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي قوله: «نتنياهو يريد تعهّداً أميركياً مكتوباً يتيح له العودة للقتال في غزة، ليستخدمه في إقناع الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير»، اللذين يعترضان بشدة على وقف إطلاق النار قبل تحقيق «كامل الأهداف».

وعَدَّت «هآرتس» أن ترمب ربما أعطى مثل هذا التعهّد شفوياً، لكن نتنياهو يريد توثيقه كتابياً.

رُضَّع يتشاركون حضَّانة واحدة في مستشفى بمدينة غزة الخميس بسبب نقص الوقود (رويترز)

ورأت الصحيفة أن المسألة الجوهرية التي لا تزال عالقة في مفاوضات الدوحة مرتبطة بخطوط الانسحاب من غزة، وتحديداً «إصرار نتنياهو على بقاء السيطرة الإسرائيلية على مدينة رفح»، من أجل إنشاء بنية تحتية لما وصفته بـ«منطقة تركيز سكاني» تُستخدم لاحقاً لدفع الفلسطينيين نحو الخروج إلى مصر.

وأضافت أن «حماس» ترفض ذلك، وكذلك الوسطاء، وأن المسألة لن تُحسم قبل وصول ويتكوف إلى الدوحة. ونقلت عن مصادرها القول: «تأخُّر وصوله يُقلق بعض الأطراف، لكن المؤشرات تدل على أن المحادثات لا تزال جدية وفعّالة».

وخلصت الصحيفة إلى أنه «إذا لم يجرِ التوصل إلى اتفاق، بحلول الأحد المقبل، فإن ذلك سيكون مؤشراً على تراجع النيات الحسنة».

وأضافت: «الكرة، الآن، في ملعب الولايات المتحدة وويتكوف».

«المدينة الإنسانية»

أوردت «هآرتس»، في مقال افتتاحي، أن فكرة «المدينة الإنسانية»، التي يعمل نتنياهو على تنفيذها ويريد العمل عليها، حتى خلال وقف إطلاق النار، ما هي إلا «معسكر اعتقال يريد أن يرسل إليه كل سكان قطاع غزة، ولا يكون بوسعهم الخروج منه إلا إذا (اختاروا) الهجرة».

ووصفت هذه الخطة بأنها «فعل إجرامي يقوم على خرائب رفح، وهذا دركٌ أسفل أخلاقياً وتاريخياً لدولة إسرائيل وللشعب اليهودي. ومهما حاولوا في إسرائيل تغليف الخطوة بتوصيفات معسولة، فإن الحديث يدور عن معسكر اعتقال (في إشارة لمعسكرات الاعتقال النازية) وعن نكبة ثانية للفلسطينيين لا يجوز الموافقة عليها».

فلسطيني في خان يونس يحمل متاعه متجهاً لمنطقة المواصي يوم الخميس (رويترز)

من جانبها، أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن ما يعوق التوصل إلى اتفاق هو عجز نتنياهو عن تسوية أموره الداخلية مع الحلفاء ومع المحكمة التي يخوضها في قضايا الفساد. وناشدت، في مقال افتتاحي، الخميس، الرئيس الأميركي أن «ينقذ إسرائيل من نفسها».

وقالت: «لضيق الوقت، وبسبب ضعف عميق في سياقات اتخاذ القرارات في إسرائيل في هذا الوقت، على الولايات المتحدة أن تعود لتُمسك الخيوط وتكون بديلاً لحكومة إسرائيل كي تقودنا جميعاً إلى شاطئ الأمان، بما في ذلك إعادة كل المخطوفين، وإنهاء حرب غزة».

وأضافت: «هذه ساعة الرئيس ترمب للعودة لإظهار الزعامة والسماح لحكومة إسرائيل بإنقاذ نفسها من نفسها».

خطة إعادة الإعمار

من جانب آخر، قال مجلس الوزراء الفلسطيني، الخميس، إنه أطلع بعثات دبلوماسية عربية على استعدادات الحكومة للمرحلة الأولى من خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

وأضاف مجلس الوزراء، في بيان، أن ذلك جاء خلال اجتماعٍ ضم وزيرة الخارجية الفلسطينية فارسين أغابيكيان، ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الصناديق العربية والإسلامية ناصر القطامي، مع سفراء كل من الأردن ومصر وتونس ونائبي السفيرين العُماني والمغربي.