جهوزية أمنية - سياسية في لبنان: المعركة ليست معركتنا ولا حرب إسناد جديدة

تعليمات رئاسية بالتركيز على «الأمن الاستباقي» لمنع الخروقات

الرئيس اللبناني جوزيف عون ترأّس اجتماعاً أمنياً خُصّص لمتابعة التطورات الراهنة (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ترأّس اجتماعاً أمنياً خُصّص لمتابعة التطورات الراهنة (الرئاسة اللبنانية)
TT

جهوزية أمنية - سياسية في لبنان: المعركة ليست معركتنا ولا حرب إسناد جديدة

الرئيس اللبناني جوزيف عون ترأّس اجتماعاً أمنياً خُصّص لمتابعة التطورات الراهنة (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ترأّس اجتماعاً أمنياً خُصّص لمتابعة التطورات الراهنة (الرئاسة اللبنانية)

تتكثف الجهود في لبنان لإبعاد تداعيات المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية وعدم توريط البلاد تحت عنوان «لا حرب إسناد جديدة... والمعركة ليست معركتنا».

وفي وقت تستمر فيه الاتصالات على أعلى المستويات مع الدول التي تلعب دوراً في هذا الإطار وإبعاد أي خطر عن الحدود الجنوبية، تتركز الإجراءات الداخلية على شقّين أساسيين، تقني وأمني، وهي التي كانت محوراً أساسياً في الاجتماعات التي عقدها رئيس الجمهورية جوزيف عون، صباح السبت، مع القيادات الأمنية بعدما كان قد قطع زيارته إلى الفاتيكان الجمعة، وعاد في اليوم نفسه إلى بيروت.

وترأس عون في القصر الرئاسي اجتماعاً حضره الوزراء المعنيون، حيث «تناول عرض الأوضاع في ضوء التطورات الأمنية التي نتجت عن المواجهات العسكرية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل، والإجراءات الواجب اتخاذها لمواكبة تداعيات هذه المواجهات على الصعيد الأمني، وكذلك ما يتصل بحركة الملاحة الجوية عبر مطار رفيق الحريري الدولي»، بحسب بيان رئاسة الجمهورية.

ولفت البيان إلى أنه «في ضوء التقارير المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية تم اتخاذ عدد من الإجراءات للمحافظة على الاستقرار في البلاد وتأمين سلامة الطيران المدني والحركة الجوية، وشدد الرئيس عون على أهمية الجهوزية الأمنية والإدارية لمتابعة الموقف من جوانبه كافة، لا سيما جهة المحافظة على الاستقرار والأمن في البلاد. وتقرر إبقاء الاجتماعات مفتوحة لتقييم التطورات تباعاً»، بحسب البيان.

وشارك في الاجتماع وزراء: الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، والداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، والأشغال العامة والنقل فايز رسامني، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبد الله، والمدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير، والمدير العام لأمن الدولة اللواء إدغار لاوندوس، ونائبه العميد مرشد الحاج سليمان، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ورئيس شعبة المعلومات العميد محمود قبرصلي، ورئيس مكتب شؤون المعلومات في الأمن العام العميد جوني الصيصا، والمستشار العسكري والأمني لرئيس الجمهورية العميد أنطوان منصور.

وأوضحت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود التي تبذل اليوم في لبنان تنقسم إلى شقّين «تقني وأمني»، إضافة إلى الاتصالات الخارجية، مشيرة إلى أن الإجراءات التقنية تشمل بشكل أساسي المطار وسلامة الطيران بحيث يتم اتخاذ قرار توقيفه في أي لحظة خطر على غرار ما حصل مساء الجمعة، وذلك بالتنسيق مع الدول المجاورة بشكل أساسي سوريا والأردن.

أما الشق الثاني الأمني وهو الأساسي يرتكز على منع توريط لبنان مع قرار حاسم بأنه لن يكون هناك «معركة إسناد جديدة»، مع إعطاء الأولوية لـ«الأمن الاستباقي المخابراتي»، وهو ما شدد عليه رئيس الجمهورية في الاجتماع صباح السبت، بحسب المصادر، مشيرة إلى أن التركيز سيكون على تكثيف الدوريات على الحدود والتنسيق المستمر بين الأجهزة الأمنية وتوزيع المهام فيما بينها لتبقى جهوزيتها كاملة لمواجهة أي طارئ ومنع وقوع أي خرق أمني.

وفي حين تبدي المصادر تفاؤلها بموقف «حزب الله» لجهة عدم التدخّل في هذه المواجهات، وقالت: «يبدو أن الحزب واعٍ اليوم لتداعيات أي تدخّل بحيث إنه لن يكون هناك معركة إسناذ ثانية»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن الخوف يبقى من أي خطوة تقوم بها حركة «حماس» أو الفصائل الفلسطينية. وهنا تلفت المصادر إلى الاتصالات الداخلية التي تجرى مع الأطراف الموجودة في لبنان التي قد يكون لديها القدرة على إحداث الخرق الأمني كما حصل سابقاً عند قيام مجموعة من «حماس» بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان.

في موازاة ذلك، تستمر الاتصالات الخارجية منذ اللحظة الأولى لبدء الهجوم الإيراني، ولا سيما، بحسب المصادر، مع الجانبين الأميركي والفرنسي للتأكيد أننا «لسنا معنيين، ولبنان لن يكون ساحة معركة»، كما العمل من جانبهما على إبقاء لبنان بعيداً عن المواجهات، وعدم قيام تل أبيب من جهتها بأي تحرك عند حدودها الشمالية من شأنه أن يؤدي إلى تطور أمني لا يحمد عقباه.

مع العلم أن رئاسة الحكومة اللبنانية كانت قد أبلغت «حزب الله» عبر قيادة الجيش اللبناني بقرار «حازم وحاسم» بأنه لا حاجة إلى توريط لبنان، ولا حاجة إلى الردّ أو الانخراط في المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية حفاظاً على الاستقرار في البلاد.

وهو ما لاقى ردود فعل مؤيدة في لبنان، حيث يبقى الخوف في أي لحظة من زجّه في المعركة كما حصل سابقاً في «حرب إسناد غزة» التي تحوّلت إلى حرب موسعة ضد لبنان.


مقالات ذات صلة

توقيف 144 سورياً بتهمة دخول لبنان بطريقة غير شرعية

المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني (أرشيفية - رويترز)

توقيف 144 سورياً بتهمة دخول لبنان بطريقة غير شرعية

أعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، توقيف 144 سورياً بـ«جرائم» الدخول غير الشرعي والاتجار بالسلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شعار «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز) play-circle

«مصرف لبنان» يمنع المؤسسات من التعامل مع «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب الله»

منع «مصرفُ لبنان المركزي»، في تعميم اطلعت عليه وكالة «رويترز»، الثلاثاء، المؤسساتِ الماليةَ المرخصةَ من أي تعامل مع «مؤسسة القرض الحسن».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط (إعلام مجلس النواب)

خاص بيروت تتسلم رد واشنطن... وحديث عن مهلة لحصر السلاح بنهاية السنة

تسلم لبنان عبر السفارة الأميركية في بيروت رداً على الورقة التي قدمها الجانب اللبناني للموفد الأميركي توماس براك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي حبوب كبتاغون (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش اللبناني يعلن تفكيك «أحد أضخم معامل» الكبتاغون قرب الحدود مع سوريا

أعلن الجيش اللبناني الاثنين تفكيك أحد أضخم معامل تصنيع الكبتاغون في شرق البلاد المحاذي لسوريا حيث كان تهريب هذه المادة منتشرا على نطاق واسع قبل سقوط بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الرئاسة اللبنانية)

عون يتعهد حماية وحدة الأراضي اللبنانية بعد تصريحات الموفد الأميركي

بدّد الرئيس اللبناني جوزيف عون المخاوف اللبنانية التي أثارها تصريح الموفد الأميركي توماس براك، السبت الماضي، بتأكيده أن «وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تصريحات رئيس البرلمان عن «هوية العراق» تشعل أزمة سياسية

رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (موقع المجلس)
رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (موقع المجلس)
TT

تصريحات رئيس البرلمان عن «هوية العراق» تشعل أزمة سياسية

رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (موقع المجلس)
رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (موقع المجلس)

تسببت تصريحات أدلى بها رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، في أزمة سياسية بعد مشادة مع نائبه الأول محسن المندلاوي، أدت إلى تأجيل جلسة كانت مقررة، الاثنين.

وكان المشهداني قد استهجن ربط ما وصفها بـ«هوية العراق» بكونه «عضواً مؤسساً في الجامعة العربية»، كما ورد في نص الدستور، مشيراً في تصريحه إلى أن «الهوية تمتد إلى آلاف السنين».

ورداً على سؤال حول توصيف هذه الهوية عبر هذا الربط، عدّ المشهداني هذا الربط غير مناسب على الإطلاق، مستخدماً مفردة «سخيف»؛ ما أثار أزمة سياسية.

ورغم رفعه للجلسة وإصراره على عدم عقدها وعدم تنازله عن تصريحاته، كتب المشهداني، الثلاثاء، في منصة «إكس»، أنه «في لحظة اختبار حقيقي، الكتل السنية تلتف حول رئاستها»، في إشارة إلى نواب قيادات سنية تجمعت داخل مقر البرلمان لإظهار الدعم لرئيسه.

وبحسب العرف السياسي في العراق، فإن منصب رئيس البرلمان من حصة القوى السنية، بينما يحصل الكرد على رئاسة الجمهورية، والشيعة على كرسي رئاسة الحكومة.

وكانت كتلة «الإعمار والتنمية» التي يتزعمها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من بين أولى الكتل السياسية من خارج البيت السني التي أعلنت وقوفها إلى جانب المشهداني، في محاولة لاحتواء الأزمة التي نشبت مع نائبه الأول.

وقال المتحدث باسم الكتلة، فراس المسلماوي، في تصريح صحافي إن «رئاسة الكتلة، والتي تضم 5 نواب، من بينهم النائب جبار الكناني، والنائب محمد الصيهود، والنائب كاظم الطوكي، والنائب مرتضى الساعدي، دخلوا في اجتماع مغلق مع هيئة رئاسة مجلس النواب للوقوف على ملابسات ما حدث داخل البرلمان من مشادات كلامية أثرت على انعقاد الجلسة».

وأضاف المسلماوي، أن «ما حدث يعد سابقة تتحمل مسؤوليتها هيئة رئاسة البرلمان مجتمعة؛ لأن هناك نظاماً داخلياً وقانوناً لمجلس النواب يحكم الرئاسة وأعضاء المؤسسة التشريعية، وهي أعلى سلطة تشريعية، ومن ثم نحن ككتلة مع الحلول وإيجاد الطرق السليمة لعقد الجلسات وتمرير القوانين المهمة».

وجاء اجتماع كتلة السوداني مع المشهداني ونوابه بعد اجتماع للكتل السنية داخل البرلمان للتعبير عن موقف مساند للمشهداني.

لقاء جمع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ورئيس البرلمان محمود المشهداني في بغداد (إعلام حكومي)

سوء فهم

ووفقاً لسياسي من حزب سني، فإن «تصريحات المشهداني لا تتضمن أي لبس، لكن يبدو أن هناك إرادة مسبقة لدى قوى شيعية دفعت النائب الأول في هذا الاتجاه».

وقال السياسي لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «رغم اختلافي مع المشهداني في كثير من القضايا، فإن ما تحدث به بشأن هوية العراق وربطها دستورياً بعضويته في الجامعة العربية أمر لا يستقيم مع تاريخ البلاد، مع حفظ مكانة ولقب الجامعة». وأشار إلى أن «الجهة التي صاغت الدستور العراقي هي من تتحمل الخلل»،

وبدأ الخلاف خلال مكالمة هاتفية أجراها النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاوي، مع المشهداني، قال فيها: «إنك أهنت العراق»، رداً على تصريحاته في حوار تلفزيوني.

ولم يكتفِ المندلاوي بالمكالمة الهاتفية، بل ذهب إلى مكتب المشهداني لإكمال المشادة، معترضاً على تصريحاته بشأن «هوية العراق»، وردّ المشهداني بالقول: «إن العراق أكبر من مؤسسة الجامعة العربية، فعمره 7 آلاف عام، ولا يُعقل أن يأخذ هويته من مؤسسة عمرها عقود».

بدت تصريحات المشهداني حول الجامعة العربية كأنها القشة التي قصمت ظهر العلاقة بين هيئة أفراد رئاسة البرلمان، فإن المشهداني أثار قضايا أخرى مهمة خلال تصريحاته التلفزيونية، من بينها قوله إن العراق على موعد مع تظاهرات في الشهر المقبل، وقد نذهب إلى «حكومة طوارئ» إذا حدث اضطراب أمني، كما أكد أن الولايات المتحدة أرسلت رسائل إلى جميع القيادات السياسية بشأن «الحشد الشعبي»، مبيناً أن التوجه الأميركي يسعى إلى دمج الحشد ضمن القوات الأمنية، وليس إلى هيكلته.

«ملء فراغ»

قال الباحث يحيى الكبيسي، لـ«الشرق الأوسط»: «إن التمثيل السني في الدولة مجرد ملء فراغ، حيث إن الفاعل السياسي الشيعي هو من يحركهم».

وأوضح الكبيسي أن «الأمر يعود إلى القرار الذي كانت قد اتخذته المحكمة الاتحادية العليا بالإطاحة برئيس مجلس النواب العراقي السابق، محمد الحلبوسي، من منصبه، وإخراجه من المجلس، حيث كان ذلك جزءاً من عملية تصنيع التمثيل السني».

وبيّن أن «ذلك القرار لم يكن يستند إلى حجة دستورية أو قانونية، بل هو قرار سياسي، وكانت المحكمة الاتحادية أداة لتمريره».

ورأى الباحث سيف السعدي أن «أزمة مجلس النواب تتمثل في انحرافه عن المسار التشريعي الذي نصت عليه المادة (61) وفقراتها، وأن الكتل السياسية وزعاماتها هي من تسيطر على التوجه العام للمجلس، ولا يمكن تحميل كل المسؤولية لرئاسة المجلس، بل إن المسؤولية تكاملية مع النواب، لأن أغلب النواب يتبعون توجيهات كتلهم، ولا يلتزمون بقرارات رئيسهم، وما بين هذا التوجه وذاك يحدث التعطيل داخل المجلس».

وأضاف السعدي في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «العمر الافتراضي للدورة النيابية الخامسة انتهى ولا تزال تفتقد إلى ركن دستوري يتمثل في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية».