«هدنة غزة»: تحركات نحو «حل جزئي» بعد قرار «إدخال المساعدات»

مصر تطالب بوقف فوري للعدوان

رجل يحمل طفلاً مصاباً بعد تلقيه العلاج في مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
رجل يحمل طفلاً مصاباً بعد تلقيه العلاج في مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تحركات نحو «حل جزئي» بعد قرار «إدخال المساعدات»

رجل يحمل طفلاً مصاباً بعد تلقيه العلاج في مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
رجل يحمل طفلاً مصاباً بعد تلقيه العلاج في مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

تشهد مفاوضات الدوحة التي تدخل يومها السابع مرحلة جديدة مع ظهور ملامح اتفاق مرحلي جزئي بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط تأكيد أميركي لرغبة الرئيس دونالد ترمب في إنهاء الحرب بالقطاع.

تلك المفاوضات التي تأتي بالتزامن مع قرار إسرائيلي تحت ضغوط أميركية وأوروبية، بالموافقة على إدخال المساعدات لغزة، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنها قد لا تحمل جديداً مؤثراً في ظل التصعيد الإسرائيلي بغزة، مؤكدين أن استمرار ذلك الأمر يقضي على أي فرص للهدنة ولو ضئيلة ويهدد بألا تتم، إلا إذا تدخلت واشنطن بجدية تامّة لوقف الحرب بخطة واضحة.

انخراط أميركي

وأفاد البيت الأبيض، الاثنين، بأن إدارة ترمب تواصل الانخراط في المحادثات مع جانبي الصراع، وفق ما نقلته «رويترز»، وذلك غداة تقديم المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف «عرضاً جديداً يحاول منح (حماس) ضمانات بأن إبرام اتفاق جزئي الآن قد يمهد لإنهاء الحرب لاحقاً ويضغط حالياً على الطرفين لقبوله»، وفق ما ذكره موقع «أكسيوس» الإخباري نقلاً عن مسؤول إسرائيلي ومصدر مطلع.

طفل فلسطيني يترقب دوره في حصص من الطعام المطبوخ بمركز توزيع خيري في جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

وقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «رداً إيجابياً مبدئياً، لكنه مشروط ومليء بالتحفظات، فيما لم تعطِ (حماس) حتى الآن موافقة نهائية، وتطالب بضمانات واضحة بأن التهدئة المؤقتة يمكن أن تتحول إلى دائمة»، فيما يشمل العرض الجديد إطلاق سراح 10 رهائن مقابل وقف إطلاق نار لمدة 45 إلى 60 يوماً، إلى جانب الإفراج عن معتقلين فلسطينيين، حسب «أكسيوس».

ومع الحديث عن ذلك العرض الجديد أبلغ قيادي في «حماس» شبكة «سي إن إن» الإخبارية بأن الحركة وافقت على الإفراج عما بين 7 و9 محتجزين إسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، بالإضافة إلى إطلاق سراح 300 معتقل فلسطيني، وبالتزامن، قال مصدر إسرائيلي أمني رفيع المستوى لقناة «i24NEWS» الإسرائيلية: «نحن نسعى للتوصل إلى اتفاق ومستعدون لوقف القتال في أي مرحلة».

فانس يلغي زيارة لإسرائيل

ولم تكتفِ واشنطن بإعلان الرغبة للتوصل لاتفاق والحديث عن ضمانات لاتفاق أوسع، بل أفاد موقع «واللا» الإسرائيلي، الاثنين، بأن جي دي فانس نائب ترمب، اتخذ قراراً بعدم زيارة إسرائيل لأنه لا يريد أن تُفسَّر زيارته، سواء في إسرائيل أو في دول المنطقة، على أنها دعم من واشنطن لتوسيع العملية العسكرية في غزة، في وقت تضغط فيه واشنطن للتوصل إلى صفقة لإطلاق الرهائن ووقف النار في القطاع.

وبعد دعوات من الإدارة الأميركية والدول الأوروبية التي تعالت أصواتها الأيام الماضية لإدخال المساعدات، قرر المجلس السياسي-الأمني الإسرائيلي، الأحد، استئناف إدخال المساعدات إلى غزة عبر القنوات القائمة، إلى حين إنشاء آلية إنسانية جديدة.

نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (أ.ب)

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أنه رغم الجهود الأميركية التي لم تستطع حسم اتفاق أثناء وجود ترمب بالمنطقة الأسبوع الماضي، لن يستجيب نتنياهو للسلام ووقف إطلاق النار طالما لم يوقف تصعيده العسكري وخططه المرتبطة بذلك، مؤكداً أن استباقه نتائج المشهد التفاوضي بقرار دخول المساعدات وعدم الانتظار لإدراجه ضمن اتفاق، يكشف عن عدم جدية رئيس الوزراء الإسرائيلي.

«نتنياهو لا يريد سلاماً»

وكذلك المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، يرى أن هناك «زخماً وضغطاً لأقصى حد على الطرفين، لكن نتنياهو لا يريد سلاماً ويتمسك بعملياته العسكرية واحتلال القطاع ونزع سلاح حركة (حماس) وتدميرها، وبالمقابل الحركة تريد انسحاباً كاملاً وضمانات حقيقية؛ ولذا المسافة بين الجانبين ليست قصيرة ولا تحمل أي فرص لهدنة»، لافتاً إلى أن واشنطن لو كانت جادة في وقف الحرب لتم ذلك فوراً، لكن الضغط الأميركي مفتوح لإعادة الرهائن فقط، وليس لوقف الحرب، وكل قنوات التواصل ستغلق عقب امتلاك تلك الورقة من «حماس» أو إضعافها.

وبرأي نزال، فإن قرار إدخال المساعدات الإنسانية هزيل؛ إذ يشمل إدخال 30 شاحنة في ظل عجز يصل إلى 600 شاحنة، وتم بشكل منفصل عن الهدنة، وبالتالي لا تأثير له على المحادثات.

بمقابل مشهد المفاوضات، تواصل إسرائيل التصعيد العسكري، ووجَّه الجيش الإسرائيلي، الاثنين، تحذيراً إلى سكان خان يونس ومناطق بني سهيلا وعبسان، بضرورة المغادرة إلى منطقة المواصي، وأضاف أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، عبر منصة «إكس»: «من هذه اللحظة، ستُعدُّ محافظة خان يونس منطقة قتال خطيرة».

اتصالات مكثفة

وكانت مصادر مصرية رفيعة المستوى أفادت لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، بأن «هناك اتصالات مكثفة يجريها الوفد الأمني المصري الموجود في قطر حالياً بهدف التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة»، لافتاً إلى أن جهوداً مكثفة تبذلها القاهرة والدوحة بالتنسيق مع الجانب الأميركي بهدف وقف التصعيد في غزة، وإفساح المجال أمام مفاوضات الهدنة ودخول المساعدات.

وجاء التصعيد الإسرائيلي تزامناً مع بداية جولة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، وتواصل عقب مغادرته الجمعة، وعدم وصول ويتكوف لاتفاق رغم مشاركته بالمفاوضات غير المباشرة بقطر.

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في تل أبيب الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

ويعتقد فرج أن الجهود والنداءات المصرية بهدف إنهاء الأزمة ستستمر على أمل أن يرافقها ضغط أميركي حقيقي وجاد، وإلا سيحبط هذا التصعيد العسكري أي محاولة، ولن يقود لإخراج الرهائن كما كان طوال شهور الحرب، مشدداً على أن «مسار التفاوض هو الوحيد القادر على ذلك، لكن الرهائن ليسوا أولوية عند نتنياهو».

ويعتقد نزال أن نتنياهو لا يريد تبريد الحرب في غزة أو إطفاءها رغم كل الجهود والنداءات المستمرة، وذلك ليضمن بقاءه في الساحة السياسية، مؤكداً أنه إذا ضغطت واشنطن بقوة ونية حقيقية لوقف الحرب، سنرى اتفاقاً، وإلا استمرت المراوغات والمحاولات لتقليل تأثير ورقة الرهائن عبر اتفاقات جزئية وليست شاملة.


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو يرى في حرب إيران خلاصاً سياسياً... لكن غزة لا تزال تمثل تحدياً

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب) play-circle

تقرير: نتنياهو يرى في حرب إيران خلاصاً سياسياً... لكن غزة لا تزال تمثل تحدياً

يرجِّح حلفاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومحللون، أن يعيد الهجوم الإسرائيلي القوي على إيران صياغة إرثه بعد أشهر من الاضطرابات السياسية والحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فتية وأطفال عند خيام نُصبت وسط البنية التحتية المدمرة بمدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)

تحليل إخباري عودة الزخم إلى «هدنة غزة» بعد «انحسار» حرب إسرائيل وإيران

عادت الأنظار تتجه إلى مساعي وقف إطلاق النار في قطاع غزة مع اتصالات ودعوات مكثفة من وسطاء ودول وذوي الرهائن، بعد وقف النار بين إسرائيل وإيران.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: وصلنا إلى «نهاية فصل مهم» لكن الحملة على إيران لم تنته

أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أن الجيش وصل إلى «نهاية فصل مهم لكن الحملة على إيران لم تنته بعد».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية طفل مصاب مع أسرته يجلسون يوم الثلاثاء في انتظار جنازة والده الذي قُتل خلال قصف إسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)

فلسطينيون وإسرائيليون بعد «هدنة إيران»: الآن دور غزة

اتفاق وقف إطلاق النار في إيران يبث آمالاً في صفقة بقطاع غزة، والحكومة الإسرائيلية تناقش تدخلاً أميركياً محتملاً لتحقيق صفقة شاملة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يتدافعون عند نقطة توزيع المساعدات الغذائية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

 «غزة الإنسانية» تشكو من مضايقات الجيش الإسرائيلي لقوافلها

قدمت «مؤسسة غزة الإنسانية» شكوى إلى الجيش الإسرائيلي بشأن «مضايقات محتملة من قبل جنود إسرائيليين لقوافلنا» المتجهة إلى موقع وادي غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الجيش يعلن توقيف قائد تنظيم «داعش» في لبنان

جندي لبناني قرب سيارة استهدفتها مسيّرة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جندي لبناني قرب سيارة استهدفتها مسيّرة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الجيش يعلن توقيف قائد تنظيم «داعش» في لبنان

جندي لبناني قرب سيارة استهدفتها مسيّرة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
جندي لبناني قرب سيارة استهدفتها مسيّرة إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أعلن الجيش اللبناني، اليوم الثلاثاء، توقيف قائد تنظيم «داعش» في لبنان، بعد سلسلة عمليات رصد ومتابعة أمنية.

وأضاف، في بيان، أن المواطن «ر.ف»، الملقب بـ«قسورة»، هو أحد أبرز قادة التنظيم، وشارك في التخطيط لعمليات أمنية، كما ضُبطت بحوزته كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر الحربية، بالإضافة إلى أجهزة إلكترونية ومعدات لتصنيع طائرات مسيّرة.

وذكر البيان أن الموقوف كان قد تسلّم قيادة التنظيم في لبنان بعد توقيف سلفه المواطن «م.خ» الذي عينه التنظيم «والي لبنان»، والملقب بـ«أبو سعيد الشامي»، مع عدد كبير من القادة نتيجة عملية لمديرية المخابرات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.