تصعيد إسرائيلي يشوّش على خطط لبنان لإجراء الانتخابات في الجنوب

اتصالات سياسية ودبلوماسية وتدابير أمنية وحزبية لتنفيذ الاستحقاق

جنود لبنانيون إلى جانب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة أبو الأسود بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون إلى جانب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة أبو الأسود بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تصعيد إسرائيلي يشوّش على خطط لبنان لإجراء الانتخابات في الجنوب

جنود لبنانيون إلى جانب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة أبو الأسود بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون إلى جانب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في منطقة أبو الأسود بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

يتوجّس لبنان من عرقلة إسرائيلية للانتخابات المحلية التي تُجرى، السبت المقبل، في محافظتي الجنوب والنبطية، بدأ التمهيد لها بقصف واسع، يومي الاثنين والثلاثاء، استهدف مناطق في الجنوب، مما عزز مخاوف السكان القاطنين خارج تلك المناطق، من الانتقال إلى قراهم للمشاركة في الاستحقاق البلدي والاختياري.

وقالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن التصعيد الذي ظهر، الثلاثاء، لجهة استهدافات لقرى الخط الثاني من الحدود، «يظهر محاولة إسرائيلية لعرقلة مشاركة السكان في الاستحقاق عبر زيادة منسوب التوتر والقلق، ومحاولة لمنع عودة الحياة إلى الجنوب وتطبيع فكرة الأمان فيه، انطلاقاً من الاستحقاق الانتخابي» الذي تنجز فيه السلطات المرحلة الأخيرة من الانتخابات المحلية.

جنود لبنانيون يؤمنون الحماية لمركز اقتراع في بيروت (أ.ب)

اتصالات سياسية لتأمين الاستحقاق

وتصر السلطات على إجراء الانتخابات في المنطقة، وتقوم «بالاتصالات اللازمة لوقف الخروقات الإسرائيلية خلال فترة الانتخابات البلدية في الجنوب»، حسبما أكد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار. وقال بعد ترؤسه، الثلاثاء، اجتماعاً لمتابعة التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية التي ستجرى السبت المقبل: «أعيد تأكيد ما قلته مراراً وتكراراً؛ الدولة اللبنانية قرارها واضح بأن لا مجال للمساومة على سيادتها على أرض الجنوب».

وأضاف: «ما زال هناك جزء محتل من الجنوب، وما زالت الاعتداءات والخروق الإسرائيلية مستمرة، لكن الدولة اللبنانية والحكومة بدءاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية تقوم بكل الاتصالات اللازمة لوقف الخروق عموماً وتحديداً خلال فترة الانتخابات في الجنوب ومواكبة لعملية الفرز وإصدار النتائج».

وأمل الحجار في أن «تثمر الاتصالات مع الدول الأعضاء في لجنة وقف إطلاق النار يوماً هادئاً انتخابياً يوم السبت»، معتبراً أنه «في كل الأحوال نحن لا ننتظر ضمانات، ولكننا مصممون على إجراء الانتخابات وممارسة سيادتنا وحضورنا في هذا الجزء الغالي من أرضنا».

وعن الإجراءات التي يمكن للحكومة اتخاذها في حال وقوع أي اعتداء إسرائيلي، قال الوزير الحجار إن «احتمال وقوع أي خرق أو اعتداء نحن دائماً نأخذه في الاعتبار، ونوجه التحية للجيش اللبناني وهو المكلف الأول بتطبيق القرار 1701 ومراقبة وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وكل القوى الأمنية الموجودة وعلى رأسها الجيش اللبناني وقوى الأمن التي تواكب عملية الانتخاب وصناديق الاقتراع».

وتابع الحجار: «إذا حصل أي خرق أو اعتداء فالقرار واضح: الإكمال بالعملية الانتخابية والتعامل مع الواقع على الأرض في حينها»، مضيفاً: «بالطبع لدينا رؤيتنا في كيفية توزيع مراكز الاقتراع، وكيفية التعامل مع حركة المواطنين الناخبين وتوزع القوى الأمنية».

تدابير أمنية وسياسية وحزبية

وتتعامل السلطات الرسمية والقوى الأمنية والجيش اللبناني، والأحزاب الفاعلة في المنطقة، مع التحركات الأمنية الإسرائيلية، بجدية مطلقة، وتتخذ الإجراءات المقابلة لتأمين العملية الانتخابية بسلاسة.

وإلى جانب الحراك السياسي بالتواصل مع اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والولايات المتحدة؛ كونها الضامن للاتفاق، اتخذت الحكومة قراراً بنقل أقلام الاقتراع في القرى الحدودية إلى العمق، وتوزعت في قرى الخط الحدودي الثالث ومدن مثل النبطية وصور، وذلك كخطوة أمنية احترازية لتحفيز السكان على المشاركة.

أما الجيش اللبناني فينفذ تدابير أمنية مكثفة في القرى الجنوبية، سواء الحدودية أو في العمق، لتأمين العملية الانتخابية، وتوفير مناخات أمنية لبنانية ملائمة لإجراء الانتخابات، حسبما تقول مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط».

لبنانية تدلي بصوتها في الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت الأحد (إ.ب.أ)

وتقول مصادر نيابية إن لبنان الرسمي «حريص بالكامل على إجراء الانتخابات في الجنوب، لذلك اتخذ كل الإجراءات الاحترازية لتأمين مناخات سليمة لإجراء الانتخابات»، وترى أن التحركات الإسرائيلية «تظهر محاولات لعرقلة الاستحقاق، وتقويض جهود الحكومة لإعادة النبض إلى الجنوب بعد الحرب المدمرة التي أسفرت عن تدمير واسع للقرى الحدودية، مما منع حتى استضافة أقلام الاقتراع فيها».

وتستدل المصادر بالضربات التي شنتها إسرائيل، الثلاثاء، من بينها إصابة تسعة أشخاص في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية على طريق المنصوري الساحلية في قضاء صور، بينهم طفلان وثلاثة من الجرحى بحالة حرجة، علماً بأن المنصوري ليست قرية واقعة على الخط الحدودي المباشر مع إسرائيل، بل في الخط الحدودي الثالث. كما تشير إلى استهداف إسرائيلي للصيادين عند ساحل رأس الناقورة، واستهداف أطراف بلدة كفرشوبا بالقطاع الشرقي بقذائف المدفعية.

تزكيات لتجنب انتقال السكان

وعلى صعيد التحركات الحزبية، يدفع ثنائي «حركة - حزب الله» النافذ في المنطقة، باتجاه تزكيات في مناطق الجنوب ضمن تفاهمات مع العائلات وقوى سياسية أخرى ومستقلين، وتشكيل لوائح ائتلافية، لتجنب إجراء الانتخابية في ظل التوترات الأمنية القائمة، وتجنب تعريض المدنيين لأي مخاطر.

وقالت مصادر قريبة من «أمل» لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الدفع «أنتج تفاهمات في العديد من القرى في الجنوب، وخصوصاً في المنطقة الحدودية، أثمرت فوز المرشحين بالتزكية»، لافتاً إلى أن الدفع بهذا الاتجاه «تمّ لقطع الطريق على أي محاولة إسرائيلية لعرقلة إجراء الانتخابات وانتخاب مجالس بلدية جديدة، أسوة بكافة المناطق اللبنانية التي جرت فيها الانتخابات».

وفازت عشرات المجالس البلدية في القرى بالجنوب بالتزكية، من بينها قرى حدودية مثل الخيام وميس الجبل ويارون وعيناثا ومارون الراس. وسجل حتى ليل الاثنين، فوز 40 مجلساً بلدياً بالتزكية في محافظتي الجنوب والنبطية، وسط ترجيحات بارتفاع العدد.


مقالات ذات صلة

مقتل المرافق الشخصي لنصر الله بغارة إسرائيلية في إيران

المشرق العربي خليل يظهر إلى جانب نصر الله في إطلالة علنية نادرة لنصر الله خلال عام 2015 بالضاحية الجنوبية لبيروت (متداول)

مقتل المرافق الشخصي لنصر الله بغارة إسرائيلية في إيران

أعلنت وسائل إعلام إيرانية ولبنانية مقتل المرافق الشخصي للأمين العام السابق لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، حسين خليل، ونجله، في غارة جوية إسرائيلية بإيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوة «اليونيفيل» قرب الخط الأزرق في بلدة العديسة بجنوب لبنان (أرشيفية - الأمم المتحدة)

غموض يحيط بملف الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل

لم تتوقف عن احتجاز آخرين بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي مناصرة لـ«حزب الله» تسير قرب موقع تعرض لقصف إسرائيلي سابق في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال مظاهرة داعمة لإيران الجمعة (إ.ب.أ)

حرب إسرائيل وإيران تُربك سكان ضاحية بيروت... خطط إخلاء باتجاه مناطق آمنة

تترقب غالبية اللبنانيين تطورات الأحداث والمسار الذي ستسلكه الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، وما ستؤول إليه الأمور، خصوصاً لجهة احتمال تدخل «حزب الله» في هذه الحرب

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني نعيم قاسم (رويترز)

إسرائيل تحذر «حزب الله» من دخول الحرب إلى جانب إيران

جددت القوى السياسية اللبنانية تأكيد موقفها الداعي إلى حياد لبنان في ظل الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، في رد على تصريح أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تحذر «حزب الله» من دخول الحرب إلى جانب إيران

إسرائيل تحذر «حزب الله» من دخول الحرب إلى جانب إيران

جددت القوى السياسية اللبنانية تأكيد موقفها الداعي إلى حياد لبنان في ظل الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، في رد على تصريح أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل المرافق الشخصي لنصر الله بغارة إسرائيلية في إيران

خليل يظهر إلى جانب نصر الله في إطلالة علنية نادرة لنصر الله خلال عام 2015 بالضاحية الجنوبية لبيروت (متداول)
خليل يظهر إلى جانب نصر الله في إطلالة علنية نادرة لنصر الله خلال عام 2015 بالضاحية الجنوبية لبيروت (متداول)
TT

مقتل المرافق الشخصي لنصر الله بغارة إسرائيلية في إيران

خليل يظهر إلى جانب نصر الله في إطلالة علنية نادرة لنصر الله خلال عام 2015 بالضاحية الجنوبية لبيروت (متداول)
خليل يظهر إلى جانب نصر الله في إطلالة علنية نادرة لنصر الله خلال عام 2015 بالضاحية الجنوبية لبيروت (متداول)

أعلنت وسائل إعلام إيرانية ولبنانية مقتل المرافق الشخصي للأمين العام السابق لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، حسين خليل، ونجله، في غارة جوية إسرائيلية بإيران.

وأكد إعلام لبناني مقرّب من «حزب الله»، مقتل حسين خليل، المعروف باسم «أبو علي خليل»، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة قريبة من الحدود الإيرانية - العراقية، حين كان يعبر خليل ونجله وشخصية عراقية، باتجاه الأراضي الإيرانية. وقالت إن الثلاثة قُتلوا في الغارة.

وقالت صفحات مقرّبة من الفصائل العراقية الموالية لإيران، إن «الغارة أسفرت عن مقتل حسين خليل (مرافق نصر الله)، ونجله مهدي، والقيادي في (كتائب سيد الشهداء) العراقية، حيدر الموسوي»، وهو أحد قيادات ميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية الموالية لإيران.

ولم تُعرف أسباب وجوده في إيران خلال هذه الظروف، لكن مجموعات إخبارية قريبة من «حزب الله» قالت إنه كان في زيارة دينية في العراق برفقة نجله، وكان يتجه إلى إيران لاستكمال الزيارات الدينية بمناسبة عاشوراء.

صورة غير مؤرخة لحسين خليل (إلى اليسار) يظهر إلى جانب نصر الله خلال إطلالة علنية بمناسبة عاشوراء قبل سنوات (متداول)

وخليل، المعروف بأنه كان لصيقاً بنصر الله على مدى عقود، ويُوصف في بيئة الحزب بلقب «درع السيد»، انضم إلى الحزب في الثمانينات، وعُيّن مرافقاً شخصياً لنصر الله وظهر معه في جميع المناسبات العلنية. ونجا من الغارة الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي؛ إذ لم يكن موجوداً في المنشأة العسكرية التي اغتيل فيها نصر الله وأبرز معاونيه العسكريين، وفي مقدمتهم قائد منطقة الجنوب العسكرية علي كركي.

وقال نجل خليل بعد تشييع نصر الله، إن خليل وصل إلى المنشأة، ولازم نعشه لمدة ثلاثة أيام قبل دفنه المؤقت في مكان سري، إلى حين نقل الرفات إلى موقع دفن نصر الله الحالي في 23 فبراير (شباط) الماضي.

وظهر خليل، للمرة الأولى بعد الحرب، خلال تشييع نصر الله في بيروت؛ حيث رافق النعش المحمول على شاحنة، خلال مراسم دفن ضخمة أُقيمت في المدينة الرياضية لبيروت.

حسين خليل يرافق نعش نصر الله يوم تشييعه بالمدينة الرياضية في بيروت 23 فبراير الماضي (أرشيفية - أ.ب)

ولاحقاً، ظهر خليل في عدة فيديوهات مع ناشطين لبنانيين وعراقيين وإيرانيين قرب ضريح نصر الله في الضاحية الجنوبية. وقال إعلام مقرب من «حزب الله» إنه تم تعيينه مسؤولاً عن حماية ضريح نصر الله على طريق مطار بيروت.