بغداد تدرس «حلاً مؤقتاً» لأزمة إقليم كردستان

أحزاب كردية تناقش سبل الرد على «مظلومية» الرواتب

مواطنون في إحدى ساحات أربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)
مواطنون في إحدى ساحات أربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

بغداد تدرس «حلاً مؤقتاً» لأزمة إقليم كردستان

مواطنون في إحدى ساحات أربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)
مواطنون في إحدى ساحات أربيل عاصمة إقليم كردستان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أُفيد في بغداد، السبت، بأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني يخطّط للاستعانة بـ«شخصيات مؤثرة»؛ لاحتواء أزمة الرواتب المقطوعة عن موظفي إقليم كردستان التي قد تُصرف بصيغة «قرض مؤقت»، في حين يحشد الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، القوى الكردية لاتخاذ موقف من بغداد.

وعقدت أحزاب كردية اجتماعاً طارئاً في أربيل، بدعوة من حزب بارزاني، لبحث ما سمّاه بيان صحافي «مظلومية الكرد»، إلا أن مصادر عديدة قالت إن الاجتماع واجه «مشكلات حزبية بسبب غياب التوافق».

وقال بيان صادر عن الاجتماع، السبت، إن قرار وزارة المالية العراقية بإيقاف الرواتب في إقليم كردستان «غير دستوري وغير قانوني». ووصف البيان القرار بأنه «سياسي ويتعارض مع الكيان الدستوري والقانوني للإقليم»، مؤكداً أن «خيار الحوار والتفاوض هو أفضل طريق للحل في هذه المرحلة»؛ لكن «جميع الخيارات مفتوحة أمامنا من أجل المصالح العليا للإقليم».

وكان النائب الثاني لرئيس البرلمان الاتحادي، شاخوان عبد الله، قد صرّح بأنه «في حال لم تُتخذ خطوات واضحة، فإن قرار الانسحاب أو المقاطعة سيكون جاهزاً للتنفيذ خلال ساعة واحدة».

وقررت وزيرة المالية الاتحادية، طيف سامي، الأسبوع الماضي، إيقاف صرف رواتب موظفي إقليم كردستان ابتداءً من مايو (أيار) 2025.

العامري إلى أربيل

ووفق تقارير محلية، فإن السوداني قد يستعين بزعيم «منظمة بدر»، هادي العامري، وهو أحد قادة «الإطار التنسيقي»، ويحتفظ بعلاقات جيدة مع الكرد، للذهاب إلى إقليم كردستان ولقاء قادته؛ بهدف تخفيف التوتر والتوصل إلى حل وسط.

في المقابل، تتحدّث مصادر مُقرّبة من الحكومة الاتحادية عن أن رئيس الوزراء يعتزم إصدار أوامر بصرف مرتبات موظفي إقليم كردستان، شرط أن تُدفع على شكل «قرض مالي مؤقت» يُستوفى لاحقاً من مخصصات الإقليم الاتحادية، بعد تشكيل لجنة عليا بين الجانبَيْن لتسوية الأزمة الحالية.

ويرتبط التعقيد الشديد في الأزمة الحالية باقتراب موعد إجراء الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما يجعلها مناسبة للاستثمار السياسي من قِبل الجانبَيْن؛ حيث تحرص القوى الكردية على تأكيد «مظلومية» الكرد والسعي لحرمان موظفيهم من رواتبهم المستحقة. كما يمكن أن تُستثمر الأزمة من قِبل أحزاب كردية منافسة باعتبار أن أربيل أخفقت في تأمين حقوق مواطنيها وانتزاعها من بغداد.

رئيس الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني مستقبلاً رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في أربيل (إعلام حكومي)

وفي العاصمة الاتحادية، لا تبتعد الأزمة المالية مع الإقليم عن دائرة الاستثمار؛ حيث تقف بعض الاتجاهات السياسية والشعبية «بحزم» ضد الإقليم الذي يماطل في تسديد المستحقات المالية المتأتية من واردات النفط وأموال المنافذ الحدودية إلى بغداد.

ومع التحولات الإقليمية في المنطقة والدعم الذي تبديه واشنطن لإقليم كردستان، خصوصاً بعد توقيع الإقليم عقود استثمار في حقول الغاز والنفط مع شركات دولية، ربما تزيد من تعقيدات الأزمة الراهنة بين بغداد وأربيل؛ حيث تبدو الأخيرة أكثر استعداداً للتصعيد مع بغداد مقارنة بالمرات السابقة التي تفجّرت فيها أزمة الأموال والرواتب.

إلى ذلك، أشعل التلويح الكردي بالمقاطعة فضاءً واسعاً من التصريحات الرافضة والمؤيدة؛ حيث رأى السياسي السني مشعان الجبوري، في تدوينة له عبر «إكس»، أن «انسحاب الكرد من العملية السياسية ليس حدثاً عابراً، بل زلزال قد يعصف باستقرار العراق».

ومع أن الخلافات المالية بين بغداد وكردستان تعود إلى أكثر من عشر سنوات ماضية، إلا أنها تأخذ هذه المرة طابعاً أكثر حدّة وتشدداً من كلا الطرفين، ويبدو أن الأزمة المالية التي تمتد إلى الحياة المعيشية لمعظم سكان إقليم كردستان تدفع الأحزاب الكردية «المتنافسة» إلى اتخاذ موقف موحّد حيال بغداد.

وتفجّرت الأزمة الجديدة قبل بضعة أيام، حين قررت وزيرة المالية الاتحادية، طيف سامي، عبر كتاب وجّهته إلى حكومة الإقليم، إيقاف تمويل مرتبات موظفي الإقليم وبقية المستحقات المالية، بذريعة تجاوز الإقليم حصته المحددة في الموازنة (12.67 في المائة)، مشيرة إلى أن حجم الإيرادات النفطية وغير النفطية للإقليم منذ عام 2023 بلغ «19.9 تريليون دينار»، مقابل تسليمه فقط «598.5 مليار دينار» إلى بغداد.

في المقابل، ردّت وزارة المالية في الإقليم بكتاب مطوّل حول قرار وزيرة المالية الاتحادية، خلصت فيه إلى القول إن «وزارة المالية الاتحادية يتوجّب عليها الاستمرار في تمويل رواتب الموظفين والمتقاعدين وذوي الشهداء والمنفصلين ومستفيدي الرعاية الاجتماعية في إقليم كردستان، أسوة بأقرانهم في باقي أنحاء الدولة، والنأي عن خلق عراقيل غير دستورية أمام تمويلها».​


مقالات ذات صلة

الحكومة العراقية تُقيل مسؤولين عن إدراج «حزب الله» و«الحوثي» بقوائم الإرهاب

المشرق العربي جانب من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي (واع) play-circle

الحكومة العراقية تُقيل مسؤولين عن إدراج «حزب الله» و«الحوثي» بقوائم الإرهاب

أعلنت الحكومة العراقية، الثلاثاء، توقيع عقوبات تضمنت إعفاءً لمسؤولين عن نشر قرار بتصنيف جماعة «الحوثي» اليمنية، و«حزب الله» اللبناني، منظمتين إرهابيتين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد يصادق على دعوة مجلس النواب المنتخب إلى الانعقاد (الرئاسة العراقية) play-circle

الرئيس العراقي يدعو البرلمان الجديد لأول جلسة انعقاد

دعا رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الثلاثاء، البرلمان العراقي الجديد إلى عقد جلسته الأولى في تاريخ الـ29 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر «مجلس القضاء الأعلى» وسط العاصمة العراقية بغداد (إعلام حكومي) play-circle

السجن المؤبد لعراقي جنّد مواطنين للقتال في الحرب الروسية - الأوكرانية

قضت محكمة جنايات محافظة النجف العراقية بالسجن المؤبد عن «جريمة الاتجار بالبشر» بحق مواطن عراقي أدين بتجنيد مواطنين للقتال مع روسيا في حربها ضد أوكرانيا.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي 
قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

العراق: «الإطار» يدرس تكليف رئيس وزراء سابق قيادة الحكومة

في ظلّ التعقيدات التي يواجهها «الإطار التنسيقي» الشيعي لتشكيل الحكومة الجديدة ضمن السقوف الدستورية التي لا تتعدى 3 أشهر في حدّها الأعلى، لا يستبعد مسؤولٌ.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

«التنسيقي» العراقي يدرس خيار إعادة تكليف رئيس وزراء سابق

رجّح مسؤول رفيع مقرب من قوى «الإطار التنسيقي»، أن تلجأ هذه القوى إلى اختيار رئيس وزراء سابق لتولي المنصب التنفيذي، وسط تنافس داخلي معقّد بين أبرز المرشحين.

فاضل النشمي (بغداد)

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي
TT

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

أكَّدت مصادرُ في حركة «حماس» أنَّ الحركة تسعى إلى عقد جولة تفاوضية غير مباشرة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنَّ هناك سعياً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وأيضاً من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط الأميركي على الجانب الإسرائيلي؛ بهدف المضي في تنفيذ الخطة الأميركية لتحقيق الاستقرار.

ويبدو أنَّ «حماس» تُعوّل على تغيير تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن مقترحات حول إمكانية تجميد السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها.

وينبع هذا التعويل من ‏استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة، بما يشير إلى أنَّ أميركا تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، منفتحة على أنَّ أعداءها يمكن أن تكون لديهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بالمنطقة، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.


بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

بين شوارع تنبض بالحياة في المدن الرئيسية وأرياف هشّة وفقيرة، ودمار كثيف يعم المناطق السورية، تواجه الدولة الناشئة في دمشق تحديات هائلة ناجمة عن تعقيدات العهد السابق.

فخلف الصورة البراقة للأحياء التي شهدت احتفالات بسقوط نظام الأسد على مدى أيام، تُدار معركة أخرى أقل صخباً وأكثر تعقيداً حيث «يشكل (داعش) والمهاجرون (المقاتلون الأجانب) التحدي الأبرز»، بحسب مصدر أمني.

ولكن في مقابل من يرى في «داعش» والتطرف عموماً «عقدة تقنية» يمكن حلها بمقاربة أمنية، هناك من يعتبر أن «المشكلة الفعلية تكمن في رسم خطط لاستيعاب كتلة بشرية هائلة نشأت خارج أي سياق اجتماعي طبيعي لسنوات عدّة، وبلا منظومة تعليمية أو أسرية أو أي شكل ناظم للحياة».

إنه تحدي إعمار المناطق المدمّرة وإيجاد مصادر رزق، خصوصاً في الأرياف، ولا سيما إدلب، حيث تتشابك الهوّيات السياسية والاجتماعية مع إرث الفصائل المتشددة، ما يجعل المنطقة أرضاً خصبة لصراعات محتملة.

وفي حين تقدم تجربة «الصحوات العراقية» نموذجاً محتملاً لسوريا، بتحويل المتضررين من التطرف إلى رافعات سياسية وأمنية، يبقى العبور من العسكرة إلى السياسة ومن الفصائلية إلى الدولة، المهمة الأصعب أمام سوريا الجديدة.


العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)

قرر زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر، الثلاثاء، تجميد «سرايا السلام» وغلق مقراتها في محافظتي البصرة وواسط لمدة 6 أشهر.

وقال الصدر في تدوينة له على منصة «إكس»: «تقرر تجميد (سرايا السلام) وغلق المقرات في كل من البصرة والكوت لمدة ستة أشهر لحين النظر في وضع حل للخروق والإساءة المتكررة لسمعة المجاهدين في (سرايا السلام) ولو كان من طرف ثالث».

وأضاف أن «سمعتهم أهم عندي من وجودهم، فسلامي لكل المجاهدين والمنضبطين والواعين للخروق ولمحاولات الفتنة والإساءة من الفاسدين وأضرابهم».