هل بدأت المواجهات بين «سوريا الجديدة» وتنظيم «داعش»؟

اشتباكات عنيفة بين «الأمن العام» وخلية للتنظيم الإرهابي في حلب

TT

هل بدأت المواجهات بين «سوريا الجديدة» وتنظيم «داعش»؟

صورة متداولة حول عملية الأمن العام في حلب ضد خلية لتنظيم «داعش» (فيسبوك)
صورة متداولة حول عملية الأمن العام في حلب ضد خلية لتنظيم «داعش» (فيسبوك)

بعد أيام قليلة من حض الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية الرئيس السوري، أحمد الشرع، على الانخراط في التحالف الدولي للقضاء على تنظيم «داعش»، اشتعلت اشتباكات عنيفة في حي الجزماتي في منطقة جبل الحيدارية، شرق مدينة حلب شمال سوريا، بين قوى الأمن العام السوري وخلية لتنظيم «داعش».

جاء الاشتباك بعد قيام عناصر من الخلية بإطلاق نار على مقر للأمن العام، ما أدى لمقتل عنصر. وبعد عمليات تحرٍّ عن الأشخاص مُنفّذي عملية الاغتيال، تمت مداهمة وكر الخلية في حي الجزماتي بمنطقة الحيدارية، يوم السبت.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، إنه تم تحييد عنصر من تنظيم «داعش» واعتقال 4 آخرين في مداهمة بأحياء حلب الشرقية، مشيراً إلى أن أحد أفراد الأمن العام قتل في المداهمة.

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض (رويترز)

أضاف المتحدث، في حسابه على منصة «إكس»، أن العملية تضمنت مصادرة أسلحة، وعبوات ناسفة، وملابس تحمل شعار الأمن العام السوري.

وكانت الوزارة أعلنت في بيان لها مقتل عنصر من الأمن العام السوري في عملية نفذتها مديرية أمن حلب، بالاشتراك مع جهاز الاستخبارات العامة، لتفكيك خلية تتبع تنظيم «داعش». وقالت إن العملية مستمرة، موضحة أن عملية المداهمة استهدفت وكراً تتحصن فيه خلية تابعة لتنظيم «داعش» أسفرت عن إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، فيما لا تزال العملية مستمرة للوصول إلى بقية عناصرها. وقد تم «ضبط عبوات ناسفة، وسترة مفخخة، وعدة بدلات تعود لقوى الأمن العام كانت بحوزة أفراد الخلية».

وأكدت الجهات الأمنية السورية استمرار عملياتها الرامية إلى رصد ومنع أي نشاط إرهابي، ومواصلة «الجهود الحثيثة لضمان استتباب الأمن والاستقرار في جميع المناطق ضمن الأراضي السورية».

«داعش» يستعيد نشاطه في سوريا ويهدد استقرار المنطقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وشهدت مدينة حلب، السبت، استنفاراً أمنياً ونشراً واسعاً لحواجز الأمن العام المؤقتة بالتزامن مع اشتباكات عنيفة اندلعت شرق حلب، بين قوات إدارة الأمن العام وخلايا تتبع لتنظيم «داعش»، وبحسب مصادر أهلية فإن خلية «داعش» قامت بأسر ثلاثة عناصر من الأمن العام، فيما قتل عنصر جراء الاشتباكات. وأشارت المصادر إلى وصول مؤازرة من وزارة الدفاع للأمن العام ضمت عسكريين وسلاحاً ثقيلاً ومصفحات، فيما فرضت إدارة الأمن العام طوقاً أمنياً حول حي الجزماتي في منطقة جبل الحيدارية شرق حلب.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية طلبت من الرئيس أحمد الشرع التعاون مع الولايات المتحدة لمنع عودة نشاط «داعش» في سوريا، والعمل على عدم تحول سوريا مجدداً أرضاً خصبة لنمو التنظيمات المتطرفة.

بينما طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الشرع لدى زيارته الأولى إلى باريس، الأسبوع الماضي، التصدي لتنظيم «داعش» باعتبارها أولوية مطلقة.

وفي اجتماع اعتبر الأول من نوعه التقى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الأربعاء، في السعودية بالرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبمشاركة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عبر الفيديو. وذلك بعد إعلان ترمب قراره رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الأسد استجابة لمطالب المملكة العربية السعودية وتركيا، وقال ترمب أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي «سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا من أجل توفير فرصة لهم» للنمو، وأضاف: «كانت العقوبات قاسية وتسببت بشلل، لكن الآن حان وقتهم للتألق».

وشنت صحيفة «النبأ» الأسبوعية التابعة لتنظيم «داعش» هجوماً حاداً على الرئيس الشرع واتهمته بـ«التفريط بالشريعة»، وقالت في افتتاحية عدد يوم الخميس إن «الخلاف مع الشرع لا يتوقف عند التكتيك السياسي، بل هو صراع بين التوحيد والشرك، والإسلام والديمقراطية، ومن سيدهم محمد ومن سيدهم ترمب»، بحسب تعبيرها.

ولا تزال خلايا «داعش» تنتشر في البادية السورية ما بين محافظات حمص، وحماة، والرقة، ودير الزور، مستغلة تضاريسها الوعرة للتخفي ومواصلة شن هجماتها.

وكانت السلطة السورية الجديدة أعلنت في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2024، إحباط هجوم مخطط له على مقام السيدة زينب في دمشق، واعتقال خلية تابعة لـ«داعش». وفي 16 فبراير (شباط) 2025، أعلنت الحكومة السورية الجديدة اعتقال «أبو الحارث العراقي»، المتهم بالتخطيط لهجمات، بما في ذلك محاولة استهداف مقام السيدة زينب واغتيال قيادي في «هيئة تحرير الشام».

مصافحة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والسوري في الإليزيه 7 مايو 2025 (رويترز)

من ناحية أخرى، أوضح مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام، علي الرفاعي، أن إطلاق النار في محيط السكن الجامعي بمدينة اللاذقية، لم يكن إلا تعبيراً عفوياً عن الفرح من قبل عدد من عناصر الحماية في محيط سكن الشباب، وذلك بمناسبة الإعلان عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مبيناً أنه تم إطلاق النار في الهواء، ولم تسجَّل أي إصابات أو أضرار.

ونفى الرفاعي في بيان، اليوم، ما تم ترويجه من شائعات مغرضة على بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، بأن إطلاق النار كان بقصد ترويع الطلاب والطالبات، أو تخلله أي هتافات طائفية أو عنصرية، مشدداً على أن هذه الادعاءات لا تمت للحقيقة بصلة، وتهدف فقط إلى إثارة البلبلة وتشويه الواقع.

ودعا الرفاعي إلى ضرورة تحري الدقة والمصداقية في نقل الأخبار، والاعتماد على المصادر الرسمية، وتجنُّب الانجرار خلف حملات التحريض التي تخدم أجندات معروفة، مشيراً إلى أن الجهات المعنية اتخذت الإجراءات المناسبة لضمان عدم تكرار مثل هذا السلوك، مع الحرص على توفير بيئة آمنة وهادئة للجميع.


مقالات ذات صلة

«مؤتمر عام» في السويداء باتجاه «سوريا واحدة موحدة»

المشرق العربي مسلحون دروز سوريون يشاركون في تشييع قتلى سقطوا خلال مواجهات مع القوات الحكومية السورية بالسويداء (أرشيفية - أ.ف.ب)

«مؤتمر عام» في السويداء باتجاه «سوريا واحدة موحدة»

يُعقد الثلاثاء المقبل «مؤتمر السويداء العام إلى سوريا الواحدة الموحدة»، بهدف الوصول إلى رؤية توافقية بين مكونات المحافظة، وتنبثق عنه «أمانة عامة».

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي عربات أميركية من طراز برادلي خلال دورية على الطريق الرئيسي الذي يوصل مدينة القامشلي شرقاً بتل تمر غرباً في الحسكة

استنفار في شرق سوريا تحسباً لهجمات فصائل عراقية

شهدت قواعد التحالف الدولي في شمال شرقي سوريا حالة تأهب غداة هجوم الجيش الإسرائيلي ضد إيران، خشية هجمات قد تشنها ميليشيات عراقية.

كمال شيخو (القامشلي - سوريا)
المشرق العربي بقايا صاروخ إيراني سقط في ريف درعا اليوم الجمعة (سانا) play-circle

سقوط بقايا صاروخَين إيرانيَّين في ريف درعا خلال عبورهما الأجواء السورية

أفادت وكالة «سانا» السورية بسقوط بقايا صاروخَين إيرانيَّين في ريف محافظة درعا خلال عبورهما الأجواء السورية باتجاه إسرائيل، دون وقوع أضرار مادية أو بشرية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سوريا تفرض ارتداء ملابس السباحة المحتشمة في الشواطئ والسواحل العامة (أ.ف.ب)

مسؤول سوري ينفي حظر ملابس السباحة على الشواطئ العامة

قالت وزارة السياحة السورية، الخميس إن مرسوماً نُشر في سوريا قبل يومين فرض على النساء ارتداء ملابس تغطي أجسادهن بالكامل على الشواطئ العامة، فُهم بشكل خاطئ.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص قوات إسرائيلية أثناء اقتحام بلدة بيت جن بريف دمشق (المتحدث الرسمي أفيخاي أدرعي-أكس)

خاص مصدر في «الداخلية» السورية: إسرائيل اعتقلت مدنيين في بيت جن... و«الشرق الأوسط» تنشر أسماءهم

نفى مصدر في وزارة الداخلية السورية تصريحات للجيش الإسرائيلي زعم فيها أن مَن اعتقلهم في بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي، فجر الخميس، عناصر من حركة «حماس».

موفق محمد (دمشق)

إسرائيل وإيران في مرمى الصواريخ والغارات

 دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل وإيران في مرمى الصواريخ والغارات

 دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد بعد هجوم إيراني بالصواريخ على تل أبيب مساء أمس (أ.ب)

أصبحت إسرائيل وإيران، أمس، في مرمى الصواريخ والغارات المتبادلة، في تصعيد جديد ينذر بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة في خطوة أثارت ردود فعل دولية وعربية وإقليمية. وبحث الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في اتصال أجراه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التطورات التي تشهدها المنطقة، وسبل تخفيض التصعيد وضرورة ضبط النفس، وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية. وأكد ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي أهمية استمرار العمل المشترك لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

بدأت المواجهة بهجوم عنيف شنّته إسرائيل على قلب البنية التحتية النووية والعسكرية لإيران، مستخدمة طائرات حربية ومسيّرات {تم تهريبها إلى داخل البلاد}، استهدفت كبار جنرالات «الحرس الثوري»، وعلماء بارزين في البرنامج النووي. وأفادت وسائل إعلام إيرانية وشهود بوقوع انفجارات، بما في ذلك ضربات في منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، ولاحقاً سماع دوي انفجارين قويين في منطقة موقع فوردو النووي في قم، جنوب طهران. وأشارت إلى ضربات في أكثر من 40 موقعاً عسكريّاً، كان أبرزها مقر قيادة «الحرس الثوري»، ومقر هيئة الأركان في شرق طهران.

وسجّلت إيران واحدة من أكبر خسائرها على مستوى القيادة العسكرية والعلماء النوويين أمس، إذ سقط جنرالات كبار، على رأسهم رئيس الأركان محمد باقري، وقائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، والعقل المدبر للبرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زاده، وقائد العمليات الإيرانية غلام علي رشيد. كما أصيب علي شمخاني بجروح بالغة، ودخل في غيبوبة، فيما تباينت الردود بشأن مصير إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس». كما طالت الضربات 6 علماء نوويين في مقرّ إقامتهم، أبرزهم فريدون عباسي، رئيس «هيئة الطاقة الذرية» الإيرانية في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني، مساء أمس، عن شنّ ضربات صاروخية على عشرات الأهداف في إسرائيل. وجاء في بيان: «نفّذ (حرس الثورة الإسلامية)... ردّه الحازم والدقيق ضد عشرات الأهداف والمراكز العسكرية والقواعد الجوية للنظام الصهيوني الغاصب في الأراضي المحتلة».

وندّدت دول الخليج بالعملية الإسرائيلية، وشدّدت في بيانات منفصلة على ضرورة تجنيب المنطقة المخاطر، وحلّ الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية. وجاء في بيان للخارجية السعودية أن المملكة تدين وتستنكر بشدة هذه الاعتداءات الشنيعة، وتؤكد أن على المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولية كبيرة تجاه وقف هذا العدوان بشكل فوري.

من جانبه، اكتفى ترمب بتوجيه تحذير شديد اللهجة للمسؤولين الإيرانيين من مغبة مواصلة سياساتهم السابقة، متوقعاً أن تكون الهجمات الإسرائيلية اللاحقة «أكثر عنفاً». ووصف الهجوم الإسرائيلي بـ«الممتاز»، نافياً أي دور أميركي في العملية.

ودعا قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا «كل الأطراف إلى الامتناع عن مزيد من التصعيد». وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن ستارمرأجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، بشأن الوضع. وأضاف في بيان: «ناقش الزعماء المخاوف الشديدة القائمة منذ فترة طويلة بشأن برنامج إيران النووي، ودعوا جميع الأطراف إلى الامتناع عن مزيد من التصعيد، الذي يمكن أن يزيد زعزعة استقرار المنطقة».