كيف انهارت علاقة كندا بإسرائيل بعدما كانت «أفضل صديق»؟

صورة من المسيّرات التي خرجت في كندا دعماً لغزة (أ.ف.ب)
صورة من المسيّرات التي خرجت في كندا دعماً لغزة (أ.ف.ب)
TT

كيف انهارت علاقة كندا بإسرائيل بعدما كانت «أفضل صديق»؟

صورة من المسيّرات التي خرجت في كندا دعماً لغزة (أ.ف.ب)
صورة من المسيّرات التي خرجت في كندا دعماً لغزة (أ.ف.ب)

شهدت العلاقة بين كندا وإسرائيل تحولاً مفاجئاً من النقيض للنقيض، فالحكومة الكندية التي كانت تقف مع إسرائيل وتدافع عنها لسنوت أمام الانتقادات الدولية بسبب سياساتها ضد الفلسطينيين، أصبحت حالياً من الدول البارزة في مهاجمة إسرائيل.

واستعرضت هيئة الإذاعة الكندية في تقرير تاريخ العلاقات بين البلدين لتبرز التناقض الذي تشهده، وكانت حرب غزة نقطة التحول في العلاقات التي كانت توصف فيها كندا بـ«أفضل صديق» لإسرائيل.

جنود إسرائيليون ودبابات قرب حدود غزة مع إسرائيل وسط استمرار العمليات العسكرية (رويترز)

وقالت الهيئة إن علاقة كندا بإسرائيل قطعت شوطاً طويلاً منذ عام 2015، عندما تنافس رئيس الوزراء ستيفن هاربر ومنافسه الطموح جاستن ترودو على لقب «أفضل صديق» للدولة اليهودية.

وبعد فوزه بالأغلبية في عام 2011، جعل هاربر كندا تنضم إلى الكتلة المؤيدة بشدة لإسرائيل في الأمم المتحدة التي تضم الولايات المتحدة ومجموعة من الدول الصغيرة في جزر المحيط الهادئ التي تتبع عادةً نهج واشنطن.

وغالباً ما تنضم إلى هذه الكتلة دائرة أوسع من الدول المؤيدة لإسرائيل؛ إلا أنه في أكثر القضايا إثارة للجدل، صوّت أعضاؤها الأساسيون منفردين مع إسرائيل ضد أغلبية ساحقة.

ومنذ عام 2011، عارضت كندا تقريباً جميع القرارات التي تُؤيد الفلسطينيين أو تنتقد إسرائيل وهو ما يُمثل تراجعاً شبه كامل عن تصويتها على القرارات السنوية نفسها المتعلقة بإسرائيل وفلسطين قبل 15 عاماً.

وطوّر هاربر صداقة شخصية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى إنه عزف له على البيانو عام 2014، ولا يزال هاربر شخصية محبوبة في إسرائيل حتى اليوم.

ومع ذلك، زعم ستيفن برونفمان، كبير جامعي التبرعات لجاستن ترودو، أن السياسي الليبرالي هو الصديقُ الأفضل لإسرائيل، مشيراً إلى أنه، على عكس هاربر، زارها بالفعل، وهو ما عوّضه هاربر عدة مرات منذ ذلك الحين.

وقال ترودو خلال حملته الانتخابية عام 2015: «يجب أن تكون كندا دائماً صديقاً قوياً وحقيقياً لإسرائيل»، ولعدة سنوات تلت ذلك، لم يكن لدى إسرائيل أي سبب للشك في هذا الشعور.

واتخذت حكومة هاربر موقفاً مفاده أن إسرائيل تُستهدف بشكل غير عادل في الأمم المتحدة، وأصدرت تعليماتٍ للدبلوماسيين الكنديين بالدفاع عنها وواصل ترودو هذا النهج بل كانت حكومته مستعدة لقبول العزلة الدبلوماسية لدعمها إسرائيل، كما حدث في 2016، عندما انضمت إلى إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى في معارضة قرار أممي يضمن حماية اتفاقية جنيف للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، بينما اصطفت بريطانيا وفرنسا وألمانيا و167 دولة أخرى في الجانب الآخر.

أمام مركز لتوزيع الطعام في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ب)

2019: بدء تحول الأصوات

بدأ تحول موقف كندا في عام 2019، بعد أن شكل نتنياهو حكومته الإسرائيلية الخامسة والرابعة على التوالي.

بعد عام من الهجمات العنيفة التي شنها المستوطنون اليهود في الضفة الغربية، صوّتت كندا لصالح قرار في الأمم المتحدة يؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وتقلصت الكتلة الأساسية المؤيدة لإسرائيل.

وأدانت الجماعات المؤيدة لإسرائيل في كندا بشدة هذا التغيير في التصويت ووصفه مركز إسرائيل والشؤون اليهودية بأنه «انحراف كبير عن سجلّ دعم إسرائيل في الأمم المتحدة على مدى عشر سنوات».

ومع ذلك، واصلت كندا في الغالب اتباع نمط التصويت الذي أرساه هاربر، وواجه ترودو مجدداً انتقادات من وزراء ودبلوماسيين سابقين في عام 2020 بسبب سلبيته الملحوظة في مواجهة الخطط الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية.

2022: المستوطنون المتطرفون في إسرائيل يستولون على السلطة

في نهاية عام 2022، فاز نتنياهو بولاية سادسة بعد فترة وجيزة من الفراغ، لكن شركاءه التقليديين في الائتلاف رفضوا التعامل معه، فاضطر إلى اللجوء إلى أحزاب كانت سابقاً على هامش الساحة السياسية الإسرائيلية لتشكيل حكومة.

وشهدت اتفاقية الائتلاف الناتجة عن ذلك دخول بعض أكثر الشخصيات تطرفاً في الساحة السياسية الإسرائيلية إلى مناصب وزارية رئيسية، بمن فيهم بتسلئيل سموتريتش، الذي ساهم كثيراً في تدهور العلاقات مع كندا وحلفاء آخرين، والذي يعدّه العديد من الإسرائيليين الرجل الذي يمنع نتنياهو من التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

وعدّ مستوطنو الضفة الغربية العنيفون الحكومة الجديدة إشارة لتصعيد هجماتهم، وسرعان ما وجدت حكومة نتنياهو الجديدة نفسها على خلاف مع حلفائها، بدرجات متفاوتة، بشأن توسيع المستوطنات والتهجير ومصادرة الأراضي.

ولكن كما حدث في الماضي، فإن ما تسبب في النهاية في حدوث خلاف هو سلوك إسرائيل في الحرب.

هجوم 7 أكتوبر

بعد هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قدمت حكومات غربية منها أميركا وكندا وفرنسا وبريطانيا دعماً قوياً لإسرائيل.

مذكرات التوقيف ومحادثات وقف إطلاق النار

مع ارتفاع عدد القتلى المدنيين بشكل حاد في الأشهر الأولى من الحرب الحالية في غزة، وجدت حكومة ترودو نفسها ممزقة بين دعمها الراسخ للمحكمة الجنائية الدولية ورغبتها الراسخة في عدم ملاحقة المحكمة لإسرائيل وهو ما عبرت عنه مراراً وتكراراً مع التهديد الضمني بأن تمويل كندا للمحكمة الجنائية الدولية على المحك.

وتفاقم الارتباك بشأن موقف كندا من مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو في ربيع العام الماضي بسبب ضعف التواصل، الذي شابه عدم رغبة ترودو في إثارة غضب مؤيدي أيٍّ من الجانبين.

وشعر المسؤولون الكنديون بأن إسرائيل تلاعبت بهم عندما ضُغط عليهم لخفض تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بناءً على مزاعم بتواطؤ موظفيها مع «حماس» في هجمات 7 أكتوبر.

وفي مارس(آذار) 2024، بعد شهرين من تعليق تمويلها للأونروا، أعادت كندا تمويلها.

وظلت حكومة ترودو تدعم إسرائيل حتى عندما ردّ المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية على هجوم 7 أكتوبر بتصعيد هجماتهم على المزارع والمنازل الفلسطينية، في ظل إفلات الحكومة الإسرائيلية من العقاب، وتواطؤ متزايد مع الجيش الإسرائيلي.

وتراجعت كندا في البداية حتى مع فرض حلفائها في أوروبا وواشنطن عقوبات على المستوطنين وعندما أجبر العنف أوتاوا في النهاية على إعلان العقوبات، ترددت في تطبيقها فعلياً.

جنود إسرائيليون ينفّذون عمليات في رفح بغزة (رويترز)

وبرزت بوادر معارضة متزايدة داخل الكتلة الليبرالية، لا سيما مع ارتفاع عدد قتلى الأطفال في غزة. وكشفت استطلاعات الرأي عن أن الشباب الكنديين تحديداً انقلبوا على إسرائيل.

وفي يوليو (تموز) 2024، ومع سقوط نحو 40 ألف قتيل في غزة، انضم ترودو إلى رئيسي وزراء أستراليا ونيوزيلندا للدعوة إلى وقف إطلاق النار.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، أضرّ مقتل الطفلة هند رجب، البالغة من العمر خمس سنوات، التي قضت أياماً وحيدة في سيارة مثقوبة بالرصاص مع جثث عائلتها، وما تلاه من مقتل المسعفين الذين حاولوا إنقاذها، بصورة الجيش الإسرائيلي وقد هدمت تحقيقات صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «سكاي نيوز» نفي الجيش الإسرائيلي لتورطه في الحادث.

وشكّل الهجوم على قافلة مساعدات تابعة لمنظمة «وورلد سنترال كيتشن» غير الحكومية في أبريل (نيسان) 2024، الذي أودى بحياة عامل الإغاثة والجندي السابق في الجيش الكندي جاكوب فليكينجر، بداية نهاية دعم الحكومة الكندية غير المشروط لحملة إسرائيل على غزة.

وتفاقم نفور الرأي العام الأوروبي في مارس من هذا العام عندما انتهكت القوات الإسرائيلية وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين، وبعد خمسة أيام، هاجمت قافلة من سيارات الإسعاف في غزة، مما أسفر عن مقتل 15 مسعفاً وعامل إغاثة، وعندما عُثر على الجثث بعد أيام، ادّعى الجيش الإسرائيلي أنهم اقتربوا من نقطة تفتيش وأضواؤهم مطفأة، وأن الوفيات كانت نتيجة ارتباك مأساوي.

واضطر الجيش الإسرائيلي إلى تغيير روايته بعد أن ناقضها مقطع فيديو على جوّال عُثر عليه في جثة أحد المسعفين، لم يترك مجالاً للشك في أن الجنود كانوا يعرفون من يهاجمون.

القشة التي قصمت ظهر البعير: استخدام الجوع «سلاحاً»

في حين أن كندا والمملكة المتحدة وفرنسا طالبت إسرائيل سابقاً بضبط النفس، إلا أن البيان المشترك الذي أصدرته يوم الاثنين يختلف تماماً في لهجته ومضمونه عن أي بيان سابق.

يبدو أن ما دفع كندا وبريطانيا وفرنسا أخيراً إلى قول «كفى» هو استخدام الغذاء سلاحَ حرب.

وكشف الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أمام البرلمان البريطاني هذا الأسبوع عن مدى الضرر الذي لحق بالعلاقات، فقد وصف عملية «عربات جدعون» الإسرائيلية - وهي خطة للسيطرة على غزة بالكامل - بأنها «قاسية ولا يمكن الدفاع عنها»، واستهدف لامي نتنياهو مباشرةً بقوله إنه «ينوي الاستمرار في استخدام الجوع ورقةَ ضغط».

وقال لامي أمام البرلمان: «هذا أمر بغيض. يواجه المدنيون في غزة المجاعة والتشرد والصدمة، وهم في أمسّ الحاجة إلى إنهاء هذه الحرب، قصفاً متجدداً ونزوحاً ومعاناة».

وقصفت إسرائيل المستشفيات مراراً وتكراراً، وتوقفت ثلاثة مستشفيات أخرى في شمال غزة عن العمل نهاية هذا الأسبوع. ومع ذلك، قُتل المزيد من عمال الإغاثة والعاملين في المجال الطبي، بعد أن كان العام الماضي الأكثر دموية على الإطلاق للعاملين في المجال الإنساني.

إطلاق نار في جنين

في اليوم التالي للبيان المشترك بين كندا والمملكة المتحدة وفرنسا، تعرض دبلوماسيون من عدة حكومات غربية أدانت حكومة نتنياهو لإطلاق نار من قِبل جنود إسرائيليين في أثناء زيارتهم لمدينة جنين بالضفة الغربية.

وادعى الجيش الإسرائيلي أنه أطلق طلقات تحذيرية في الهواء بعد أن انحرف الدبلوماسيون عن مسار متفق عليه، على الرغم من أن لقطات فيديو من موقع الحادث أظهرت جنوداً يوجهون بنادقهم أفقياً وكان أربعة من موظفي السفارة الكندية، بمن فيهم رئيس البعثة، من بين الذين اضطروا للاختباء.

ووصف رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إطلاق النار بأنه «غير مقبول بتاتاً: إنه واحد من أمور كثيرة غير مقبولة بتاتاً تحدث في المنطقة».

بعد وقت قصير من انتقاد لامي للجيش الإسرائيلي لقصفه المستشفيات، شنّت القوات الإسرائيلية هجمات جديدة على مستشفى في جباليا شمال غزة.

واختتمت هيئة الإذاعة الكندية تقريرها بقولها: «بالنسبة لبنيامين نتنياهو، ينذر هذا الأسبوع بمستقبل صعب، فرغم أنه لا يزال موضع ترحيب في واشنطن، لكن من الصعب تخيله يفكر يوماً في زيارة أوتاوا أو لندن أو باريس مرة أخرى، في ظل وجود مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب معلقة فوق رأسه».


مقالات ذات صلة

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

المشرق العربي موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة play-circle 02:43

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

أجبرت الأمطار الغزيرة بعض السكان على دفع سياراتهم في شوارع قطاع غزة المغمورة بالمياه، بينما لجأ آخرون إلى عربات تجرّها الحمير لعبور السيول.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء.

محمد عجم (القاهرة)
تحليل إخباري مساعدات مصرية تتكدس أمام معبر رفح بانتظار السماح بدخولها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

تحليل إخباري اجتماع الدوحة... هل يعجّل بتشكيل قوة «استقرار غزة»؟

تدخل مرحلة نشر «قوات الاستقرار» في قطاع غزة مرحلة نقاشات تبدو نهائية، مع اقتراب الموعد الرئيسي لانتشارها العام المقبل، وفق تسريبات أميركية.

محمد محمود (القاهرة)
خاص فلسطينيون يبحثون عن ضحايا وسط أنقاض منزل انهار الثلاثاء بعدما كان قد دمره القصف الإسرائيلي جزئياً خلال الحرب في مخيم الشاطئ بمدينة غزة (رويترز)

خاص «حماس» تريد جولة تفاوض جديدة

تسعى «حماس» لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة في مصر أو قطر، خلال الفترة المقبلة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون يمرون عبر برك المياه جراء الأمطار الغزيرة في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«حماس»: اتفاق غزة «في مهب الريح» بعد 813 خرقاً إسرائيلياً

دعت حركة «حماس» الوسطاء في اتفاق غزة إلى التدخل لمنع انهياره في ظل الخروقات الإسرائيلية اليومية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)

قرر زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر، الثلاثاء، تجميد «سرايا السلام» وغلق مقراتها في محافظتي البصرة وواسط لمدة 6 أشهر.

وقال الصدر في تدوينة له على منصة «إكس»: «تقرر تجميد (سرايا السلام) وغلق المقرات في كل من البصرة والكوت لمدة ستة أشهر لحين النظر في وضع حل للخروق والإساءة المتكررة لسمعة المجاهدين في (سرايا السلام) ولو كان من طرف ثالث».

وأضاف أن «سمعتهم أهم عندي من وجودهم، فسلامي لكل المجاهدين والمنضبطين والواعين للخروق ولمحاولات الفتنة والإساءة من الفاسدين وأضرابهم».


موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

TT

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

موجة أمطار جديدة تُغرق شوارع غزة المنكوبة

أجبرت الأمطار الغزيرة بعض السكان إلى دفع سياراتهم في شوارع قطاع غزة المغمورة بالمياه، بينما لجأ آخرون إلى عربات تجرّها الحمير لعبور السيول، بعدما ضربت أمطار شتوية جديدة القطاع الفلسطيني الذي أنهكته الحرب.

وأغرقت الأمطار خياماً ومراكز إيواء وملاجئ بدائية في غزة، حيث دُمّرت أو تضرّرت معظم المباني جرّاء عامين من الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت وزارة الصحة في غزة إن رضيعاً يبلغ من العمر أسبوعين ويُدعى محمد خليل أبو الخير، توفي نتيجة إصابته بانخفاض حاد في حرارة الجسم بسبب البرد الشديد. وأضافت أن الرضيع أُدخل إلى المستشفى قبل يومين ووُضع في العناية المركزة، لكنه توفي الاثنين.

ورغم أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، الذي دخل حيّز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول)، خفّف جزئياً القيود على إدخال السلع والمساعدات، تقول الأمم المتحدة إن الكميات التي تصل إلى غزة لا تزال غير كافية في ظل الاحتياجات الكبيرة للسكان.

وقالت الأمم المتحدة الاثنين إن نحو 1.3 مليون شخص يحتاجون حالياً إلى مساعدات متعلقة بالمأوى في غزة، محذّرة من تزايد مخاطر الإصابة بانخفاض حرارة الجسم.

ومع تضرّر نحو 92 في المائة من المباني السكنية أو دمارها في الحرب، وفق الأمم المتحدة، تتخطى الاحتياجات المساعدات بأشواط.

وأضافت الأمم المتحدة أن الأطفال الرضّع يواجهون «خطراً مرتفعاً» بشكل خاص جرّاء الظروف الشتوية وتعرضهم لظروف إنسانية مأساوية.

وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في منشور على منصة «إكس» الاثنين: «مع هطول الأمطار الغزيرة والبرد الذي جلبتهما العاصفة بايرون، فإن الناس في قطاع غزة يتجمّدون حتى الموت».

وأضاف: «ما زالت إمداداتنا تنتظر منذ أشهر السماح بدخولها إلى غزة، وهي كفيلة بتلبية احتياجات مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في حالة يأس».

«العيش في الشوارع»

خلال الأسبوع الماضي، ضربت القطاع أمطار غزيرة صاحبت العاصفة بايرون، ما فاقم معاناة السكان، الذين نزح معظمهم خلال الحرب.

وقال الدفاع المدني في غزة الجمعة إن 16 شخصاً على الأقل لقوا مصرعهم خلال أربع وعشرين ساعة، بينهم ثلاثة أطفال توفوا بسبب تعرضهم للبرد، وذلك مع اجتياح عاصفة شتوية للقطاع.

وأفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل الثلاثاء بـ«نقل شهيد على الأقل وعدد من المصابين إثر انهيار منزل فوق ساكنيه عند مفترق حميد في حي النصر في شمال غربي مدينة غزة، بسبب المنخفض الجوي، حيث إن المنزل متضرر بسبب القصف الإسرائيلي خلال الحرب».

وأظهرت لقطات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مسعفين وهم ينتشلون جثمان رجل من تحت الركام على نقالة، فيما كان أقاربه المفجوعون يبكون في الشارع.

وقال أحمد الحصري، الذي فقد أحد أقاربه: «نناشد العالم حل مشاكلنا وإعادة إعمار القطاع، حتى يتمكن الناس من امتلاك منازل بدلاً من النزوح والعيش في الشوارع».

ويقع قطاع غزة الصغير بين صحراء سيناء وصحراء النقب من جهة، والبحر المتوسط من جهة أخرى، ويتلقى معظم هطولاته من الأمطار الغزيرة في أواخر الخريف والشتاء.


بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)
لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)
TT

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)
لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

مثل رجلان بريطانيان، من أصول لبنانية، أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران، والمصنّفة «منظمة محظورة» في بريطانيا، إضافة إلى حضور معسكرات تدريب إرهابية، في حين وُجّهت لأحدهما تهمة المساعدة في تأمين قِطع تُستخدم في الطائرات المسيّرة.

ووجّهت إلى أنيس مكي (40 عاماً) تهماً بحضور معسكر تدريب إرهابي في قاعدة بركة جبور الجوية بلبنان عام 2021، والمشاركة في التحضير لأعمال إرهابية، والانتماء إلى «حزب الله»، إلى جانب التعبير عن دعمه لـ«حزب الله» وحركة «حماس» الفلسطينية المصنَّفة «محظورة» في المملكة المتحدة.

كما اتُّهم محمد هادي قصير (33 عاماً) بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور معسكر تدريب في منطقة بافليه بجنوب لبنان عام 2015، إضافة إلى معسكر آخر في قاعدة بركة جبور الجوية عام 2021. وقد دفع قصير ببراءته من التهم الموجّهة إليه.

وقالت المدّعية العامة كريستل بوس، أمام محكمة وستمنستر، إن قصير كان «عضواً متجذراً في (حزب الله)»، مشيرة إلى العثور على صور تُظهره «يتلقى تدريبات في معسكر يخضع لسيطرة (حزب الله) ويشارك في تدريبات على احتجاز رهائن عام 2015».

وأضافت بوس أن مكي كان يتمتع بإمكانية الوصول إلى «شبكة واسعة تابعة لـ(حزب الله)»، مرتبطة بتسهيل الحصول على قِطع تُستخدم في الطائرات غير المأهولة (المسيّرة).

وقرر القاضي بول غولدسبرينغ إبقاء المتهميْن قيد الاحتجاز إلى حين مثولهما مجدداً أمام محكمة أولد بيلي في لندن في 16 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان الرجلان قد أُوقفا في منزليهما بلندن خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، ثم أُعيد اعتقالهما، الأسبوع الماضي، عقب توجيه الاتهامات رسمياً إليهما.

وقال القائد دومينيك مورفي، رئيس شرطة مكافحة الإرهاب بلندن، في بيان صدر قبل جلسة الثلاثاء: «أودّ طمأنة الجمهور إلى أنني لا أقيّم وجود تهديد مستمر على عامة الناس نتيجة أنشطة هذين الشخصين».