12 ضابطاً كبيراً في قبضة الحكومة بعد أشهر على سقوط الأسد

5 منهم برتبة لواء و6 عمداء وعقيد... بينهم 3 قادة مطارات عسكرية

دمار جراء القصف الذي شهدته مدينة حلب عام 2014 (رويترز)
دمار جراء القصف الذي شهدته مدينة حلب عام 2014 (رويترز)
TT

12 ضابطاً كبيراً في قبضة الحكومة بعد أشهر على سقوط الأسد

دمار جراء القصف الذي شهدته مدينة حلب عام 2014 (رويترز)
دمار جراء القصف الذي شهدته مدينة حلب عام 2014 (رويترز)

تساؤلات كثيرة يطرحها السوريون حول مصير الموقوفين من فلول النظام السابق، سواء من حيث أعدادهم وأماكن توقيفهم وإخضاعهم للمحاكمة، وظروف احتجازهم، بعد أكثر من 5 أشهر على سقوط نظام الأسد، والبدء بتشكيل لجان «هيئة العدالة الانتقالية».

ملصق بمدينة عفرين شمال سوريا في أغسطس 2023 بمناسبة الذكرى العاشرة للهجمات الكيماوية على دوما قرب دمشق (أ.ف.ب)

وتشير بيانات وزارة الداخلية السورية، الصادرة خلال الأشهر الماضية، إلى أن قلة قليلة من الموقوفين وردت أسماؤهم في قائمة أبرز المتورطين في جرائم النظام السابق المطلوبين، وتضم 160 اسماً، سرَّبتها «إدارة العمليات العسكرية» إثر سقوط النظام.

وحسب المعلن، أُلقي القبض على 12 ضابطاً، منهم 5 برتبة لواء و6 برتبة عميد، وواحد برتبة عقيد، بينهم 3 قادة مطارات عسكرية في حماة والضمير وخلخلة. وهم اللواء الطيار فايز إبراهيم قائد مطار الضمير العسكري، واعتُقل مع العميدَين الطيارَين خالد محمد العلي وعبد الجبار محمد حلبية، أحدهما قائد مطار خلخلة العسكري، من المتهمين بالمسؤولية عن عمليات قصف استهدفت المدنيين السوريين، وأدت إلى وقوع مجازر مروعة في ريف دمشق ومناطق سورية أخرى، إضافة لتدمير مناطق سكنية.

اللواء السابق لدى النظام المخلوع عساف عيسى النيساني المتورط بجرائم حرب (الداخلية السورية)

كذلك اللواء عساف عيسى النيساني، وهو من المقربين من العميد سهيل الحسن الملقب بـ(النمر)، وشغل مناصب عسكرية ميدانية عدة، منها قيادة العمليات العسكرية في وادي الضيف بريف إدلب، والإشراف على مرابض المدفعية في قمة جبل الأربعين قرب أريحا، وقيادة غرفة العمليات العسكرية في منطقة كفرنبودة ومحيطها، وقيادة الفرقة الثامنة، ورئاسة اللجنة الأمنية في محافظة حماة.

واللواء محمد الشعار وزير داخلية بين عامَي 2011 و2018 الذي سلَّم نفسه للسلطات، في 4 فبراير (شباط)، وكان أحد أعضاء خلية الأزمة التي شكَّلها بشار الأسد عام 2011. واللواء إبراهيم حويجة رئيس المخابرات الجوية السابق المتهم باغتيال كمال جنبلاط، والمتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واللواء عبد الوهاب عثمان قائد مطار حماة العسكري، وتم القبض عليه في 19 مارس (آذار).

صورة للعميد عاطف نجيب الذي شغل منصب رئيس فرع الأمن السياسي في درعا (مواقع التواصل)

العمداء... وهجوم الساحل

ومن العمداء الذين تم القبض عليهم، العميد عاطف نجيب ابن خالة الرئيس السابق بشار الأسد ورئيس فرع الأمن السياسي بدرعا عام 2011. والعميد في المخابرات الجوية سلطان التيناوي، وكان مسؤول التنسيق بين قيادات في ميليشيا «حزب الله» اللبناني وعدد من المجموعات الطائفية في سوريا، والعميد سالم داغستاني الرئيس السابق لفرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية، ورئيس قسم التحقيق في «سجن صيدنايا»، ورئيس اللجنة الأمنية في منطقة الغوطة الشرقية.

قوة حكومية تطلق صاروخاً باتجاه مواقع المسلحين المؤيدين للنظام السابق في الساحل السوري... 7 مارس (د.ب.أ)

كذلك العميد عبد الكريم الحمادة أحد أبرز المقربين من ماهر الأسد، وكان مسؤولاً عن ملف التسوية زمن النظام السابق والتنسيق مع قيادات الحرس الثوري الإيراني. وقُبض عليه بعد ضبط شحنة مخدرات كانت متجهة إلى العراق. والعقيد سالم إسكندر طراف قائد «اللواء 123» في الحرس الجمهوري بحلب، ومن ثم في دير الزور، وهو من المشاركين في هجوم الفلول في مارس الماضي في مناطق الساحل السوري. بالإضافة إلى مقتل العميد الطيار علي شلهوب في اشتباكات لدى محاولة القبض عليه في 26 أبريل (نيسان) بحمص.

محمد كنجو حسن الملقب بـ«سفاح صيدنايا» (سانا)

عزرائيل صيدنايا

على مستوى آخر، تم القبض على 3 من سجَّاني «سجن صيدنايا»، وواحد من سجَّاني فرع فلسطين، وهم؛ محمد كنجو الملقب بـ«سفاح صيدنايا» النائب العام العسكري بالمحكمة الميدانية العسكرية، وقاضي الفرد العسكري الثاني في حلب، ومستشار المحكمة الجنائية العسكرية في دمشق. وقُبض عليه في عملية أمنية في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2024 بطرطوس، أسفرت عن مقتل 15 عنصراً من الأمن العام.

كما تمَّ القبض على أحد أبرز سجَّاني «سجن صيدنايا»، أوس سلوم، الملقب بـ«عزرائيل صيدنايا»، ومحمد شلهوم أحد مسؤولي كاميرات المراقبة بـ«سجن صيدنايا». ومن السجَّانين ياسين الملحم أحد سجَّاني فرع فلسطين «235».

كما قُبض على 4 من المتورطين في مجزرة حي التضامن عام 2013، وهم منذر الجزائري، والشقيقان سومر وعماد محمد المحمود، وكامل شريف العباس، بالإضافة إلى ماهر حديد أحد عناصر ميليشيا «قوات الدفاع الوطني» في شارع نسرين بحي التضامن.

بشار محفوض قائد مجموعات الاقتحام ومسؤول التجنيد في «الفرقة 25» (الداخلية السورية)

قادة مجموعات

ومن قادة المجموعات المسلحة قُبض على 5، بينهم مشاركون في هجمات الفلول في الساحل وهم؛ حيان ميا المتهم بتنفيذ أعمال إرهابية وتجارة المخدرات، وفخري درويش مدير مكتب قائد ميليشيا «لواء القدس» الفلسطيني الداعمة لقوات النظام السابق، وعدنان السيد نائب قائد «لواء القدس» في مدينة حلب، وهو إحدى الأذرع الإيرانية البارزة.

وبشار محفوض قائد مجموعات الاقتحام في «الفرقة 25» التابعة لسهيل الحسن، وقُبض عليه مع عدد من أفراد عصابته التي تخصَّصت بالخطف، وسموئل وطفة قائد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون في ريف اللاذقية، وقُبض عليه بعد اشتباك، أسفر أيضاً عن اعتقال اثنين من أفراد المجموعة وضبط أسلحة بحوزتهم، وتُتَّهم المجموعة بالمشارَكة في أحداث الساحل.

فلول و«لبوات»

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، اعتُقل المئات بشبهة الانتماء للفلول، وأعلنت إدارة الأمن العام عن أبرزهم، بينهم سيدتان، هما ناريمان مصطفى حجازي الملقبة بـ«جزارة داريا»، والملازم أول قمر دلا، المتطوعة في الكتائب النسائية في قوات النظام السابق المعروفة باسم «اللبوات»، وهي ابنه شقيق العميد غيث دلا القائد في الفرقة الرابعة، أحد المتهمين بالتخطيط لهجمات الساحل.

ناريمان حجازي وأحد العناصر العاملين معها في داريا والحجر الأسود بدمشق (فيسبوك)

ومن الفلول ساهر النداف القيادي في الإعدامات الميدانية، وهو من الذين رفضوا تسليم سلاحهم. ودريد أحمد عباس أحد مرتكبي مجزرة كفر شمس في منطقة الحولة بحمص، والطبيب غسان يوسف علي أحد الضباط العاملين في «مشفى تشرين العسكري».

الملازم أول قمر دلا المتطوعة في الكتائب النسائية بجيش الأسد المشهور بـ«اللبوات» (فيسبوك)

وعلي أحمد عبود الملقب بـ«أبو معلا» مساعد أول في الأمن العسكري قُبض عليه في مدينة محردة. وموسى أحمد خليفة الملقب بـ«الخفاش» قُبض عليه في طرطوس. ومحمد أسعد سلوم الملقب بـ«أبو جعفر مخابرات» المسؤول عن حاجز المليون، وأُلقي القبض عليه بريف دمشق، ومهند نعمان أحد المقربين من ماهر الأسد والمشرف على تصنيع الحبوب المخدرة في ريف دمشق والساحل. ومحمود شدود وهو من المتهمين بارتكاب مجازر في حي بابا عمرو، وعروة سليمان المتهم بالهجوم على نقاط الجيش والأمن بالساحل في مارس الماضي. وأسد كاسر صقور أحد عناصر «لواء درع الساحل». وعلاء محمد، ومحمد إبراهيم الراعي المتهم بالمشارَكة في أحداث الساحل، وتجارتَي المخدرات والسلاح.

يُشار إلى أن وزارة الداخلية توقَّفت عن نشر إحصاءات لأعداد الموقوفين بعد مارس، الذي شهد أحداث الساحل. وأكدت مصادر في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود إحصاءات إجمالية، في حين تظهر الوزارة اهتماماً بالتمييز بين الموقوفين من الفلول وبين المجرمين الجنائيين، من خلال الصور: في الفلول تظهر ملامح الوجه مع ذكر الاسم الثلاثي وطول القامة، أما الموقوفون بتهم جنائية فتغيب في صورهم ملامح الوجه مع ترميز الاسم، مراعاةً للقانون العام.

سجون خاصة

وبحسب المعلومات المتوفرة، يُرسَل أي موقوف خطير أو سياسي إلى السجون الأمنية في محافظة إدلب، التي كانت تتبع «هيئة تحرير الشام» والفصائل الأخرى، منها سجن «العقاب» في جبل الزاوية، وسجن «حارم» وسجن «الزنبقي» في دركوش، بينما يودع الباقي في السجون المركزية التابعة لوزارة العدل في حمص وحماة وحلب وإدلب وغيرها، والتي تُقسَّم إلى قسمين: مدني وعسكري.

ومن الفلول البارزين الذين أعلنت وزارة الداخلية القبض عليهم في 22 مارس، آصف رفعت سالم، أحد قياديي ميليشيا «لواء درع الوطن» التي أسَّسها رامي مخلوف ابن خالة الرئيس المخلوع بشار الأسد عام 2011، وكان يقودها سامر درويش، بينما يتولى قيادتها عسكرياً القائد فراس سلطان.

كما كانت ميليشيا «لواء درع الوطن» تنشط في الأعمال القتالية إلى جانب قوات النظام السابق وأعمال الخطف والابتزاز والتعفيش تحت غطاء مؤسسة «العرين الخيرية»، وفق ما أظهره تقرير مصور لوزارة الداخلية بثَّته أخيراً، كشف القبض على عدد من قياديي مجموعات وعناصر يتبعون «درع الوطن»، منهم محفوظ محمد محفوظ القيادي في الفرقة الرابعة، والعنصران ربيع صالح معروف، وميسم عيسى يوسف التابع لمجموعة «سوار صايمة».


مقالات ذات صلة

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

المشرق العربي عنصر من القوات السورية الجديدة بالقرب من صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد وشقيقه ماهر في مقر الفرقة الرابعة بدمشق يناير الماضي (رويترز)

من منفاهما في روسيا... رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد يخططان لانتفاضتين

كشف تحقيق عن أن اثنين كانا ذات يوم من أقرب رجال بشار الأسد وفرَّا من سوريا بعد سقوطه، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شابان سوريان يقفان على تلة في داريا مُطلّة على القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد في دمشق أواخر أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

في داريا قرب دمشق... سوريون يعيدون بناء حياتهم وأحيائهم المدمرة

لداريا مكانة خاصة في تاريخ الثورة السورية. تقع على مسافة سبعة كيلومترات فقط من العاصمة دمشق، وعلى مرمى البصر من القصر الرئاسي الفسيح للرئيس السابق بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (داريا (سوريا))
الخليج المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)

برنامج سعودي لتحسين وضع التغذية في سوريا

أبرم «مركز الملك سلمان للإغاثة» برنامجاً تنفيذياً لتحسين وضع التغذية لأكثر الفئات هشاشة في المناطق ذات الاحتياج ومجتمعات النازحين داخلياً بمحافظات سورية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.


قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.